تسجيل الدخول


العودة   منتديات الكعبة الإسلامية > القسم الشرعى > منتدى الفقه وأصوله

منتدى الفقه وأصوله الفقه و أصوله - الدراسات الفقهية - أحكام فقهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-2011, 12:59 PM   #61
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان والإقامة فيه مسجد سبقت في الجماعة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه أما بعد:


إذا أقيمت جماعة في مسجد بأذان وإقامة- كما هو مشروع- ثم حضر قوم لم يصلوا وأرادوا أن يصلوا جماعة، فهل يشرع لهم الأذان والإقامة؟



اختلفت أقوال المذاهب في هذه المسألة على النحو التالي:


أولاً : الحنفية:



ولهم تفصيل في هذه المسألة، فقالوا: إن كان المسجد له أهل معلوم، وصلّى فيه غير أهله بأذان وإقامة، لا يكره أن يعيدوا الأذان والإقامة.


وإن صلّى فيه أهله بأذان وإقامة أو بعض أهله يكره لغير أهله, وللباقين من أهله أن يعيدوا الأذان والإقامة.


فإن كان المسجد ليس له أهل معلوم بأن كان على الطريق لا يكره تكرار الأذان والإقامة فيه(1).


ثانياً المالكية:



يكره لهم الأذان دون الإقامة(2).


ثالثاً: الشافعية:


يسنّ لهم الأذان والإقامة على الصحيح من المذهب، لكن الأولى أن لا يرفع الصوت لخوف اللّبس، سواء كان المسجد مطروقاً أو غير مطروق.



والوجه الثاني: أنه لا يسنّ الأذان(3).


رابعاً الحنابلة:



يستوي الأمر، فإن شاؤوا أذَّنوا وأقاموا، وإن شاؤوا صلّوا بغير أذان ولا إقامة، فإن أذّنوا فالمستحبّ أن يخفي الصوت ولا يجهر به ليغرَّ الناس بالأذان في غير محلّة(4).


أدلّة من قال بالجواز أو السنية:



أولاً: من الآثار:



ما روي أن أنساً –رضي الله عنه- دخل المسجد وقد صلوا، فأمر رجلاً فأذّن وأقام فصلّى بهم جماعة(5).


ثانياً: من المعقول:



أن الدعوة الأولى تمّت بالإجابة الأولى(6).فاستحبّ النداء ثانيةً.


أدلّة القائلين بالمنع:


أولاً: من الآثار:



ما روي أن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-صلّى بعلقمة والأسود بغير أذان ولا إقامة، وقال: "يجزئنا أذان الحيّ وإقامتهم"(7).


ثانياً من المعقول:



أن أذان وإقامة الجماعة الأولى في المسجد تجزئ عمّن جاء بعدهم(8)؛ لأن كل واحد من الجمع مدعوّ بالأذان الأوّل مجيب(9).



والراجح
والله أعلم- هو القول بسنية الأذان والإقامة للجماعة الثانية، ولكن يلاحظ عدم رفع الصوت إذا خيف اللبس،

وذلك لوجاهة ما استدلّوا به؛ ولأن الأذان والإقامة فيهما ذكر لله وفضل عظيم فلا يمنع من ذكر الله، وما روي عن ابن مسعود من قوله:"يجزئنا أذان الحيّ وإقامتهم"، فهو لبيان الجواز(10).


والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين،،،

1 - المبسوط(1/135). بدائع الصنائع(1/153).

2 - المدونة(1/182).

3 - المجموع(3/93).

4 - المغني (2/48).

5 - ذكره البخاري معلقاً في كتاب الأذان باب فضل صلاة الجماعة.

6 - الوسيط(2/48).

7 - ابن أبي شيبة في المصنف(1/199)، والبيهقي واللفظ له في السنن الكبرى(2/166).، واصله في صحيح مسلم بلفظ:" فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة" صحيح مسلم بشرح النووي (5/15).

8 - المغني(2/80).

9 - الوسيط (2/48).

10 - أحكام الأذان والإقامة والنداء (343-345).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:00 PM   #62
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الشروط المتفق عليها لصحة الأذان

الحمد لله,والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن والآه.
أمَّا بعدُ:


إن الأعمال التي يُراد فعلها على الوجه الصحيح والأسلم لابد من أن تكون حسب المواصفات والشروط،وإلا فإن العمل لم يؤدى بأكمل وجه، ولأن الأذان من أجلِّ العبادات وأنفعها، ولأنه يعلن رسالة التوحيد في اليوم والليلة خمس مرات،



فإنه لابد من أن تتوفر فيه شروط الصحة, و إلا فإنه لم يؤدي الرسالة المطلوبة منه، بل إنه لا يصح أن يكون بغير شروط الصحة، وإننا في هذا المبحث القصير سنتكلم عن بعض الشروط التي لا يكون الأذان صحيحاً إلا بعد توفرها، فإليك أخي الكريم هذه الشروط:


1- الشروط المتفق عليها:

الأول: دخول وقت الصلاة.


اتفق الفقهاءُ على أنه يُشترط لصحة الأذان والإقامة دخول وقت الصلاة المفروضة، فلا يصحُّ الأذان ولا الإقامة قبل دخول الوقت، وأنه إذا أذن قبل دخول وقت الصلاة أعاد الأذان بعد دخول الوقت، إلا إذا صلى النَّاسُ في الوقت وكان الأذانُ قبله فلا يُعَاد(1).


الأدلة على ذلك:


حديث ابن عمر-رضي الله عنه-:" أن بلالاً أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام"(2).



وجه الدلالة أن النبي-صلى الله عليه وسلم-علّق الأمر بالأذان على حضور الصلاة، وحضورها يكون بدخول وقتها.


عن جابر بن سَمُرة-رضي الله عنه-قال:" كان بلالٌ يؤذن إذا دحضت(3)،فلا يقيم حتى يخرج النبي-صلى الله عليه وسلم-، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه"(4) .


وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن..."5.


والدلالة أن المؤذن مؤتمن على أوقات الصلاة، وفي الأذان قبل الوقت إظهار للخيانة فيما ائتمن فيه"(6).


الثاني: خلوّ الأذان والإقامة من اللّحن:


تعريف اللحن: يأتي على الخطأ في الإعراب، وترك الصواب في القراءة والنشيد ونحو ذلك، يقال: فلان لَحّانٌ ولَحّانةٌ، أي : يخطئ، والتلحين: التخطئة.


