ما حكم ضرب الرجال بالدف في الأعراس؟

[أبو عادل]

السؤال:

تزوج أخي منذ شهرين تقريبا وأقام أبي له حفل زفاف بأحد الفنادق ولكن ما أزعجني هو أن أبي أحضر منشدين يضربون بالدف لا غير ، لأن أخي لم يسمح لهم باستخدام أدوات أخرى ثم قلت لأبي أنه لا يجوز ، فرد علي أن الدف جائز في الأعراس فقط ، وأخذ يعطني الأدلة لكنها على ما أعتقد أنها ضعيفة . فهل ترون أن ذلك جائز أم أنه حرام ؟ و إذا كان حراماً هل كان يجب علي عدم حضور العرس؟

الجواب:

الحمد لله
لم يختلف أهل العلم في جواز الضرب بالدف في النكاح للنساء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ : الدُّفُّ وَالصَّوْتُ ٌ) . رواه الترمذي (1008) والنسائي (3316) ، وحسنه الألباني.
وفي البخاري (3700) عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي ، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ : وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُولِي هَكَذَا ، وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ).
قال المهلب : " في هذا الحديث إعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح ". انتهى من "فتح الباري" لابن حجر (9/203).
قال ابن بطال : " اتفق العلماء على جواز اللهو في وليمة النكاح ، مثل ضرب الدف وشبهه ما لم يكن محرمًا ". انتهى من " شرح صحيح البخاري" لابن بطال (7/279)
واختلفوا في حكم الضرب به للرجال في الأعراس :
فمذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة : الجواز ؛ لأن الأحاديث لم تفرق بين الرجال والنساء .
ينظر: "حاشية الدسوقي" (2/301) ، "نهاية المحتاج" (8/298) ، "الإنصاف" للمرداوي (8/ 342) .
وذهب الحنفية ، وبعض العلماء من المذاهب الأخرى إلى اختصاص الضرب به بالنساء ؛ لأن المعهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أن يضرب به النساء لا الرجال ، وهو من الأعمال الخاصة بهن .
ينظر: حاشية ابن عابدين [5 /482] ، المغني لابن قدامة (10/155) .
وقد سبق الكلام عن هذه المسألة وترجيح اختصاص الجواز بالنساء ، كما في جواب السؤال (20406) ، وهو اختيار الحافظ ابن حجر ، وابن قدامة المقدسي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وعليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (19/ 115) .
واختار الشيخ ابن عثيمين أن المسالة راجعة للعرف ، فإن كان العرف في البلد أن لا يضرب به إلا النساء فلا يجوز للرجال الضرب به ، وإن كان العرف أن يضرب به الرجال والنساء ، فلا حرج على الرجال من استعماله في الأفراح .
قال الشيخ ابن عثيمين : " فإذا كان العرف أنه لا يضرب بالدف إلا النساء، فحينئذٍ نقول : إما أن يكره ، أو يحرم تشبه الرجال بهن ، وإذا جرت العادة بأنه يُضرَب بالدف من قبل الرجال والنساء فلا كراهة ؛ لأن المقصود الإعلان ، وإعلان النكاح بدف الرجال أبلغ من إعلانه بدف النساء ؛ لأن النساء إذا دففن فإنما يدففن في موضع مغلق ، حتى لا تظهر أصواتهن ، والرجال يدفون في موضع واضح بارز ، فهو أبلغ في الإعلان ، وهذا ظاهر نص الإمام أحمد رحمه الله ". انتهى من " الشرح الممتع " (12/349).
وبما أن في المسألة اختلاف معتبر بين العلماء ، ولمن قال بالجواز وجه معتبر ، فلا ينكر على من أخذ بالقول بالجواز ، ولا يشدد في هذه المسألة كما يشدد في الإنكار على من استعمل آلات المعازف والطرب .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب.