بحث في صحة حديث " من مات ولم يحج ..."
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ الْحَجِّ حَاجَةٌظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّفَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا شَاءَ نَصْرَانِيًّا .رواه الدارمي في سننه (2/28) ، والبيهقي في السنن (4/334)والروياني في مسنده (2/301) وابن الجوزي في الموضوعات (1155) من طرق عن شريك عن ليثعن عبد الرحمن ابن سابط عن أبي أمامة .قال الذهبيفي ميزان الاعتدال (3/169)بعد إيراده للحديث : هذا منكر عن شريك .وقال الألبانيفي ضعيف الترغيب والترهيب ( 1/377 ) (ح754) : قلت : في إسناده شريك بن عبد الله عن ليث بن أبي سُليم وكلاهما ضعيف .
ورواه ابن عدي في الكامل (5/72-73) من طريق شريك عن منصور عن سالم بن أبيالجعد عن أبي أمامة ... فذكره . وقال : وهذا الحديثان عن أبي هلال وشريك غيرمحفوظين .ا.هـ.وأبو هلال في إسناد حديث آخر ، ولكن الشاهد أن الحديث عن شريكغير محفوظ .ورواه أيضا في الكامل (7/37) من طريق نصر بن مزاحم عن سفيان عن ليثعن ابن سابط عن أبي أمامة ... فذكره .وقال : وهذه الأحاديث لنصر بن مزاحم مع غيرها مما لمأذكرها عن من رواها عامتها غير محفوظة .وأورد له ابن الجوزي في الموضوعات (1154) طريقا آخروقال عنه : ففي الطريق الأول : عمار بن مطر ، قال العقيلي : يحدثعن الثقات بالمناكير . وقال ابن عدي : متروك الحديث .وقد نقل الزيلعي فينصب الراية (4/411-412) أن الحديث روي مرسلا عن ليث عن شريك نقلا عن البيهقي فقال :وقد روي هذا الحديث عن ليث عن شريك مرسلا وهو أشبه بالصواب ، قال الإمامأحمد في كتاب الإيمان حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن ليث عن ابن سابط عن النبي صلىالله عليه وسلم مرسلا ، حدثنا إسماعيل بن علية عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط فذكره ، هكذا رواه أحمد من حديث الثوري ، وابن علية عن ليث مرسلا وهو الصحيح .فالحديثروي عن الثوري وابن علية كلاهما عن عبدالرحمن بن سابط مرسلا وهما ثقتانحافظان .فالصحيحأن الحديث لا يثبت مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلهو مرسل .والحديث قد روي بألفاظ أخرىعن عدد من الصحابة :1-عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُإِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّاأَوْ نَصْرَانِيًّا وَذَلهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :" وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِحِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " [ آل عمران ]رواهالترمذي (812) وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَاالْوَجْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَهِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ ، وَالْحَارِثُ يُضَعَّفُ فِي الْحديثورواه البزار فيمسنده (3/87-88ح861) وقال : وهذا الحديث لا تعلم له إسنادا عن علي إلا هذا الإسناد ، وهلال هذا بصري حدث عنه غير واحد من البصريين عفان ومسلم بن إبراهيم وغيرهما ،ولا نعلم يروى عن علي إلا من هذا الوجه .وهلال هو بن عبدالله مولى ربيعة بنعمرو ، قال عنه الذهبي في الميزان (4/315) :قال البخاري : منكر الحديث . وقالالترمذي : مجهول . وقال العُقَيلي : لا يتابع على حديثه . وأورد له الذهبي هذاالحديث من مناكيره .وقال الحافظ في التقريب : هلال بن عبد الله الباهليمولاهم أبو هاشم البصري متروكأما الحارث فهو الأعور ، كذبه الشعبي وغيره .وأورد العلامة الألباني الحديث في ضعيف الترغيب والترهيب (1/377ح753) وقال :ضعيف .2- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس ، أو حاجة ظاهرة ، أو سلطان جائر ،فليمت أي الملتين شاء : إما يهوديا ، وإما نصرانيا .رواه ابن عدي في الكامل (4/112) في ترجمة عبدالرحمن بن القطامي ، وابن الجوزي في الموضوعات (2/583ح1153) .قال ابن الجوزي : وأما حديث أبي هريرة ففيه : أبو المهزوم واسمه يزيد بنسفيان . قال يحيى : ليس حديثه بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث . وفيه عبدالرحمنالقُطامي ، قال عمرو بن علي الفلاس : كان كذابا . وقال ابن حبان : يجب تَنَكبُرِوَاياته .وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/223) : رواه ابن عدي منحديث عبد الرحمن القُطامي عن أبي المهزوم وهما متروكان .ا.هـ.3- عن عبد الرحمن بن غُنمأنه سمع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول : من أطاق الحج فلم يحج ، فسواء عليهيهوديا مات أو نصرانيا .رواه الإسماعيلي كما عزاه ابن كثير في تفسيره (2/97) ،قال ابن كثير عقب الأثر : وهذا إسناد صحيح إلى عمر .وروى سعيد بن منصور فيسننه كما عزاه ابن كثير أيضا في تفسيره (2/97) عن عمر – رضي الله عنه – أنه قال :لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة فلم يحج ، فيضربواعليهم الجزية ، ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين .وهذا الأثر ضعيف لأن فيهإنقطاعا بين الحسن البصر ي وعمر بن الخطاب .الخلاصة :أن الأحاديث التي وردت كلهاضعيفة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا أثر عمر - رضي الله عنه - .وعلى فرض صحة هذه الأحاديث فقد حملهاالعلماء على ما يلي :قال ابن جماعة فيمناسكه : والحديث مؤول على من يستحل تركه ولا يعتقد وجوبه .ا.هـ.وقال الحافظابن حجر : ومحمله على من استحل الترك .وقال ابن عراق : وعن بعضهم أنه على سبيلالتغليظ والتنفير والتحريض على المبادرة إلى قضاء الفرض .
منقول