تسجيل الدخول


العودة   منتديات الكعبة الإسلامية > القسم الشرعى > قسم فتاوى العلماء

قسم فتاوى العلماء طرح فتاوى العلماء-أى فتوى بدون ذكر المصدر ستحذف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2011, 08:43 AM   #1
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي رؤية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المنام.







نص السؤال
سمعنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه (من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لايتمثل بي ) فما مدى صحة هذا الحديث ؟وما تأويله الصحيح ؟
اسم المفتي:الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا الحديث صحيح حيث رواه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما بألفاظ متقاربة ويرى فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا أن هذه الرؤيا المذكورة في الحديث خاصة بأصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذين رأوه في حياته رؤية حقيقية وإليك التفصيل في هذه المسألة كما ذكره الشيخ ـ رحمه الله ـ باختصار وتصرف
يقول فضيلته:


تلقيت هذا الحديث النبوي الشريف من بداية طلبي للعلم، والتلقي عن شيوخنا الأوائل، منذ أن كنا شداة مبتدئين، لا مصدر لنا فيما نتعلم إلا ما نسمعه من شيوخنا. ثم لما شببنا قليلا عن الطوق، وأخذنا بدراسة الفقه وأحكامه بالتفصيل بدأ تفكيري بعد ذلك بضرورة التعمق في دراسة هذا الحديث رواية ودراية، للتوفيق بينه وبين ما يقرره الفقهاء من عدم جواز أخذ الأحكام عن طريق الرؤيا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام.

ثم ازداد شعوري بضرورة تلك الدراسة والتمحيص كلما نشر بعض القائمين على أحد المساجد، أو بعض المقيمين في نطاق الحرمين الشريفين، شيئًا من النشرات السنوية بأنهم رأوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام، وقال لهم كيت وكيت، وأن يبلغوا الناس ونحو ذلك، مما ينشره بعض المستغلين للمشاعر الدينية عند عامة المسلمين ودهمائهم.

وكم سمعنا من بعض المريدين من أتباع بعض شيوخ الطرق الصوفية أنه يفعل كذا وكذا من عبادات أو عادات، لأن شيخه أخبره أنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمره بذلك.
قد يكون الشيخ صادقًا في أنه رأى ما رأى في منامه، ولكن يبقى هذا بابًا مفتوحًا لاستغلال عقول السذج، ويبقى السؤال مطروحًا: وهو: ما قيمة رؤياه هذه في ميزان علم الشريعة ؟
بعد أن وهبنا الله تعالى من المعرفة ومفاتيحها ما نستطيع أن نخرج به من دائرة الاعتماد المطلق على ما نسمع من شيوخنا الأوائل، وأصبحنا متمكنين أن ننطح المصادر بأنفسنا، وأن نرد الموارد الأصلية، ونغوص فيها ونمحص، رأيت أن أسلك الطريق العلمية الصحيحة في دراسة ما يتعلق بهذا الحديث النبوي الشريف، حديث رؤيا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام.

فعمدت قبل كل شيء إلى النظر في سنده وصحته، فإن كان ضعيفًا فقد كفيت العناء، فإذا بي أجد أنه صحيح ومروي من طرق عديدة من عدد من كبار الصحابة رضي الله عنهم، بصيغ وألفاظ مختلفة في بعضها لكنها متقاربة. وقد أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما.

ووجدت أن علماء الحديث المحققين، كالعلامة ابن حجر في فتح الباري يتفقون مع الفقهاء في أنه لا تؤخذ الأحكام من هذه الرؤيا، وأن من رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه يأمره بفعل أو ينهاه فعليه أن يعرض ذلك على أصول الشريعة وقواعدها التي قررها الفقهاء فما وافقها من رؤياه جاز له فعله، وما لا فلا.

وبعد لأي ما وجدت لنفسي التعليل وارتضيته، وهو أن الله تعالى لم يتعبدنا بأخذ الأوامر والنواهي من الرؤيا المنامية مهما كانت، وإنما تعبدنا بأخذ الأحكام والأوامر والنواهي من النصوص، نصوص الكتاب والسنة. وليس في هذا رد لحديث الرؤيا الثابت، ولكن مع التسليم بحصة هذا الحديث، ليست الرؤيا هي الطريق المشروع لأخذ الأحكام، وتلقي الأوامر والنواهي، فلا إشكال.

آراء الشراح في معنى هذا الحديث:
شراح هذا الحديث النبوي لهم في تفسيره كلام كثير وتصويرات عديدة ويمكن تصنيفهم إجمالاً إلى فريقين:
ـ فريق المتحفظين الذين يحددون المقصود بهذا الحديث النبوي، ويقيدون شموله، فيقولون: إن المراد بهذا الحديث من يرى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه على صورته المعروفة، جريًا مع الرواية التي جاء فيها: "فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي".
وهؤلاء يفسرون المراد بصورته المعروفة أن يكون الرائي رآه في صورة تتفق مع ما ورد من أوصافه الجسمية، وحليته وهيئته ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فأما إذا رآه على حالة مخالفة، كما لو رآه أبيض الشعر مثلا فلا عبرة لرؤياه.
وينقل العلامة ابن حجر دليلا على ذلك يؤيده هو، ما أخرجه الحاكم عن عاصم بن كليب، قال حدثني أبي، قال: قلت لا بن عباس: إني رأيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام قال صفه لي، قال: فذكرت الحسن بن علي فشبهته به، قال ابن عباس: قد رأيته. قال ابن حجر: وسند هذا الحديث جيد.

وفي طليعة هذا الفريق من الشراح المتحفظين: محمد بن سيرين، ثم القاضي عياض وهم لا يقيدون مدلول هذا الحديث النبوي بزمان ولا بأشخاص، وإنما يقتصرون على تقييده بأن يرى الرائي الرسول على صورة لا تخالف أوصافه المنقولة ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
الفريق الثاني: هم الموسعون وهم الذين يرون أن المراد بهذا الحديث أن كل من رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام فإنه يراه حقيقة، سواء كانت رؤياه إياه على صفته المعروفة أو على غيرها.

وفي طليعة هذا الفريق المازري والنووي، وقد تعقب النووي ما قاله القاضي عياض قال ما نصه:
"هذا الذي قاله القاضي ضعيف، بل الصحيح أن يراه حقيقة سواء كانت على صفته المعروفة أو غيرها كما ذكره المازري".
لكن العلامة ابن حجر تعقب رأي النووي هذا وقال عنه: "إن هذا الذي رده الشيخ يعني النووي تقدم اعتباره عن محمد بن سيرين إمام المعبرين، وإن الذي قاله القاضي أي عياض هو توسط حسن".
والرأي الذي انتهيت إليه واطمأنت إليه نفسي في فهم المراد بهذا الحديث النبوي أنه خاص بعصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعصر صحابته الكرام، وليس له امتداد في الزمان ولا في الأشخاص. وحينئذ يكون قد انتهى حكمه بوفاة أخر صحابي من الصحابة الكرام الذين عايشوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو شاهده أحدهم ولو مرة واحدة، وتعرف صورته الحقيقة.

فبعد وفاة كل من كانوا يعرفون هيئته وصورته الحقيقة عن مشاهدة وعيان في حياته صلى الله عليه وآله وسلم انتهى حكم هذا الحديث، ولم يعد ينطبق على من يرى من أهل العصور اللاحقة في منامه شخصًا يقوم في روعه هو، أو يقول له الشخص المرئي نفسه، أو يقال له: إنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يشمل الحديث النبوي المذكور شيئا من هذه الرؤى التي يراها أحد من الأجيال اللاحقة بعد وفاة جميع الذين كانوا يعرفون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصورته وهيئته الحقيقية عن مشاهدة وعيان. وما الرؤى التي يرى فيها أحد من الأجيال اللاحقة في منامه شخصًا يقال له إنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا كسائر الرؤى التي يرى فيها ما يرى من أشخاص أو أشياء أو أحداث ولا تفترق عن هذه الرؤى العادية في شيء.

ذلك لأن الحديث النبوي المذكور قد اتفقت جميع رواياته التي أوردناها على أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما قال: "من رآني" أو قال: "من رآني في المنام". وضمير المتكلم في قوله: "من رآني" عائد إلى الرسول، أي إلى شخصه بذاته وهيئته، أي بصورته الحقيقية التي كان عليها. وهذا لا يتحقق إلا لمن يعرف صورته الحقيقة. وهم أصحابه الكرام الذين عايشوه، أو رآه أحدهم ولو مرة واحدة. فأما من لم يره ولا يعرف صورته الحقيقة فلا يمكن أن يقال: إنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه، لأنه لا يعرفه بصورته وهيئته الحقيقة، فكيف يصح أن يقال إنه رآه. بل كل منا في مثل هذه الرؤى أن أصحابها رأوا شخصًا لا يعرفونه، قيل لهم، أو قال هو لهم، أو قام في روعهم أنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا كله من قبيل الأحلام العادية، التي قد يتمثل فيها الشيطان للنائم في صورة شخص ما غير شخصية الرسول الحقيقة، ويوحي الشيطان فيها للنائم أو يقول له إن ذلك الشخص الذي رآه هو الرسول. فهذه الرؤى كلها لا ينطبق عليها الحديث الذي هو محل البحث، والذي خاطب به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ صحابته الكرام الذين يعرفونه شخصيًا، بقوله لهم "من رآني" أو "من رآني في المنام". إذ لا يستطيع أحد بعدهم أن يزعم أنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصورته الحقيقة، وهو لم يعرفه!!

هذا التفسير وهذا التعليل مستفاد بوضوح من التعبير بياء المتكلم في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "من رآني" وهو الصيغة الواردة في جميع الروايات ، وهو واضح كل الوضوح لمن يحسنون فهم النصوص، فهو مقتضي التعبير بياء المتكلم.

ثم إذا نظرنا إلى التعليل الوارد أيضا في نص الحديث بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "فإن الشيطان لا يتمثل بي" وفي رواية صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه: "فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي" وهكذا ورد فيها التعبير بلفظ: أن يتمثل في صورتي). أقول: إذا نظرنا إلى هذا التعليل الوارد في نص الحديث نفسه والتعابير التي جاءت فيه: "أن يتمثل بي" "أن يتمثل في صورتي" يزداد المعنى الذي ذكرته وضوحًا، وهو أن الحديث مقصور على من يرى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهيئته وصورت الحقيقية التي يعرفها من قبل، كما يدل عليه ضمير المتكلم في قوله "رآني" وقوله: "أن يتمثل بي" وهذا كان كافيًا للدلالة على هذا المعنى، وهو أن هذا الحكم مخصوص بمن يرى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهيئته الحقيقية التي يعرفه بها من قبل، ولكن جاءت رواية مسلم عن جابر رضي الله عنه بلفظ "أن يتمثل في صورتي" حاسمة في الموضوع، ونافية لكل احتمال آخر. فمن الذي يعرف صورته وهيئته الحقيقية عليه الصلاة والسلام إلا من لقبه ؟
ولا ننكر أن أن من الناس قومًا صالحين صادقين يرون في المنام أنهم رأوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورة قد تتفق وقد تختلف مع صفاته وحليته المنقولة المدونة، ولكنها – أي رؤياهم – لا تدخل تحت هذا الحديث الذي انقضى حكمه، وإنما هي رؤيا من الرؤى العادية، وتعبر كما يعبر غيرها.

هذا، وقد طرح علي سؤال يقول: إذا صح هذا الفهم في هذا الحديث، واعتبر حكمه موقوتًا ومنتهيًا بوفاة آخر صحابي ممن عرفوا صورة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهيئته الحقيقية، فماذا تقول إذن بالرؤيا الصالحة التي ثبت في السنة الصحيحة أنها تكون صادقة، وورد عند الترمذي أن الرؤيا الصالحة بشرى من الله ، وروي عن عبادة ابن الصامت أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".
وأقول إن حديث رؤيا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مخصوص بأصحابه الذين يعرفون صورته الحقيقية ولا يشمل من بعدهم من الأجيال (كما استقر عليه رأي وفهمي) لا أقصد به أن كل رؤيا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد انقراض أصحابه هي رؤيا باطلة حتمًا، أو أضغاث أحلام من الشيطان، بل أقصد أن من يرى الرسول في منامه، ولا يعرف صورته من الأجيال اللاحقة بعد الصحابة الكرام فرؤياه ليس لها تلك الخاصية التي بينها هذا الحديث النبوي موضع هذا البحث. بل هي رؤيا كسائر الرؤى، فيمكن أن تكون من الرؤيا الصالحة، ويمكن أن لا تكون، ما دام الرائي لا يستطيع أن يقول إنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورته الحقيقية لأنه لا يعرفها.

ومعلوم أن الرؤيا الصالحة مدارها على ذات الرائي لا على المرئي: فإذا كان الرائي من أهل الرؤيا الصالحة (وهم الصالحون الاتقياء، الورعون الذاكرون لله تعالى باستمرار والمتصلون به بقلوبهم) فإن رؤياه تكون صالحة، سواء أرأى فيها الرسول أم رأى أمورًا أخرى، فإن الرؤيا الصالحة ليس من ضرورتها أن يرى فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل قد يرى أمورًا أخرى، فتكون رؤياه صالحة ذات دلالة على ما يقع. وإذا رأى فيها الرسول فهي أيضًا رؤيا صالحة، لكن لا لأنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل لأن الرائي من أهل الرؤيا الصالحة.

وأما إذا كان الرائي ليس من أهل الرؤيا الصالحة – فإن رؤياه – ولو رأى فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحسب ما خيل إليه أو قيل له في المنام – هي رؤيا عادية. وكونه رأى فيها الرسول لا يجعل لها المزية التي جاء بها الحديث النبوي موضوع البحث وهي أنها رؤيا حق وحقيقة بل هي رؤيا من الرؤى العادية، لأنه لم ير الرسول في صورته الحقيقية، التي لا يعرفها إلا صحابته الكرام، والتي عليها (فيما أرى) محمل هذا الحديث الوارد بشأنها أنها كرؤيته والسماع منه في اليقظة.

وأخيرًا ـ وبعد أن نشرت هذا الرأي ـ وقعت بطريق المصادفة، على نص صريح من ذلك في كتاب القوانين الفقهية للعلامة ابن جزي المالكي في الباب الثالث عشر على الرؤيا في المنام، حيث يتكلم عن الرؤى المنامية وحقيقتها عند المحققين وأنها: "أمثلة جعلها الله دليلا على المعاني كما جعلت الألفاظ دليلا على المعاني" ثم بين أنواع الرؤى وما يعبر منها وما لا يعبر، ثم قال: قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي". وقال العلماء: لا تصح رؤيا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قطعًا إلا لصحابي رآه حافظ صفته حتى يكون المثال الذي رآه في المنام مطابقًا لخلقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتهى كلام ابن جزي (القوانين الفقهية ص/379/ط. دار الفكر).

فلما قرأت ذلك شعرت كأني قد وقعت على كنز ثمين !! وحمدت الله تعالى على ما وفقني إليه من الفهم السديد في هذا الموضوع، وتيقنت صحة هذا الفهم.
والله أعلم .


المصدر: إسلام أون لاين




__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 08:44 AM   #2
محمد حسين ابراهيم
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 135
معدل تقييم المستوى: 14
محمد حسين ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

كل الشكر والتقدير لك على الموضوع الرائع .. ...
وجزاك الله عنا كل الخير
.. ثق أننا بانتظار المزيد منك ...
تحياتى ...
محمد حسين ابراهيم غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 08:49 AM   #3
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام .
حدث أني رأيت في منامي محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، لكنه كان في صورة فتى أو صغير، وبالطبع فإن صورته لم تكن تشابه ما قرأته عن صفاته صلى الله عليه وسلم ، لكني أتمنى أن الذي رأيته في المنام هو النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لأني سألته صلى الله عليه وسلم: "هل أنت (حقّاً) محمد صلى الله عليه وسلم؟ " ، فقال صلى الله عليه وسلم : "نعم" ، فمن يمكنه أن يقول ذلك عن نفسه غيره هو صلى الله عليه وسلم ؟
وفي المرة الثانية ، كان هناك صوت مثل الأيام القديمة ، عندما يأتي شخص إلى قصر الملك ، وقال الصوت : " محمد صلى الله عليه وسلم ! " وأتى رجال في غاية الوسامة ، أعمارهم بين 40 إلى 45، وأروني ورقة ، وانتهى الحلم بهذا .
فكيف أعرف ما إذا كان الذي رأيته في المنامين هو النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .


الحمد لله أولاً :
ليُعلم أنه يمكن أن يرى الإنسانُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام ، وأن الشيطان لا يتمثَّل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه لا يتمثَّل بصورته الحقيقيَّة ، أما في صورةٍ أخرى فيمكن للشيطان أن يأتي ويزعم أنَّه النبي صلى الله عليه وسلم .
عن أبي هريرة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي " .
رواه البخاري ( 6592 ) ومسلم ( 2266 ) .
زاد البخاري : قال ابن سيرين إذا رآه في صورته .
وفي رواية عند أحمد ( 3400 ) : " فإن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي " .
قال الحافظ ابن حجر :
وقد رويناه موصولاً من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب - وهو من شيوخ البخاري - عن حماد بن زيد عن أيوب قال : كان محمَّد - يعني : ابن سيرين - إذا قصَّ عليه رجلٌ أنَّه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : صِف لي الذي رأيتَه ، فإن وَصف له صفةً لا يعرفها قال : لم تره ، وسنده صحيح ، ووجدتُ له ما يؤيِّده فأخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب حدثني أبي قال : قلتُ لابن عباس رأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، قال : صِفه لي ، قال ذكرتُ الحسن بن علي فشبَّهتُه به ، قال : قد رأيتَه ، وسنده جيد .
" فتح الباري " ( 12 / 383 ، 384 ) .
وأما من يقول إنه صلى الله عليه وسلم يأتي بكل صورة ، ويستدل على ذلك بما أخرجه ابن أبي عاصم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن رآني في المنام فقد رآني فإنِّي أُرى في كل صورة " : فحديث ضعيف .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي سنده صالح مولى التوأمة ، وهو ضعيف ؛ لاختلاطه ، وهو مِن رواية مَن سمع منه بعد الاختلاط .
" فتح الباري " ( 12 / 384 ) .
ثانياً :
وما جاء في السؤال من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وهو فتى أو صغير : فممكن لكن بالشرط السابق وهو أن تكون هي صورته في سنِّه ذاك .
قال الحافظ ابن حجر :
وقوله " لا يستطيع " يشير إلى أن الله تعالى وإن أمكنه مِن التصور في أي صورة أراد ؛ فإنه لم يمكنه من التصور في صورة النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذهب إلى هذا جماعة ، فقالوا في الحديث : إن محل ذلك إذا رآه الرائي على صورته التي كان عليها .
ومنهم مَن ضيَّق الغرض في ذلك حتى قال : لا بدَّ أن يراه على صورته التي قبض عليها حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة .
والصواب : التعميم في جميع حالاته بشرط أن تكون صورته الحقيقية في وقت ما ، سواء كان في شبابه أو رجوليته أو كهوليته أو آخر عمره .
" فتح الباري " ( 12 / 386 ) .
ثالثاً :
وإذا تبين هذا فإنه يمكن أن يأتي الشيطان للإنسان في منامه ويدَّعي أنه النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء على غير صفته الحقيقية التي خلقه الله عليها في جميع مراحل حياته .
ووجود صوت مثل الأصوات القديمة أو وجود رجال وسيمين أو وجود من يقول " محمد صلى الله عليه وسلم " : فكل ذلك ليس له علاقة برؤية النبي صلى الله عليه وسلم على الحقيقة .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:38 AM   #4
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:38 AM   #5
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

هل يُمكن رؤية النبي في اليقظة ؟
ابن الشريف

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأمَّا بعد:

حب النبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ على كل مسلم, والحب يكون بالإتباع لا بالإبتداع, ولقد قال بعض المبتدعة من غلاة الصوفية في زمننا هذا وأزمنة خلت أنهم يتصلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً في موالدهم وفي أماكن أخرى ! ومما وقع في يدي بهذا الشأن تسجيل صوتي لمفتي جمهورية مصر العربية فضيلة الشيخ عليّ جمعة غفر الله له ولنا وسامحه الله على ما قال, يقول فيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة !!! ويُشنِّع على من لم يقتنع برأيه! وأخذ يغمز ويهمز بنبرة استهزاء بالذين قالوا بالدليل باستحالة وقوع هذا, غفر الله له, وأحببت تبيان الحق في المسألة لإن الشيخ لم يعرض وجهة النظر المخالفة.