ويأتي بمعنى الأصوات المصوغة الموضوعة التي فيها تغريد وتطريب، وجمعه ألحان ولحون، يقال: لحن في قراءته إذا غرّد وطرب فيها بألحان. والتطريب في الصوت: مدّه وتحسينه"(7).


حكم اللحن في الأذان والإقامة:


ينقسم اللحن-سواء ما كان بالمعنى الأول وهو الخطأ في الإعراب، أو المعنى الثاني الذي هو التمطيط والتطريب-إلى قسمين:


الأول: اللحن الذي يتغيّربه المعنى:


وهذا اتفق الفقهاء على أنه إذا كان اللحن يحيل المعنى، فإنه يحرم ويبطل الأذان(8)،

لأن الأذان إنما المقصود به النداء إلى الصلاة، فلا بدَّ من تفهيم ألفاظه للسامع، واللّحن المحيل للمعنى يخرجه عن الإفهام(9).


قال الشيخ علي محفوظ:
" من البدع المكروهة تحريماً التلحين في الأذان، وهو التطريب- أي التغني به- بحيث يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات، ونقص بعض حروفها، أو زيادة فيها؛ محافظة على توقيع الألحان، فهذا لا يحل إجماعاً في الأذان، كما لا يحل في قراءة القرآن"(10).



قال ابن الجوزي:
" كره مالك بن أنس وغيره من العلماء التلحين في الأذان كراهية شديدة؛ لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مُشابهة الغناء"(11).

والتلحين الذي بمعنى التطريب والتغني قد تجافاه السلف، وإنما أحدث بعدهم، كإمالةِ حروفِ الأذانِ وإفراط المدِّ فيه، أو التَّأذين بالألحان مما يُشبه الغناء، فهذا لا يحلُّ باتفاقِ الفُقهاء(12).


وروي أنَّ مُؤذِّناً أذن فطرب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أذِّن أذاناً سمحاً وإلا فاعتزلنا"(13).


أمثلة على هذا اللحن:


مد همزة "آلله" لأنه استفهام.


مد همزة" أكبر".


مدّ الباء من " أكبر" فيصير جمع كَبَر بفتح الباء وهو الطبل، لأنه يجعل فيها ألفاً.



الوقف على" لا إله" ويبتدئ "إلا الله".


الثاني: اللَّحن الذي لا يتغيرُ به المعنى:




يرى جمهورُ الفُقهاء من الحنفيَّة والمالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة على الأصحِّ، أنَّ اللَّحْنَ إذا كانَ لا يُحِيلُ المعنى، فإنَّهُ يَصِحُّ معه الأذانُ مع الكراهةِ، وذلكَ لأنَّ المقصودَ من الأذانِ الإعلامُ ويحصل به، ولأنه يأتي به مرتباً فيصح كغيره(14).




أمثلة على هذا اللحن:


1- عدم إدغام تنوين" محمد" في الراء بعدها.


2- فتح النون من "أن لا إله إلّا الله".


3- الزيادة عن مقدار المدّ الطبيعي في لفظ" إله" زيادة فاحشة.


4- إشباع الفتحة من "إله" فتكون ألفاً فيقول"إلهاً".


5- الإتيان بهاء زائدة بعد الهاء من "إله".



6- وغيرها من الأمثلة : كضم" محمد" وإدغام" حيّ" وفتح الراء في " أكبر" الأولى،، وقلب الألف هاءً من " الله".

وإدغام الهاء في الشين في كلمة" أشهد" فتنطق" أشَّد". كل هذه تلحق باللحن المكروه وهو غير المحيل للمعنى.


قال الشيخ ابن باز:
"ينبغي للمؤذن أن يصون الأذان من اللحن والتلحين . واللحن كونه يخل بالإعراب ، كان يقول : أشهد أن محمداً رسولَ الله بفتح اللام ، بل يجب ضم لام ( رسول الله ) ؛

لأن رسول الله خبر أنَّ مرفوع، فإن نصب ( اللام ) كان ذلك من اللحن الممنوع ، وإن كان لا يخلُّ بالمعنى في الحقيقة ، ولا يمنع صحة الأذان؛ لأنَّ مقصودَ المؤذِّنِ : هو الإخبار بأنَّ مُحمَّداً-صلى الله عليه وسلم-هو رسول الله؛ ولأنَّ بعضَ العرب ينصب المعمولين ، لكن ذلك لحنٌ عندَ أكثر العربِ .



وأما التَّلحين: فهو التَّطويلُ والتَّمطيطُ ، وهو مكروهٌ في الأذانِ والإقامةِ.(15)


الثالث: أداء الأذان باللغة العربية:


اتفق الفقهاء- في الجملة- على أنه يُشترط لصحة الأذان والإقامة أدائهما باللغة العربية، فلا يصح أدائهما بغيرِ اللُّغةِ العربيَّةِ، إلا ما رُوي عن أبي حنيفةَ بجوازِ ذلكَ إذا علم أنه أذان وإلا لم يجز.


واشتراط أداء الأذان والإقامة باللغة العربية هو قول جمهور الحنفية، وظاهر مذهب المالكية، وهو قول الشافعية والحنابلة. إلا أن الشافعية قيدوا هذا الاشتراط في حالة وجود من يحسن العربية، فإن لم يوجد من يحسنها صحَّا،

وكذلك إن كان يؤذن أو يقيم لنفسه وهو لا يحسن العربية وقد وافقهم بعض الحنابلة فيمن يؤذن أو يقيم لنفسه مع عجزه عن العربية. واستدلَّ على اشتراط اللغة العربية لصحةِ الأذانِ والإقامةِ بما يلي:


1- أن الأذان والإقامة وردا بلسانٍ عربيِّ في الأحاديث الدالّة على بدء مشروعيتهما ولم ترد بغير اللغة العربية، ومنها حديث عبد الله بن زيد أنه أري الأذان في المنام، وأنه بالعربية.


2- قياساً على أذكار الصلاة، فكما أنها لا تصح بغير العربية، فكذلك الأذان والإقامة؛ لأن كلَّاً منهما يُراد به التعبُّد(16)


إن هذه الشروط المتفق عليها بين الفقهاء لصحة الأذان، يجب على المؤذن أن يُراعيها وأن يلتزم بها لكي يكونَ أذانه صحيحاً، ثم إنَّ عليه أن ينتبه للحن المحيل عن المعنى فإنه لا يصح معه الأذان، بل يكون باطلاً،


ومما يؤسف له اليوم أن تسمع العشرات من المؤذنين بل المئات في معظم البلاد الإسلامية والعربية ممن يلحن في الأذان بهذا اللحن – أي اللحن المحيل عن المعنى- ثم لا تجد من ينصحه أو يغير عليه, بل يستمر سنوات على هذا اللحن،

وهذا من الخطأ الذي يجب على إمام المسجد أو المسئول المباشر على المسجد أن يتنبه لهذا الأمر ، فيقوم بتغييره، أو تعليمه، وهذا من أمور الدين التي لا يصح السكوت عنها؛ لأنه يسكت على أذان غير صحيح.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين،،

1 - المجموع(3/95)، والمغني(2/62).

2 - رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

3 - أي زالت الشمس.(النهاية(2/98)

4 - صحيح مسلم(1/354)(606).

5 - رواه أبو داود، وصححه الألباني كما في "صحيح الجامع" حديث(2787).

6 - أحكام الأذان والإقامة".

7 - الصحاح(1/259).

8 - فتح القدير(1/150).

9 - راجع: أحكام الأذان والإقامة ص(163).

10 - "الإبداع" ص(176)

11 - تلبيس إبليس(ص152).

12 - أحكام الأذان ص (163).

13 - رواه ابن أبي شيبة (1/229). وقد أورده البخاري تعليقاً مجزوماً به في باب رفع الصوت بالنداء.

14 - أحكام الأذان ص(164).

15 -راجع: مجموع الفتاوى – الجزء العاشر.

16 - راجع: رسالة في أحكام الأذان والإقامة ص(167).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:00 PM   #63
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

مشروعيّة الأذان والإقامة، للمنفرد


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه. أما بعد:


فقد اتفق الفقهاء-في الجملة-على مشروعيّة الأذان والإقامة، للمنفرد والجماعة ممن صلى في المصر1 في غير المسجد كمن صلّى في بيته, أو في المؤسسات التي تقام فيها الصلاة، والإقامة آكد من الأذان في ذلك2.


واختلفوا في وجوبهما على ثلاثة أقوال:


القول الأول:


أنهما لا يجبان، وهو رأي الجمهور من الحنفية والمالكية، والشافعية، والحنابلة3.


أدلة أصحاب هذا القول: استدلّ الجمهور على عدم وجوب الأذان والإقامة، بما يلي:


أولاً من السنة:


حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- في الأعرابي المسيء صلاته حيث قال له النبي-صلى الله عليه وسلم-:" إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن..."4



ووجه الدلالة من الحديث


أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أمر الأعرابي بأركان الصلاة وواجباتها، ولم يذكر معها الأذان والإقامة، فدلّ على عدم وجوبهم5.


ثانياً من الآثار:

ما روي أن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-صلّى بعلقمة، والأسود بغير أذان ولا إقامة، وقال : يجزئنا أذان الحيّ وإقامتهم6.


ووجه الدلالة في الأثر


إشارة إلى أن أذان الحيّ وإقامتهم وقع لكل واحد من أهل الحيّ7.


ما روي عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-أنه قال: إذا كنت في قرية يؤذّن فيه ويقام أجزأك ذلك8.


ما روي عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما-أنه كان لا يقيم بأرض تقام فيها الصلاة"9.


ثالثاً من المعقول:


أن الأذان لإعلام الناس حتى يجتمعوا، وذلك غير موجود هنا، فأشبه قوله:"الصلاة جامعة"10.


أن مقصود الأذان حصل بأذان غيره11.


قال الشيخ العثيمين-رحمه الله-وهو يتكلم على شروط إقامة الأذان، فذكر منها الجماعة، قال: "بخلاف المنفرد فإنه سنة في حقه؛ لأنه ورد فيمن يرعى غنمه ويؤذن للصلاة أن الله يغفر له ويثيبه على ذلك,
والحديث عن عقبة بن عامر –رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول:يعجب ربك من راعي غنم على رأس الشَّظِيَّة12 للجبل يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول الله: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم للصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي، وأدخلته الجنة13

وهذا يدل على استحباب الأذان للمنفرد وليس بواجب14.


وقال الشوكاني-رحمه الله تعالى-بعد أن ذكر حديث عقبة بن عامر، وغيره من الأحاديث التي تدل على فضل رفع الأذان :"وفيه دليل على أن الأذان يسن للمنفرد وإن كان بحيث لا يسمعه أحد"15.


القول الثاني:
أنهما يجبان وهو رواية عند الحنابلة16.


أدلة أصحاب القول: استدلّ من قال بوجوب الأذان والإقامة، بما يلي:


أولاً من السنة:


حديث مالك بن الحويرث-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال لهما:... فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم17.



ووجه الدلالة من الحديث


أنه-صلى الله عليه وسلم- أمر بالأذان، والأمر يقتضي الوجوب18. ولا جماعة معهم19.


حديث أبي الدرداء-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول:ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان...20.


ووجه الدلالة: أن الترك الذي هو نوع من استحواذ الشيطان يجب تجنّبه21.


ثانياً من الآثار:


عن عطاء بن أبي رباح قال: دخلت مع عليّ بن الحسين على جابر بن عبد الله فحضرت الصلاة، فأذَّن وأقام22.


القول الثالث:




أن الإقامة تجب دون الأذان، وهو رأي لبعض المالكية23.


أدلة أصحاب هذا القول:

استدلّ من يرى وجوب الإقامة دون الأذان، بما يلي:


أولاً من السنة:

حديث الرجل المسيء صلاته، فقد جاء في رواية:... فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد فأقم ثم كبر...24.



ووجه الدلالة من الحديث
أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أمره بالإقامة ضمن أركان وواجبات وشروط الصلاة، ولم يذكر الأذان، فدلّ على وجوبها دون الأذان.


الراجح-
والله أعلم-هو القول الأوّل القائل بعدم وجوب الأذان والإقامة للمنفرد, ولمن صلّى في المصر في غير المسجد، وذلك لقوة الأدلة والآثار الثابتة، ودلالة المعقول الذي استدلّ به، وسلامتها من المعارضة25.


1- 1- 2- 3- 1- 2- 1- 2-
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، والله الموفق إلى سواء السبيل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،

1 - المصر: البلدة

2 - راجع: المبسوط(1/133)، وبدائع الصنائع (1/152).

3 -المصادر السابقة.

4 - متفق عليه.

5 - المجموع(3/89)، مغني المحتاج(1/133)، والمغني (2/74).

6 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/199). والبيهقي واللفظ له في السنن الكبرى(2/166) وهو في صحيح مسلم بلفظ:" فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة"، صحيح مسلم بشرح النووي (5/15).

7 - بدائع الصنائع(1/653).

