10-01-2013, 02:21 PM | #1 |
مشرف المرئيات الاسلامية |
محظورات الإحرام
فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: محظورات الإحرام
محظورات الإحرام * حلق الشعر. * تقليم الأظافر. * تغطية الرأس. * لبس المخيط. * الإزار المخيط. * حكم من عجز عن لبس الإحرام. * تغيير لباس الإحرام. * الطيب. * قتل الصيد. * عقد النكاح. * الجماع. * المباشرة. * إحرام المرأة. * البرقع والنقاب. * القفازات والشراب. *تغطية الوجه ولبس الحلي. س 589: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هي محظورات الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: محظورات الإحرام هي الممنوعات بسبب الإحرام، بمعنى المحرمات التي سببها الإحرام، وذلك أن المحرمات نوعان: محرمات في حال الإحرام وحال الحج، وإليها أشار الله تعالى بقوله: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فكلمة (فسوق) عامة تشمل ما كان الفسق فيه بسبب الإحرام وغيره بمحرمات خاصة بسبب الإحرام إذا تلبس الإنسان بالإحرام فإنها تحرم عليه وتحل له في حال الحل. فمن محظورات الإحرام: الجماع وهو أشد المحظورات إثماً وأعظمها أثراً، ودليله قوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فإن الرفث هو الجماع ومقدماته، وإذا وقع الجماع قبل التحلل الأول في الحج فإنه يترتب عليه أمور خمسة: الأول: الإثم، والثاني: الفساد للنسك، والثالث: وجوب الاستمرار فيه، والرابع: وجوب فدية يذبحها ويفرقها على الفقراء. والخامس: وجوب القضاء من العام القادم. وهذه آثار عظيمة تكفي المؤمن في الانزجار عنه، والبعد عنه. ومن المحظورات أيضاً: المباشرة لشهوة والتقبيل والنظر بشهوة، وكل ما كان من مقدمات الجماع؛ لأن هذه المقدمات تفضي إلى الجماع. ومن محظورات الإحرام: عقد النكاح؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب ". ومن محظوراته: الخطبة فلا يجوز لإنسان أن يخطب امرأة وهو محرم لحج أو عمرة. ومن محظورات الإحرام: قتل الصيد، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). ومن محظوراته أيضاً: الطيب بعد عقد الإحرام سواء في البدن، أو الثوب، أو المأكول، أو المشروب، فلا يحل لمحرم استعمال الطيب على أي وجه كان بعد عقد إحرامه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة فمات: "لا تحنطوه " والحنوط أطياب تجعل في الميت عند تكفينه، فأما أثر الطيب الذي تطيب به عند الإحرام فإنه لا بأس به ولا تجب إزالته، لقول عائشة- رضي الله عنها-: "كنت أطيِّب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ". وقالت: "كنت أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم " . ومن محظورات الإحرام لبس الرجل القميص والبرانس والسراويل والعمائم والخفاف، هكذا أجاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل ماذا يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف " إلا من لا يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لا يجد نعلين فليلبس الخفين، وما كان بمعنى هذه المحظورات فهو مثلها فالكوت والفانيلة والصدرية والغترة والطاقية والمشلح كل هذه بمعنى المنصوص عليه، فيكون لها حكم المنصوص عليه، وأما لبس الساعة والخاتم وسماعة الأذن، ونظارة العين، والكمر الذي تكون فيه النقود وما أشبهها فإن ذلك لا يدخل في المنهي عنه لا بالنص ولا بالمعنى، وعلى هذا فيجوز للمحرم أن يلبس هذه الأشياء، وليعلم أن كثيراً من العامة فهموا من قول أهل العلم (إن المحرم لا يلبس المخيط) ، أن المراد بالمخيط ما فيه خياطة، ولهذا تجدهم كثيراً يسألون عن لبس الكمر المخيط، وعن لبس الإزار أو الرداء المرقع وعن لبس النعال المخروزة وما أشبه ذلك، ظنّاً منهم أن العلماء يريدون بلبس المخيط لبس ما كان فيه خياطة، والأمر ليس كذلك، وإنما مراد العلماء بذلك ما يلبس من الثياب المفصلة على الجسم على العادة المعروفة. وتأمل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " لا يلبس القميص ولا السراويل " إلى آخره، يبين لك أن الإنسان لو تلفف بالقميص بدون لبس فإنه لا حرج عليه، فلو جعل القميص إزاراً لفه على ما بين سرته وركبته فإنه لا حرج عليه في ذلك؛ لأن ذلك لا يعد لبساً للقميص. ومن المحرمات في الإحرام: تغطية الرجل رأسه بملاصق معتاد كالطاقية والعمامة والغترة، فأما تظليل الرأس بالشمسية، أو سقف السيارة أو بثوب يرفعه بيديه على رأسه فهذا لا بأس به، لأن المحرم تغطية الرأس لا تظليله، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث لأم الحصين- رضي الله عنها- قالت: (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - راكباً وأسامة وبلال أحدهما آخذ بخطام ناقته، والثاني رافع ثوبه) . أو قال: (ثوباً يظلله به من الحر حتى رمى جمرة العقبة) ، ولا يحرم على المحرم أن يحمل عفشه على رأسه، لأن ذلك لا يعد تغطية، وإنما المراد به الحمل. ومن محظورات الإحرام: أن تنتقب المرأة أي تضع النقاب على وجهها؛ لأن النقاب لباس الوجه، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة أن تنتقب وهي محرمة . فالمشروع للمرأة في حال الإحرام أن تكشف وجهها إلا إذا كان حولها رجال غير محارم لها فإنه يجب عليها أن تستر الوجه، وفي هذه الحال لا بأس أن يلاصق الساتر بشرتها ولا حرج عليها في ذلك. ومن محظورات الإحرام: لبس القفازين وهما جوارب اليدين، وهذا يشمل الرجل والمرأة فلا تلبس المرأة القفازين في حال الإحرام، وكذلك الرجل لا يلبس القفازين لأنهما لباس كالخفين بالنسبة للرجل. ومن محظورات الإحرام أيضاً: حلق الرأس. و حكم هذه المحظورات: الصيد، بين الله سبحانه وتعالى ما يترتب عليه، فقال: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا) فإذا كان هذا الصيد مما له مثل من النعم أي من الإبل، أو البقر، أو الغنم فإنه يذبح مثله في مكة ويتصدق به على الفقراء، أو يجعل بدل المثل طعاماً يشترى ويوزع على الفقراء، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً. أما إذا لم يكن له مثل فإن العلماء يقولون: يخيَّر بين الإطعام والصيام فيقوَّم الصيد بدراهم ويطعم ما يقابل هذه الدراهم الفقراء في مكة، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً. وفي حلق الرأس بيَّن الله- عز وجل- أن الواجب فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك، وبيَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الصيام ثلاثة أيام، وأدت الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك شاة يذبحها ، وهذه الشاة توزع على الفقراء، وحلق الرأس حرام إلا لمن تأذى بالشعر كما سنتعرض له. وهذه الفدية لا يؤكل منها شيء، وتسمى عند أهل العلم فدية الأذى، لأن الله تعالى ذكرها في ذلك حين قال: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) . قال أهل العلم: فدية الأذى واجبة في كل محظور من محظورات الإحرام ما عدا الجماع قبل التحلل الأول في الحج وجزاء الصيد؛ لأن في الأول بدنة، وفي الثاني المثل، أو ما يقوم مقامه، فكل المحظورات عندهم ما عدا ما ذكرنا التي فيها فدية فديتها فدية الأذى، فدخل في ذلك لبس القميص، والسراويل، والبرانس وما أشبهها، وتغطية الرأس للرجل، وتغطية الوجه للمرأة، والطيب والمباشرة وما أشبه ذلك، هكذا قال أهل العلم في هذه المحظورات. س 590: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل تشمل تغطية الرأس أن يضع الناس ورقة أو كرتوناً أو بطانية مثلاً على رأسه؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم، يشمل هذا، ولهذا إذا احتاج لتظليل رأسه فليرفع هذا عن رأسه قليلاً حتى لا يباشره. س 591: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هو الفرق بين النقاب وبين البرقع للمرأة؟ وهل يجوز لبس البرقع؟ فأجاب فضيلته بقوله: البرقع أخص من النقاب؛ لأن النقاب خمار معتاد يتدلى من رأسها ويفتح لعينيها، أما البرقع فإنه قد فصل للوجه خاصة، وغالباً يكون فيه من التجميل والنقوش ما لا يكون في النقاب ولا يجوز لها أن تلبسه أيضاً؛ لأنه إذا منعت من النقاب فالبرقع من باب أولى. س 592: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم ارتكاب المحظورات ناسياً أو جاهلاً؟ فأجاب فضيلته بقوله: الجواب على هذا أن نقول: إن محظورات الإحرام تنقسم إلى أقسام: منها ما لا فدية فيه أصلاً، ومثَّل له العلماء: بعقد النكاح والخطبة قالوا: إن هذا ليس فيه فدية، ومنها ما فديته فدية الأذى، ومنها ما فديته بدنة، ومنه ما فديته جزاء، وكل شيء فيه فدية فإن فاعله لا يخلو من ثلاث حالات. الأولي: أن يفعله عالماً ذاكراً مختاراً بلا عذر، وفي هذه الحال يترتب عليه الإثم، وما يجب فيه من الفدية. الثانية: أن يفعله متعمداً عالماً مختاراً، لكن لعذر فهذا ليس عليه إثم، ولكن عليه فدية، مثل أن يحلق رأسه لأذى أو شبهه. الثالثة: أن يفعل هذه المحظورات ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فهذا ليس عليه شيء لا إثم ولا فدية أيّاً كان المحظور، لعموم قول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) . وقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) . وقوله تعالى في جزاء الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) . فإذا اشترطت العمدية في جزاء الصيد مع أن قتل الصيد إتلاف فما عداه من باب أولى، وعلى هذا فنقول: إذا فعل أحد شيئاً من هذه المحظورات ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فليس عليه شيء لا إثم ولا فدية، ولا يفسد نسكه، ولا يتعلق بذلك شيء أصلاً حتى ولو كان الجماع. س 593: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نرجو توضيح محظورات الإحرام التي يجب على الإنسان تجنبها خلال فترة الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: محظورات الإحرام هي الممنوعات التي يمنع منها الإنسان بسبب الإحرام، ومنها: أولاً: حلق شعر الرأس، لقوله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ، وألحق العلماء بحلق الرأس حلق الشعر من جميع الجسم، وألحقوا به أيضاً تقليم الأظفار، وقصها. ثانياً: استعمال الطيب بعد عقد الإحرام؛ سواء في ثوبه أو بدنه أو في أكله، أو في تغسيله، أو في أي شيء يكون. فاستعمال الطيب محرم في الإحرام، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي وقصته ناقته: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه " . والحنوط أخلاط من الطيب تجعل في الميت. ثالثاً: الجماع، لقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) . رابعاً: المباشرة لشهوة، لدخولها في عموم قوله: (فلا رفث) ولأنه لا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا أن يخطب، فلأن لا يجوز أن يباشر من باب أولى. خامساً: قتل الصيد، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) وأما قطع الشجر فليس بحرام على المحرم إلا ما كان داخل الأميال، سواء كان محرماً أم غير محرم، ولهذا يجوز في عرفة أن يقلع الأشجار ولو كان محرماً، ولا يجوز في مزدلفة ومنى أن يقلعها ولو كان غير محرم، لأن قطع الشجر متعلق بالحرم لا بالإحرام. سادساً: ومن المحظورات في الإحرام أيضاً، وهي خاصة بالرجل لبس القميص، والبرانس، والسراويل، والعمائم، والخفاف، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد سئل ما يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص ولا البرانس، ولا السراويل، ولا العمائم، ولا الخفاف " إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - استثنى من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين. وهذه الأشياء الخمسة صار العلماء يعبرون عنها بلبس المخيط، وقد توهم بعض العامة أن لبس المخيط هو لبس ما فيه خياطة، وليس الأمر كذلك، وإنما قصد أهل العلم بذلك أن يلبس الإنسان ما فصل على البدن، أو على جزء منه كالقميص والسراويل، هذا هو مرادهم، ولهذا لو لبس الإنسان رداءً مرقعاً، أو إزاراً مرقعاً فلا حرج عليه، ولو لبس قميصاً منسوجاً بدون خياطة كان حراماً. سابعاً: ومن محظورات الإحرام وهو خاص بالمرأة النقاب، وهو أن تغطي وجهها، وتفتح لعينيها ما تنظر به، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ، ومثله البرقع، فالمرأة إذا أحرمت لا تلبس النقاب ولا البرقع، والمشروع أن تكشف وجهها إلا إذا مر الرجال غير المحارم بها، فالواجب عليها أن تستر وجهها ولا يضرها إذا مس وجهها هذا الغطاء. وبالنسبة لمن فعل هذه المحظورات ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) ، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ، فهذه النصوص تدل على أن من فعل المحظورات ناسياً أوجاهلاً فلا شيء عليه. وكذلك إذا كان مكرهاً لقوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ) فإذا كان هذا في الإكراه على الكفر، فما دونه أولى. ولكن إذا ذكر من كان ناسياً وجب عليه التخلي عن المحظور، وإذا علم من كان جاهلاً وجب عليه التخلي عن المحظور، وإذا زال الإكراه عمن كان مكرهاً وجب عليه التخلي عن المحظور، مثال ذلك لو غطى المحرم رأسه ناسياً ثم ذكر فإنه يزيل الغطاء، ولو غسل يده بالطيب ثم ذكر وج عليه غسلها حتى يزول أثر الطيب وهكذا. س 594: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حجت والدتي قبل أربع سنوات، ولكن قبل أدائها لفريضة الحج أي في يوم الخامس من ذي الحجة جاءتها العادة الشهرية وقد فكرت هذه الوالدة في تأجيل أداء الفريضة إلا أننا أصررنا على أن تؤديها لأننا كنا على أهبة الاستعداد حيث سمعنا بأنه يجوز للحائض أن تعتمر وتحج إلا أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، وبناء على ذلك اتجهنا إلى مكة المكرمة ولكن الوالدة ارتكبت العديد من المحظورات وهي جاهلة في ذلك فقد قامت بتمشيط شعرها ولا شك بأنه سوف يتساقط الشعر أثناء التمشيط، كلما أنها تنقبت وبعد ذلك قامت بأداء جميع الأركان والواجبات إلا أنها وعندما حان وقت طواف الإفاضة اغتسلت وطافت بالبيت على اعتقادها أنها قد طهرت إلا أنها اكتشفت بأنها لم تطهر حيث عاد نزول الدم مرة أخرى، وعند ذلك تركت طواف الوداع حيث كانت تعتقد بأنه غير واجب عليها، أفتونا مأجورين؟ فأجاب فضيلته بقوله: كل ما فعلته والدة السائلة عن جهل من المحظورات فليس عليها إثم ولا فدية، فمشط رأسها لا يضرها، وانتقابها لا يضرها لأنها كانت في ذلك جاهلة وبقية أركان الحج وهي حائض لا يضرها الحيض شيئاً، ولم يبق عندنا إلا طواف الإفاضة وقد طافت كما في السؤال قبل أن تطهر من الحيض، وحينئذ يجب عليها الآن أن تسافر إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ولا يحل لزوجها أن يقربها حتى تطوف طواف الإفاضة ولكن ينبغي أن تحرم بالعمرة من الميقات وتطوف وتسعى وتقصر للعمرة، ثم بعد هذا تطوف طواف الإفاضة، وإنما قلنا ذلك: لأنها مرت بالميقات وهي تريد أن تكمل الحج، فالأفضل والأولى لها أن تحرم بالعمرة وتتم العمرة، ثم تطوف طواف الإفاضة، ثم ترجع إلى بلدها، فإن رجعت من حين أن طافت طواف الإفاضة فهو كان عن الوداع إلا أن بقيت بعده في مكة فلا تخرج حتى تطوف للوداع. والواجب على الإنسان ألا يقوم بعبادة ولا سيما الحج الذي لا يكون إلا نادراً في حياة الإنسان حتى يعرف ما يجب في هذه العبادة، وما يمتنع فيها، وينبغي أن يعرف أيضاً ما يسن فيها، وما يكره، وأما كونه يمشي بدون هدى فهذا على خطر عظيم، وإذا كان الإنسان لو أراد السفر إلى بلد من البلدان لن يسافر إلا وقد عرف الطريق، فكيف بالسفر إلى الآخرة كيف يخاطر ويمشي في طريق إلى الله؟ ثم إن من الناس من يبقى مدة بعد فعل العبادة ثم يسأل بعد ذلك، وهذا قد يكون معذوراً من جهة أنه لم يخطر بباله أنه أساء فيها ثم مع كلام الناس والمناقشات يتبين له أنه أخطأ فيسأل، ونضرب لهذا مثلاً: كثير من الناس يخفى عليه أن الإنسان إذا جامع زوجته وجب عليه الغسل وإن لم ينزل، فتجده قد عاشر أهله مدة طويلة على هذا الوجه ولا يغتسل ثم بعد سنتين أو ثلاث يسأل، وهذا خطرعظيم؛ لأن هذه الصلاة آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولهذا نقول:- وإن لم ترد في السؤال- إن الإنسان إذا أنزل المني بشهوة وجب عليه الغسل في جماع أو غير جماع، حتى بالتفكير وإذا جامع وجب عليه الغسل سواء أنزل أم لم ينزل، فلذلك ننصح إخواننا إذا أرادوا العبادة أن يتعلموها قبل أن يفعلوها، وإذا قدر أنهم فعلوها بدون سؤال ثم أساءوا فيها فليبادروا بالسؤال حتى تبرأ ذممهم، وحتى يلقوا الله- عز وجل- وهم لا يطالبون بشيء ما أوجب الله عليهم. س 595: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من فعل شيئاً من محظورات الإحرام بعد أن لبس إحرامه هل عليه شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام بعد أن لبس إحرامه وهو لم يعقد النية بعد فلا شيء عليه؛ لأن العبرة بالنية لا بلبس الثوب، ولكن إذا كان قد نوى ودخل في النسك فإنه إذا فعل شيئاً من المحظورات ناسياً، أو جاهلاً فلا شيء عليه، ولكن يجب عليه مجرد ما يزول العذر، ويذكر إن كان ناسياً ويعلم إن كان جاهلاً يجب عليه أن يتخلى من ذلك المحظور، مثال هذا: لو أن رجلاً نسي فلبس ثوباً وهو محرم فلا شيء عليه ولكن من حين ما يذكر يجب عليه أن يخلع هذا الثوب، وكذلك لو نسي فأبقى سراويله عليه ثم ذكر بعد أن عقد النية ولبى فإنه يجب عليه أن يخلع سراويله فوراً ولا شيء عليه، وكذلك لو كان جاهلاً فإنه لا شيء عليه، مثل أن يلبس فنيلة ليس فيها خياطة بل منسوجة نسجاً يظن أن المحرم لبس ما فيه خياطة فإنه لا شيء عليه، ولكن إذا تبين له أن الفنيلة وإن لم يكن فيها توصيل فإنها من اللباس الممنوع فإنه يجب عليه أن يخلعها. والقاعدة العامة في هذا أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه لقوله: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى: قد فعلت، لقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) . ولقوله تعالى في خصوص الصيد وهو من محظورات الإحرام: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ولا فرق في ذلك بين أن يكون محظور الإحرام من اللباس والطيب ونحوهما، أو من قتل الصيد وحلق شعر الرأس ونحوها، وإن كان بعض العلماء فرق بين هذا وهذا، ولكن الصحيح عدم التفريق؛ لأن هذا من المحظور الذي يعرض الإنسان فيه للجهل والنسيان والإكراه، واعلم أن الفدية في حلق الرأس ذكرها الله تعالى في القرآن في قوله: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الصيام ثلاثة أيام، والإطعام إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة، أو سُبع بدنة، أو سُبع بقرة. س 596: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما رأي فضيلتكم في رجل حج بنية القِران فلما طاف القدوم سعى وقصر حيث رأى الناس يقصرون وبقي على إحرامه حتى كمَّل الحجة؟ فأجاب فضيلته بقوله: رأينا أنه لا شيء عليه. فهذا الرجل الذي أحرم قارناً ثم طاف وسعى ورأى الناس يقصرون فقصَّر لا بنية التحلل واستمر على إحرامه، فليس عليه شيء، لأن غاية ما حصل منه أنه قص شعره جاهلاً؛ ففعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً، ومحظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أومكرهاً فلاشيء عليه. س 597: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج قصر من بعض شعره جهلاً منه وتحلل فما يلزمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحاج الذي قصر من بعض شعره جاهلاً بذلك ثم تحلل لا شيء عليه في هذا التحلل لأنه جاهل ولكن يبقى عليه إتمام التقصير لشعر رأسه. وإني بهذه المناسبة أنصح إخواني إذا أرادوا شيئاً من العبادات أن لا يدخلوا فيها حتى يعرفوا حدود الله- عز وجل- فيها، لئلا يتلبسوا بأمر يخل بهذه العبادة، لقوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) ) . وقوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) . فكون الإنسان يعبد الله عز وجل على بصيرة عالماً بحدوده في هذه العبادة خير بكثير من كونه يعبد الله سبحانه وتعالى على جهل، بل مجرد تقليد لقوم يعلمون أو لا يعلمون. س 598: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم تمشيط شعره؟ فأجاب فضيلته بقوله: تمشيط المحرم شعره لا ينبغي، لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر، ولا حرج عليه أن يغسله، وأما تمشيطه فإنه عرضة لتساقط الشعر، ولكن إذا سقط شعر من المحرم بدون قصد إما لحك رأسه أو لفركه وما أشبه ذلك فإنه لا حرج عليه في هذا؛ لأنه غير متعمد إزالته، وليعلم أن جميع محظورات الإحرام إذا لم يتعمدها الإنسان ووقعت منه على سبيل الخطأ، أو على سبيل النسيان فإنه لا حرج عليه فيها، لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) . وقال سبحانه وتعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى: قد فعلت. وفي خصوص الصيد وهو من محظورات الإحرام قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) ) وهذا القيد وهو قوله (متعمداً) يفيد أن من قتله غير متعمد فليس عليه جزاء، وهذا القيد قيد احترازي؛ لأنه قيد مناسب للحكم، وذلك أن المتعمد هو الذي يناسبه إيجاب الجزاء، وأما غير المتعمد فلا يناسبه إيجاب الجزاء لما علم من هذا الدين الإسلامي من أنه دين السماحة والسهولة واليسر، وعلى هذا فنقول: جميع محظورات الإحرام بدون استثناء إذا فعلها الإنسان جاهلاً، أو ناسياً، فإنه لا يترتب عليه شيء من أحكامها لا من وجوب الفدية، ولا من فساد النسك فيما يفسد النسك كالجماع ولا غير ذلك. هذا هو الذي تقتضيه الأدلة الشرعية التي أشرنا إليها، والله الموفق. س 599: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم تقليم الأظافر في الحج والشخص متلبس بالإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: المشهور عند أهل العلم أن تقليم الأظافر في حال الإحرام لا يجوز، قياساً على تحريم الترفه بحلق شعر الرأس، وعلى هذا القول وهو قول جمهور أهل العلم يجب أن نبتعد عن تقليم أظافر اليدين وأظافر الرجلين. س 600: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قمت بتقليم أظافري في اليوم الثامن في منى وعلي إحرامي لأنني كنت أعتقد أن المحظور هو قص الشعر فقط وأن تقليم الأظافر لا شيء فيه، إلا أن شخصاً نبهني على ذلك جزاه الله خيراً لكنه شدد علي تشديداً جداً لأنه قال: لابد من عودتك إلى الميقات أو إلى مكة المكرمة لتحرم من جديد هل هذا صحيح؟ وما الذي يلزمني؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمك شيء في قص الأظافر؛ لأنك قصصتها وأنت تظن أن ذلك لا بأس به، ومن فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً، أو ناسياً، أو غير مختار فلا شيء عليه، ولا فرق بين إزالة الشعر، وتقليم الأظافر والطيب واللبس وغيرها، كلها على حد سواء، إذا فعل الإنسان شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً، أو ناسياً، أو غير مختار له فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وهذا عام، ولقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) . فهذا عام، ولقوله تعالى في المكره: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) فإذا كان المكره على الكفر وهو أعظم المحرمات لا شيء عليه، فما دونه من المحرمات من باب أولى، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه " . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس في النوم تفريط " . وقال تعالى في خصوص الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وبهذه النصوص وغيرها من النصوص نستفيد أن فعل المحظور في العبادة أيّاً كانت إذا كان صادراً عن نسيان، أو جهل فإنه لا شيء فيه ولا يؤثر في العبادة شيئاً، فها هو معاوية بن الحكم- رضي الله عنه- تكلم في صلاته وهو جاهل ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة الصلاة، والحاصل أن هذا الذي قلم أظافره في اليوم الثامن بعد إحرامه لا شيء عليه إطلاقاً. وأما من أفتاه بأنه يجب أن يرجع إلى الميقات، أو إلى مكة ليحرم منها، فإن هذه فتوى باطلة لا أصل لها، وأحذر هنا وفي كل المناسبات أحذر المسلمين من طلبة العلم وغيرهم أن لا يتكلموا في الفتوى إلا إذا كان لهم مستند شرعي؛ لأن المقام مقام خطير والمفتي معبر عن الله سبحانه وتعالى فيما أفتى به فليتق الله. س 601: ما حكم تقليم الأظافر في الحج والشخص متلبس بالإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: تقليم الأظافر في الحج لا ينبغي؛ لأن ذلك من الترفه والحج موضوعه أن يكون الإنسان أشعث أغبر، فلا ينبغي له أن يقلم أظافره، وقد ذهب كثير من أهل العلم أو أكثرهم إلى أن تقليم الأظافر من محظورات الإحرام وأن ذلك حرام عليه، وأنه إذا قلم ثلاثة أظفار فأكثر وجب عليه إما فدية يذبحها ويتصدق بها على الفقراء، وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين صاع، وإما صيام ثلاثة أيام، فعلى كل حال لا ينبغي للمرء أن يعرض نفسه لمثل هذه الأمور التي هي موضع خلاف بين أهل العلم، والتي أجمع العلماء على أنه ينبغي وأنه من المشروع أن يتجنبها. س 602: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أديت فريضة الحج في العام الماضي، وقبل أداء الفريضة يوم ستة من ذي الحجة وأنا محرم قمت بتقصير أظافري، فهل عليَّ كفارة؟ مع العلم بأنني ليس عندي معرفة بذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك كفارة ولا فدية؛ لأنك جاهل لا تدري، وليعلم أن هناك قاعدة شرعية في كتاب الله- عز وجل- وهي رفع المؤاخذة بالذنب لمن كان جاهلاً أو ناسياً، وذلك بقول الله- عز وجل-: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ، فقال الله: " قد فعلت " أي رفع عنا المؤاخذة بالنسيان والخطأ. وهذا عام في جميع محظورات الإحرام، وفي جميع محظورات الصلاة، وفي جميع محظورات الصيام. كل من فعل محظوراً في هذه العبادات عن نسيان أو جهل فإنه غير مؤاخذ به ولا إثم عليه ولا كفارة. فطبق هذه على جميع المحظورات، في العبادات، فلو تكلم الإنسان في الصلاة وهو جاهل فصلاته صحيحة، ولو أكل أو شرب وهو جاهل فصيامه صحيح، أو احتجم وهو صائم وهو يحسب أن الحجامة لا شيء فيها فصيامه صحيح، ولو أفطر الصائم قبل غروب الشمس يظنها غربت ولم تغرب فصيامه صحيح. فهذه القاعدة من الله سبحانه وتعالى وليست من قول البشر، قاعدة من الله عز وجل لعباده، (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله: " قد فعلت ". س 603: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قمت بثقليم أظافري في اليوم الثامن وأنا جاهل، وأثناء تقليمي لها قال لي أحد الجالسين معي في الخيمة: إن هذا حرام وقد بطل إحرامك وعليك أن تعود إلى مكانك في مكة وتحرم من جديد، ولما عرفت منه أن إحرامي بطل أكملت تقليم الأظافر ثم سألت شخصاً فقال لي: لم يفسد إحرامك وإنما عليك نسك وأنا لا أعرف النسك، وخجلت أن أسأله فلم أسأله، أرجو إفادتي عما يأتي أولاً: حكم تقليم الأظافر. ثانياً: حكم المضي وتكميلها. ثالثاً: ما الذي يلزمني؟ فأجاب فضيلته بقول: تقليم الأظافر حال الإحرام ذكر أهل العلم أنه لا يجوز إلحاقاً بذلك في حلق الرأس لما في الجميع من الترفه وإزالة الأذى، وأما بالنسبة لما جرى منك فإنه لا شيء عليك وإحرامك صحيح لا شيء عليك؛ لأنك جاهل لا تدري أن التقليم في هذه الحالة حرام، وكل إنسان يفعل شيئاً من محظورات الإحرام وهو جاهل لا يدري، أو ناسي لا يذكر فإنه لا شيء عليه لا نسك، ولا صدقة، ولا صيام لقوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله تعالي: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تعالى في خصوص الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) . فقوله (متعمداً) يدل على أن غير المتعمد لا جزاء عليه. وأما بالنسبة للذي أفتاك بأن إحرامك فاسد ويجب عليك أن ترجع فتحرم من موضعك فهذه الفتوى خطأ، وإنني أوجه إلى هذا المفتي المتجرىء وإلى أمثاله ممن يتجرأون على الحكم والإفتاء للناس بغير علم إنني أوجه لهم النصيحة بأن يخافوا الله عز وجل وأن يحذروا عقابه، فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) ) فالقول على الله بما لا يعلم منه القول في شريعته بما لا يعلم، فلا يحل لأحد أن يفتي أحداً في شيء إلا عن علم بأن هذا الشيء حكمه كذا وكذا، وأما أن يفتيه بجهل فإن ذلك حرام عليه فليتق الله هؤلاء الجاهلون الذي يفتون الناس بغير علم فيضلوا ويضلوا، فالواجب على المسلم إذا أشكل عليه شيء أن يسأل أهل العلم الذين عرفوا بالعلم والورع والاستقامة، فإنه ليس أيضاً كل من عرف بأنه مفتي يكون أهلاً للفتوى، فإننا نرى كثيراً من العوام يعتمدون في استفتاءاتهم على من ليس عندهم علم، وإنما هم تقدموا مثلاً في إمامة مسجد أو ما أشبه ذلك فظنوا أن عندهم علماً فصاروا يستفتونهم، وهؤلاء بحكم منصبه وإمامته صار الواحد منهم يستحي أن يقول: لا أعلم. وهذا لا شك أنه من جهلهم أيضاً، فإن الواجب على من سئل عن علم وهو لا يعلمه أن يقول: لا أعلم. وقد ذكر بعض من تكلموا عن حياة الإمام مالك بن أنس- رحمه الله- إمام دار الهجرة، أن رجلاً أتاه من بلد بعيد في مسألة أرسله أهل البلد بها إلى الإمام مالك ليسأله فأقام عند مالك ما شاء الله، ثم سأله عن هذه المسألة فقال له مالك: لا أعلم، فقال: إن أهل بلدي أرسلوني إليك، وكيف أقول لهم لا أعلم وأنت إمام دار الهجرة؟ قال: اذهب إليهم وقل: إني سألت مالك فقال: لا أعلم. هذا مع ما أعطاه الله من العلم والإمامة في الدين، فكيف بمن دونه؟! النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً يسأل عن الشيء ولا يجيب عليه، ويجيب الله عنه، وانظر إلى ما في القرآن كثيراً يسألونك فيجيب الله عنه (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) . (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوقف عن الإجابة في ما لم يعلم فيه حكم الله فكيف بغيره من الناس؟! على كل حال نصيحتي لإخواني المسلمين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وأن لا يتجرئوا على الفتوى من غير علم، فإن ذلك ضلال وإضلال، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الثبات والاستقامة، وأن يجعلنا هداة مهتدين. س 604: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه عند النوم؟ فأجاب فضيلته بقوله: إن كان أنثى فمعروف أنه يجوز أن تغطي رأسها، أما إذا كان رجلاً فلا يجوز لا عند النوم ولا في حال اليقظة، لكن لو أنه غطاه وهو نائم ثم استيقظ وجب عليه كشف رأسه ولا شيء عليه؛ لأن النائم مرفوع عنه القلم. س 605: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه للبرد؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز أن يغطيه لكن من خاف ضرراً فهو كالذي يكون به أذى من رأسه يغطيه ويفدي: إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وإما بذبح شاة. س 606: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم تغطية المحرم لرجليه أثناء النوم؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس بذلك، لأنه يجوز للمحرم أن يلتحف بما يغطي جميع بدنه إلا الرأس هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فلها أن تلتحف بكل ما يغطي بدنها ولا حرج عليها، إلا أنها منهية عن لبس النقاب. س 607: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغتسل بدون جنابة؟ وهل يجوز له أن ينغمس في الماء وهل يدخل ذلك في حكم تغطية الرأس؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز أن يغتسل المحرم وإن لم يكن عليه جنابة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل وهو محرم . ويجوز أن ينغمس في الماء ويغمس رأسه ولا حرج في ذلك ولو كان محرماً، لأن الأصل الحل، وليس هذا من تغطية الرأس وذلك أن الانغماس في الماء لا يعد ستراً للرأس والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا تخمروا رأسه " . س 608: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لقد منَّ الله عليَّ وأديت فريضة الحج وحين انتهيت من رمي جمرة العقبة فحلقت رأسي رأيت صديقاً لي وضع رداءه على رأسه فوضعت ردائي على رأسي فهل عليَّ إثم في ذلك يا فضيلة الشيخ؟ وإذا حصل في العمرة بعد الطواف والسعي قبل الحلق أو التقصير؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا الذي صنعت وهو تغطية رأسك وكان ذلك في الحج وبعد أن رميت جمرة العقبة يوم العيد وحلقت رأسك فلا حرج عليك، لأن الرجل الحاج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق أوقصر تحلل من كل شيء من محظورات الإحرام إلا من النساء، وكذلك لو كنت في يوم العيد رميت جمرة العقبة وذهبت إلى مكة وطفت وسعيت ثم وضعت رداءك على رأسك فإنه لا حرج عليك؛ لأنك قد تحللت التحلل الأول. أما إذا كان في العمرة وبعد الطواف والسعي غطى رأسه قبل الحلق أو التقصير جاهلاً فلا شيء عليه؛ لأن الجاهل بالمحظورات ليس عليه شيء، أما إذا تعمد ذلك عن علم فإن أهل العلم رحمهم الله يقولون: إن الإنسان إذا فعل محظوراً لا يفسد النسك ويوجب شاة فإنه في هذه الحال مخير بين أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يفرقها على الفقراء. س 609: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم لبس الكمامة؟ فأجاب فضيلته بقوله: الكمامة للمحرم للحاجة لا بأس بها مثل أن يكون في الإنسان حساسية في أنفه فيحتاج للكمام، أو يمر بدخان كثيف فيحتاج للكمام، أو يمر برائحة كريهة فيحتاج للكمام فلا بأس. أما مجرد رفاهية فإن التحرز هذا يضر البدن ويفقده المناعة بحيث يكون أدنى شيء يؤذيه، فإياك أن تتوهم فإن المرض إلى المتوهم أقرب من السيل إلى منتهاه. س 610: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أثناء السير نهاراً وأنا محرم وضعت طرف الإحرام على رأسي وحينما تيقظت لذلك رفعته من على رأسي ولم أعد لذلك مرة أخرى فهل عليَّ شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك شيء لأنك وضعته ناسياً، والإنسان إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً فإنه لا شيء عليه، ولكن يجب عليه إذا ذكر أن يتخلى عن ذلك المحظور، والدليل على أنه لا شيء عليه قول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى: (قد فعلت) وقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) . س 611: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن تغطية الرجل المحرم رأسه؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يحل للرجل أن يغطي رأسه بملاصق وهو محرم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل الذي وقصته ناقته فمات، قال: "لا تخمروا رأسه "، فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه بملاصق حال الإحرام لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فإذا قال قائل: هذا في الميت، فإننا نقول: لا فرق بين الميت والحي، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً". فدل هذا أن من حالة التلبية يثبت له هذا الحكم، ولا يشترط أن يكون معتاداً، فلو وضع منديلاً على رأسه فإنه يحرم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "لا تخمروا رأسه " فلا فرق بين المعتاد: كالطاقية والغترة والعمامة، وغير المعتاد كالمنديل مثلاً، فإن كان غير ملاصق فهو جائز مثل الشمسية والخيمة ونحو ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن تغطية الرأس لا عن تظليل الرأس، والشيء البائن عن الرأس المبتعد عنه لا يقال إنه غطى الرأس، بل ظلل الرأس، ولهذا قالت أم الحصين: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى يوم العيد راكباً على ناقته ومعه بلال وأسامة وأحدهما يظلله بثوب من الحر حتى رمى جمرة العقبة. فدل هذا على أن التظليل ليس تغطية. فإذا قال قائل: لو وضع الإنسان يده على رأسه هل يحرم؟ الجواب: لا؛ لأن هذا لا يعد ستراً في العادة ولا تغطية، فلو وضع إنسان يده على رأسه من شدة الحر مثلاً وهو محرم فلا بأس. ولو وضع أو حمل عفشه على رأسه وهو محرم فإنه يجوز، لأن هذا لا يسمى ستراً في العادة ولا جرت العادة أن الإنسان إذا أراد أن يخمر رأسه ذهب يحمل المتاع، لكن بعض أهل العلم قال: إن أراد بالحمل أي بحمل المتاع على رأسه إن أراد الستر فإن ذلك حرام؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى" ولكن الظاهر أن ذلك لا يضر مطلقاً، لأن هذا يسمى حملاً ولا يسمى ستراً. س 612: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل أخذ عمرة ثم نسي أن يحلق شعره فلبس المخيط وعندما تذكر حلق شعره؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا شيء عليه لأنه لبس المخيط قبل أن يحل من إحرامه وهو ناسي فلا شيء عليه. س 613: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: سمعنا عنكم جواز لبس الإحرام الذي قد خيط عليه ربقة كالوزرة فهل هذا صحيح؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا صحيح، فالإزار جائز سواء كان مربوطاً بتكة- يعنى ربقة- كما يقول السائل: أو مخيوطاً أو فيه مخابىء أيضاً فيجوز أن يلبس الإنسان إزاراً فيه ربقة، وأيضاً مخيوطاً وأما توهم بعض العوام أن كل ما فيه خياطة فهو حرام فهذا غلط وليس بصحيح، ولذلك يسألون كثيراً عن الحذاء المخروزة هل يجوز لبسها أو لا؟ لأن فيها خياطة فيقال: الإزار جائز على أي صفة كان، والقميص حرام على الرجال على أي صفة كان. س 614: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم وضع لباس الإحرام على هيئة الوزرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج فيه، فلو أن الإنسان خاط الإزار ولبسه فلا حرج في هذا، حتى لو جعل فيه تكة يعنى ربقة يشده بها، وذلك لأنه لم يخرج عن كونه إزاراً والمشروع للمحرم أن يحرم بإزار ورداء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل " ولم يقل: إزاراً لم يخط، أو ليس فيه خياطة فإذا خاط الإنسان إزاره ووضع فيه الربقة وشده على بطنه فلا حرج في هذا. س 615: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججت في إزار مغلق من جميع النواحي غير مفتوح فكان الناس ينكرون ويقولون: هذا لايجوز فما حكمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: الناس ينكرون ما لا يعرفون، وهل الإزار حينما أغلق خرج عن كونه إزاراً؟ أبداً فما دام إزاراً والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فمن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل " فأباح الإزار على كل حال، ومن قال: لا يباح الإزار إذا كان كالوزرة فعليه الدليل، والحديث مطلق غير مقيد، ونظير هذا الشراب الذي فيه شقوق بعض الناس ينكر عليك أن تمسح عليه فنقول ما هو الدليل؟ ما دام يسمى جوربا، والشرع أطلق ولم يقيد- الحمد لله- والله تعالى يعلم كل شيء فلو كان هناك قيود يحتاج إليها المسلم في عباداته لبينها الله عز وجل: إما في الكتاب أو في السنة. ومن أنكر الإزار المسكر فيقال له، ما دليلك على أن الإزار المسكر حرام؟ والسنة جاءت بإباحة الإزار مطلقاً؟ وبعض الناس يتعلق بكلمة مخيط، وهذه ما جاءت في السنة أبداً، لما سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماذا يلبس المحرم؟ قال: "لا يلبس القميص ". والقميص لو كان منسوجاً بدون أي خياطة فهو حرام، والإزار والرداء لو كله مرقع وكله خياطة حلال فكلمة المخيط هذه ما وردت في لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا في لسان أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الصحابة- رضي الله عنهم- أول من نطق بها إبراهيم النخعي وهو من فقهاء التابعين- رحمه الله- وهي كلمة لا تصح بدليل أن الإزار المخيط والرداء المخيط المرقع يجوز وهو مخيط، وأن القميص المنسوج بدون خياطة حرام، وانظر إلى هذه الكلمة كيف أوجبت الإشكال بين الناس الآن يأتي الناس يستفتون يقولون: هل لبس النعل المخروزة والكمر هل يجوز لبسه لأنه مخيط؟ فلو أننا بقينا على ما جاءت به النصوص لسلمنا من الإشكالات. س 616: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم ما يفعله بعض الناس من مسك الإحرام بالدبابيس أو المشابك حتى يصل البعض أن يجعلها كالثياب؟ فأجاب فضيلته بقوله: الأولى ألا يشبك الإنسان رداءه، بل ينسفه على كتفيه، لكن إذا كان يعمل كالطباخ والقهوجي وما أشبه ذلك وأراد أن يزره بمشبك، فلا بأس بذلك، أما ما أشار إليه السؤال من أن بعض الناس يزرّه بمشابك من الرقبة إلى السرة، حتى يكون كأنه قميص، فأنا أشك في جواز هذا؛ لأنه حينذاك يشبه القميص، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم: "لا يلبس القميص ". س 617: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكمة من تجرد المحرم من المخيط في الحج والعمرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: ما معنى غير المخيط، المخيط هو القميص، والسراويل، والبرانس، والعمائم والخفاف لأنها هي التي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن لبسها، وليس المراد ما فيه خياطة. والحكمة من التجرد من أجل أن يكمل ذل الإنسان لربه عز وجل ظاهراً وباطناً، لأن كون الإنسان يبقى في رداء وإزار ذل، تجد أغنى الناس الذي يستطيع أن يلبس أفخر اللباس تجده مثل أفقر الناس لكمال الذل، وأيضاً من أجل إظهار الوحدة بين المسلمين وأنهم أمة واحدة حتى في اللباس، ولهذا يطوفون على بناء واحد، ويقفون في مكان واحد، ويبيتون في مكان واحد، ويرمون في موضع واحد. الفائدة الثالثة: أن الإنسان يتذكر أنه إذا خرج من الدنيا فلن يخرج إلا بمثل هذا، لن يخرج بفاخر اللباس وإنما سيخرج في كفن والله المستعان. س 618: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل الجزمات التي تحت الكعبين تعتبر خفافاً؟ فأجاب فضيلته بقوله: الجزمات تحت الكعبين بعض العلماء يقول: لا بأس بها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين " قال: لأنهما لو قطعا من أسفل الكعبين صارا بمنزلة النعلين. ولكن ظاهر السنة العموم (ولا الخفين) فالصواب أنه حرام وأنه لا يجوز للمحرم أن يلبس كنادر ولو كانت تحت الكعب. س 619: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم يجد نعلين وهو لابس الحذاء فماذا يفعل؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - . لكن في وقتنا- والحمد لله- سيجد نعالاً كثيرة عند الميقات، ولكن ربما لا يجد دراهماً يشتري بها. س 620: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: مع شدة الحر وكثرة المشي يصاب بعض الرجال بالحرق الذي يكون بين الفخذين فهل يجوز للرجل إذا أصابه ذلك أن يلبس السراويل أو يلبس شيئاً قريباً منه لكي يفصل بين لحمه ليقي نفسه لأننا نرى بعض الناس ربما يسيل دمه من ذلك الحرق وهو قد تأذى بذلك فما الحكم ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للإنسان في هذه الحال أن يلف على فخذه لفافة ويربطها من فوق ويسلم من هذا الحرق، فإن لم يتمكن فله أن يلبس السراويل ولكن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء، لقول الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وفي هذه الحال ليس عليه إثم لأنه فعل ذلك للعذر. س 621: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يرغب في أداء العمرة ولكن لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق ومشلول: فهل يستطيع العمرة بثيابه وهل عليه كفارة؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس ما يناسبه من اللباس الآخر والجائز وعليه عند أهل العلم إما أن يذبح شاة يوزعها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام. هكذا قال أهل العلم قياساً على ما جاء في حلق الرأس حيث قال الله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصيام صيام ثلاثة أيام، وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك ذبح. شاة. ويكون الذبح والإطعام في هذه المسألة بمكة احتياطاً، لأن انتهاك محظور اللبس سيستمر إلى التحلل. س 622: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمعتمر أن يضع رباطاً على ركبته لأنه يشعر بألم فيها؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز للمعتمر وللحاج أيضاً أن يربط رجله بسير يشده عليها إن كانت تؤلمه، بل إن لم تؤلمه إذا كان له مصلحة في ذلك، والسير وشبهه لا يعد لباساً. وبالمناسبة أود أن أنبه إلى أمر اغتر فيه كثير من العامة وهو أن بعض العوام يظنون أن المحرم لا يلبس شيئاً فيه خياطة يقول: لا تلبس شيئاً فيه خياطة، حتى إنهم يسألون عن النعل المخروزة يقولون: هل يجوز لبسها؛ لأن فيها خياطة؟ ويسألون عن الرداء أو الإزار إذا كان مرقعاً، هل يجوز لبسه لأن فيه خياطة، وهذا مبني على العبارة التي يعبر بها الفقهاء: أن من المحظور لبس المخيط، فظن بعض العامة أن معناها لبس ما فيه خياطة، بل مراد أهل العلم أن يلبس اللباس المعتاد الذي خيط على البدن كالقميص والسراويل والفنيلة والكوت وما أشبه ذلك، ولو اقتصرنا على تعبير النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حصل عندنا إشكال، فقد سئل ما يلبس المحرم- أي ما هو الذي يليه المحرم فقال: "لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس ولا العمائم، ولا الخفاف " . س 623: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم استخدام الحزام الطبي وذلك أثناء الطواف، فبعض الناس لا يمكنه التحرك والمشي بدونه وهذا الحزام مخيط، فهل يجوز له أن يستخدم ذلك الحزام في الحج؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز أن يستخدم الإنسان هذا الحزام في الحج وفي العمرة أيضاً ولو كان مخيطاً. ويجب أن نعلم أن قول العلماء- رحمهم الله-: يحرم على الرجل لبس المخيط. أن مرادهم لبس القميص والسراويل وما أشبهه، فلهذا يجب أن نفهم كلام العلماء على ما أرادوه، ثم هذه العبارة: "لبس المخيط " ليست مأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قيل: إن أول من قال بها أحد فقهاء التابعين إبراهيم النخعي،- رضي الله عنه- وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقل للأمة لا تلبسوا المخيط. بل سئل: ما يلبس المحرم؟ قال: " لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا العمائم ولا البرانس، ولا الخفاف " ولم يذكر لفظ المخيط إطلاقاً، فيجب أن نفهم النصوص على ما أرادها المتكلم. س 624: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا دخل الأفاقي مكة بدون إحرام من أجل أن يتحايل على ولاة الأمر بعدم إرادة الحج، ثم أحرم من مكة فهل حجه صحيح؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما حجه فصحيح وأما فعله فحرام من وجهين: أحدهما: تعدي حدود الله سبحانه وتعالى بترك الإحرام من الميقات. والثاني: مخالفة أمر ولاة الأمور الذي أمرنا بطاعتهم في غير معصية الله. وعلى هذا يلزمه أن يتوب إلى الله ويستغفره مما وقع، وعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لتركه الإحرام من الميقات على ما قاله أهل العلم من وجوب الفدية على من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة. س 625: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز تغيير لباس الإحرام وذلك لغسله؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للمحرم أن يغير لباسه إلى لباس آخر مما يجوز له لبسه، سواء كان ذلك لحاجة أو لغير حاجة؛ لأن الثوب لا يتعين بالإحرام فيه، أي أنه لو أحرم في ثوب فإنه لا يتعين أن يبقى عليه هذا الثوب حتى ينتهي نسكه، بل له أن يغير الثياب، ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة، وأما ما يظنه بعض الناس من أن الإنسان إذا أحرم بثوب لزمه أن يبقى فيه حتى ينتهي النسك فإن هذا لا أصل له في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في أقوال الصحابة- رضي الله عنهم- بل ولا في كلام أهل العلم، فإذا اتسخ الثوب الذي أحرم فيه الإنسان فلبس غيره مما يجوز له لبسه وغسله أي غسل الثوب الأول فلا بأس. س 626: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من لبس الإحرام وكان تحت الإحرام منشفة فهل عليه في ذلك شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه شيء؟ لأن المنشفة ليست من الثياب التي منعها الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث سئل: ماذا يلبس المحرم؟ قال: "لا يلبس القميص ولا البرانس ولا العمائم ولا الخفاف " فهي ليست من الثياب التي منعها الرسول عليه الصلاة والسلام. س 627: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يلبس المشلح؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز؛ لأنه يشبه البرنس. س 628: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج يشعر بشيء من البول بعد التبول لمدة ربع ساعة ويخشى على ملابس الإحرام، فهل يجوز له أن يرتدي سروالاً قصيراً ثم يخلعه لمدة ربع ساعة؟ فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: قد يكون هذا من الوساوس، يعني قد يوسوس الشيطان للإنسان بأنه أحدث ولم يُحدث، وقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل له: الرجل يخيل إليه يعني أنه أحدث، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" يعني حتى يتيقن، قد تُحس بدبيب في ذكرك من داخل فتظن أنه بول نزل، ولكن لا تلتفت لهذا تلهَّى عنه، وأعرض عنه، إذا كنت تريد أن يعافيك الله منه لا تهتم به، استمر في عبادتك ولا تقل إنك أحدثت، فإنك لم تحدث في الواقع، لكن إذا تيقنت يقيناً مثل الشمس أنه خرج منك شيء فلابد أن تغسل الملابس وتغسل ما أصابه البول من بدنك، وتعيد الوضوء، ولبس السراويل في الإحرام لا يمنع من هذا حتى ولو لبست فإنه لا يمنع أن ينزل البول مع السراويل أيضاً فأبق على الإزار ولا تلبس السراويل، وإذا قدّر أن الإزار تنجس فاخلعه واغسله؛ لأنه يجوز للإنسان أن يخلع ثياب إحرامه ويعيدها مرة ثانية. س 629: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم استبدال المحرم لباس الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: تبديل المحرم لباس الإحرام بثوب يجوز لبسه في الإحرام لا بأس به، سواء فعله لحاجة أو لضرورة، أو لغير حاجة ولا ضرورة. فأما فعله للضرورة فمثل أن ينجس ثوب الإحرام وليس عنده ماء يغسله به فهنا يضطر إلى تبديله بثوب طاهر؛ لأنه لا تصح منه صلاة إلا بثياب طاهرة، ومثال الحاجة أن يتسخ ثوب الإحرام فيحتاج إلى غسل فهنا يخلعه ويلبس ثوباً آخر مما يجوز لبسه في الإحرام، ومثال ما لا حاجة ولا ضرورة أن يبدو للإنسان أن يغير لباس الإحرام بدون أي سبب فله ذلك ولا حرج إذا غيره بما يجوز لبسه. س 630: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغتسل من أجل النظافة؟ وهل يجوز أن يغير ثياب الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: المحرم يجوز له أن يغتسل من أجل النظافة، لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل وهو محرم ، ويجوز للمحرم أن يغير ثياب الإحرام إلى ثياب أنظف منها أو أجدد ويجوز له أيضاً أن يترفه بالتكييف وغيرها من أسباب الراحة. س 631: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يغير ثوب الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز أن يغيره، فيجوز أن يغير الرداء أو الإزار أو المرأة تغير ثيابها إلى لباس جائز ولا حرج في ذلك. لأن الأصل الحل والجواز حتى يقوم الدليل على المنع. س 632: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل اتسخ رداؤه فأراد أن يخلعه ليغسله هل هذا جائز؟ وهل يجوز أن يجعل فيه طيباً قبل أن يلبسه ثانياً؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز أن يخلع رداء ليغسله وإذا خلعه فلا يجوز أن يضع فيه طيباً؛ لأنه لا يجوز للمحرم أن يستعمل الطيب ابتداءً، فإذا خلع رداءه فلا يجوز أن يعيده مطيباً. س 633: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من محظورات الإحرام لبس المخيط فما حكم لبس النعال المخروزة؟ فأجاب فضيلته بقوله: أهل العلم عندما ذكروا من محظورات الإحرام لبس المخيط لم يريدوا بذلك لبس ما كان فيه خياطة، وإنما أرادوا بذلك ما يصنع على البدن من الملبوسات كالسراويل والقميص، وأما ما فيه خياطة فإنه جائز إذا كان يجوز لبسه في الإحرام مثل النعال التي فيها خرازة، ومثل الكمر الذي يجعل فيه النفقة، وكذلك إذا انشق الإزار وخاطه فإنه لا بأس في ذلك، وكثير من العامة يفهمون من لبس المخيط أنه لبس ما فيه خياطة وليس الأمر كذلك، وإنما لبس المخيط أن يلبس الإنسان ما يصنع على البدن من الملبوسات، أو على جزء منه كما مثلنا أولاً، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم؟ قال: "لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف ". س 634: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شخص أحرم بالعمرة ونسي أن يخلع السراويل فما حكمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه شيء، لقول الله تبارك وتعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وهنا قاعدة مفيدة (جميع المحرمات في العبادات وغير العبادات إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه) فلو تكلم الإنسان وهو يصلي ناسياً فصلاته صحيحة، لو أكل وهو صائم ناسياً فصيامه صحيح، جميع المحرمات سواء كانت في العبادات أو خارج العبادات إذا فعلها الإنسان جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فلا شيء عليه لقول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) . فقال الله تعالى: قد فعلت. س 635: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل في الحج يوم النحر ذهب ليرمي جمرة العقبة وقبل أن يرمي جمرة العقبة أصيب بحجر في رأسه وسال الدم ففسخ ملابس الإحرام ولبس المخيط جاهلاً فهل عليه شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه شيء أبداً، وكل محظورات الإحرام، ومحظورات الصيام، ومحظورات الصلاة كلها إذا فعلها الإنسان جاهلاً، أو ناسياً فلا شيء عليه، قال الله عز وجل: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) . وقال الله تعالى: (قد فعلت) . س 636: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل مصاب بشرخ في الشرج ويلبس السراويل ويضع القطن حتى لا يحصل التهاب فهل يجوز له إذا أحرم أن يلبس السراويل من أجل هذا العذر؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز له أن يلبس السراويل في الحج من أجل هذا العذر، ولكن عليه أن يفدي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو أن يذبح شاة يوزعها على فقراء مكة، وذلك، لأن الله سبحانه تعالى يقول: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وهذه نزلت في كعب بن عجرة- رضي الله عنه- عندما مرض وكثر الأذى في رأسه فأباح الله له ولأمثاله أن يحلق رأسه ويفدي بأحد هذه الأمور الثلاثة بالتخيير إن شاء الإنسان صام ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو ذبح شاة في مكة وتصدق بها على الفقراء. س 637: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم استعمال المظلة للمحرم؟ وكذلك الحزام مع العلم أن فيه خياطة؟ فأجاب فضيلته بقوله: حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس لا بأس به ولا حرج فيه، ولا يدخل هذا في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تغطية الرأس- رأس الرجل- لأن هذا ليس تغطية بل هو تظليل من الشمس والحر، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معه أسامة بن زيد، وبلال أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوباً يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة، وفي رواية (والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشمس) وهذا دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل أما وضع الحزام على إزاره فإنه لا بأس به ولا حرج فيه وقول السائل: مع أنه مخيط. هذا القول مبني على فهم خاطىء من بعض العامة حيث ظنوا أن معنى قول العلماء: "يحرم على المحرم لبس المخيط " ظنوا أن المراد به ما كان فيه خياطة، وليس كذلك بل مراد أهل العلم بلبس المخيط ما كان مصنوعاً على قدر العضو ولبس على هيئته المعتادة كالقميص والسراويل والفنيلة وما أشبه ذلك؛ وليس مراد أهل العلم ما كان به خياطة، ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع، أو بإزار مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس، وإن كان قد خيط بعضه ببعض. س 638: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أحرمت بابني الصغير الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات وواجهته صعوبات فألبسته المخيط. فما العمل؟ فأجاب فضيلته بقوله: الإحرام بالصغار جائز، فقد رفعت امرأة صبيّاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ألهذا الحج؟ قال: "نعم ولك أجر" وإذا ثبت له الحج فالعمرة كذلك، لأن العمرة حج أصغر - كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال عليه الصلاة والسلام: "دخلت العمرة في الحج " وقال ليعلي بن أمية: "اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك " . وإذا كان الصغير ذكراً فإنه يلبس إزاراً ورداءً، وإن كانت أنثى فتلبس ما تلبس الأنثى، وليس للمرأة ثوب معين للإحرام بخلاف الرجل. وقد اختلف أهل العلم فيما يحدث من كثير من الأطفال، حيث يجدون المشقة في النسك فيمتنعون عن إكماله، فذهب بعضهم إلى أنه يلزم إتمامه، وبعضهم إلى أنه لا يلزم، فإذا طرأت مشقة أو تعب على وليه أو عليه جاز أن يتحلل، وهذا مذهب أبي حنيفة- رحمه الله-، وهو قول قوي جداً، ذلك لأن الصبي مرفوع عنه القلم، كما جاء في الحديث: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ... " . س 639: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يكثر سؤال بعض الركاب على الرحلات الجوية أنهم تركوا ملابس الإحرام في حقائب السفر، فكيف يحرمون؟ فأجاب فضيلته بقوله: يحرم هؤلاء الذين تركوا ملابس الإحرام في حقائب السفر في جوف الطائرة بخلع الثياب العليا، وهي القميص ويبقون في السراويل، ويجعلون الثوب الأعلى بمنزلة الرداء، يعنى يلفه على بدنه، ويلبي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي لم يجد الإزار: "فليلبس السراويل ". فإذا نزلوا فليبادروا بلباس الإزار، وإذا كان عليه بنطلون فيخلع القميص بلازم أن يخلع الملابس الداخلية من السراويل. س 640: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قلتم في الفتوى السابقة: يخلع الثياب العليا ويبقى في السراويل لكنه يخشى إذا فعل ذلك أن يتهم في عقله مما يسبب له الإحراج أمام الناس فما رأيكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: رأيي أنه لا يتهم بأنه مصاب في عقله؛ لأنه سيقول: لبيك اللهم لبيك. وإذا قال هذا عرف حاله. س 641: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم لبس الساعة للمحرم في يده هل هو من محظورات الإحرام أم لا؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس من المحظورات لبس الساعة، لأن الأصل هو الحل، ونقول لمن قال: إنه من المحظورات هات الدليل فإذا جاء بالدليل وإلا فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يلبس القميص، والسراويل، ولا العمائم، ولا البرانس ولا الخفاف " . ومعناه ما سوى ذلك حلال يلبس، ولا يجوز لأحد أن يضيق على عباد الله فيمنعهم مما لم يحرمه الله؛ لأن الله يقول: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) والحاكم بين عباده هو الله تعالى، فليس لنا أن نقول هذا ممنوع إلا بدليل؛ لأن الله سوف يسألنا لماذا منعتم عبادي من كذا وأنتم لا تعلمون. ونقول أيضاً لبس الخاتم أنتم تقولون إنه جائز، وأي فرق بين لبس الخاتم الذي يوضع على الإصبع محيطاً به، وبين وضع الساعة التي توضع على الذراع محيطة بها. هل هناك فرق كل منهما محيط. ولو جاءنا رجل وقال: ما تقولون في لبس نظارة العين حلال أم حرام؟ فنقول: حلال، والدليل عدم الدليل، فإذا لم يكن هناك دليل على المنع فالأصل الحل، فإذا جاء رجل آخر وقال: إنه لا يسمع سمعاً قوياً وأنه يلبس سماعة في إذنه فهل يجوز؟ فنقول: نعم يجوز. فإذا قال قائل: هذا ممنوع. قلنا: هات الدليل وإلا فالأصل الحل. وإذا جاءنا رجل وقال: أنا ما عندي أسنان أسناني ساقطة وقد اتخذت أسناناً مركبة صناعية فهل يجوز أن ألبسها وأنا محرم؟ نعم يجوز، فإذا قال قائل: ما الدليل نقول له الدليل عليك أنت، إذ قلت إنه ممنوع فعليك الدليل وإلا فالأصل هو الحل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل ماذا يلبس المحرم؟ أجاب عما لا يلبس، فكأنه قال للسائل: البس كل شيء ما عدا هذه الأشياء، فإذا ادعى مدعٍ أن هذا ممنوع فإن كان من هذه الأشياء أو بمعنى هذه الأشياء قبلنا قوله بأنه ممنوع، وإلا رفضنا قوله إنه ممنوع. ولتعلم أن العطاء أحب إلى الله من المنع، وأن الحل أحب إلى الله من التحريم، وأن التيسير أحب إلى الله من التعسير. وهذه ثلاث قواعد أحب أن تفهم؛ لأنها تفيد فائدة عظيمِة في كثير من مسائل الدين. س 642: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تطيبت وتكحلت بعد أن أحرمت ناسية فما الحكم في ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليها شيء، لكن الطيب تزيله متى ذكرت، أما الكحل فلا يضر لأنه ليس محرماً في الإحرام، ثم إنني أقول إن جميع المحرمات في العبادات إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه، سواء في الصلاة، أو في الصيام، أو في الحج، فلو قدر أن الإنسان في الحج جامع زوجته ليلة مزدلفة بناء على أنه لما وقف بعرفة انتهى الحج متوهماً معنى فاسداً من الحديث الصحيح "الحج عرفة" قال وقفنا بعرفة وانتهى الحج وجامع زوجته ليلة مزدلفة فلا شيء عليه، لا فدية، ولا فساد حج، ولا قضاء حج، لأنه جاهل، هكذا نقول في جميع المحظورات فلو قتل صيداً وهو جاهل، فلا شيء عليه، ولو تكلم في الصلاة يظن أن الكلام لا بأس به، مثل نادته أمه وهو يصلي فظن أن جواب الأم واجب ولو في الفريضة فتكلم وهو لا يعتقد أنه يبطل الصلاة فصلاته صحيحة، وفي الصيام لو أكل يظن أن الشمس قد غربت ثم تبين أنها لم تغرب فصيامه صحيح، فهذه قاعدة (كل من فعل شيئاً محرماً في العبادة ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فليس عليه شيء، لا إثم، ولا قضاء، ولا كفارة) لقول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى "قد فعلت "، ولقوله تعالي: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) ولقوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) . س 643: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججت هذا العام المنصرم وبعد ما نويت العمرة وأنا جالس في السيارة ركب أحد الركاب وطيب من بجواري ثم وضع على يدي الطيب وأنا أعرف الحكم ولكني جاملته فقط وبعدما ما ذهب مسحته بقماش فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للإنسان أن يجامل أحداً في معصية الله عز وجل، فيعصي الله من أجل المجاملة، فالواجب عليك حين عرض عليك الطيب، أن تقول إنه لا يجوز للمحرم الطيب. وهذا الرجل قد يخفى عليه أن المحرم يحرم عليه استعمال الطيب، وربما ينسى فيطيبك، ففي هذه الحال يجب عليك أن تقول: يا أخي إن الطيب محرم على المحرم، وبناء على أنك لم تفعل هذا وجاملته في معصية الله فإنه يجب عليك أن تتوب إلى الله مما صنعت، والعلماء يقولون: يجب عليك واحد من أمور ثلاثة: إما ذبح شاة في مكة تتصدق بها على الفقراء، وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع بمكة أيضاً، وإما أن تصوم ثلاثة أيام ولو في بلدك، وقالوا أيضاً: يجوز أن يذبح الشاة وأن يطعم المساكين في مكة، ويجوز في المكان الذي فعل فيه المحظور. س644: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعد ما لبست ملابس الإحرام ونويت وأنا في الميقات جاء أحد الأخوان وناولني الطيب فطيب رأسي ولحيتي وأنا جاهل فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يتطيب الإنسان بعد لبس الإحرام إذا كان لم يعقد النية، أما إذا عقد فإنه لا يتطيب. أما في تلك المسألة فليس عليك شيء؟ لأن الله يقول: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وأنت لم تتعمد أن تأخذ الطيب، وظننت أن هذا جائز فلا شيء عليك، لكن في المستقبل متى نويت فلا تطيب حتى ولو أنك في الميقات. س 645: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم استعمال المناديل المبللة بالطيب وكذلك معجون الأسنان والصابون؟ فأجاب فضيلته بقوله: المناديل المبللة بالطيب لا يجوز استعمالها، في حال الإحرام إلا إذا حل التحلل الأول بأن رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر. وأما معجون الأسنان فلا بأس به لأن رائحته ليست رائحة طيب، ولكنها رائحة زكية ونكهة طيبة، وكذلك الصابون لا بأس باستعماله؛ لأنه ليس طيباً ولا مطيباً، ولكن فيه رائحة زكية طيبة من أجل إزالة ما يعلق باليد منه من الرائحة التي قد تكون كريهة. س 646: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم استعمال المناديل المعطرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: المناديل المعطرة إذا كانت رطبة وفيها طيب رطب يعلق باليد فلا يجوز للمحرم أن يستعملها، أما إذا كانت جافة وكانت مجرد رائحة تفوح كرائحة النعناع والتفاح فلا بأس. س 647: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج مس الركن اليماني وكان مطيباً فهل عليه شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان فيه طيب يعلق باليد فإنه لا يجوز للمحرم أن يمسحه بيده لأنه إذا مسحه علق الطيب بيده، والمحرم يحرم عليه استعمال الطيب، لكن لو فرض أن الرجل لم يعلم ومسحه ووجده عالقاً بيده فإنه يمسح يده بكسوة الكعبة. س 648: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم شرب المحرم للماء الذي وضع فيه ماء الورد أو النعناع؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما ماء الورد فلا يجوز أن يشرب الإنسان من الماء الذي فيه ماء الورد متى كانت رائحته باقية وأما النعناع فلا بأس؛ لأنه رائحته ليست طيباً ولكنها رائحة نكهة طيبة فهي من جنس رائحة التفاح والاترنج وما أشبهها. س 649: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت مع أهلها لأداء العمرة فلم يتسنَّ لها القص بعد السعي فذهبت إلى جدة مع أهلها فأبدلت ملابسها وشكّت أنها تطيبت ثم قصَّت بعد ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذه المرأة ليس عليها شيء لأنها لم تفعل محظوراً من محظورات الإحرام، حيثما إنها تقول: شكَّت هل تطيبت أم لا؟ والأصل براءة الذمة وعدم التطيب، والتقصير والحلق ليس له مكان، يجوز في كل مكان سواء في مكة أوفي بلد آخر، ولكن إذا لم يحلق أو يقصر بقي عليه من محظورات الإحرام ما بقي والأولى المبادرة حتى لا ينسى. س 650: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا تطيب الرجل قبل أن يلبس لباس الإحرام ولكن أثره لا يزال باقياً فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: الإنسان إذا تطيب قبل الإحرام وبقي أثر الطيب عليه بعد الإحرام فلا بأس، قالت عائشة- رضي الله عنها- كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم . س 651: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز وضع الطيب على ثياب الإحرام قبل الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا تطيب ثياب الإحرام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا يلبس المحرم ثوباً مسه الزعفران " والزعفران نوع من الطيب، قال بعض أهل العلم: إنه يكره للإنسان أن يطيب ثياب الإحرام وهذا قبل عقد الإحرام، وقال بعض أهل العلم: إنه يحرم أن يطيب ثياب الإحرام قبل عقد الإحرام. أما تطييب بدنه فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل للإحرام طيب رأسه ولحيته. وهذا سنة قالت عائشة- رضي الله عنها- "كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولطوافه قبل أن يطوف بالبيت " وقالت: كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم. والخلاصة أن ثياب الإحرام لا تطيب، وأما بدن المحرم فإنه يتطيب في رأسه ولحيته وهذا كله قبل عقد الإحرام، أما بعد عقد الإحرام، فلا يتطيب لا في بدنه ولا في ثيابه ولا يمس شيئاً فيه طيب. س 652: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعض الحلاقين عندما ينتهي المعتمر أو الحاج من العمرة والحج يضع نوعاً من الطيب فما حكم ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان جاهلاً فلا شيء عليه سواءً كان الجاهل هذا الحلاق أو المحلوق، أما إذا كان المحلوق عالماً بأن فيه طيباً فإنه يمنعه؛ لأنه لا يحل إلا إذا حلق أو قصر بعد السعي. س 653: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: حاج بعد أن رمى جمرة العقبة يوم العيد وقبل الحلق والطواف وجد رجلاً يبيع طيباً فشمه بقصد الشراء فهل عليه شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الإنسان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، ثم إن شم الطيب بعض العلماء يقول: إذا كان شم الطيب من أجل أن يعرف جودته وهل هو طيب أو رديء، فلا بأس به، هذا إذا لم يقصد التمتع برائحته. س 654: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعض الناس إذا انتهى من العمرة وأراد الحلق وقبل حلق رأسه يضع عليه الحلاقون شيئاً من العطر أو الصابون وله رائحة زكية فه يعتبر هذا من محظورات الإحرام أو أنه في طريق الإزالة فيعفى عنه؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان طيباً فيمنعه منه، أما إذا كان مجرد رائحة زكية كرائحة النعناع وأشباه ذلك فلا بأس بها حتى لو كان في صلب الإحرام. س 655: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يستعمل المحرم الصابون؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للمحرم أن يتنظف بالصابون بشرط أن لا يكون الصابون مطيباً، فإن كان الصابون مطيباً فإنه لا يجوز للمحرم أن يتنظف به لا في يديه ولا في رأسه ولا في بقية جسده؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة فمات رضي الله عنه فجاؤا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه فقال - صلى الله عليه وسلم - : " اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه ". وفي رواية " ولا وجهه ولا تحنطوه " وفي هذا الحديث أمران ونهيان، فالأمران: " اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه " والنهيان في قوله: "لا تخمروا رأسه ولا تحنطوه " وعلة ذلك بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً " وهذا دليل على أن المحرم لا يجوز أن يستعمل الطيب، وفيه أيضاً دليل على مسألة مفيدة جداً وهي أن الحاج إذا مات محرماً فنكفنه بإزاره وردائه الذي هو محرم فيهما، ونبقي رأسه مكشوفاً كالمحرم سواء؛ لأن هذا الثوب مات فيه متلبساً بالعبادة، فهو كثياب الشهداء، فإن ثياب الشهداء لا تنزع، وإنما يكفن الشهيد في ثوبه كما أمر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهداء أحد، والمهم أن المحرم لا يتنظف بالصابون المطيب، ولا يستعمل طيباً، ولكن يشرع للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيّب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت " متفق عليه . س 656: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم التنظف للمحرم بصابون أو شامبو ذي الرائحة؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس باغتسال المحرم فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل وهو محرم . وأما الشامبو فالظاهر أن رائحته ليست عطرية، وإنما هي رائحة ونكهة محبوبة للنفس كما في النعناع وورق التفاح وما أشبه ذلك، والمهم أن ما كان طيباً لا يجوز استعماله للمحرم. س 657: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الاغتسال بالصابون المعطر وقت الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس به؛ لأن هذه الرائحة ليست طيباً ولا تستعمل للطيب إنما هي لتطييب النكهة فقط. س 658: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم أن يشرب القهوة التي بها زعفران؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كانت قد بقيت رائحة الزعفران فلا يجوز استعماله للمحرم؛ لأن الزعفران من الطيب، أما إذا كانت ذهبت رائحته بالطبخ فلا بأس به. س 659: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: كنا محرمين وفي طريقنا إلى مكة شربنا الشاي والقهوة وكان في القهوة زعفران فهل يلزمنا شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان ذلك عن جهل منهم فإنه لا يلزمهم شيء، وإذا كان عندهم شك في هل هذا زعفران أو لا فلا يلزمهم شيء، وإن تيقنوا أنه زعفران وقد علموا أن المحرم لا يجوز أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران فإنه إن كانت الرائحة موجودة فقد أساءوا، وإن كانت غير موجودة وليس فيه إلا مجرد اللون فلا حرج عليهم في هذا. فإنني وبهذه المناسبة أود أن يعلم أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه، لا إثم، ولا فدية، ولا جزاء. فلو أن أحداً قتل صيداً في الحرم، أو بعد إحرامه وهو لا يدري أنه حرام، أو يدري أن قتل الصيد حرام لكن لا يدري أن هذا الصيد مما يحرم صيده فإنه لا شيء عليه، كذلك لو أن رجلاً جامع زوجته قبل التحلل الأول يظن أن لا بأس به فلا شيء عليه، وهذا ربما يقع في ليلة مزدلفة بعد الانصراف من عرفة، فإن بعض العوام يظنون أن معنى الحديث "الحج عرفة" أنه إذا وقف الإنسان بعرفة فقد انتهى حجه وجاز له أن يجامع زوجته ليلة مزدلفة ظناً منه بأن الحج انتهى، فهذا ليس عليه شيء، لا فدية، ولا قضاء، ودليل هذا قوله تبارك وتعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى: (قد فعلت) . وقوله تبارك وتعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تبارك وتعالى في الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وفي الصيام قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " فهذه القاعدة العامة التي منّ الله بها على عباده تشمل كل المحرمات إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فليس عليه إثم، وليس فيها فدية ولا كفارة. س 660: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم قتل الصيد حال الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للمحرم أن يقتل الصيد سواء في داخل الحرم أو في خارج الحرم، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أي محرمين، وعلى هذا فلو أنه رأى صيداً وهو واقف بعرفة وأراد أن يصطاده فإن هذا حرام، ولو رآه وهو في الحرم وأراد أن يصطاده قلنا: هذا حرام من وجهين: الوجه الأول: أنك محرم. الوجه الثاني: أنك في الحرم. والصيد هو حيوان البر الحلال المتوحش أصلاً، فقولنا حيوان البر، يخرج به حيوان البحر، فلا يحرم على المحرم أن يصطاد السمك، فلو فُرض أن هذا الرجل أحرم في جده وذهب إلى البحر واصطاد سمكاً فإن ذلك جائز؛ لأن هذا ليس حيوان بر بل هو حيوان بحر، ولهذا قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) . اشترطنا أن يكون حيوان البر الحلال، احتياطاً من الحرام، فلا يحرم على المحرم أن يقتل حيواناً حراماً كالذئاب والسباع وشبهها، لأنها ليست صيداً شرعاً. واشترطنا أن يكون متوحشاً أصلاً والمتوحش الذي ليس بأليف، الذي ينفر من الناس ولا يألفهم ولا يركن إليهم بل يفر ويهرب مثل: الظباء والأرانب والحمام والوز وغير ذلك من الأشياء التي تعتبر متوحشة، وقولنا أصلاً دخل فيه ما لو استأنس الصيد وصار أليفاً فإنه لا يجوز صيده أو لا يجوز ذبحه، فلو استأنس الأرنب فلا جوز للمحرم أن يذبحه، لأن أصله صيد، ولهذا قلنا: المتوحش أصلاً، فأصل هذا صيد، فلا يجوز للمحرم أن يذبحه، ولو توحش حيوان أليف مثل أن يهرب الكبش ويكون كالصيد يفر إذا رأى الناس فلا يعتبر صيداً يحرم قتله على المحرم، لأنه غير متوحش في أصله والتوحش طارىء عليه، فإذا ند البعير أو هرب الكبش وأدركه الإنسان وهو محرم فإنه يحل له أن يرميه ويكون حلالاً لأنه ليس بصيد، لأن كون الصيد والمتوحش أصلاً. س 661: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يحرم على المحرم صيد البحر فمثلاً لو أحرم ومر بالبحر فصاد سمكاً فهل يحرم عليه؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يحرم على المحرم صيد البحر لقول الله عز وجل: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) . س 662: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرم قتل النمل؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا آذى النمل فيجوز قتله سواء في عرفة أو في منى، أو في مزدلفة، أو في وسط الحرم أو في أي مكان، ولكن بدون سبب فلا تقتل؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد . س 663: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم عقد النكاح للمحرم وإذا وقع فهل يصح العقد؟ فأجاب فضيلته بقوله: يحرم عقد النكاح سواء كان المحرم الولي، أو الزوج، أو الزوجة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا ينكح المحرم ولا ينكح " ولا يصح العقد لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل لابد من عقد جديد، ولو قدر أنه دخل بالزوجة بعد الإحلال وأنجبت فيكون وطؤه بشبهة وأولاده شرعيون. س 664: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم عقد النكاح للمحرم؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للمحرم أن يعقد النكاح لنفسه، ولا لغيره، ولا يجوز أن يُعقد عليه فلا يزوَّج الرجل ابنته وهو محرم، فإن ذلك حرام عليه والنكاح فاسد غير صحيح، ولو تزوج هو بنفسه، فإنه حرام عليه والنكاح فاسد، ولو عقد على ابنته المحرمة وهو محرم فالنكاح فاسد ولا يصح وهو آثم والنكاح غير صحيح. وكذلك الخطبة، فلا يحل لإنسان أن يخطب امرأة وهو محرم؛ لحديث عثمان بن عفان- رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينكح محرم، ولا يُنكح، ولا يخطب، ولا يخطب عليه " أيضاً فلا يجوز لإنسان محرم أن يخطب امرأة ولا يجوز أن تخطب المرأة المحرمة فإن فعل وخطب امرأة وهو محرم، فليس له حق في هذه الخطبة، يعني فيجوز لإنسان آخر أن يخطب هذه المرأة، لأن خطبة هذا الرجل المحرم فاسدة غير مشروعة فلا حق له، مع أن الخطبة على خطبة أخيه في الأصل حرام، لكن لما كانت الخطبة خطبة المحرم خطبة فاسدة صار لا حق له في ذلك، وجاز لغيره أن يخطب هذه المرأة، يعني خطبة المحرم لها خطبة منهي عنها لا أثر لها ولا يترتب عليها أحكام الخطبة. س 665: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: سمعنا أنك سئلت عن رجل رجع عن عمرته وهو لم يحلق إما ناسياً أو جاهلاً ثم عقد على امرأة فلما سئلت قلت: العقد باطل فهل هذه الفتوى صحيحة؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذه الفتوى غير صحيحة لكن من حج ورمى وحلق وطاف وسعى حل التحلل كله، وجاز أن يعقد على النساء، فأما إذا رمى وطاف وسعى ولم يحلق فإنه لم يحل التحلل الثاني، وحينئذ إذا عقد على امرأة كان عقده غير صحيح هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة أنه إذا عقد على امرأة قبل أن يتحلل التحلل الثاني فالعقد غير صحيح فلابد من إعادته، لكنْ هناك قول يقول بالصحة، وأنه إذا حل التحلل الأول حرم عليه جماع النساء دون العقد عليهن، فعلى المذهب نقول: يجب عليك أن تجدد العقد، وعلى القول الثاني لا يجب، فمن جدد العقد احتياطاً فهو أحسن، ومن لم يجدده فأرجو أن لا يكون في نكاحه بأس. س 666: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ورد في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة- رضي الله عنها- وهو محرم، ومن المعلوم أن المحرم يحرم عليه عقد النكاح فما الجواب عن هذا الحديث؟ فأجاب فضيلته بقوله: الراجح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة - رضي الله عنها- وهو حلال، وذلك أن ميمونة نفسها أخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال كما ثبت ذلك في صحيح مسلم وأيضاً فإن أبا رافع- رضي الله عنه- السفير بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وميمونة رضي الله عنها أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، وصاحب القصة أدرى بها من غيره. وأما حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- فهو حديث صحيح ولكن ابن عباس- رضي الله عنهما- لم يعلم بالزواج إلا بعد إحرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فظن أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو محرم. س 667: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ماذا يجب على الرجل إذا واقع زوجته وهو محرم؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا واقع الرجل زوجته وهو محرم فإما أن يكون محرماً بعمرة أو محرماً بحج. فإن كان محرماً بعمرة عليه شاة يذبحها ويتصدق بها على الفقراء، وإما أن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وإما أن يصوم ثلاثة أيام، هو في ذلك على التخيير. لكن إن كان مواقعته لامرأته قبل تمام سعي العمرة فإن عمرته تفسد، ويجب عليه قضاؤها؛ لأنها أصبحت فاسدة. أما إذا كان الوطء في الحج قبل التحلل الأول فإنه يجب عليه بدنة يذبحها ويتصدق بها للفقراء، ويفسد نسكه أيضاً فيلزمه قضاؤه، مثل لو جامع زوجته في ليلة مزدلفة فإنه يكون قد جامعها قبل التحلل الأول، وحينئذ يفسد حجه، ويلزمه الاستمرار فيه حتى يكمله، ويلزمه أن يقضيه من العام القادم، ويلزمه ذبح بدنة يذبحها ويوزعها على أهل الحرم. أما إذا كان مواقعته لزوجته في الحج بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني مثل أن يجامعها بعد أن رمى جمرة العقبة يوم العيد وبعد أن حلق أو قصر فإنه لا يفسد حجه، ولكن الفقهاء - رحمهم الله- ذكروا أنه يفسد إحرامه أي ما بقي منه فيلزمه أن يخرج إلى الحل فيحرم ثم يطوف الإفاضة وهو محرم ويسعى سعي الحج. وفي هذه الحال لا تلزمه بدنة، إنما يجب عليه شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع؛ لأن فقهاءنا- رحمهم الله- يقولون: كل ما أوجب شاة من مباشرة، أو وطء فإن حكمه كفدية الأذاء، أي أنه يخير فيه بين أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء. ثم إن كلامنا هذا فيما يجب على الفاعل. وليس معنى هذا أن الأمر سهل وهين بمعنى أنه إن شاء فعل هذا الشيء وقام بالتكفير والقضاء، وإن شاء لم يفعله، بل الأمر صعب ومحرم، بل هو من الأمور الكبيرة العظيمة؛ حيث يتجرأ على ما حرم عليه، فإن الله يقول: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) . وفي هذه المناسبة أريد أن أنبه بها على مسألة يظن بعض الناس أن الإنسان فيها مخير، وهي ترك الواجب والفدية؛ يظن بعض الناس أن العلماء لما قالوا: (في ترك الواجب دم) أن الإنسان مخير بين أن يفعل هذا الواجب، أو أن يذبح هذا الدم ويوزعه على الفقراء، مثال ذلك؛ يقول بعض الناس: إذا كان يوم العيد سوف أطوف وأسعى وأسافر إلى بلدي ويبقى عليّ المبيت في منى، ورمي الجمرات وهما واجبان من واجبات الحج. فأنا أفدي عن كل واحد منها بذبح شاة، يظن أن الإنسان مخير بين فعل واجب وبين ما يجب فيه من الفدية. والأمر ليس كذلك، ولكن إذا وقع وصدر من الإنسان ترك واجب فحينئذ تكون الفدية مكفرة له مع التوبة والاستغفار. س 668: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل رمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق وجامع زوجته قبل أن يطوف طواف الإفاضة فماذا يلزمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا الجماع حصل بعد التحلل الأول، فيكون بذلك آثماً ويفسد الإحرام بدون النسك، إذاً ماذا يفعل إذا فسد الإحرام؟ قال العلماء: يجدد إحرامه من الحل، يعني ذهب إلى التنعيم أو إلى عرفة ويحرم بإزار ورداء ثم يطوف طواف الإفاضة وعليه الإزار والرداء ويسعى كذلك. س 669: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا جامع وهو محرم بالعمرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا جامع الرجل زوجته وهو محرم بالعمرة فإن العمرة تفسد وعليه إعادتها، وعليه عند العلماء شاة يذبحها ويفرقها على الفقراء إما في مكة وإما في المكان الذي حصل فيه المحظور، أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين. س 670: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من احتلم وهو محرم هل يفسد حجه؟ فأجاب فضيلته بقوله: من احتلم وهو محرم فإن حجه لا يفسد؛ لأن النائم مرفوع عنه القلم، كما أنه لو احتلم وهو صائم فإن صومه لا يفسد، ولكن يجب على المحرم إذا احتلم أن يبادر بالاغتسال قبل أن يصلي، ولا يحل له أن يتيمم اللهم إلا أن لا يجد الماء، وذلك لقول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) فاشترط الله سبحانه وتعالى للتيمم أن لا نجد ماء، وكثير من الناس يتهاون في الغسل من الجنابة إذا كان على سفر، فتجده يمكنه أن يغتسل لكن يستحي أن يغتسل أمام الناس، وهذا خطأ، فالواجب أن الإنسان يغتسل ما دام قد وجد الماء ولا يضره استعماله، ولا ضرر عليه إذا اغتسل عن احتلام؛ لأن الناس كلهم يقع منهم هذا الشيء، ثم على فرض أنه لا يقع وهو أمر مفروض لا واقع فإن الله لا يستحي من الحق، فيأخذ الإنسان معه ماء ويبتعد عن الأنظار ويغتسل. س 671: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عمن جامع وهو محرم بالحج جاهلاً تحريم الجماع؟ فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أن الجماع من محظورات الإحرام، بل هو أعظم محظورات الإحرام قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) والرفث الجماع ومقدماته، فالجماع أعظم محظورات الإحرام، وإذا جامع الإنسان وهو محرم بالحج فإما أن يكون قبل التحلل الأول، أو بعد التحلل الأول فإن كان قبل التحلل الأول ترقب على جماعه أمور: أولاً: الإثم. ثانيا: فساد النسك، بحيث لا يجزئه عن نافلة ولا عن فريضة. ثالثاً: وجوب المضي فيه، أي أنه مع فساده يستمر ويكمله ويبقى هذا النسك الفاسد كالنسك الصحيح في جميع أحكامه. رابعاً: وجوب القضاء من العام القادم سواءً كان ذلك الحج فريضة أم نافلة. إما إذا كان فريضة فوجوب القضاء ظاهر؛ لأن الحج الذي جامع فيه لم تبرأ به ذمته، وأما إذا كان نافلة فلأن نافلة الحج يجب المضي فيها لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) . وقد سمى الله تعالى التلبس بالحج فرضاً فقال: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) ، فلهذا قلنا إنه يجب عليه قضاء هذا الحج الفاسد سواء كان فرضاً أم نفلاً. الأمر الخامس مما يترتب عليه: أنه يذبح بدنة كفارة عن فعله يوزعها على الفقراء، وإن ذبح عنها سبعاً من الغنم فلا بأس. هذا حكم الجماع قبل التحلل الأول. وأما إذا كان الجماع بعد التحلل الأول فإنه يرتب عليه الإثم وفساد الإحرام فقط، وعليه شاة يذبحها ويوزعها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من البر أو غيره، أو يصوم ثلاثة أيام فيخير بين هذه الثلاثة، ويجدد الإحرام فيذهب إلى أدنى الحل ويحرم منه؛ ليطوف طواف الإفاضة محرماً، هكذا قال فقهاؤنا. فإن قيل: متى يحصل التحلل الأول؟ قلنا: التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد والحلق أو التقصير، فإذا رمى الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وحلق أو قصر، فقد حل التحلل الأول، وحل من كل المحظورات إلا النساء قالت عائشة- رضي الله عنها-: "كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت " وهذا الحديث دليل على أن الإحلال يليه الطواف بالبيت، وهو يقتضي أن يكون الحلق سابقاً على الإحلال كما قررناه آنفاً بأن التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد مع الحلق أو التقصير، فالجماع الذي قبل ذلك يترتب عليه الأمور الخمسة التي ذكرناها آنفاً، والذي بعد ذلك يترتب عليه ما ذكرناه من الإثم وفساد الإحرام دون النسك، ووجوب فدية، أو إطعام، أو صيام سواء في مكة أو في غيرها، وسواء كان متتابعاً أو متفرقاً. وإذا كان هذا الإنسان جاهلاً بمعنى أنه لا يدري أن هذا الشيء حرام فإنه لا شيء عليه، سواء كان ذلك قبل التحلل الأول، أو بعده؛ لأن الله عز وجل يقول: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله: (قد فعلت) ، ويقول تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) . فإن قيل: إذا كان هذا الرجل عالماً بأن الجماع حرام في حال الإحرام، لكنه لم يظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور، ولو ظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور ما فعله فهل هذا عذر؟ فالجواب: أن هذا ليس بعذر؛ لأن العذر أن يكون الإنسان جاهلاً بالحكم لا يدري أن هذا الشيء حرام، وأما الجهل بما يترتب على الفعل فليس بعذر، ولذلك لو أن رجلاً محصناً يعلم أن الزنا حرام، وهو بالغ عاقل وقد تمت شروط الإحصان في حقه لوجب عليه الرجم، ولو قال: أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت، قلنا له: هذا ليس بعذر فعليك الرجم وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنى، ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا يجب عليه ألزمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة مع أنه كان حين جماعه جاهلاً بما يجب عليه، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية وانتهك حرمات الله عز وجل ترتب عليه آثار تلك. المعصية وإن كان لا يعلم بآثارها حين فعلها. س 672: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكم فيمن جامع زوجته في الحج يوم العيد؟ فأجاب فضيلته بقوله: جماع الزوجة في الحج يوم العيد إذا كان الإنسان قد رمى جمرة العقبة وحلق وطاف وسعى إذا فعل هذه الأربعة فإن زوجته تحل له؛ لأنه إذا رمى وحلق وطاف طواف الإفاضة وسعى بين الصفا والمروة حل له كل شيء. س 673: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج وعندما رمي جمرة العقبة حلق رأسه وجامع زوجته ولم يكن يعلم أن الجماع حرام وكان يعتقد أنه إذا رمى وحلق حل له كل شيء فهل حجه صحيح؟ وهل يلزمه شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: حجه صحيح، ولا شيء عليه مادام جاهلاً؟ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ، وقال تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا َعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ويقول سبحانه وتعالى في جزاء الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) فكل هذه الآيات وكثير من النصوص سواها يدل على أن فاعل المحذور إذا كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، وعلى هذا نقول للرجل لا تعد لمثل مافعلت. س 674: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول جامعت زوجتي بعد أن تلبست بالإحرام للعمرة متمتعاً بها للحج فهل يبطل الحج أم تبطل العمرة فقط وأعود للميقات لأخذ عمرة ثانية أما ماذا أعمل؟ فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله أما حجه فلا يبطل لأن هذه العمرة منفصلة عنه بإحرام مستقل وتحلل فحجه صحيح ولا شيء فيه، أما عمرته التي أفسدها فإن الواجب عليه قضاؤها، فإن كان قد قضاها قبل الحج فأحرم من الميقات بدلا عن التي أفسدها فقد أدى ما عليه، وعليه في هذا الحال شاة يذبحها من أجل وطئه؛ لأن الوطء في العمرة- كما قال أهل العلم- يجب فيه شاة، أوإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، لأن القاعدة عندهم أن كل ما أوجب شاة بإجماع أو مباشرة فإنه يلحق به من فدية الأذى ويخير الإنسان فيها بين ثلاثة أشياء، كما قال الله عز وجل: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصيام ثلاثة أيام، وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك ذبح شاة. فإن كان لم يقض العمرة التي أفسدها فعليه أن يفعلها الآن ويذبح الشاة التي هي دم جبران إن شاء، وإن شاء أطعم لكل مسكين نصف صاع، أو صام ثلاثة أيام. وبهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين أن يصبروا، فالمدة وجيزة ويسيرة وهم ما دخلوا في الحج والعمرة إلا وهم ملتزمون بأحكام الله تعالى فيهما، فعلى المرء أن يصبر ويحتسب، والحج نوع من الجهاد، أما كون الإنسان لا يحبس نفسه عما حرم الله عليه في هذه المدة الوجيزة فهذا نقص في عزمه، وعقله، ودينه، والواجب عليه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل. س 675: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج هو وزوجته وبعد التحلل الأول جامع زوجته وكانت هي غير موافقة بل منعته من ذلك فاستفتى ولكن من يفتي بغير علم قال: حجك باطل وعليك الإكمال والقضاء؟ فتكاسل لما سمع ببطلان حجه وقال: سأحج من العام المقبل وهو الآن يسأل ماذا عليه قبل أن يأتي وقت الحج علما أنهما لم يكملا السعي والطواف وهما من أهل الحرم؟ فأجاب فضيلته بقول: نعم الفتوى التي أفتى بها خطأ؛ لأن الذي أفتاه وقال: إن حجك فاسد مخطىء، والحج لا يفسد إذا كان الجماع بعد التحلل الأول ولكن الذي يفسد هو الإحرام، بمعنى أننا نقول: إذا جامع بعد التحلل الأول اذهب إلى الحل يعني إلى أدنى الحل إلى عرفة أو إلى مسجد التنعيم وأحرم منه وطف وأنت في إحرامك واسع وأنت في إحرامك، ولا شيء عليك سوى هذا، إلا أنك تذبح شاة توزعها على الفقراء، وإن شئت تصوم ثلاثة أيام، وإن شئت تطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وحجك صحيح. وإنني بهذه المناسبة أحذركم من شيئين: الشيء الأول: أن تستفتوا من لا تعلموا أنه أهل للفتوى؛ لأنه مع الأسف صار كثير من الناس يكون معه نقطة من العلم ويرى أنه البحر العلامة الفهامة، فيفتي في كل شيء أتاه، مثل هذا الرجل أفتى بفساد الحج وهو لم يفسد، فاحذروا أمثال هؤلاء. الأمر الثاني: أحذركم أن تحجوا دون أن تعرفوا أحكام الحج، أو إذا أخطأتم في الحج أن تسكتوا حتى إذا مضى سنوات جئتم تسألون، فهذا ليس بصواب، فإذا أردت أن تحج اعرف أحكام الحج أولاً، ثم إذا وقعت منك أخطاء، فلا تتأخر بالسؤال، بل بادر بالسؤال حتى يمكنك أن تتلافى الخطأ في وقت قصير، فهذان أمران أحذركما منهما. الأمر الأول: استفتاء من لا تعلمونه أنه أهل للفتوى. والثاني: أن تبادروا إذا أخطأتم بالسؤال عن حكم هذا الخطأ، لكن قبل ذلك أن تتعلموا أحكام الحج والعمرة. وقوله: (علما أنهما لم يكملا السعي والطواف) معناه أن الجماع حصل قبل الطواف والسعي، على كل حال هذا الذي فهمته من السؤال، والجواب على أنهما مضيا في إتمام النسك وطافا وسعيا، وأما إذا كانا لم يطوفا ولم يسعيا فالواجب عليهما الآن أن يذهبا إلى مكة فيحرما من الميقات للعمرة ويطوفا ويسعيا ويقصرا، ثم يطوفا طواف الإفاضة وسعي الحج، فيجب أن يذهبا الآن قبل أن يجامعها وقبل كل شيء ويطوف ويسعى لكن يتقدم الطواف والسعي عمرة. س 676: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إنسان حج متمتعاً وطاف طوافاً ناقصاً أي أربعة أشواط ثم سعى وقصر وحل وحصل منه جماع وأكمل حجه ثم حج بعد هذه الحجة حجتين ليست له والحجة الأولى هي الفرض هل يصح هذا؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا يصير قارناً لأنه أدخل الحج على العمرة قبل طوافها، لأن الطواف الأول لاغٍ وإدخال الحج على العمرة قبل الطواف يجعل النسك قراناً، ويبقى النظر الآن في كونه حل ولبس وجامع، لكنه جاهل فلا شيء عليه، وعلى هذا فيكون حجه تاماً، لكنه قارن وليس متمتعاً. س 677: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: في العام الماضي أديت فريضة الحج ولكني بعد أن أحرمت من الميقات بتنا قبل دخول مكة المكرمة وجامعت زوجتي فما الذي يترتب عليّ بالتفصيل علماً بأني قد ذبحت شاة العام الماضي وحيث إني قد نويت الحج هذا العام أرجو أن أكون على بينة من أمري وفقكم الله؟ فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله لا أدري عن هذا الرجل حين أحرم من الميقات هل هو أحرم بالحج أو أحرم بالعمرة، وكلامنا مع هذا الرجل إذا كان هذا الرجل محرماً بالحج فإنه يكون قد أفسد حجه، وعليه بدنة يذبحها هناك ويوزعها على الفقراء وعليه أيضاً أن يقضي ذلك الحج الفاسد في هذه السنة هو وزوجته إلا إذا كانت زوجته مكرهة، أو كانت جاهلة لا تعلم فليس عليها شيء. س 678: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج نظر إلى امرأة أجنبية وقد تحلل الحل الكامل وكان نظره بشهوة فأنزل وندم بعد ذلك واستغفر فهل عليه شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للإنسان المحرم أن ينظر إلى المرأة سواء أجنبية منه، أو غير أجنبية إذا كان يخشى أن ينزل، أما إن كان غير محرم فإن نظر إلى زوجته وأنزل فهو جائز؛ لأنها زوجته، أما النظر إلى الأجنبية فهذا حرام ولا يجوز، بل عليه أن يصرف بصره، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة قال: "اصرف بصرك، فإنما لك النظرة الأولى، وليست لك الثانية " . س 679: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل مقدمات الجماع لها فدية مثل الجماع؟ فأجاب فضيلته بقوله: المباشرة والتقبيل من المحظورات؛ لأنها وسائل للجماع، فإن الإنسان إذا قبل أو باشر كان من اليسير عليه أن يجامع، لأنها تثور شهوته فيجامع فقد لا يملك نفسه، ولهذا منع المسلم من المباشرة والتقبيل، فإن فعل: باشر أو قبل ولم يُنزل فعليه فدية مخير فيها بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة. وإن أنزل: فإن كان قبل التحلل الأول فقد قال بعض العلماء: إن عليه بدنة، وقال آخرون: ليس عليه بدنة، بل عليه فدية أذى فيخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه لا سواء بين الجماع وبين الإنزال بالمباشرة، بل بينهما فرق عظيم، فكيف نلزمه بفدية الجماع بدون دليل. س 680: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز أن تلبس المرأة اللباس الأسود الشرعي في حالة إحرامها للحج بدل الأبيض علما بأنها تلبس ذلك من بيتها وهل نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو نساء الصحابة- رضي الله عنهن- كلن يلبسن اللباس الأبيض في حالة الإحرام أرجو الإفادة؟ فأجاب فضيلته بقوله: المرأة إذا أحرمت ليست كالرجل يلبس لباساً خاصاً إزاراً ورداء، بل المرأة تلبس ما شاءت من الثياب التي يباح له لبسها قبل الإحرام، فتلبس الأسود أو الأحمر، أو الأصفر، أو الأخضر وما شاءت، أما الأبيض فلا أعلم أن المرأة مطلوب منها أن تحرم بأبيض، بل إن الأبيض في الحقيقة من التبرج بالزينة فإن اللباس الأبيض للمرأة يكسوها جمالاً ويوجب انطلاق النظر إليها، لذلك كونها تلبس اللباس الأسود مع العباءة أفضل لها وأكمل، ولها أن تلبس الجوارب شراب الرجلين، وأما القفازان شراب اليدين فإنه لا يجوز لها لبسهما، وعليها أن تغطي وجهها إذا قرب الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها، وفي هذه الحال تغطي وجهها ولا يضرها إذا مس بشرتها خلافاً لقول بعض العلماء الذين يقولون: إنها تغطي وجهها بساتر لا يمس بشرتها، فإن هذا القول ضعيف ولا دليل عليه، ولكنها لا تنتقب لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى المحرمة أن تنتقب والحاصل أن لباس المرأة إذا أحرمت يكون أسود أو ما أشبه مما يبعد النظر إليها. س 681: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لبس المرأة الثوب الأحمر أو الأصفر وغيرهما من الألوان في الحج ما حكمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس للمرأة أن تلبس ما شاءت إلا ما يعد تبرجاً وتجملاً فإنها لا تفعل، لأنها سوف يشاهدها الرجال، وقد قال الله تعالى: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ) فمثلاً الثوب الأبيض يعتبر ثوب تجمل ومن ثياب الجمال، فلا تلبسن المرأة في حال الإحرام ثوباً أبيض، لأن ذلك يلفت النظر ويرغب في النظر إليها؛ لأن المعروف عندنا أن الثوب الأبيض بالنسبة للمرأة ثوب تجمل، والمرأة مأمورة بألا تتبرج في لباسها. س 682: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة أن تلبس في الحج ملابس ملونة كالأبيض والأخضر والأسود؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز للمرأة في الإحرام أن تلبس ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة أمام الرجال الأجانب؛ لأنه ليس للمرأة ثياب مخصوصة بالإحرام، خلافاً للرجل فإن الرجل لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا العمائم، ولا البرانس ولا الخفاف، أما المرأة فالممنوع في حقها لبس القفازين والانتقاب والتبرج بالزينة. س 683: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بالنسبة لثوب المرأة في الحج هل يلزم أن يكون أخضر؟ فأجاب فضيلته بقوله: تلبس ما شاءت من الثياب غير أنها لا تلبس ثياب التجميل أو الزينة سواء كانت سوداء، أو خضراء أو أي لون. س 684: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة أحرمت من الميقات وهي حائض ثم طهرت في مكة وخلعت ملابسها فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: المرأة إذا أحرمت من الميقات وهي حائض ثم وصلت مكة وطهرت فإن لها أن تغير ما شاءت من الثياب وتلبس ما شاءت من الثياب، ما دامت الثياب من الثياب المباحة، وكذلك الرجل يجوز أن يغير ثياب الإحرام بثياب إحرام أخرى ولا حرج عليه. س 685: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: كيف تتحجب المرأة المحرمة وهل يشترط أن لا يمس الغطاء وجهها؟ فأجاب فضيلته بقوله: المرأة المحرمة إذا مرت من عند الرجال، أو مر الرجال من عندها وهم من غير محارمها يجب عليها أن تغطي وجهها، كما كانت نساء الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- وفي هذه الحال لا فدية عليها؛ لأن هذا أمر مأمور به، والمأمور به لا ينقلب محظوراً. ولا يشترط أن لا يمس الغطاء وجهها، بل لو مس الغطاء وجهها فلا حرج عليها، فيجب عليها أن تغطي وجهها ما دامت عند الرجال وإذا دخلت الخيمة أو كانت في بيتها كشفت الوجه؛ لأن المشروع في حق المحرمة أن تكشف وجهها. س 686: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجب على المرأة تغطيه وجهها في جميع مناسك العمرة وهل يستثنى شيء من أعمال العمرة تكشف المرأة وجهها فيه؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما إذا لم يكن حولها رجال فلتكشف وجهها هذا هو الأفضل، وإذا كان حولها رجال لا يحل لها الكشف عندهم فالواجب عليها أن تستر وجهها، ومعلوم أنها في المطاف وفي المسعى وفي الأسواق عندها رجال لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامهم فلتحتجب، أما في السيارة أو في البر فإن المشروع في حقها أن تكشف وجهها ما دام الذين معها من محارمها. س 687: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لقد حججت أكثر من مرة وكنت مرتدية الحجاب الشرعي الكامل إلا أنني لم ألبس قفازين وذلك لأنه من محظورات الإحرام وإنما أخفيت اليدين داخل العباءة وغطيت وجهي كاملاً فهل في تغطية وجهي محظور؟ فأجاب فضيلته بقوله: لبس القفازين في حال الإحرام نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من محظورات الإحرام كما قالت السائلة، وأما تغطية الوجه فالمشروع في حق المحرمة أن تكشفه إلا إذا كان حولها رجال غير محارم لها، ففي هذه الحال يجب عليها أن تغطيه كما حكت ذلك عائشة- رضي الله عنها- أنهم كانوا إذا مر بهم ركبان وحاذوهم فإنهن يغطين وجوههن، فإذا جاوزهن كشفن وجوههن. وليس على المرأة حرج فيما لو مس حجابها وجهها، خلافاً لقول بعض أهل العلم الذين يقولون: لابد أن يكون الحجاب غير مماس لوجهها، لأن هذا الشرط ليس له دليل من الكتاب أو السنة. س 688: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يعاني الدعاة والناصحون من أمر عظيم وهو أنهم يرون النساء كاشفات في الحج والعمرة حتى في حال الطواف أو في الوقوف بعرفة أو غير ذلك. فما هو المشروع في حق النساء إذا أحرمن بالنسبة لتغطية الوجه، خاصة أننا نرى بعض من يتحجبن في غير الإحرام إذا أحرمن كشفن عن وجوههن بحجة أن إحرام المرأة في وجهها، ويحتجون بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " فيقولون: إذا كانت المرأة ممنوعة من النقاب فمن باب أولى تغطية الوجه. فما توجيه فضيلتكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا شك أن الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، يتضايقون من فعل بعض النساء، سواء في موسم الحج أم في غير موسم الحج من التبرج والتطيب وكشف الوجه والكف وربما كشف بعض الذراع، وهذا أمر يحتاج إلى الصبر والمصابرة، لقول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) ) . ولقول لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ) . والواجب على النساء إذا خرجن إلى الأسواق أن يخرجن غير متطيبات، ولا متبرجات بزينة، ولا كاشفات لوجوههن، ولا لأكفهن، ولا لأبدانهن بقدر المستطاع، والمرأة إذا أحرمت فإنه يحرم عليها أن تنتقب، لأن لبس النقاب في وجهها كلبس الرجل العمامة على رأسه، ولهذا أطلق بعض العلماء قولهم: إحرام المرأة في وجهها، يعنى أن لباس الوجه للمرأة بمنزلة لباس الرأس للرجل فلا تنتقب، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل لا تغطي وجهها، وإنما قال: لا "تنتقب ". والنقاب أخص من تغطية الوجه، والنهي عن الأخص لا يقتضي النهي عن الأعم. وعلى هذا فالمرأة يجب عليها إذا مرت من حول الرجال، أو مر من حولها الرجال أن تستر وجهها، وهذا يتعين في الطواف، وفي السعي، وفي المشي في الأسواق؛ لأنها ستمر بالرجال وسيمر الرجال من عندها، فالواجب عليها أن تتقي الله- عز وجل- لا سيما وأنها في أمكنة معظمة، وفي أزمة معظمة، وفي عبادة الله عز وجل؛ إذا كانت محرمة فعليها أن تتقي ربها، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) وكشف المرأة وجهها أمام الرجال من الفسوق؛ فلتتق الله المرأة المسلمة، ولتحافظ على دينها وعلى حيائها وعلى سترها، حتى تكون ممتثلة لأمر الله ورسوله. وأما لبس القفازين فإنه مشروع في غير الإحرام، أما في الإحرام فإنه منهي عنه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تنتقب المرأة ولاتلبس القفازين" وأقول: إن لبس القفازين مشروع؛ لأنه كان من عادة نساء الصحابة- رضي الله عنهم- في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأقرَّه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما فيه من تمام الستر. س 689: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم لبس المرأة البرقع واللثام حال الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما البرقع فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقب المرأة وهي محرمة، والبرقع من باب أولى، وعلى هذا فتغطي وجهها غطاء كاملا بخمارها إذا كان حولها رجال أجانب، فإن لم يكن حولها رجال أجانب فإنها تكشف وجهها هذا هو الأفضل والسنة. س 690: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل صحيح أنه لا يجوز للمرأة أثناء أداء فريضة الحج أو العمرة أن تضع النقاب أو البرقع على وجهها بهذا اللفظ كلما كتب في الجريدة؟ وإذا كان هذا صحيحاً فلماذا ينهانا أولياء أمورنا عن كشف الوجه أثناء الحج والعمرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا الذي قرأته صحيح فإنه لا يجوز للمحرمة أن تنتقب، وذلك لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن النقاب في إحرام الحج أو العمرة، والبرقع مثله أو أشد، فالمحرمة لا تنتقب ولا تتبرقع. ولكن إذا مر الرجال من حولها، أو مرت من حولهم وهم ليسوا من محارمها فيجب عليها ستر وجهها، فتدلي الخمار على وجهها ولا حرج عليها في ذلك، ولو مس وجهها، وكون أولياء الأمور لا يسمحون لهن بكشفه في حال الإحرام هو الحق، كما جاء ذلك في حديث عائشة- رضي الله عنها-، إذا حاذى الركبان النساء سدلن خمرهن على وجوههن، وذلك لكونه لا يجوز للمرأة كشف وجهها لغير الزوج والمحارم. والله الموفق. س 691: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم تغطية الوجه بالنقاب في الحج، فقد كنت قرأت حديثاً بما معناه لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين، وقرأت قولاً آخراً عن عائشة - رضي الله عنها- وهم في الحج تقول: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. فكيف تربط بين القولين وأيهما أصح؟ فإذا طبقنا قول عائشة ففي هذه الأيام كثيراً ما تختلط المرأة بالرجال في أثناء سيرها في الحج وفي صلاتها فهل تغطي وجهها دائماً أم ماذا تفعل؟ وهناك قول سمعته عن الإمام أبي حنيفة- رحمه الله تعالى- أن المرأة إذا غطت وجهها فعليها دم فما الصواب في هذا؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصواب في هذا مادلّ عليه الحديث وهو نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقب المرأة ، فالمرأة المحرمة منهية عن النقاب مطلقاً سواء مرّ بها الرجال الأجانب أم لم يمروا بها، وعلى هذا فيحرم على المرأة المحرمة أن تنتقب سواء كانت في حج أو في عمرة، والنقاب معروف عند الناس وهو أن تغطي وجهها بغطاء يكون فيه فتحة واحدة من عينيها. أما حديث عائشة- رضي الله عنها- فلا يعارض النهي عن الانتقاب، وذلك لأن حديث عائشة- رضي الله عنها- ليس فيه أن النساء ينتقبن، وإنما يغطين الوجه بدون نقاب، وهذا أمر لابد منه إذا مرّ الرجال بالنساء فإنه يجب عليهن أن يسترن وجوههن؛ لأن ستر الوجه عن الرجال الأجانب واجب، وعلى هذا فنقول: لبس النقاب للمحرمة حرام عليها مطلقاً، وأما ستر وجهها فالأفضل لها كشف الوجه ولكن إذا مرّ الرجال قريباً منها فإنه يجب عليها أن تغطيه، ولكن تغطية بغير النقاب. س 692: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عندما ذهبت لأداء العمرة ولم يكن معي غطاء للوجه، وإنما كنت ألبس النقاب الساتر لكل الوجه مع غطاء خفيف على العينين لضعف بصري، وكنت أرفعه عندما يخلو المكان من الرجال الأجانب، ولكن عندما دخلت الحرم كنت لابسة هذا النقاب، فهل عليّ شيء حيث يصعب عليّ غطاء الوجه بدون فتحة للعينين لضعف بصري فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: لبس النقاب محرم على المحرمة لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، ولكن يبدو أن هذه المرأة كانت جاهلة، أو متأولة بأنه يجوز لها، وحينئذ لا يكون عليها فدية. والواجب على المرأة إذا مر الرجال قريباً منها وهي محرمة أن تستر وجهها، ولا حرج أن تظهر إحدى عينيها إذا دعت الحاجة إليها. س 693: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أمي امرأة كبيرة قد ضعف بصرها فهل يجوز لها أن تلبس النقاب في الحج وتضع غطاء خفيفاً على عينها وذلك لتستطيع الإبصار؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز لها ذلك لعموم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة النقاب، ولكن من الممكن أن تغطي وجهها وإذا كانت لا تبصر تمسك بيد بنتها، أو أختها أو ما أشبه ذلك، وأما أن نجيز للمرأة ما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا. س 694: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز لي لبس النقاب وأنا في حج أو عمرة لكن يكون على العينين غطاء خفيف؟ فأجاب فضيلته بقوله: المحرمة لا يجوز لها أن تنتقب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنتقب المرأة" وأما تغطية وجهها بغير نقاب فلا بأس به إذا مر الرجال الأجانب عنها قريباً، بل يجب عليها في هذه الحال أن تستر وجهها، ولا بأس عليها إذا مست الغطوة وجهها فالمرأة في حال الإحرام يشرع لها كشف الوجه إلا إذا مر الرجال قريباً منها فإنه تستره، وأما النقاب فحرام عليها لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. س 695: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لقد حججت أول عمري ولم أكن أعرف واجبات الحج ولا أركانه وأنا لا أقرأ ولا أكتب ولبست النقاب، وفوق ذلك غطوة. وعندما وصلت منى مشطت شعري ليلاً فما الحكم في ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: حجتك هذه صحيحة ما دام الإخلال الذي حصل منك هو هذا؛ لأن غاية ما فيه أنك فعلت هذه الأشياء جهلاً منك، والجاهل لا يؤاخذه الله عز وجل بما فعله حال جهله، لقول الله سبحانه وتعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قال الله تعالى: " قد فعلت ". وهذه قاعدة عامة في جميع المحظورات في العبادات أن الإنسان إذا فعلها ناسياً، أو جاهلاً فإنه لا يؤاخذ في ذلك، وليس عليه في ذلك فدية، ولا كفارة، ولا إثم. وهذا من تيسير الله سبحانه وتعالى على عباده ولمقتضى حكمه ورحمته، وكون رحمته سبقت عذابه. س 696: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت إلى مكة وفي الميقات لبست النقاب بدون أن تخرج عينيها لعدم وجود غطاء الوجه فهل عليها شيء في ذلك؟ وهل عمرتها صحيحة وماذا يلزمها؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم عمرتها صحيحة ولا يلزمها شيء لأنها مجتهدة إن أصابت فلها أجران وإن أخطأت فلها أجر. والنقاب إذا لم تخرج العينان بمعنى أنها وضعت بعض الخمار على بعض حتى تغطت عيناها لا بأس به، والمقصود من النهي عن النقاب. النقاب الذي ينتقب على حسب العادة يغطي الوجه ويفتح للعينين هذا هو الذي لا يجوز للمحرمة . س 697: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم النقاب في العمرة علماً بأن فوقه غطوة؟ فأجاب فضيلته بقوله: النقاب نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - المحرمة، وأطلق فلا فرق بين أن يكون فوقه غطوة أو لا، وإذا كان فوقه غطوة فما الفائدة منه، لكن بعض الناس مولع بما لا فائدة فيه. س 698: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة نظرها ضعيف ولا ترى إذا لبست الغطوة فلبست النقاب وهي محرمة ولبست فوقه غطوة من طبقة واحدة لتتمكن من الرؤية فهل عليها شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يحل للمحرمة أن تنتقب وإذا كان نظرها ضعيفاً فنقول: ضعي هذه السترة الخفيفة بدون نقاب، أما النقاب فمحرم على المرأة، وإذا كانت قد فعلت ذلك جاهلة فلا شيء عليها، لقول الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وهذه قاعدة عامة في جميع المحظورات إذا فعلها الإنسان ناسياً أوجاهلاً فلا شيء عليه. س 699: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قدمت مع والدتي وجدتى للعمرة ولما طفنا تبين لي أنهما تلبسان البرقع فأمرتهما بنزعه وإسدال الغطاء فما حكم ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: حكم هذا أن المرأة إذا أحرمت لا يجوز لها أن تلبس البرقع، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنتقب المرأة" . فلا يجوز لها النقاب، ولا البرقع لأنه أعظم من النقاب، ولكن إذا لبست البرقع جاهلة تظن أنه لا بأس فإنه ليس عليها شيء، ليس عليها فدية ولا إثم، وليس في عمرتها نقص؛ لأنها جاهلة؛ وهكذا جميع محظورات الإحرام كحلق الرأس جاهلاً، أو ناسياً، وكلبس المخيط والطيب وغيره إذا فعله الإنسان جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فإنه ليس عليه بذلك إثم ولا فدية. (فائدة) قول الأصحاب -رحمهم الله-: في المحرمة تغطي جانباً من وجهها؛ لأنه لا يمكنها تغطية جميع الرأس إلا بجزء من الوجه، فستر الرأس كذلك أولى، وعللوا بأنه لا يختص ستره بالإحرام بل هو عام بخلاف كشف الوجه فإنه خاص. وكلامهم هذا يدل على أن مراعاة الحكم العام مقدم على ما كان مختصاً بحالة دون أخرى. ومثل ذلك النصان إذا كانا عامين وتعارضا فيقدم ما كان عمومه محكماً على ما كان فيه تخصيص كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- س 700: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم كشف الحاجة والمعتمرة لوجهها مع وجود الرجال الأجانب؟ فأجاب فضيلته بقوله: حرام عليها ذلك، فلا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها عند الرجال الأجانب لا في حج ولا في عمرة ولا في غيرهما. س 701: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل بإمكان المرأة أن تربط غطاء الوجه أو تضع غطاءً على الرأس دون أن تربطه، ذلك أنه أثناء الطواف والسعي ليس من السهل الرؤيا بوضوح حينما نسدل الجلباب على الوجه؟ فأجاب فضيلته بقول: نقول لا بأس بربط غطاء الوجه إذا كان يمكن إلا بشده أو ربطه في حال الإحرام أو غيره. س 702: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة أن تغطي وجهها بدون نقاب؟ فأجاب فضيلته بقول: يجوز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن الانتقاب، والانتقاب لباس الوجه ولم ينه عن تغطية الوجه بل نهى عن النقاب، فيجوز للمرأة أن تغطي وجهها وهي محرمة، ولهذا لو أن الإنسان لف على رجليه خرقة فلا يحرم عليه؛ لأنها ليست خفاً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن ستر الرجل، بل نهى عن لبس الخف وفرق بين الأمرين: فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تنتقب المرأة أي أن تلبس النقاب فإنه لا يلزم من ذلك أن تنهي عن ستر الوجه، لكن أكثر أهل العلم يقولون: إنها منهية عن ستر الوجه إلا إذا كان حولها رجال غير محارم فيجب عليها أن تستر الوجه لأنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ورجل أجنبي ينظر إليها أو يمكن أن ينظر إليها بل عليها أن تستره لأنها مأمورة بذلك، وقد روي عن عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه ". س 703: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة اعتمرت قبل ثلاث سنوات ولكن تقول أثناء الطواف والسعي كانت مغطية لوجهها لحيائها مع علمها بأنه لا يجوز تغطية الوجه أثناء العمرة فهل عليها شيء؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذه المرأة أصابت الحق في كونها قد غطت وجهها في الطواف والسعي؛ لأن حولها رجال ليسوا من محارمها فيجب عليها أن تغطي وجهها، فهي مصيبة فيما فعلت إلا أن المحرمة يحرم عليها النقاب، وأما تغطية الوجه فإنها واجبة إذا كان حولها رجال من غير محارمها، وإن لم يكن حولها رجال من غير محارمها فكشف الوجه أولى، وقد ذكرت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- أن الرجال إذا مروا قريباً منهن سدلت إحداهن خمارها على وجهها. س 704: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم تغطية الوجه بالنسبة للمرأة المحرمة إذا كان الرجال الأجانب في كل مكان في الشارع وفي السيارة وفي الحرم نفسه وما المخرج من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين " هل يجوز كشف الوجه حال الإحرام؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للمحرمة ولا لغير المحرمة أن تكشف وجهها وحولها رجال أجانب، بل الواجب ستر الوجه حتى في الإحرام، فقد ذكرت عائشة- رضي الله عنها- أنه إذا مر الرجال قريباً منهن أسدلت إحداهن خمارها على وجهها لئلا يراها الرجال الأجانب، وأما نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النقاب فنعم هو نهي عن النقاب لكن إذا كان حولها رجال فلابد من ستر الوجه، وإذا سترت وجهها في هذه الحال فلا شيء عليها. س 705: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قبل حوالي خمس سنوات نوينا أداء العمرة وعندما وصلنا إلى الحرم قمت أنا وإحدى أخواتي بعمل غطاء الوجه بحيث صار أشبه يشبه النقاب بمعنى أنه كان يغطي الجبهة وبقية الوجه أما العينان فقد كانتا مكشوفتين وقد قمنا بذلك ونحن نجهل حكم النقاب فماذا نفعل الآن بعد ما عرفنا أن النقاب غير جائز للمحرمة؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليكن شىء؛ لأن كل إنسان يفعل محرماً في العبادة وهو لا يدري ليس عليه شىء، ولهذا لو تكلم الإنسان في الصلاة جاهلاً أن الكلام حرام فصلاته صحيحة، كما لو دخل شخص على رجل يصلي فسلم فقال المصلي: عليك السلام وهو لا يدري أنه حرام فليس عليه شىء، فقد ثبت في الصحيح (أن معاوية بن الحكم- رضي الله عنه- دخل المسجد وصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فعطس رجل من القوم وقال: الحمد لله. فقال: معاوية- رضي الله عنه- يرحمك الله. يخاطبه فرماه الناس بأبصارهم منكرين عليه فقال: " واثكل أمي " زاد على ما سبق فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه، فسكت، فلما سلم دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: معاوية (فبأبي هو وأمي ما كهرني، وما نهرني، وإنما قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي للتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال ولم يأمره بإعادة الصلاة، وقال في الصيام "من نسي هو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " وهكذا جميع المحرمات في جميع العبادات إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً فليس عليه شيء. س 706: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمحرمة أن تلبس القفازين والجورب؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما لبس المرأة الجورب فلا بأس، وأما لباسها القفازين فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك فقال في المحرمة لا تلبس القفازين. س 707: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة التي تريد أن تحرم أن تلبس القفازين على يديها في أثناء العمرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للمرأة إذا أحرمت بحج أو عمرة أن تلبس القفازين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك والقفازان هما شراب اليدين التي تلبسها المرأة، أما لبس القفازين في غير الإحرام فحسن؛ لأنه أكمل في الستر. س 708: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شاهدت امرأة تطوف وعليها قفازات فما الحكم في ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا شاهدت المرأة امرأة أخرى تطوف وعليها قفازات فلتسألها قبل أن تنكر عليها ولتقل لها: هل أنت محرمة؟ إذا قالت نعم فلتقل لها: اخلعي القفازات؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرمة: "لا تلبس القفازين " وإن قالت: إنها غير محرمة وإنما هذا طواف تطوع، فلا حرج عليها أن تلبس القفازين في طواف التطوع. وبهذه المناسبة أود أن أنبه على المسألة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي: أنك لا تنكر على أحد منكراً حتى تعلم أنه منكر؛ لأن إنكارك قبل ذلك تعجل وتسرع، ولهذا لم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرجل الذي دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة وجلس لم ينكر عليه الجلوس حتى سأله: "أصليت؟ " قال: لا. قال: "قم وصل ركعتين وتجوز فيهما" وانظر كيف كان هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن فعل فعلاً يحتمل أنه منكر في حقه ويحتمل أنه غير منكر وهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير أسوة، وأما من أنكر على الشخص مجرد فعل يراه منكراً فإن هذا تسرع وتعجل. س 709: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حجت وهي لابسة للقفازات ولم تكن تعلم بحكمها فهل حجها صحيح؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذه المرأة التي لبست القفازات وهي لا تعلم أنها حرام حجها صحيح وليس عليها إثم ولا فدية، وذلك لقوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالي: (قد فعلت) ولقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) وليعلم أن جميع المحرمات التي تكون في العبادات إذا فعلها الإنسان ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه وهذه قاعدة لسنا نأخذها من قول فلان وفلان، أو من مؤلف فلان وفلان، وإنما نأخذها من الكتاب والسنة: أن كل من فعل محرماً وهو لا يعلم أنه محرم أو فعله وهو ناسي فلا شيء عليه، لكن إذا علم من جهل وجب عليه أن يدع هذا المحرم، وإذا ذكر بعد النسيان وجب عليه أن يترك هذا المحرم، وهذه القاعدة مأخوذة من قوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالي: (قد فعلت) ومن قوله تعالي: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) ومن قوله تعالى في قتل الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصيام: "من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " . ولأن الصحابة- رضي الله عنهم-: أفطروا في رمضان في يوم غيم ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم بالقضاء لأنهم كانوا جاهلين بالوقت. ولهذه القاعدة العظيمة أدلة وشواهد نكتفي فيها بما ذكرنا، فهذه المرأة التي لبست القفازين جاهلة أو ناسية ليس عليها شيء لا فدية، ولا إثم، وحجها صحيح. س 710: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للرجل المحرم أن يلبس القفازين لأن النهي خاص بالمرأة المحرمة؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للرجل أن يلبس القفازين، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاه أن يلبس الخفين ففي الخفين ستر الرجل، وفي القفازين ستر اليدين. فإذا قال قائل: ما وجه تخصيص النهي بالمرأة؟ فالجواب: لأن المرأة جرت العادة بلبسها للقفازين، أما الرجل فلم تجر العادة بأنه يلبس القفازين، ولهذا فإن النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسن القفازين لأجل ستر اليد، وقد بدأ النساء - ولله الحمد- منذ عهد قريب يلبسن القفازين كعادة نساء الصحابة رضي الله عنهن. س 711: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: كيف تستر المرأة كفيها إذا أحرمت؟ فأجاب فضيلته بقوله: تستر كفيها بعباءتها أو بخمار واسع طويل، أو بثوب له أكمام طويلة، المهم أنه يمكنها أن تستر الكفين دون أن تلبس القفازين. س 712: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجب على المرأة أن تلبس شراباً لأرجلها إذا أرادت الحج أو العمرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمها ذلك لكن تستر قدميها بثوب طويل يكون ضافيا على القدمين، وقولنا: إن ذلك لا يجب عليها لا يعني أنه يحرم عليها أن تلبس الخفين بل لها أن تلبس الخفين، دون لبس القفازين، وهما شراب اليدين، فإنه لا يجوز للمحرمة أن تلبسهما؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى المحرمة أن تلبس القفازين. س 713: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم لبس المرأة للذهب من خواتم وغيرها في حال الإحرام علماً بأنها تبرز لغير المحارم في كثير من الأحوال؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن تلبس المرأة حال الإحرام من الذهب ما شاءت إذا لم يخرج إلى حد الإسراف حتى الخواتم والأساور في اليدين، لكن في هذا الحال تستره عن الرجال الأجانب خوفاً من وقوع الفتنة.
__________________
اُشهد اللهٌ إني اُحبكم فى الله وأسال الله أن يرزقنا الإخلاص في القول و العمل و أن يستعملنا في ما يحب و يرضى .. آمين .. آمين .. آمين |
10-09-2013, 09:46 PM | #2 |
عضو نشط
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 94
معدل تقييم المستوى: 12 |
رد: محظورات الإحرام
أحسنتم أحسن الله اليكم
|
02-03-2014, 08:29 AM | #3 |
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16 |
رد: محظورات الإحرام
جزاك الله خيرا.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى. |
09-26-2015, 07:52 PM | #4 |
عضو متألق
تاريخ التسجيل: Sep 2015
المشاركات: 2,255
معدل تقييم المستوى: 12 |
رد: محظورات الإحرام
بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله بك على هذا الطرح القيم كان موضوعك رائعا بمضمونه لك مني احلى واجمل باقة ورد وجزاك الله خيرا وغفر لك ولوالديك وللمسلمين جميعا لا اله الا الله محمد رسول الله |
إضافة رد |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
صفة الإحرام وآدابه | انى احبكم فى الله | الحج والعمره | 1 | 09-27-2015 01:58 AM |
أنا أديت الحج وفي نيتي الحج متمتعاً ولكن عند الإحرام قلت لبيك اللهم حجاً وعمرة وقرات كتاباً أن للعمر | أبو عادل | الحج والعمره | 3 | 09-26-2015 08:01 PM |
كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام ؟ وهل يجوز للمرأة ترديد آي الذكر الحكيم في سرها ؟ | انى احبكم فى الله | قسم فتاوى العلماء | 0 | 10-03-2013 12:17 AM |
ماذا يقال عقب تكبيرة الإحرام وقبل القراءة-الشيخ ابن باز رحمه الله | عبد الحكيم.. | قسم فتاوى العلماء | 0 | 03-19-2013 05:49 AM |