يقول الشيخ عليّ جمعة سامحه الله: (كنت منهمكاً في قراءة كتب السيرة .. قرأت قرابة الأربعين كتاب .. ثم تجلى لي النبي فرأيته يقظة ) واستدل بهذا الحديث ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) وللأسف الشديد فقد قام المفتي عفا الله عنه ببتر شهادة الراوي في هذا الحديث, ولكن قبل أن أعلِّق على هذا الحديث أريد أن أسأل المفتي وكل من يؤمن بما قاله المفتي من إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعض الأسئلة المشروعة:

لماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم يقظة في مواقف كانت محددة لمصير الأمة ؟ لماذا لم يظهر يقظة للمهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة وقت الاختلاف على الخلافة ؟ لماذا لم يظهر لأبي بكر رضي الله عنه في شأن نزاعه مع الزهراء رضي الله عنها في قضية فَدَك؟ لماذا لم يظهر في صفين وفي حروراء ليفضَّ جمهور الخوارج عن عليٍّ رضي الله عنه ؟ لماذا لم يظهر يقظة لمعاوية فينهاه عن قتال عليّ وأهل العراق ؟

أعتقد أن هذه الأسئلة "منطقية" جداً ونريد إجابات مقنعة من المفتي وأنصار هذا الرأي, فهذه المواقف أحرى وأوجب لظهور الرسول صلى الله عليه وسلم يقظةً, وهي أعظم من الموالد والمناسبات العامة وحالات الاختلاء بالنفس.

وقد قال الحافظ السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وآله في اليقظة بعد موته:« لم يصل إلينا ذلك ـ أي ادعاء وقوعها ـ عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه‏ صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتُها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه» نقل ذلك القسطلاني في(المواهب اللدنية) (5/295) عن السخاوي.

وأيضاً ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني «أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك » ، ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله:« وهذا مشكل جدًا ولو حُمِل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعًا جمًا رأوه في المنام ، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف » (فتح الباري) (12/385).

وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز/ في(حكم الاحتفال بالمولد النبوي) : «بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له مُحَيِّين ومرحّبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون:15- 16) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلَّم :«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر.وأول شافع وأول مشفع » عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي ص وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ». اهـ (والحديث رواه مسلم).

أما حديث (من رآني في المنام فسوف يراني) فهو "مبتور", والراوي نفسه لم يذكر (فسوف يراني) وسكت, إنما قال في روايته عن حديث النبي: ( من رآني في المنام فسوف يراني أو لكأنما رآني في اليقظة ) وهذه التكملة تدل على وقوع الشك في رواية الراوي, لإن رواية البخاري ليس فيها هذا اللفظ (فسوف يراني) إنما لفظ البخاري هو (فقد رآني) فقط, من غير زيادة ولا نقصان.

وقال الشيخ شحاتة صقر: والرواية أخرجها مسلم (حديث رقم 2266) ، وأبو داود (حديث رقم 5023) ، و أحمد (5/306) الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة » وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني » أو «فقد رآني»؛ لأن كلًا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.

فيتضح أن رواية الحديث الذي استدل به المفتي عفا الله عنه مبنية على الظن لقول الراوي (أو لكأنما رآني) وبالتالي نحن نأخذ المُحكَم ولا نأخذ المتشابه, والرواية المحكمة في الحديث هي (فقد رآني) أي أن رؤية النبي في المنام هي رؤية حق لإن الشيطان لا يتلبس بالنبي صلى الله عليه وسلم, وبالتالي فرؤيته في اليقظة مستحيلة من كل وجه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

ابن الشريف
مدير موقع لماذا الاسلام لصد التنصير والرَّفض والتهويد ونصرة التوحيد
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:38 AM   #6
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية الرسول في المنام لا تكون شركاً
يقول كثير من علمائنا أنه من الممكن أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأن رؤيته في المنام حقيقة؛ لأن الشياطين لا يستطيعون أن يتمثلوا بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل مثل هذه العقيدة شرك أم لا؟



هذا القول حق وهو من عقيدة المسلمين، وليس فيه شرك؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)) متفق على صحته. فهذا الحديث الصحيح، يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قد يرى في النوم، وأن من رآه في النوم على صورته المعروفة فقد رآه، فإن الشيطان لا يتمثل في صورته، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون الرائي من الصالحين، ولا يجوز أن يعتمد عليها في شيء يخالف ما علم من الشرع، بل يجب عرض ما سمعه الرائي من النبي من أوامر أو نواهي أو خبر أو غير ذلك من الأمور التي يسمعها أو يراها الرائي للرسول صلى الله عليه وسلم على الكتاب والسنة الصحيحة، فما وافقهما أو أحدهما قبل، وما خالفهما أو أحدهما ترك؛ لأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها النعمة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن يقبل من أحد من الناس ما يخالف ما علم من شرع الله ودينه، سواء كان ذلك من طريق الرؤيا أو غيرها، وهذا محل إجماع بين أهل العلم المعتد بهم، أما من رآه عليه الصلاة والسلام على غير صورته فإن رؤياه تكون كاذبة، كأن يراه أمرد لا لحية له، أو يراه أسود اللون، أو ما أشبه ذلك من الصفات المخالفة لصفته عليه الصلاة والسلام، لأنه قال عليه الصلاة والسلام: ((فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)) فدل ذلك على أن الشيطان قد يتمثل في غير صورته عليه الصلاة والسلام، ويدعي أنه الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل إضلال الناس والتلبيس عليهم.
ثم ليس كل من ادعى رؤيته صلى الله عليه وسلم يكون صادقاً، وإنما تقبل دعوى ذلك من الثقات المعروفين بالصدق والاستقامة على شريعة الله سبحانه، وقد رآه في حياته صلى الله عليه وسلم أقوام كثيرون فلم يسلموا ولم ينتفعوا برؤيته؛ كأبي جهل وأبي لهب وعبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين وغيرهم، فرؤيته في النوم عليه الصلاة والسلام من باب أولى.

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثاني
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:39 AM   #7
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي في المنام


الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه الطيبين الطاهرين

اما بعد

فيا ايها الاحبة هذا الدرس نافع جدا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقد روى البخاري بالاسناد المتصل من حديث ابي قتاده رضي الله عنه قال: قال رسول الله "من رآني في المنام فقد رآني حقاً فأن الشيطان لا يتزيا بي" وعنده اي عند البخاري من حديث ابي هريره رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة" وبيانا لهذا الموضوع يجب ان يعلم ما يجوز على الرسول وما لا يجوز فان الانسان قد يرى الرسول في المنام ويظن انه قال له كذا وكذا والعمل بذلك يكون بما وافق قوله عليه الصلاة والسلام في اليقظة قبل موته من القواعد الشرعيه التي تقررت في حياته وما خالف ذلك لا يعمل به ويرد سببه الى حال الرائي. فالأنبياء يجب لهم الامانه وتستحيل عليهم الخيانه وهم معصومون عن السفاهه ويستحيل عليهم الكفر او الكبيرة من الكبائر او الصغيره من صغائر الخسه ويجب لهم
التبليغ فلا يتركون شيئا أمرهم الله بتبليغه وذلك مهما لقوا من العباد اذى او ضررا. فالسفاهه هي ارتكاب قول لا يليق باهل الرزانة والحكمه الا للسفهاء فالسفاهه مثلما يرويه بعض الناس من الكذب على بعض الانبياء يقولون كان مع امه يشرب الخمر ثم طلب منها ان تمده بالخمر بطريق المعجزه فقال لها اسكتي ايتها المرأه فهذه سفاهة مخاطبة الرجل لامه بيا ايتها المرأة سفاهة. فاذن هذا مستحيل على نبي من الانبياء واما الخيانة مثالها ان يخون احدهم بالكيل فهذا مستحيل على الانبياء ولو كان النبي من الانبياء تجوز عليه السفاهة او الخيانة لكان ذلك نقصا لله تعالى لانه يحسن لعباده السفاهه والخيانه وهذا نسبة القبيح الى الله تعالى والله منزه عن القبائح فلذلك يجب تبرئة ساحة الانبياء من هذه النقائص. اما الامانة بمعنى السلامة من الكفر والكبائر فذلك متفق عليه عند اهل الحق فالنبي من الأنبياء لا يجوز عليه ان يرتكب كبيرة من الكبائر لا قبل النبوة ولا بعدها فاذا قال قائل اليس جاء في حق ابراهيم في القرآن انه قال لقومه لما رآى الكوكب هذا ربي فلما افل قال لا احب الأفلين اليس هذا دليلا على ان ابراهيم كان يعبد الكوكب قبل ذلك اي قبل ان يعلمه الله تعالى ويفهمه الجواب ان معنى قول ابراهيم هذا ربي ليس اثبات لربوبية القمر عليه لا انما معنى قول ابراهيم هذا ربي انكم يا قوم تعبدون الكوكب وتثبتون له الربوبية اي الألوهيه وهو لا يصلح لذلك لكن بما ان هذه العقيدة متمكنة فيهم اراد ان يستدرجهم الى تفهيمهم ان هذا الكوكب لا يصلح ان يكون ربا لانه شىء يتغير في أول الأمر قال لهم هذا ربي معناه على زعمكم هذا ربي كيف يصلح ان يكون رباً لي. ثم لم يقل لهم في اللحظة هذا يأفل والشىء الذي يأفل لا يصلح ان يكون اله بل سكت وانتظر حتى أفل اي غاب فلما غاب قال لا احب الأفلين معناه هذا الكوكب الذي تعبدونه وتعتقدون انه ربكم شىء يغيب وكل شىء يطرأ عليه التغير لا يصلح ان يكون اله لكن من شدة بلادتهم لم يفهموا مقصود ابراهيم الذي هو أن يخرجهم من عبادة الكوكب الى عبادة رب الكوكب وخالقه. ابراهيم عليه السلام كان فاهما عارفا أن هذا الكوكب لا يصلح ان يكون اله لانه شىء يتغير ويتطور من حال الى حال يحصل له حال غير الذي كان عليه وكل شىء يطرأ عليه حال غير الحال الذ ي كان عليه فهو متغير وكل متغير يحتاج الى مغير إذن الله تبارك وتعالى لا يجوز عليه التطور والتغير لان المتطور يحتاج الى من يغيره والمحتاج الى غيره لا يصلح ان يكون اله. كذلك قول ابراهيم بالنسبة للشمس هذا ربي معناه انكار عليهم وتسفيه لرأيهم الفاسد، والا فإن ابراهيم عليه السلام لم تمر عليه فترة او لحظة اعتقد فيها أن شيئا غير الله يستحق أن يعبد بل كان من اول نشأته عارفا. هم الانبياء عليهم الصلاة والسلام يوم ألست بربكم كانوا اعرف الخلق بالله لما كانوا ارواحا قبل خلق الأجساد الله تبارك وتعالى اخرج الارواح كلهامن ظهر آدم وجمعهم في ارض تسمى نعمان في عرفات هناك استنطقهم قال الست بربكم قالوا بلى حتى الذي هو اليوم كافر والأنبياء عليهم السلام لم يتغيروا عن ذلك الحال. بعد ان نزهنا الانبياء عن الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها نعود لشرح الحديثين الذين هما متفقان في المعنى حيث إن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بشارة كبيره وهي انه لا بد ان يراه صلى الله عليه وسلم في اليقظة وهو مؤمن حتى لو كان حين رؤية لرسول الله كافرا في المنام فانه لابد ان يؤمن. فمن رآه في المنام فليحمد الله تعالى لأن في ذلك ضمان له انه يموت على الايمان. وفي هذا الحديث ايضا بيان ان الشيطان لا يستطيع ان يتمثل بصورته صلّى الله عليه وسلّم ومن رآه عليه الصلاة والسلام على صورته الاصلية اكمل واعظم في البشرى من الذي رآه على غير صورته. فصورته صلى الله عليه وسلم الخلقيه كما في كتب الحديث انه كان ربعة لم يكن قصيرا بل هو الى الطول وكان بعيد ما بين المنكبين، وكان ابيض مشرب بحمره وكان مشرق الوجه قال واصفه كان احسن الناس وجها واحسنهم خلقا وكان دقيق الحاجبين وكان أهدب الأشفار اي كثير شعر الجفون وكان طويل الذراع مع اعتدال وكان عليه الصلاة والسلام سواء البطن والصدر اي لم يكن فيه بطن كبير ناتئ عن صدره ولم يكن نحيف اليد ولا نحيف القدمين وكان صلى الله عليه وسلم في صوته جهيرا لم يكن ضعيف الصوت حتى قال احد الصحابة وهو جبير بن مطعم رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ والطور فكاد قلبي يطير اي من حسن صوته صلى الله عليه وسلم وكان عليه السلام اشكل العينين اي في بياض عينيه خطوط حمر يقول واصفه ابي هريره رضي الله عنه ما رأيت قبله ولا بعده مثله وكان اقنى الانف اي لم يكن اعلاه منخفضاً بالنسبة للطرف بل كان مرتفعا اعلاه كما ان طرفه مرتفع. هو صلّى الله عليه وسلّم اجمل الخلق فمن رآه في المنام على صورته الاصليه يكون رآى اجمل من رآى واجمل من يرى. وكان صلى الله عليه وسلم واسع الجبين عظيم الجبهه من غير نتوء ولا صلع كان اجلى الجبهه وكان شعره عليه السلام شديد السواد ولم يظهر في شعره من الشيب سوى عشرين شعره وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم إن تطيب وإن لم يتطيب طيب الرائحه حتى انه كان صحابي اصابه الشرى واسمه عتبه بن غزوان فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم تجرد فخلع ثوبه فوضع الرسول يده على ظهره فعبق به الطيب الى آخر حياته حتى كان لهذا الصحابي أربع زوجات كانت كل واحدة تجتهد في ان تتطيب اكثر من الاخرى من ظهره من اثر كف النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا الشرى ورم كالدرهم حكاك مزعج فمن رآه عليه الصلاة والسلام على صورته هذه كان ذلك دليلا على كمال حال الرائي في دينه اما رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظه لمن رآه في المنام التي وعد بها الرسول فقد قال بعض العلماء عنها انها اليقظة في الآخره وهذا التفسير لم يوافق عليه بعض العلماء فقال رؤيته عليه الصلاة والسلام في الآخره تحصل لمن مات على دينه من امته ان كان رآه في المنام وان لم يكن رآه في المنام لانه يوم القيامة يكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم عند حوضه يذوذ من ليس من امته عن حوضه لان اولئك يشربون من حوض نبيهم هناك. هناك يراه الذي رآه في الدنيا في المنام والذي لم يرآه في المنام لا بد ان يراه هناك،فاذن ما مزية الذي رآه في المنام في الدنيا؟ فاختار بعض العلماء انها في هذه الدنيا قبل ان يفارق روحه جسده فان كان من اهل التقى والكمال فانه يراه وهو صحيح على غير فراش الموت يراه في اليقظه لانه صلى الله عليه وسلم ثبت أن الله احياه بعدما أماته. قال صلى الله عليه وسلم الانبياء احياء في قبورهم يصلون وقد ورد بالاسناد المتصل ان رجلا في عصر السلف بعد نحو مئة وخمسين سنه من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الحسن بن حي كان من المحدثين من العلماء وله أخوان مثله هذا الحسن لما كان على فراش الموت سمعه اخوه يقول مع النبيين والصديقين والشهداء قرأ الآيه ( ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا" فقال له اخوه الذي بجانبه يا اخي تتلوا تلاوة ام ماذا قال لا بل ارى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك الي ويبشرني بالجنه وارى الحور العين وارى الملائكه. فبالنسبة لأولياء الله هذه الاشياء المستعصيه على العاده ان شاء الله للولي يريه. وقال العلماء لا يبنى حكم شرعي على رؤيا منامية يراها الرجل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما لو رآى شخص الرسول وقال انه قال له رمضان بعد ثلاثة ايام فصوموا فلا يجوز له ان يعتبر ذلك المنام حكما ويبنى صيامه على ذلك الا بعد استكمال شعبان ثلاثين يوما او رؤية الهلال لان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعطي حكما يناقض الحكم الذي اعطاه في اليقظه عندما كان على وجهه الارض فيتهم الرائي نفسه بالقصور ويقول انا ما وعيت كلام رسول الله. ولزيادة الفائده نذكر لكم صيغة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورد ذكرها في الحديث وقد جربت فحصل لكثير ممن جربها أن رأى النبي صل الله عليه وسلم في الرؤيا وهي تقال كل يوم مئه مره او اكثر صباحاً او مساءاً وهي هذه الصيغه "اللهم صل على محمد النبي وازواجه امهات المؤمنين وذريته واهل بيته كما صليت على آل ابراهيم انك حميد مجيد" نسال الله تبارك وتعالى ان يرزقنا وإياكم رؤية حبيبه محمد عليه الصلاة والسلام على صورته الاصليه آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع اهل السنة و الجماعة.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:40 AM   #8
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

الفوائد الملتقطة في الرد على من زعم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!
جمع: أبي معاذ السلفي

المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
( لقد تجرأ بعض الصوفية في ادعاء خروج النبي صلى الله عليه وسلم من قبره ورؤية مشايخ القوم له يقظة لا مناماً في الحياة الدنيا والتلقي منه، على اختلاف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه ضمن هذا المبحث، فممن قال بذلك منهم:
ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» (ص217) والسيوطي في «تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك» ضمن «الحاوي للفتاوي» (2/255)، وأبو المواهب الشاذلي كما في «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/69)، والشعراني كما في «الطبقات الصغرى» (ص89)، وأحمد التيجاني وخلفاؤه كما في «رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم» (1/210)، ومن المتأخرين: خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم كما في «طبقات ابن ضيف الله» (ص190)، ومحمد بن علوي المالكي في «الذخائر المحمدية» (ص259)، ومحمد فؤاد الفرشوطي في «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية» (ص25))([1]) ؛ و علي الجفري الملقب بـ ( زين العابدين ) !! فقد تحدث عن هذه المسألة في عدة مجالس مسجلة بصوته، وممن يقول بها كذلك مفتي مصر الحالي علي جمعة؛ بل قد زعم – علي جمعة - بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!! وقوله هذا مسجل بصوته والله المستعان.
وفيما يلي أنقل ردوداً لبعض أهل العلم على هذه الدعوى وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم؛ وأن ينفع به ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )

* أولاً:
ذكر بعض الأدلة التي تثبت عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة
قال الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله – في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» (2/47-49) باختصار:
( من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها:
- انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم.
- اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره.
- الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟
- الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء.
- النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب
صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم.
- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ .

* * * *

* ثانياً:
أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة
إليك أخي القارئ الكريم أقوال بعض أهل العلم في هذه المسالة؛ وأغلب هذه النقول من كتاب «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل» للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:
1 - قال القاضي أبو بكر بن العربي نقلاً من «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني (12/384): (شذ بعض الصالحين فزعم أنها - أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته - تقع بعيني الرأس حقيقة).
2 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في «المفهم لشرح صحيح مسلم» ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره.
وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في «الفتح» بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة).
3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته «العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية»: (منهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه.
وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثها فهلا سألته فأجابها؟).
وحكاية ابن منده التي أشار إليها ابن تيمية رحمه الله في هذا الكلام ذكرها الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء»‏ (17/37-38) في ترجمة أبى عبد الله محمد بن أبى يعقوب إسحاق بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن يحي بن منده وقال الذهبي فيها: (هذه حكاية نكتبها للتعجب).
وقال في إسنادها: (إسنادها منقطع) اهـ.
4 - قال الحافظ الذهبي في ترجمة الربيع بن محمود المارديني في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»: (دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قد سمع من ابن عساكر عام بضع وستين).
يعني الحافظ الذهبي بالصحبة التي ادعاها الربيع ما جاء عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو بالمدينة الشريفة فقال له: أفلحت دنيا وأخرى، فادعى بعد أن استيقظ أنه سمعه وهو يقول ذلك.
ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 513).
5- الحافظ ابن كثير ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبى الفتح الطوسي الغزالي في «البداية والنهاية» ‏ (12/196) أن ابن الجوزي أورد أشياء منكرة من كلامه منها أنه - أي أبا الفتح الطوسي - كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وأقر ابن كثير ابن الجوزي على عد هذا من منكرات أبى الفتح الطوسي، وابن الجوزي ذكر هذا في كتابه «القصاص والمذكرين» (ص156).
6- ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» (12/385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف).
7- قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك - أي ادعاء وقوعها - عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه‏ صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه) نقل ذلك القسطلاني في «المواهب اللدنية» (5/295) عن السخاوي.
8- قال ملا علي قاري في «جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي» (2/238): (إنه أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في «شرح المواهب اللدنية» (7/29) ما نصه: (لو رآه يقظة - أي بعد موته صلى الله عليه وسلم- وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا).
9- قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه « الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف » بعد ذكره لبعض أقوال الصوفية المخالفة للشريعة: ( فإن لم يكن هذا القول من أقوال أهل الجنون وإلا فلا جنون في الأكوان، وأعجب من هذا قول السيوطي: (أن من كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع به في اليقظة ويأخذ عنه ما قسم من مذاهب ومعارف).
قال: (وممن نص على ذلك من أئمة الشافعية الغزالي والسبكي واليافعي، ومن المالكية القرطبي وابن أبي حمزة وابن الحاج في «المدخل»). قال: (وحكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً، فقال له الولي: هذا الحديث باطل. فقال له الفقيه: من أين لك هذا؟ قال: هذا النبي واقفٌ على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث. وكُشف للفقيه فرآه. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لو حجب عني النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين)([2]).
وهذا استدل به السيوطي على أن عيسى بن مريم إذا نزل من السماء آخر الزمان فإنه يأخذ علم شريعة النبي محمد عنه صلى الله عليه وسلم وهو في قبره([3]).
وأما الخضر فقالوا: أخذ عن أبي حنيفة خمسة عشر سنة بعد موته، وفيه دلالة على بلادة الخضر عندهم وقلة فهمه حيث بقي هذه المدة يأخذ العلم.
والحاصل: أن هذا كلام لا تجري به أقلام من لهم عقول فضلاً عمن يعرف آثاره من علم معقول أو منقول، وقد ثبت أن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق كانا يتمنيان لو سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل من علم الدين، وهذا أبو بكر يقول للجدة لما جاءت تطلب ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها. ما أجد لك في الكتاب شيئاً ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وسأسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر أقبل على الناس فقال: أن الجدة أتتني تسألني ميراثها. إلى أن قال: فهل سمع أحدٌ منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى لها بالسدس فقال: هل سمع ذلك معك أحد فقام محمد بن سلمة فقال: كقول المغيرة([4]).
ومثله قصة عمر في الاستئذان([5]) ورجوعه إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في عدة وقائع([6])، وكم من مسائل اجتهد فيها الصحابة وهم في الحجرة النبوية وفي المدينة الطيبة. فكيف ساغ لهم الاجتهاد مع إمكان وجود النص وأخذه عن لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكم وكم من قضايا حار فيها الصحابة فرجعوا إلى الرأي وبعضهم كان لا يعلم الحديث في القضية التي حار فيها حتى يرويها له بعض الصحابة، ولا حاجة إلى التطويل لذلك. فيا عجباه لعقول تقبل هذا الهذيان، ومن قوم يعدون أنفسهم من العلماء الأعيان... الخ ) .
10- قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله - في «الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص46): (ومنها - أي من القصص المختلقة الموضوعة - ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكر المولد تعظيماً وإكراماً.
وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن
حد البيان).
11- قال الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - في «حكم الاحتفال بالمولد النبوي»: (بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:}ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{ ]المؤمنون:15- 16[، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة … الخ).
12- قال عبد الفتاح أبو غدة([7]) في تعليقه على «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» لعلي قاري - رحمه الله - (ص273): (ومن غريب ما وقفتُ عليه بصَدَدِ (التصحيح الكشفي) و(التضعيف الكشفي): ما أورده الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي في مقدمة كتابه «كشف الخفاء ومزيل الإلباس»(1/9-10)، على سبيل الإقرار والاعتداد به!
قال: (والحكم على الحديث بالوضع والصحة أو غيرهما، إنما بحسب الظاهرِ
للمحدثين، باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمرِ والقطع، لجواز أن يكون الصحيح مثلاً باعتبار نظر المحدث: موضوعاً أو ضعيفاً في نفس الأمر، وبالعكس. نعم المتواتر مطلقاً قطعي النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتفاقاً.
ومع كون الحديث يحتمل ذلك، فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين.
وفي «الفتوحات المكية»! للشيخ الأكبر قدس سره الأنور!!، ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعَلم وضعه، ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه.
ورب حديثٍ ترِك العمل به لضعف طريقه، من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحاً في نفس الأمر، لسماعِ المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
قال عبد الفتاح - أبو غدة -: هذا ما نقله العجلوني وسكت عليه واعتمده!
ولا يكاد ينقضي عجبي من صنيعه هذا! وهو المحدث الذي شرح «صحيح البخاري»، كيف استساغ قبول هذا الكلام الذي تهدر به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ و يصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئاً لا معنى له بالنسبة إلى من يقول: إنه مكاشَف أو يَرى نفسه أنه مكاشَف! ومتى كان لثبوت السنة المطهرة مصدران: النقل الصحيح من المحدثين والكشف من المكاشفين؟! فحذارِ أن تغتر بهذا، والله يتولاك ويرعاك) اهـ.