8 - البيهقي في السنن الكبرى(2/167).

9 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/200). والبيهقي في السنن الكبرى(2/167).

10 - المبسوط(1/133).

11 - المجموع (3/93).

12 - الشظية. القطعة المرتفعة من الجبل وهي بالظاء المعجمة.

13 - أبو داود في الصلاة باب الأذان في السفر..وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (1062)، وصحيح الجامع رقم(8102).

14 - راجع: الشرح الممتع على زاد المستقنع (2/41-42).

15 - نيل الأوطار.(2/43).

16 - المستوعب(2/49)، والمبدع(1/312).

17 - متفق عليه.

18 - مغني المحتاج(1/134).

19 - الأوسط(3/60).

20 - أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم(5701).

21 - نيل الأوطار(2/33).

22 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/199).

23 - المدونة(1/182).

24 - سنن أبي داود رقم (861).

25 - انظر أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(345).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:01 PM   #64
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

يكره في الأذان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:


فكما أن للعبادة سنناً فإن لها مكروهات ينبغي أن تجتنب، والأذن من العبادة التي لها سنن ومكروهات، فمن مكروهات الأذان ما يلي:


1- يكره الأذان إذا لم تتوفر فيه السنن الخاصة به،


وقد عد الحنفية أحوال الكراهة إذا لم تتحقق السنن فقالوا: يكره تحريماً أذان جنب وإقامته، ويعاد أذانه، وإقامة المحدث على المذهب، وأذان مجنون ومعتوه, وصبي لا يعقل، وامرأة, وخنثى، وفاسق، وسكران، وقاعد إلا إذا أذن لنفسه، وراكب إلا المسافر.


2- يكره التلحين



وهو التطريب أو التغني أو التمديد الذي يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان، أو الزيادة والنقص فيها، أما تحسين الصوت بدون التلحين فهو مطلوب. ويصح أذان ملحِّن على الراجح عند الحنابلة، لحصول المقصود منه كغير الملحن. ويكره أيضاً اللحن أوالخطأ في النحو أو الإعراب.


3- يكره المشي فيه؛


لأنه قد يخل بالإعلام، والكلام في أثنائه، حتى ولو بردِّ السلام، ويكره السلام على المؤذن، ويجب عليه أن يرد عليه بعد فراغه من الأذان.


ولا يبطله الكلام اليسير ويبطله الكلام الطويل؛ لأنه يقطع الموالاة المشروطة في الأذان عند الجمهور غير الحنفية. وأشار الحنابلة: أنه يجوز رد السلام في أثناء الأذان والإقامة.


4- يكره التثويب في غير الفجر،



(والتثويب أن يقول: الصلاة خير من النوم) سواء ثوَّب في الأذان أو بعده، لما روي عن بلال أنه قال: " أمرني رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أن أُثوِّب في الفجر، ونهاني أن أثوب في العشاء"(1



ولأن التثويب مناسب لصلاة الفجر حيث يكون الناس نياماً، فاحتيج إلى قيامهم إلى الصلاة عن نوم.


- قال الحنابلة: يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر،


لعمل أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم، قال أبو الشعثاء: " كنا قعوداً مع أبي هريرة-رضي الله عنه- في المسجد، فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي، فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة-رضي الله عنه-أما هذا فقد عصى أبا القاسم-صلى الله عليه وسلم-(2),



وقال عثمان بن عفان: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"من أدركه الأذان في المسجد، ثم خرج، لم يخرج لحاجة، وهو لا يريد الرجعة، فهو منافق"(3).


أما الخروج لعذر فمباح، بدليل أن ابن عمر خرج من أجل التثويب في غيره، وقال الشافعية: يكره الخروج من المسجد بعد الأذان من غير صلاة إلا العذر.




6- قال الحنابلة: يكره الأذان قبل الفجر في شهر رمضان مقتصراً عليه،



لئلا يغتر الناس به، فيتركوا السحور، ويحتمل ألا يكره في حق من عرف عادته بالأذان في الليل؛ لأن بلالاً كان يفعل ذلك، بدليل قوله-صلى الله عليه وسلم-:"إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم"(4)



وقوله-عليه السلام-:"لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، فإنه يؤذن بليل لينبه نائمكم، ويرجع قائمكم"(5).


-ويكره عندهم أي الحنابلة:القول قبل الإقامة: اللهم صلى على محمد، ولا بأس بنحنحة قبلها.


- كما يكره عندهم النداء بالصلاة بعد الأذان في الأسواق وغيرها، مثل أن يقول:" الصلاة، أو الإقامة، أو الصلاة رحمكم الله،



وقال النووي: " تسن الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم-قبل الإقامة(6)


يك أذان المحدث لما في الأذان من الدعاء والذكر.


يكره أذان الصبي: وقال جمهور العلماء : لا يجوز أصلاً.


يكره الأذان والإقامة للظهر يوم الجمعة لمن فاتته وللمعذور أيضاً.




5 7 8 9- 10- 11-
اللهم علمنا علماً ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،




1 -رواه ابن ماجه.

2 - رواه أبو داود والترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.

3 -رواه ابن ماجه.وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم(600).

4 - صحيح البخاري.

5 - صحيح البخاري.

6 - راجع: الفقه الإسلامي وأدلته ص(709-711).,
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:01 PM   #65
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

هل يَصِّح أذَانُ الفَاسِق؟؟


الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:


لا خلاف بين الفقهاء في أنه ينبغي اختيار المؤذن العدل، وقد جعلوا العدالة شرطاً في المؤذن الذي يعتمد عليه في دخول الأوقات
أي الذي يؤذن ابتداءً ويعتمد عليه غيره، فالفاسق لا يرتب مؤذناً، لأن الأذان مشروع للإعلام، والفاسق لا يقبل قوله ولا يوثق به.



فإن لم يكن هو المعتمد عليه في دخول الأوقات ابتداءً، فقد اختلفوا في صحة أذانه على قولين1.


القول الأول:




أنه يصح أذانه، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة.


أدلتهم:



أن الفاسق ذكر تصح صلاته فيعتد بأذانه كالعدل2.


لأن الأذان مشروع لصلاته وهو من أهل العبادة، فصح أذانه كالإقامة3.


القول الثاني:



أنه لا يصح أذانه ، وهو رواية عند الحنابلة هي المذهب.


أدلتهم:



من السنة: حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن".


حديث أبي محذورة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" أمناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم المؤذنون".


وجه الدلالة من الحديثين:



أن النبي-صلى الله عليه وسلم- وصف المؤذن بالأمانة، والفاسق غير أمين4.


