تسجيل الدخول

قديم 03-29-2017, 09:31 PM   #1
NESR
كبير المراقبين
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 270
معدل تقييم المستوى: 0
NESR is on a distinguished road
افتراضي أهم الشخصيات .. عثمان بن طلحة .. حاجب البيت الحرام




د / أحمد عبد الحميد عبد الحق





" ما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة "
(أم المؤمنين أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم )


الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ، مقولة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانطبقت على كثير من أهل مكة ، ومن بينهم عثمان بن طلحة الذي كان حاجب بيت الله الحرام في الجاهلية والإسلام ، وحامل لواء قريش في معاركها ، صفا معدنه في الجاهلية فظهر أثره في الإسلام .
وكسائر زعماء مكة وأشرافها كان لعثمان بن طلحه حظه في معادة الإسلام وأهله قبل إسلامه ، وكان لا يألو جهدا في محاربة أتباعه حتى إنه لم يصبر على رؤية مصعب بن عمير يتعبد لله سرا وهو عاجز عن منعه فوشى به إلى أمه وقومه فأخذوه فحبسوه ، فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى.
ومثل كثير من أصحاب المناصب في الدنيا كان عثمان ينظر للمسلمين ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية أمره نظرة ازدراء ، إذ لا مال لهم ولا جاه ولا سلطان ، وإنما هي ثقة في الله ، وعزم على تنفيذ مراده ، فقد جاء إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كما ذكر ابن سعد في طبقاته فطلب منه أن يفتح له الكعبة ليصلي فيها فأبى وأغلظ له ، فليس رسول الله في نظره القاصر ـ وقتها ـ من الذين يستحقون دخول الكعبة في غير التوقيت الذي يحدده ..
يقول عثمان : " فأغلظت له ، ونلت منه ، فحلم عني ثم قال : يا عثمان !! لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت ، فقلت : لقد هلكت قريش يومئذ وذلت ، فقال : " بل عمرت وعزت يومئذ ".
وفي رواية ثانية أن عثمان بن طلحة قال : لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة، فدعاني إلى الإسلام فقلت: يا محمد ! العجب لك حيث تطمع أن أتبعك، وقد خالفت دين قومك وجئت بدين محدث، وكنا نفتح الكعبة في الجاهلية الاثنين والخميس، فأقبل يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فأغلظت عليه ونلت منه، فحلم عني، ثم قال: " يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت " فقلت : لقد هلكت قريش وذلت ، قال: " بل عمرت يومئذ " .
وازدادت تلك العداوة بعد مقتل أبيه وإخوته ( مُسَافِعٌ وَكِلابٌ والحَارِثُ ) وعمه عثمان بن أَبي طلحة على أيدي جنود المسلمين .
ولكنه مع تلك العداوة كان شهما نبيلا متأصلا بصفات الخلصاء من العرب ، هذه الشهامة التي حكت أم سلمة زوج رسول الله بعض مظاهرها فقالت : انطلق بنو عبد الأسد بابني سلمة ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة ، ففُرق بيني وبين ابني وبين زوجي ، فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح ( مكان بمكة ) فما أزال أبكى حتى أمسي..
وظلت على هذه الحال سنة أو قريبا منها ، تقول : حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة ، فرأى ما بي فرحمني، فقال لبنى المغيرة : ألا ترحمون هذه المسكينة ؟!! فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها ؟ !.
قالت: فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت.
قالت : فرد بنو عبد الأسد إلي عند ذلك ابني، فارتحلت ببعيري، ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي أحد من خلق الله.
حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبى طلحة أخا بني عبد الدار، فقال: إلى أين يا ابنة أبي أمية ؟ قلت: أريد زوجي بالمدينة.
قال: أوما معك أحد ؟ قلت: ما معي أحد إلا الله وبني هذا.
فقال: والله ما لك من مترك !!.
فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي بي، فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه ، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ، ثم استأخر عني ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيرى فحط عنه ، ثم قيده في الشجر ، ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها ،فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ، ثم استأخر عنى وقال: اركبي ! فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى ينزل بى.
فلم يزل يصنع ذلك بى حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال: زوجك في هذه القريةـ وكان أبو سلمة بها نازلا ـ فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعا إلى مكة.
فكانت تقول: ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة.
كما كان ذا عقل سديد يبصر به الحق فلا يتردد في اتباعه ، فقد نظر بعد صلح الحديبية فرأى أمر الإسلام في صعود ، وأن أتباعه في ازدياد يوما بعد يوم ، فخلا بعقله يستشيره ، وبنفسه يستنصحها ؛ حتى اقتنع بأن الخير في الإسلام ، فأسرع بالهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليظهر إسلامه ، ويعلن اتباعه ، فصادف في طريقه خالد بن الوليد وعمرو بن العاص فسألهما عن سبب خروجهما فأجاباه بقولهما : أخرجنا الذي أخرجك ، الرغبة في الإسلام ومصاحبة نبيه .
وفي المدينة يصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسعد بنبأ مجيئهم الثلاثة ويقول : " رمتكم مكة بأفلاذ كبدها " يقول: إنهم وجوه مكة ، ولم لا ، فأحدهم بطل قريش الذي حير العالم شرقه وغربه بعبقريته الحربية ، وثانيهم سفير قريش وداهي العرب الذي طارت بقدرته على الخروج من المآزق الركبان ، وثالثهم حاجب بيت الله الحرام وحامل لواء قريش ، فماذا بقي لزعامة الشرك بعدهم من مجد إذن؟!! .
وبعد إسلامه لازم عثمان بن طلحة رسول الله وأبى أن يعود لمنصبه بمكة ؛ ليسد كغيره من الصحابة ثغرة لا تسد إلا به ، ويتخير لنا من موجز كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ما تحتاج إليه البشرية في كل عصر من عصورها ؛ لتسعد في حياتها ، وتهنأ في معاشها ، من ذلك قوله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه ".
كما يورد لنا ما يتعلق بكمال التجرد لله ، وعدم الانشغال عنه وقت الصلاة بأي من مباهج الدنيا وزينتها فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من الكعبة أمره أن يغيب قرني الكبش، يعني كبش الذبيح الذين كانا معلقين داخل البيت الحرام ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي للمصلي أن يصلي وبين يديه شيء يشغله " وفي رواية أخرى " فوجد فيها حمامة من عيدان، فكسرها بيده، ثم طرحها" ..
فتعمير المساجد ليس بتزيينها وتحسينها ووضع ما يلفت الأنظار فيها ، وإنما بتجرد الفؤاد والعقل والسمع والبصر لله سبحانه وتعالى.
ويوم فتح مكة أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحضر له مفاتيح الكعبة فأسرع بإحضارها ثم رافق رسول الله وقت دخولها ، وبعد قليل خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في يده ، فخطب خطبة وجيزة في الناس أعلن فيها انتهاء عصر الوثنية بمكة ، فحسب السامعون أن في انتهائها انقلابا على ما كان سائدا من عادات ونظم وإن كانت غير ضارة ، فتقدم بعضهم إلى رسول الله طالبا منه أن يعيد توزيع المناصب. وكان من بين السامعين العباس بن عبد المطلب ، وقيل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقال : يا رسول الله !! اجمع لنا السقاية والحجابة ، فـأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير من النظام السابق شيئا ما دام لا يترتب على وجوده مضرة ، وقال : " يا عثمان هاك خذوا ما أعطاكم الله " " اليوم يوم بر ووفاء ".
وفي رواية أخرى أنه جلس وقال : ادعوا إليّ عثمان ، فدُعي له ، يقول عثمان فلما دعاني أقبلت فاستقبلته ببشر ، واستقبلني ببشر ، ثم قال : " خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة ، لا ينزعها منكم إلا ظالم ، يا عثمان :" إن الله استأمنكم على بيته فكلوا بالمعروف "..
قال عثمان : فلما وليت ناداني فرجعت إليه ، فقال : ألم يكن الذي قلت لك ؟؟ قال : فذكرت قوله لي بمكة " لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت " فقلت : بلى ، أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي رواية ثالثة أنه لما طلب العباس أو علي مفتاح الكعبة نزل الوحي على رسول الله بقوله تعالى :" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " فدفعه الرسول إلى عثمان وقال : " خذوها يا بني طلحة، بأمانة الله سبحانه وتعالى، واعملوا فيها بالمعروف خالدة تالدة ، لا ينزعها منكم - ما استقمتم - إلا ضال أو ظالم "
وعاد رسول الله بعد الفتح إلى المدينة وعاد بصحبته عثمان بن طلحة ، حتى إذا وافت رسول الله صلى الله عليه وسلم منيته رجع عثمان إلى مكة فأقام بها خادما لبيت الله الحرام إلى أن مات في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم ، وقيل : إنه قتل شهيدا في وقعة أجنادين من أرض الشام .
وانتهت بذلك حياة رجل تعلمنا من سلوكه الشهامة ، ومن كلامه الحب ، ومن وظيفته الأمانة .
NESR غير متواجد حالياً  
إضافة رد

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إحياء البيت الحرام بالطواف انى احبكم فى الله الحج والعمره 1 09-27-2015 02:04 AM
تلاوات القارئ طلحة محمد توفيق مسلم التونسي قسم التلاوات الخاشعة والمؤثره والسور المنفرده 1 10-22-2014 11:24 AM
مواصفات البيت المسلم _ أختيار البيت حسام99 ملتقى الأخوات 4 01-17-2011 02:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة الكعبة الإسلامية © 2018