* ثالثاً:
الرد على الشبهات
قال الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله - في «خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة» (ص207-218):
(أكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من يستدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظة: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» .]«كتاب التعبير»حديث رقم 6993 (12/383 مع «الفتح»[.
والكلام على هذا الاستدلال من عدة أوجه سيأتي بيانها إن شاء الله.
وأورد الآن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في معرض الاحتجاج أو الاستشهاد أو الكرامات:
قال الشعراني في«الطبقات الكبرى» (2/69): (قال أبو المواهب الشاذلي:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه: لست بميت وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله؛ فها أنا أراه ويراني).
وقال أيضاً في «الطبقات الكبرى» (2/67): (كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً. وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب).
وقال أيضاً في المرجع السابق (2/70): (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون». في «صحيح ابن حبان»: «أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون» فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله، فإني قلتهما معاً، مرة قلت هذا ومرة قلت هذا).
ويزعم بعض تلامذة خوجلي بن عبد الرحمن: (أن شيخهم يرى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة عشرين مرة - الصواب:كل يوم أربعاً وعشرين مرة- والرؤيا يقظة). ]«طبقات ابن ضيف الله» (ص190)[.
ويقول الشعراني: (وكان يقول- يعني أبا العباس الـمُرسي- لي أربعون سنة ما حُجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حُجبت طرفة عين ما أعددن نفسي من جملة المسلمين).
هذا هو حال طائفة من الغلاة الذين عبدوا الله على جهل وغرور فتلاعب بهم الشيطان أيما تلاعب، فإن ماتوا على تلك الحال ولم يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان المختار صلى الله عليه وسلم.
وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن، يستعمل ما آتاه الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
لما سُئل ابن حجر الهيتمي: (هل يمكن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب: نعم يمكن ذلك وصرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية، والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية. وحًكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث وكُشف للفقيه فرآه) ] «الفتاوى الحديثية» (ص217)[.
وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع.
قال الشعراني في «الطبقات الصغرى» (ص28-29) : (أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدوني من ناحية الجبل. فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: امض معنا إلى الروضة. فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه. فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هات يا شيخ السنة).
وقال الشعراني أيضاً في المرجع السابق (ص30): (وكان رضي الله عنه - يعني السيوطي- يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك).
ألا يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث، بل وله فتاوى حديثية في ذلك والسيوطي - والعهدة على الشعراني- وله ألفية في علوم الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والادعاءات لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد بها في شيء من أمور الدين. بل هي باطلة ومن أبين الأدلة على بطلانها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً . فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف، ولكان تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعاً من العبث وتضييعاً للأوقات، ولاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة !!
بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا التأليف في مسائل الزيارة والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسودوا صفحات كتبهم بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، وكان الأولى لهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيهم خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة !!! أم أنه لا يوجد أولياء لله في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم يُحرَّفون.
وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه، وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى، ننتقل إلى الرواية التي استدلوا بها. وهذا سندها ومتنها:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» ] «البخاري» (كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[.
والكلام على الاستدلال بهذه الرواية من عدة أوجه:
الوجه الأول: من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه:
جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق، أربعة منها تخالف تلك الرواية، وتفصيلها على النحو التالي:
الطريق الأولى:
عن أبي صالح ذكوان السمان(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني ولا يتمثل الشيطان في صورتي». ]رواه البخاري في «صحيحه» كتاب الأدب، حديث رقم 6197، مع «الفتح»، وأحمد (1/400)، (2/463)[.
الطريق الثاني:
عن محمد بن سيرين([8]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي».]رواه مسلم في «صحيحه» (15/24) مع «شرح النووي»، وأحمد (2/411)، (2/472)[.
الطريق الثالث:
عن العلاء بن عبد الرحمن([9]) عن أبيه([10]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه ابن ماجه (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3901[.
الطريق الرابع:
عن عاصم بن كليب([11]) عن أبيه([12]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه أحمد (2/232، 342)[.
الطريق الخامس:
عن أبي سلمة([13]) بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة.
ورواه عن أبي سلمة اثنان:
1- محمد([14]) بن عمرو بن علقمة الليثي. ولفظه: «من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتشبه بي» كلفظ الجماعة.]رواه أحمد (2/261)[.
ب- محمد([15]) بن شهاب الزهري، واختُلف على الزهري في لفظ الحديث:
- فرواه محمد([16]) بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ الشك: «من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي».]رواه أحمد (5/306)[.
وتابعه سلامة بن عقيل على الرواية بالشك.]الخطيب «تاريخ بغداد»(10/284)[.
ورواه يونس([17]) بن يزيد عن الزهري، واختُلف على يونس في لفظ الحديث كذلك.
- فرواه عبد الله([18]) بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي ابن شهاب وسلامة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق.]رواه مسلم (كتاب الرؤيا) (15/24 مع «شرح النووي »)، وأبو داود (4/444-445)[.
- ورواه أنس بن عياض([19]) عن يونس بلفظ: « من رآني في المنام فقد رأى الحق» كلفظ الجماعة.]رواه ابن حبان (7/617)[.
- ورواه عبد الله([20]) بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل الطرق السابقة عن أبي هريرة: « من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» ] «البخاري»(كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[.
ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الأخرى لأصحاب أبي هريرة رضي الله عنه، بل خالف جميع الألفاظ التي وردت عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا الحديث.
الوجه الثاني: من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الآخرين:
روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة، وتفصيل ذلك على النحو التالي:
اللفظ الأول:رواه أنس بن مالك([21]) وجابر بن عبد الله([22])، وأبو سعيد الخدري([23])، وابن عباس([24])وابن مسعود([25])، وأبو جحيفة([26]) y مرفوعاً:« من رآني في المنام فقد رآني».
اللفظ الثاني: رواه أبو قتادة([27]) وأبو سعيد الخدري([28]) رضي الله عنهما مرفوعاً: «من رآني فقد رأى الحق».
اللفظ الثالث: رواه جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في النوم فقد رآني ».] «صحيح مسلم» (كتاب الرؤيا) (15/26) مع شرح النووي)[.
فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا الاختلاف ولكون الرواية في «صحيح البخاري» أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة لتتوافق مع روايات الجمهور.
الوجه الثالث: أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل:
ذكر ابن حجر في «فتح الباري» (12/385) ملخصاً لتلك الأجوبة بقوله:
(وحاصل تلك الأجوبة ستة:
- أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى: «فكأنما رآني في اليقظة».
- ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.
- ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه.
- رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل.
- خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية لا مطلق من يراه.
- سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويُخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال.
الوجه الرابع: ما يرد على القوم من الإشكال على المعنى الذي قالوا به:
والإشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله: (ونُقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت - أي ابن حجر- : وهذا مشكل جداً ولو حُمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويُعَكَّرُ عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يُذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف. وقد أشتد إنكار القرطبي([29]) على من قال: من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). ]«فتح الباري»(12/385)[.
والإنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي: (اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء، وهذا قول يُدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يُرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير
قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل).
وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة القاضي أبوبكر بن العربي([30]) قال كما في «فتح الباري» (12/384) : (وشذ بعض القدرية فقال: الرؤية لا حقيقة لها أصلاً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس).
الوجه الخامس: اضطراب مقالات القوم في كيفية الرؤية:
فلما اشتد الإنكار على هؤلاء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد وفاته يقظة لا مناماً، اضطربت مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالإثم فنفى الموت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره عمن لا يفقه عن الله.
- ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته. ]عمر الفوتي «رماح حزب الرحيم» (1/210) بهامش «جواهر المعاني»[.
- ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل والظهور في صور مشايخ الصوفية. ]عبد الكريم الجيلي «الإنسان الكامل»(2/74-75)[.

وفريق لان بعض الشيء:
- فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية. ]الشعراني «الطبقات الكبرى» نقلاً عن محمد المغربي الشاذلي[.
- ومنهم من قال إن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في حالة بين النائم واليقظان.]الشعراني «الطبقات الصغرى» (ص89)[.
- ومنهم من قال إن الذي يُرى هي روحه صلى الله عليه وسلم .]محمد علوي المالكي «الذخائر المحمدية» (ص259)، «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات» لفؤاد الفرشوطي (ص25)[.
وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن روايات الجمهور، وتلك الاحتمالات التي تأولها أهل العلم في المراد بمعناها، وتلك الإشكالات والإنكارات التي وردت على المعنى الذي قصده القوم، واضطراب مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا، بكل ذلك يسقط استدلالهم بها، والقاعدة المشهورة في ذلك: إذا ورد على الدليل الاحتمال بطل به الاستدلال) انتهى كلام الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم – جزاه الله خيراً-.

كما رد الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي»(2/39-52) على من يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بقوله:
( أما رواية: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة:
1- أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يزيد، مما يدل على شيوعه واستفاضته.
2- أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً: باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب.
3- أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ « فسيراني في اليقظة» بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة.
أما بقية الروايات فألفاظها: «فقد رآني» أو «فقد رأى الحق» أو « فكأنما رآني في اليقظة» أو «فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة» بالشك.
وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ «فسيراني في اليقظة» لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي:
أولاً: أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه: ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ «فسيراني في اليقظة» إلا في موضع واحد.
ثانياً: أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، وأحمد (5/306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة» وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني» أو «فقد رآني» لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك.
ثالثاً: إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في «تنوير الحلك»: (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ») فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ.
رابعاً: ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (12/400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة «فقد رآني في اليقظة» بدل قوله: «فسيراني».
وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية- بعيني الرأس حقيقة).
ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر).
هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على: أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة.
أما ما يتعلق به دراية فنقول: لو فرضنا أن هذا اللفظ «فسيراني» هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية.
قال النووي في شرحه (15/26): (فيه أقوال: أحدها: أن يراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً.
وثانيها: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته.
وثالثها: أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك).
ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ.
وجملة القول أن إدعاء إمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مذهب ضعيف مرجوح وذلك من وجوه:
الوجه الأول: اختلاف القائلين به في المقصود بالرؤية، وهل هي رؤية لذاته صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، أو رؤية لمثال لها، نقله السيوطي في «تنوير الحلك» ضمن «الحاوي للفتاوى» (2/263).
ثم قال: (الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني، وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل يرى مثالاً له).
ثم نقل عن ابن العربي واستحسن قوله: (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال) ثم قال السيوطي: (ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي)!!.
أقول: إذا كان أرباب الأحوال الذين رآهم السيوطي - على كثرتهم - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بروحه وجسمه بل يرى مثال له فقط، فكيف يدافع السيوطي عنهم ويخالفهم في الوقت نفسه؟
الوجه الثاني: أنهم اختلفوا أيضاً هل هذه الرؤية تكون بالقلب أو بالبصر؟
أشار السيوطي إلى ذلك ثم اضطرب اضطراياً شديداً حين قال في نفس المصدر: (أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر) فإلى هنا يبدو أنه قصد الجمع بين القولين، ثم قال: (لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني …).
الوجه الثالث: أن بعض كبار الصوفية ينفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة.
فيقول أبو القاسم القشيري في«الرسالة القشيرية» (باب رؤيا القوم) (ص368): (وقال بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها: أنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الماضين في النوم ولا يراهم في اليقظة) اهـ.
وقد يقول قائل: إن هذا نقله القشيري عن بعضهم ولا ندري هل هم من الصوفية أو من غيرهم؟
والجواب:
أ- أن القشيري نفسه من كبار الصوفية وقد نقل العبارة وأقرها.
ب- أنه لا ينقل في رسالته مثل هذا الكلام إلا عن الصوفية، حيث ذكر في مقدمة
كتابه أنه إنما يذكر سير شيوخ التصوف وآدابهم ... وما أشاروا إليه من مواجيدهم،
وأكده في الخاتمة.
الوجه الرابع: أن هذه العقيدة مخالفة لإجماع أهل السنة والجماعة وهي خاصة بأهل البدعة، قال ابن حزم في «مراتب الإجماع»(ص176): (واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس).
الوجه الخامس: أنه يلزم من القول بإمكان رؤيته في اليقظة ووقوعها لوازم باطلة قد ذكرتها أثناء نقل أقوال أهل العلم في هذا الموضوع.
وأخيراً: نقل السيوطي عن بعض أهل العلم احتجاجه على حياة الأنبياء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس.
ومقصده أن ما دام هذا ممكناً في حق النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيمكن أن يكون جائزاً في حق أولياء أمته معه، فيرونه في اليقظة.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
أولاً: ليس النزاع في حياة الأنبياء في قبورهم ولا في اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم ليلة الإسراء ولا صلاته بهم إماماً، فإن ذلك كله ثابت رواية، فيجب على جميع المؤمنين التصديق به.
ثانياً: أن مما يجب أن يعلم أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم كيف هي، وحكمها كحكم غيرها من المغيبات، نؤمن بها ولا نشتغل بكيفيتها، ولكننا نجزم بأنها مخالفة لحياتنا الدنيا.
ثالثاً: أن الذي أخبرنا بأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء هو الصادق المصدوق الذي يجب على كل مؤمن أن يصدقه في كل ما أخبر به من المغيبات دقيقها وجليلها، ولذا آمنا بما أخبرنا به واعتقدناه عقيدة لا يتطرق إليها شك إن شاء الله تعالى.
أما من جاءنا بخبر وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فمجموعة من الدراويش خالفت الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فلم يجز - ولا أقول فلم يجب - أن نصدقهم في دعواهم تلك.
بل وجب على كل موحد ذاب عن حمى التوحيد أن يردها بما استطاع لأنه باب يؤدي فتحه إلى ضلال عظيم وخراب للأديان والعقول ويفتح باب التشريع من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم) . انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح جزاه الله خيراً بتصرف.
ولمزيد من الفائدة انظر كتاب «المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضاً ونقداً» للشيخ صادق سليم صادق (ص405-430) وكتاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» للشيخ محمد أحمد لوح (2/36-52)، وكتاب «خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء» تأليف الصادق بن محمد بن إبراهيم، وكتاب «رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها » للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أخوكم/ أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )



(1) «خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة»(ص207) للشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله -.
([2]) انظر: « نزول عيسى بن مريم آخر الزمان » للسيوطي (ص:44-46).
وقول الشاذلي هذا إن صح عنه فهو ضلال وباطل، وهو مردود بما جاء في ترجمته في « شذرات الذهب » لابن العماد (5/279) أنه قال: (كل علم تسبق إليك فيه الخواطر وتميل النفس وتلتذ به فارم به وخذ بالكتاب والسنة). وبقوله هذا يرد كل ضلاله وأباطيله المخالفة للكتاب والسنة. ( نقلاً عن محقق الرسالة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد ) .
([3]) ذكر السيوطى في رسالته: « نزول عيسى بن مريم آخر الزمان » (ص:29-43) أنْ معرفة عيسى لأحكام هذه الشريعة يمكن أن يكون من أربعة طرق، والرابع منها هذا الذي أشار إليه المصنف هنا؟! (نقلاً عن محقق الرسالة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد ) .
([4]) رواه الترمذي (4/419) وأبو داود (3/121) وابن ماجه (2/909). قال الألباني في « الإرواء »: (6/124) (ضعيف). ( نقلاً عن محقق الرسالة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد ) .
([5]) روى هذه القصة البخاري (11/27 فتح) ومسلم (3/1694) عن أبي سعيد الخدري قال: (كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنتُ على عمر ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنتُ ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع. فقال: والله لتقيمن عليه بينة. أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمرَ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك). ( نقلاً عن محقق الرسالة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد ) .
([6]) لو قال: ورجوع الصحابة بعضهم إلى بعض في عدة وقائع لكان أولى. ( نقلاً عن محقق الرسالة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد ) .
(1) وأبو غدة إنما نقلت كلامه حجة على أتباعه الصوفية وإلا ففي كتبه كثير من الضلال وقد رد عليه العلامة الألباني رحمه الله في «كشف النقاب» و في مقدمة «شرح الطحاوية» كما رد عليه العلامة بكر أبو زيد في «براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء السنة» وقدم لهذه الرسالة العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله.
(1): المدني ثقة ثبت من الثالثة مات سنة إحدى ومائة. «التقريب» (1/239).
(1) الأنصاري ثقة ثبت عابد كبير القدر من الثالثة مات سنة 110هـ . «التقريب» (2/169).
(2) الحُرَقي المدني صدوق ربما يهم وهو من الخامسة. «التقريب» (2/92-93).
(3) الجهني المدني مولى الخُرَقي، ثقة من الثالثة.«التقريب» (1/503).
(4) الجرمي الكوفي صدوق رُمي بالإرجاء، من الخامسة. «التقريب» (1/385).
(5) صدوق من الثانية. «التقريب» (2/136).
(6) الزهري المدني، قيل اسمه عبد الله وقيل إسماعيل ثقة مكثر من الثالثة مات سنة 94 هـ. «التقريب» (2/430).
(1) المدني صدوق له أوهام من السادسة. «التقريب» (2/430).
(2) القرشي الفقيه الحافظ متفق على جلالته واتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة. «التقريب» (2/207).
(3) ابن أخي الزهري، صدوق له أوهام، من السادسة. «التقريب» (2/180).
(4) الأيلي، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة. «التقريب» (2/386).
(5) القرشي مولاهم الفقيه، ثقة عابد من التاسعة. «التقريب»(1/460).
(1) أنس بن عياض بن ضمرة الليثي أبو حمزة ثقة، ت. سنة 200هـ. «التقريب»(1/84).
(2) المروزي، ثقة، فقيه، عالم، جواد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة. «التقريب» (1/445).
(3) «صحيح البخاري» (كتاب الرؤيا) حديث رقم 6994.
(4) «سنن ابن ماجه» (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3902.
(5) المصدر السابق، حديث رقم 3093.
(6) المصدر السابق، حديث رقم 3905.
(7) «الترمذي» (3/238).
(8) وهب بن عبد الله بن مسلم السُّوائي، صحابي ت.سنة 64هـ. «الإصابة» (10/322) رقم 9167؛
«سنن ابن ماجه» (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3904.
(1) الحارث ويقال عمرو أو النعمان بن رِبْعي السلمي صاحبي، مات سنة 54 هـ. «تقريب التهذيب» (2/463)؛ «صحيح البخاري» (كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6996.
(2) المصدر السابق.
(1) أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي المالكي الفقيه المحدث صاحب «المفهم شرح مسلم» ت.656هـ. «البداية والنهاية» (13/226). وكتاب «المفهم» توجد منه أجزاء مخطوطة ناقصة بالمكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية برقم (5959/1) (فلم).
(1) محمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي الأشبيلي المالكي، أكبر علماء الأندلس، له كتب كثيرة منها: «عارضة الأحوذي في شرح الترمذي» و«أحكام القرآن» ت. سنة 543 هـ. انظر «سير أعلام النبلاء» (20/197)؛ «شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (ص136).

__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:40 AM   #9
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي صلى الله عليه و سلّم في المنام

السؤال :
رأيت النبيَّ صلى الله عليه و سلّم مُعرِضاً و مشيحاً بوجهه الشريف عنّي ، و أنا أستأذن في الدخول عليه و لا يؤذنُ لي ، فما تأويل ذلك حفظكم الله ؟

الجواب :

أقول مستعيناً بالله تعالى :
رؤية النبيّ صلى الله عليه و سلّم في المنام حقّ ، و من رآه في منامه فقد رآه حقيقةً لأنّ الشيطان لا يتمثّل بالنبيّ عليه الصلاة و السلام .
روى الشيخان و أصحاب السنن و أحمد بألفاظ متقاربة ، عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ : ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏‏: ( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي ) .
و من أهل العلم من حمَل هذا الحديث على ظاهره ، فقال : إن كلّ من رأى النبيَّ صلى الله عليه و سلّم في المنام ، و على أيّة صورة كانت الرؤيا فقد رآه حقيقةً .
قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ) في شرح هذا الحديث : ( أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها بغير شبهة و لا ارتياب فيما رأى بل هي رؤيا كاملة ... و الذي يظهر لي أن المراد من رآني في المنام على أي صفة كانت فليستبشر و يعلم أنه قد رأى الرؤيا الحق التي هي من الله لا الباطل الذي هو الحلم فإن الشيطان لا يتمثل بي ) .
و ذهب آخرون إلى التفريق بحسب حال الرائي و صفة المرئي ، فقالوا : إن كان الرائي يعرف صفات النبيّ صلّى الله عليه و سلّم الخَلقيّة و الخُلُقيّة ، و رآه في المنام على تلك الصفات فقد رآه حقّاً ، و من رأه خلافاً لما هو عليه في الحقيقة فهذه رؤيا كسائر الرؤى ، و تحتاج إلى تعبير و تأويل . و هذا الرأي أرجح من سابقه لأمور منها أنّ الرائي قد يرى النبيَّ صلّى الله عليه و سلّماً على صفة لا تليق به ، كما لو رآه حليقاً أو مدخِّناً ، و حاشاه أن يكون كذلك حقيقةً ، بل الواجب تأويل الرؤيا في هذه الحال بحسب حال صاحبها .
و يُرشَد الرائي إلى أنّ السبب في ورود رؤياه على هذه الحال راجع إلى ضعف إيمانه ، أو عَدَم اتّباعه ، أو تقصيره في أمور دينه ، و يُنصَح بالتدارك قبل التهالك .
قال القاضي عياض رحمه الله ( كما رواه عنه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ) : يحتمل معنى قوله فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي : فقد رأى الحق إذا رأوه على الصفة التي كان عليها في حياته ، لا على صفة مضادة لحاله ، فإن رُئيَ على غير هذا كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقية فإن من الرؤيا ما يخرج على وجهه و منها ما يحتاج إلى تأويل و عبارة .اهـ .
و بناءً على ما تقدّم نقول للأخ السائل : إنّ رؤياك بشارة خير إن شاء الله ، و أمّا إعراض النبيّ صلّى الله عليه و سلّم فلعلّ فيه تذكير لك باتباع سنّته ، و الاعتصام بهديه ، و التمسّك بما جاء به ، حتى تكون أهلاً لمرافقته في الجنّة .
و الله أعلم ، و صلى الله و سلّم و بارك على نبيّنا محمّد و آله و صحبه أجمعين ، و الحمد لله ربّ العالمين .
كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:41 AM   #10
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

حول رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام.
يقول السائل: ادعى بعض الناس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنه عليه الصلاة والسلام قال له: إنه خجلان في قبره؛ لأن الحرب لم تتوقف بين إيران والعراق. وقال آخر: إنه رآه عليه الصلاة والسلام وقال له: سوف تستمر الحرب ستة وثلاثين شهراً وها قد مضى على الحرب الآن أربع سنوات فما حكم الشرع في مثل هذه الرؤى التي فيها ما يخالف الواقع؟