حديث عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:" ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم".


وجه الدلالة:

أن الحديث دلّ على أن المؤذن يكون من خيار الناس، والفاسق ليس كذلك.5





ثانياً : من المعقول:



أن الأذان مشروع للإعلام ولا يحصل الإعلام بقوله لأنه ممن لا يقبل خبره ولا روايته6.




الترجيح:



الراجح_ والله أعلم- هو القول الأوّل القائل بصحة أذان وإقامة الفاسق إذا لم يكن هو المعتمد عليه في دخول الوقت ابتداءً وذلك لوجاهة ما استدلّوا به، وأمّا ما استدلّ به أصحاب القول الثاني فيمكن مناقشته بما يلي:


أنّ حديثي أبي هريرة وأبي محذورة اللذين جاء فيهما وصف المؤذن بالأمانة، ليس فيهما ما يفيد عدم صحة أذان وإقامة الفاسق.


أن حديث عبد الله بن عباس:" ليؤذن لكم خياركم.." ضعيف.


الاستدلال بأن الفاسق لا يقبل خبره ولا روايته، هذا تعليل ليس بوجيه لأن الرواية تختلف عن الأذان من وجوه عديدة ليس الأذان منها.7 8.




اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم علمنا علماً ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك سميع قريب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


1 - راجع: المغني(2/68-69). والمجموع(3/108-109)، ومغني المحتاج(1/138).وغيرها من مراجع الفقه.

2 - المغني(2/69).

3 - المبدع(1/328).

4 - الشرح الكبير مع المغني لابن قدامة (1/428-429).

5 - أحكام الأذان والنداء ص(265).

6 - المغني(2/68).

7 - مفرادات مذهب الإمام أحمد في كتاب الصلاة ص(52).

8 - أحكام الأذان والنداء ص(266).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:02 PM   #66
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

سنـن الأذان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:


فإن العبادات لها سنن يستحب أن تكون مصاحبة لها أو تأتي بعدها كما في الصلوات المفروضة، والأذان عبادة من العبادات التي يتقرب بها إلى الله-عزوجل-،له سنن يستحب أن يؤتى بها،

وقد ذُكِرت بعض هذه السنن في الصفات المستحبة للمؤذن إلا أنه لا يمنع من ذكرها هنا من أجل أن تكتمل الفائدة ويعم الخير للمسلمين، فالسنن كما يلي:


أن يكون المؤذن صيِّتاً، حسن الصوت، يرفع صوته بالأذان
1-،


لقوله-صلى الله عليه وسلم-في خبر عبد الله بن زيد فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت به، فإنه أندى منك صوتاً)(1)



أي أبعد، ولزيادة الإبلاغ، وليرقّ قلب السامع، ويميل إلى الإجابة. أما رفع الصوت: فليكون أبلغ في إعلامه، وأعظم لثوابه،



كما في حديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: (المؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس)(2).


أن يؤذن قائماً على حائط أو منارة للإسماع
2--


إلا أن الحائط أو المنارة قد أغنت عنها المبكرات الصوتية في زماننا": قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن السنة أن يؤذن قائما"



وجاء في حديث أبي قتادة أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال لبلالقم فأذن)(3)،



وكان مؤذنو رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يؤذنون قياماً.فإن كان له عذر كمرض، أذن قاعداً.



أن يكون المؤذن حراً بالغاً أميناً صالحاً عالماً بأوقات الصلاة
3-،



لحديث ابن عباسليؤذن لكم خياركم ويؤمكم أقراؤكم) وهذا سنة عند الجمهور غير المالكية، أما المالكية فيشترطون العدالة ،

كما أن الشافعية يشترطون في موظف الأذان العلم بالوقت.


أن يكون متوضئاً طاهراً،
4-



للحديث (لا يؤذن إلا متوضئ) وفي حديث ابن عباسإن الأذان متصل بالصلاة فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر)(4).


أن يكون المؤذن بصيراً؛
5-



لأن الأعمى لا يعرف الوقت، فربما غلط، فإن أذن الأعمى صح أذانه، فإن ابن أم مكتوم كان يؤذن للنبي-صلى الله عليه وسلم-،



قال ابن عمر فيما روى البخاري:" كان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت"



وقال المالكية: يجوز أذان الأعمى إن كان تبعاً لغيره أو قلد ثقة في دخول الوقت.


أن يجعل أصبعيه في أذنيه،
6-



لأنه أرفع للصوت، ولما روى أبو حنيفة:" أن بلالاً أذن، ووضع إصبعيه في أذنيه"(5).



وعن سعد مؤذن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال : (إنه أرفع لصوتك)(6).


أن يترسَّل(يتمهل أو يتأنى) في الأذان بسكته بين كل كلمتين
7-،


ويحدر(يسرع) في الإقامة، بأن يجمع بين كل كلمتين، لما روي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال لبلال-رضي الله عنه-: (إذا أذنت فترسَّل، وإذا أقمت فاحدر)(7).



ولأن الأذان لإعلام الغائبين بدخول الوقت، والإعلام بالترسل أبلغ، أما الإقامة فلإعلام الحاضرين بالشروع في الصلاة، ويتحقق المقصود بالحدر.


أن يستقبل القبلة في الأذان والإقامة
8-:



لأن مؤذني النبي-صلى الله عليه وسلم-كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة ولأن فيه مناجاة فيتوجه بها إلى القبلة.


أن يؤذن محتسباً،
9-



ولا يأخذ على الأذان والإقامة أجراً باتفاق العلماء، ولا يجوز أخذ الأجرة على ذلك عند الحنفية، والحنابلة في ظاهر المذهب؛

لأنه استئجار على الطاعة، وقربة لفاعله، والإنسان في تحصيل الطاعة عامل لنفسه، فلا تجوز الإجارة عليه كالإمامة وغيرها؛



ولأن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال لعثمان بن أبي العاص(واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)(8).


وأجاز المالكية والشافعية في الأصح الاستئجار على الأذان؛ لأنه عمل معلوم يجوز أخذ الأجر عليه كسائر الأعمال،


وأفتى متأخرو الحنفية وغيرهم بجواز أخذ الأجرة على القربات الدينية، ضماناً لتحصيلها بسبب انقطاع المكافآت المخصصة لأهل العلم من بيت المال.



كما أن الحنابلة قالوا: إن لم يوجد متطوع بالأذان والإقامة، أعطي من يقوم بهما من مال الفيء المعد للمصالح العامة.


10- يستحب عند الجمهور غير الحنفية أن يكون للجماعة مؤذنان، لا أكثر؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم-:" كان له مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم"(9)،



ويجوز الاقتصار على مؤذن واحد للمسجد، والأفضل أن يكون مؤذنان لهذا الحديث، فإن احتاج إلى الزيادة عليهما، جاز إلى أربعة؛



لأنه كان لعثمان-رضي الله عنه-أربعة مؤذنين، ويجوز إلى أكثر من أربعة بقدر الحاجة والمصلحة عند الحنابلة والشافعية.


وإذا تعدد المؤذنون فالمستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، كما فعل بلال وابن أم مكتوم، كان أحدهما يؤذن بعد الآخر؛ ولأن ذلك أبلغ في الإعلام.



ويصح في حالة تعدد المؤذنين: إما أن يؤذن كل واحد في منارة، أو ناحية، أو يؤذنوا دفعة واحدة في موضع واحد.


يستحب أن يؤذن المؤذن في أول الوقت ليعلم الناس
11-،



فيستعدوا للصلاة، وروى جابر بن سمرة قال:" كان بلال لا يؤخر الأذان عن الوقت، وربما أخر الإقامة شيئاً"10،



وفي رواية قال: " كان بلال يؤذن إذا مالت الشمس لا يؤخر، ثم لا يقيم، حتى يخرج النبي-صلى الله عليه وسلم- فإذا خرج أقام حين يراه"(11)


12- يجوز استدعاء الأمراء إلى الصلاة، لما روت عائشة-رضي الله عنهما-أن بلالاً جاء فقال: السلام عليك يا رسول الله وبركاته، الصلاة يرحمك الله، ف
قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: مروا أبا بكر فليصل بالناس، وكان بلال يسلم على أبي بكر وعمر-رضي الله عنهما-،

كما كان يسلم على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.


13- يستحب ألا يقوم الإنسان قبل فراغ المؤذن من أذانه، بل يصبر قليلاً إلى أن يفرع أو يقارب الفراغ، لأن في التحرك عند سماع الأذان تشبهاً بالشيطان(12).


هذه سنن الأذان وإن كنا قد أفردنا معظمها في بحوث مستقلة إلا أننا جمعنها هنا مختصرة لكي تعم الفائدة ويلم القاري بها في بحث واحد وإن أحب أن يرجع ليقرأ كل بحث منفرداً .


اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، وارزقنا الإخلاص في القول والعمل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،،.

1 - أخرجه أبو داود في متاب الصلاة، باب كيف الآذان( سنن أبي داود(1/244 رقم(499)). وغيره. وحسنه الألباني في صحيح أبي داود(1/98) رقم(469). وفي إرواء الغليل(1/50) رقم(246).

2 - رواه الخمسة إلا الترمذي.وصححه الألباني في مشكاة المصابيح رقم(667).

3 - متفق عليه.

4 - سبل السلام"(1/192).

5 - متفق عليه.

6 - أخرجه ابن ماجه ، والحاكم ، والطبراني وابن عدي(نصب الراية(1/ 278).وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه رقم(149).

7 أخرجه الترمذي، إسناده مجهول:" نصب الراية(1/122).وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي رقم(30).

8 - رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال : حديث حسن.

9 متفق عليه.

10 - رواه ابن ماجه.

11 - رواه أحمد في المسند.

12 - راجع: الفقه الإسلامي وأدلته ص(1/703-709).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:02 PM   #67
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم أذان الأعمى

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:


إن البصر نعمة عظيمة من نعمة الله-عزوجل-، وهي صفة مستحبة في المؤذن لأن البصير أولى من الأعمى، وذلك لعلمه بدخول الوقت،

إلا أنه يصح أذان الأعمى فقد اتّفق الفقهاء جميعاً على صحة أذان الأعمى، وعلى أنه لا يكره إذا كان معه من يخبره بدخول الأوقات، أو إذّا أذّن بعد بصير1.


واستدّلوا على ذلك بما يلي:


أولاً: من السنّة:




أن مؤذن النّبيّ-صلى الله عليه وسلم-عبد الله بن أُمّ مكتوم كان أعمى، كما دلّت على ذلك الأحاديث الصحيحة، ومنها حديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- وفيه قوله:"وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت"2. ولا يختلف في حِلّ أذانه3.


أما من المعقول:


1- أن الإعلام يحصل بصوت الأعمى4.


2- أن قول الأعمى مقبول في الأمور الدينية فيكون ملزم5.


3- لإمكان الوقوف على المواقيت من قبل غيره ممن يثق به ويتثبت في أمره6.


4- أن الأعمى لا يوجد العيب في دينه، وإنما العيب في عينيه7.


واختلف الفقهاء في كراهة أذان الأعمى إذا لم يكن معه من يخبره بدخول الأوقات، أو لم يكن مقلّداً لغيره من المؤذنين المبصرين، مع اتفاقهم على صحته-كما تقدم- وذلك على قولين:


1- أنه لا يكره، وهو قول الحنفية والمالكية8.


أدلتهم:




استدلّوا بالأدلّة الدالَّة على صحة أذان الأعمى، وعدم كراهته إذا كان معه من يخبره بالأوقات أو أذّن بعد أذان بصير كحديث ابن عمر المتقدم وغيره9.


2- أنه يكره ، وهو قول الشافعية والحنابلة10.


واستدلوا بما يلي:


أ*- من الآثار:



ما روي عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-أنّه قال: "مَا أُحِبُّ أَن يَكونَ مُؤَذِّنُوكُمْ عُمْيانكُم"11.


ب*- ما روي عن ابن عباس-رضي الله عنه- أنه كره إقامة الأعمى12.


ت*- ما روي أن ابن الزبير-رضي الله عنه- كان يكره أن يؤذن المؤذّن وهو أعمى13.


من المعقول:



1- أن الأعمى لا علم له بدخول الوقت لعدم قدرته على مشاهدة دخول الوقت، وهو في الأصل مبنيّ على المشاهدة14.


2- أنه ربما غلط في الوقت15.


3- أن الأعمى يفوّت على الناس فضيلة أول الوقت وذلك لاشتغاله بمعرفة دخول الوقت بسؤال غيره ونحو ذلك16.


وأخيراً:




إن القول بكراهة أذان الأعمى إذا لم يكن معه من يخبره بدخول الأوقات أو لم يكن مقلداً لغيره فهو قول وجيه، وتتأكد الكراهة إذا نصب كمؤذن راتب، وليس معه من يخبره بدخول الأوقات،



إلا أنه يلاحظ في وقتنا الحالي أن أذان الأعمى يصح بلا كراهة في الغالب، وذلك لكثرة الوسائل الحديثة التي يعرف بها دخول أوقات الصلوات، وتعدّده17.


اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،


1 - بدائع الصنائع(1/150)، والمغني (2/69).

2 - متفق عليه.

3 - بدائع الصنائع(1/150).

4 - المصدر السابق.

5 - البحر الرائق(1/279).

6 - بدائع الصنائع(1/150).

7 - مواهب الجليل(1/451).

8 - رد المحتار(1/392).

9 - أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(269).

10 - الأم(1/84).وشرح مسلم للنووي(4/83).

11 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/197). رقم (2252).، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات" مجمع الزوائد(2/102).

12 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/197) رقم(2253).

13 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/197)، رقم (2254). والبيهقي في السنن الكبرى (2/201) رقم (2045).

14 -بدائع الصنائع(1/150).

15 - المغني(2/69).

16 - المجموع(3/111).

17 - راجع: أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(270) بتصرف يسير.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:03 PM   #68
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

تعدّد المؤذنين


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه. أما بعد:


فقد اتّفق الفقهاء على جواز تعدّد المؤذنين في المسجد الواحد1،
والمستحب عند الشافعية والحنابلة أن لا يزيد عن اثنين2 لأن الذي حفظ عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه كان له مؤذنان، بلال, وابن أُّم مكتوم الأعمى- رضي الله عنهما-.


إلا أن تدعو الحاجة إلى الزيادة عليهما فيجوز، فقد روي عن عثمان-رضي الله عنه- أنه كان له أربعة مؤذنين3.


وإن دعت الحاجة إلى أكثر من ذلك كان مشروعاً، إلا أن بعض فقهاء الشافعية يرى عدم الزيادة على أربعة، وقد ردّ هذا القول النووي وغيره.



قال النووي:" وأنكر المحققون هذا ... وقالوا: إنما الضبط بالحاجة ورؤية المصلحة... لأنه إذا جازت الزيادة على ما كان في زمن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-للحاجة، فالزيادة على ما كان في زمن عثمان للحاجة أولى"4


إذا كان أكثر من مؤذن في المسجد الواحد فكيف يكون أذانهم: إذا كان الواحد يُسمع الناس، فالمستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، وذلك لما يلي:


1- أن مؤذّني النّبيّ-صلى الله عليه وسلم-كان أحدهما يؤذن بعد الآخر5.


2- أن ذلك أبلغ في الإعلام6.


3- أن فيه فائدة إدراك حكاية المؤذن الثاني لمن فاته الأول، فيحصل له الأجر7.



وإن كان الإعلام لا يحصل بواحد، أذّنوا بحسب ما يحتاج إليه، إما أن يؤذن كل واحد في منارة أو ناحية، أو أذّنوا دفعة واحدة في موضع واحد، وإن خافوا من تأذين واحد بعد الآخر فوت أول الوقت أذّنوا جميعاً دفعة واحدةً8.



ولكن يشترط إن أذّنوا جماعة أن يؤذن كل واحد منهم لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره9.



فإن الأذان جماعة على وتيرة واحدة بدعة، وهو ما يسمى بأذان الجَوْق10لأنه مستحدث مخالف للسنّة، وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك11.


مفاسد أذان الجَوْق:


1- مخالفة السنّة.


2- أنه لا يسمع ولا يفهم السامع ما يقولون.


3- من كان من المؤذنين صيتاً حسن الصوت وهو المطلوب في الأذان خفي أمره.


4- الغالب على بعضهم أنه لا يأتي بالأذان كلّه، لأنه لا بدّ أن يتنفس فيجد غيره قد سبقه فيحتاج إلى أن يبني على صوت من تقدمه فيترك ما فاته.


وفي العصر الحاضر ومع وجود مكبّرات الصوت، فإن الغرض من تعدّد المؤذنين تغني عنه هذه المكبّرات، التي توزع صوت المؤذن في جميع الجهات12.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد

والحمد لله رب العالمين

1 - راجع: فتح القدير(1/249).س

2 - المهذب مع المجموع(3/129-130)، والمغني(2/89).

3 - التلخيص الحبير(1/522).

4 - المجموع(3/130).

5 - المغني(2/89).

6 - المهذب والمجموع (3/130-131).

7 - مواهب الجليل(1/453).

8 - المجموع (3/130-131).

9 -مواهب الجليل(1/453).

10 - الجوق: كل خليط من الرعاء أمرهم واحد، وهو أيضاً الجماعة من الناس. لسان العرب(2/424).

11 - كتاب الأم(1/84).

12 - راجع: أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(278).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:03 PM   #69
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان للصلاة الفائتة




الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً, أحمده سبحانه وأشكره وأؤمن به وأتوكل عليه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.أما بعد:


إن المكلف إذا فاتته صلاة من الصلوات، بعذر من الأعذار الشرعية، كالنسيان، أو الإغمى، أو النوم حتى خرج وقتها فإن عليه أن يقضيها، لكن هناك سؤالاً هل يؤذن للصلاة الفائتة أم لا؟ هذا ما سنعرفه في هذا المبحث القصير:


للفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال هي كالتالي:


القول الأول:


أنه يستحبّ أن يؤذن للصلاة الفائتة، وهو مذهب الحنفية, ورأي لبعض المالكية, والمعتمد عند الشافعية(هو قول الإمام الشافعي في القديم) ومذهب الحنابلة1.


القول الثاني:
أنه لا يؤذن للفائتة، وهو مذهب المالكية، ووجه للشافعية ( قول الإمام الشافعي في الجديد) ورواية عند الحنابلة، وحكم بكراهته المالكية2.


القول الثالث:


أنه لا يؤذن إلّا إذا أمل اجتماع الناس، وهو رأي لبعض المالكية ووجه للشافعيّة3.


لما ذا هذا الاختلاف؟!:


يرجع سبب الاختلاف إلى أمرين :


الأمر الأول:


اختلاف روايات الأحاديث الواردة في قضاء النبي-صلى الله عليه وسلم-ومن معه من الصحابة لصلاة الفجر في قصة التعريس، وكذلك قضائهم للصلوات الفائتة يوم الخندق.

فجاء في بعض الروايات الأذان لها، وبعضها لم تذكر إلّا الإقامة والبعض أطلق لفظ النداء


الأمر الثاني:
الاختلاف في الأذان هل هو حق للوقت، أو للصلاة، أو للجماعة؟4.