كثير من الناس يدعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إما كاذب، وإما أنه لم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي))، فمن رآه في صورته فقد رآه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق.
لكن هذه المرائي تعرض على ما علم من الشرع، فإن وافقت ما علم من الشرع فهي حق، وإلا فهي تلبيس على صاحبها، وأن صاحبها لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما خيل له وظن أنه الرسول وليس هو الرسول، فقد يراه بعض الناس في صورة شاب أمرد، وقد يراه بعض الناس شيبة قد ابيض شعره، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان قصير، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان طويل، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان أسود اللون، وقد يراه بعض الناس في صور أخرى، وهذا ليس هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
الرسول ربعة من الرجال، أبيض اللون، مشرب بحمرة عليه الصلاة والسلام، من أجمل الرجال عليه الصلاة والسلام، شعره أسود ليس فيه إلا بياض قليل، شعرات قليلة من الشيب.
فلا بد في الرائي أن يكون رآه على صورته المعروفة في كتب الحديث والسيرة، وأن يكون ثقة معروفاً بالصدق والأمانة والعدالة، وإلا فإنه لا يعتمد على قوله؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)) ولم يقل لا يتمثل بي، بل قال: ((في صورتي))، فدل ذلك على أنه إذا رآه الإنسان في غير صورته فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام، ثم إذا رآه فلا بد أن يعرض ما رآه على ما جاء به الشرع إن كانت تتعلق بالأحكام والعبادات فتعرض على الشرع، فإن خالفت الشرع فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام. ثم قوله: خجلان ليس من لغة النبي صلى الله عليه وسلم، بل هذه من لغة العصر، فهذا دليل على أنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما رأى شيطاناً، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، والوحي قد انقطع، فهو لا يعلم الغيب في حياته إنما يعلم ما أوحى الله إليه وبينه له سبحانه وتعالى، وما لم يأت به الوحي لا يعلمه عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب، فهو لا يعلم شأن الحرب التي بين العراق وبين إيران، والوحي قد انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام، وهذا من أوضح الدلالة على أن هذه الرؤيا مكذوبة وليست من النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي من بعض الشياطين الذين تراءوا للرجل القائل، أو أنه كاذب في رؤياه ولم ير شيئاً.

فتاوى نور على الدرب الجزء الأول.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:41 AM   #11
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي في المنام.


ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أنه قال: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة -أو كأنما رآني في اليقظة- لا يتمثل الشيطان بي)، متفق عليه، فهل يجوز للمؤمن الصالح إذا شاهد شيئاً من ذلك وصْفُه للمسلمين؟ جزاكم الله خيراً.


لا حرج في ذلك، الحديث صحيح، يقول: (فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، وهو شك من الراوي، هل قال: (فسيراني)، أو (فكأنما رآني)؟، والصواب: (فقد رآني) كما في الروايات الأخرى: (من رآني في المنام فقد رآني) يعني رآني على الحقيقة، (فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، أما (فسيراني) هذه فيها شك، ولو صحت لكان المعنى يرى في الآخرة، يعني إذا كان مؤمناً، وأما في الدنيا ما يراه في الدنيا؛ لأنه بعد الموت لا يعود إلى الدنيا عليه الصلاة والسلام، إنما يراه المؤمنون يوم القيامة وفي الآخرة عليه الصلاة والسلام، فرواية: (فسيراني) إما أنها غلط من بعض الرواة شك في الرواية، كما جاء في الحديث الشك، قال: (فقد رآني)، وإما أن يكون المراد (فسيراني) يعني في الآخرة، المؤمنون يرونه في الآخرة، فإذا مات على إيمان فهو يراه، وهذه بشارة أنه يموت على الإيمان لو صحت الرواية، حتى يرى النبي عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه إذا رآه على صورته فقد رآه، فإن الشيطان لا يتمثل به، وأما إذا رآه على غير صورته ما يكون رآه، لو رآه شايب، يعني لحيته بيضاء، أو رآه شاب ما له لحية، فما يكون رأى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول له لحية كثة ليس فيها إلا شعرات يسيرة من الشيب، فإذا رآه على صورته فإنه سيراه يوم القيامة وفي الجنة إن مات على الإسلام، أو فقد رآه في الحقيقة؛ لأن الشيطان لا يتمثل في صورته، وهذا يؤيد أن المراد (فقد رآني) وأن رواية (فسيراني) ضعيفة وأتى بها الراوي شكاً، والمحفوظ (فقد رآني)، يعني رأى الحقيقة.

__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:42 AM   #12
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي في المنام.


هل يظهر النبي صلى الله عليه وسلم في المنام لبعض الناس؟ أي أنهم يرونه في المنام، كما أنه قال لي أحدهم: إن شيخه يجالس النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستيقظ وليس نائماً، فهل هذا صحيح؟!!!!!!


ليس بصحيح أنه يراه في اليقظة، النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي؛ كما قال جل وعلا: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) سورة الزمر، فقد توفي بإجماع المسلمين عليه الصلاة والسلام، وروحه في أعلى عليين في الجنة، وبدنه في الأرض في بيته عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة دفن، لكن يُرى في النوم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، فإذا رآه الإنسان في صورته: رَبعة من الرجال من أجمل خلق الله، لحمته بيضاء مشربة بحمرة، كث اللحية عليه الصلاة والسلام، إذا رآه في صورته عليه الصلاة والسلام فقد رآه في صورته عليه الصلاة والسلام، أما إذا رآه ما له لحية أو لحيته شائب أبيض اللحية أو رآه قصير، أو رآه أسود فلم يره عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال: (فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، فالشيطان قد يتمثل في صور شتى ويقول إنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يضر الناس وحتى يخدع الناس بما يمليه عليهم من الباطل، وإذا رأيت في منامك من يقول أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بشيء يخالف الشرع فاعلم أنه الشيطان، إذا أمرك رأيته في المنام يقول: ترى لا بأس بالزنا، أو لا بأس بعقوق الوالدين أو لا بأس بالربا أو بالسرقة أو ما أشبه ذلك مما يخالف الشرع فاعلم أنه شيطان؛ لأن الرسول لا يأمر بالشر ولا يأمر بالفحشاء ولا ينهى عن المعروف عليه الصلاة والسلام.

__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:42 AM   #13
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي في المنام.


هل رؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المنام رؤيا صادقة؟


نعم، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي) فإذا رآه في صورته ربعة من الرجال، أبيض اللون مشرب بالحمرة، لحيته كثيفة معتدلة، فيها قليلٌ من الشيب، من أحسن الرجال، بل أحسن الرجال عليه الصلاة والسلام إذا رآه في صورته فهو محمد عليه الصلاة والسلام، إذا كان يعرف صفاته، ومن أدلة ذلك أن يأمره بالخير وينهاه عن الشر، أما إذا أمره بالمعاصي، أو بالبدع، فهذه علامة أنه ليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام، بل هو شيطان من الشياطين، أو رآه على حالة غير صورته عليه الصلاة والسلام فلم يره، إذا رآه حليقاً، أو رآه شاباً ليس له لحية، أو رآه شاباً قد ذهب سواد لحيته بالشيب، أو ما أشبه ذلك، فهذا دليلٌ على أنه لم ير النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه قال: (لا يتمثل في صورتي) والشيطان قد يتمثل بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في صور كثيرة فيدعوهم إلى الشرك بالله عز وجل، لكن لا يستطيع أن يتمثل بصورته عليه الصلاة والسلام، فإذا رآه في صورته عليه الصلاة والسلام فإنه يراه، لكن قد تشتبه عليه الصورة قد لا يعقل الصورة، قد يأمره بالشر بالمعاصي هذا كله دليل على أنه ما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم-، من علامات أن يرى صورته أن يأمره بالتوحيد يأمره بالخير يأمره بطاعة الله ورسوله، هذه من علامات أنه النبي عليه الصلاة والسلام. جزاكم الله خيراً

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بازـ رحمه الله ـ.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
قديم 03-04-2011, 09:42 AM   #14
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

رؤية النبي صلى في المنام.


أود من سماحتكم معرفة: كيف يرى المسلم النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، فأنا أشتاق إلى ذلك اشتياقاً شديداً؟ وضحوا لنا ذلك،


ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي) عليه الصلاة والسلام، وصورته: رَبْعة من الرجال، أبيض اللون مشربٌّّ بحمرة، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالقصير ولا بالطويل عليه الصلاة والسلام، ذا لحية وافية عليه الصلاة والسلام، هكذا وصفه عليه الصلاة والسلام، فمن رآه في المنام على هذه الصورة فقد رآه فإن الشيطان لا يتمثل بصورته عليه الصلاة والسلام، ولكن قد يتمثل الشيطان بصور أخرى يدعي أنه رسول الله أو أنه موسى أو أنه داوود أو أنه فلان وفلان وهو يكذب يغر الناس عدو الله، يتمثل في صور شتى، لكن لا يستطيع أن يتمثل في صورة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالواجب الحذر، فمن رأى ما يكره فليعلم أن ذلك من أعداء الله ومن شياطين أو غيرهم، فإذا رأى ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره، فالمقصود أنه قد يتمثل له في المنام شياطين يضلونه، وقد يرى ما يكره ويزعجه، فهو من الشيطان، فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليقل: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت، ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحداً، نسأل الله العافية.

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بازـ رحمه الله ـ.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً  
إضافة رد

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عراقــة أصل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أبو عادل منتدى سيد الخلق عليه الصلاة والسلام 6 09-26-2015 06:05 AM
صفة نوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أبو عادل منتدى سيد الخلق عليه الصلاة والسلام 6 09-26-2015 05:56 AM
صبر وتضحية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أبو عادل منتدى سيد الخلق عليه الصلاة والسلام 2 09-26-2015 05:55 AM
صبر وتضحية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أبو عادل منتدى سيد الخلق عليه الصلاة والسلام 2 09-26-2015 05:53 AM
تعرّف على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أبو عادل منتدى سيد الخلق عليه الصلاة والسلام 12 09-25-2015 09:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة الكعبة الإسلامية © 2018