أدلة القول الأول:


استدلّ القائلون باستحباب الأذان للفائتة، بما يلي:



أولاً: من السنّة:


ما روي في قصة ليلة التعريس، عندما نام النّبيّ-صلى الله عليه وسلم-والصحابة عن صلاة الفجر حتى طلع حاجب الشمس، وفيها قول النّبيّ-صلى الله عليه وسلم-:" ...يا بلالُ قم فأذن بالناس بالصلاة"، فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس وابياضَّت قام فصلَّى"5.


ثانياً: من المعقول:


أن الأذان من سنن الصلاة المفروضة فاستوى حاله في الوقت وغيره، كالإقامة6.


أدلة القول الثاني:


اتسدلّ القائلون بعدم الأذان للفائتة، بما يلي:


أولاً: من السنة:


1- حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: "حبسنا يوم الخندق حتى ذهب هويُّ7من الليل، حتى كفينا،

وذلك قول الله-تبارك وتعالى-: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً) (الأحزاب:25).


1-قال: فدعا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بلالاً فأقام، فصلى الظهر، وأحسن كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام للعصر فصلاها كذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كذلك..."8.


2- حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- في قصة التعريس وفيه: "... فدعا بالماء أي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فتوضأ ثم صلى سجدتين، ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة"9.



وجه الدلالة من الحديثين السابقين: أنه ذكر الإقامة للصلوات ولم يذكر أذان10. فدلّ على أن الفائتة من الصلوات لا يؤذن لها.


ثانياً: من المعقول:



1- قياساً على فعل النبي-صلى الله عليه وسل-حيث روى ابن عمر-رضي الله عنهما-:" أن النبي-صلى الله عليه وسلم-جمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة كل واحدة منهما بإقامة.."11.


أدلة القول الثالث:


استدل القائلون بعدم الأذان للفائتة إلّا إذا أمل الاجتماع بالمعقول،




فقالوا: إن الأذان مشروع للإعلام وجمع الناس، فإذا لم يؤمل الجمع فلا يشرع الأذان، لأنه لا وجه له، أما إذا أمل الجمع كان له وجه فيشرع حينئذٍ12.


الترجيح:




بالنظر في الأدلة السابقة يلاحظ أن اختلاف الروايات الواردة في غزوة الخندق، وقصة التعريس، هي سبب الاختلاف في هذه المسألة كما تقدم.


فأمّا روايات غزوة الخندق فقد يعترض عليها بأنها منسوخة بشرع صلاة الخوف، كما صرّحت بذلك بعض الروايات أن هذه الحادثة كانت قبل نزول قوله-تعالى-:(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً)(البقرة: من الآية239)، والنسخ قول الجمهور13.


وأمّا ما يتعلق بقصة التعريس، فالاستدلال بها ثابت، وقد صحّ فيها ذكر الأذان للفائتة؛ لأن فيه زيادة، والأخذ بها أولى ومن سمع حجّة على من لم يسمع. وبهذا يستحب الأذان للفائتة14.
هذا إذا كان صلاة واحدة.


الأذان للصلاة الفائتة إذا كانت متعددة:


اختلف الفقهاء القائلون باستحباب الأذان للفائتة، في الأذان لها إذا تعدّدت، هل يكتفي بأذان للأولى أم يؤذن لكل واحدة منها؟ على قولين:


القول الأول:


أنه يؤذن للأولى فقط، وهو رأي لبعض الحنفية، وبعض المالكية، والمعتمد عند الشافعية( هو قول الإمام الشافعي في القديم)، ومذهب الحنابلة15 .


أدلتهم :



أولاً من السنة
:



ما روي عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-:" أن المشركين شغلوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء"16.


ثانياً من المعقول:


أن الصلوات الفائتة جمعها وقت واحد فيؤذّن ويقام للأولى ويقام للباقية كجمع المغرب والعشاء في مزدلفة، والظهر والعصر بعرفة17.


أدلة القول الثاني:



أولاً من السنة:




ما روي عن ابن مسعود –رضي الله عنه-عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم:" أنه حين شغلهم الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات قضاهن، فأمر بلالاً أن يؤذن ويقيم لكل واحدة منهن"18.


ثانياً من المعقول:




أن القضاء يكون على حسب الأداء، وقد فاتتهم الصلاة بأذان ، فتقضى كذلك، فيؤذن لكل صلاة19.


الترجيح:




الراجح-والله أعلم- هو القول الأول القائل بأنه يؤذن للأولى فقط من الفوائت، وذلك لوجاهة ما استدلّوا به، وأما أدلة القول الثاني فهي لا تناهض تلك الأدلة20.


اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل وارزقنا الإخلاص في القول والعمل ، والحمد لله رب العالمين،،،

1 - بدائع الصنائع(1/154). والمبسوط(1/136).

2 - المهذب مع المجموع(3/91). والإنصاف(1/393).

3 - مواهب الجليل(1/423)، المهذب مع المجموع(3/91)،

4 - راجع: أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(329).

5 - متفق عليه.

6 - الحاوي الكبير(2/47).، البحر الرائق(1/276).

7 - الهَوي: بالفتح: الحينُ الطويل من الزمان، وقيل: هو مختص بالليل(النهاية لابن الأثير(5/245).

8 - أحمد (3/67).وقال الشوكاني:"رجال إسناده رجال الصحيح, راجع: نيل الأوطار(2/31).

9 - صحيح مسلم (1/471)(680)،كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة.

10 - الذخير(2/68,69).

11 - البخاري.

12 - المغني(2/76)، والمهذب مع المجموع(3/91).

13 - نيل الأوطار(2/31).

14 - راجع:أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(334).

15 - فتح القدير(1/251). مواهب الجليل(1/423).

16 -الترمذي.

17 - فتح القدير(1/251).

18 - المبسوط (1/136). بدائع الصنائع(1/154).

19 - بدائع الصنائع(1/154).

20 -راجع: أحكام الأذان والإقامة ص(337).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:04 PM   #70
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

إقامة الصلاة لغير المؤذن



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:


فإن هناك مسالة مهمة في الآذان والإقامة، ألا وهي حكم إقامة الصلاة لغير المؤذن،


وهذه مسألة تنازع فيها الفقهاء في أيهما أولى أن يقيم من أذن، أو غيره، ومع اتفاقهم على جواز إقامة الصلاة لغير المؤذن1.


وكما قلنا أن العلماء قد اختلفوا فيمن هو أولى وأفضل على قولين2:



القول الأول:
أنه لا فرق وأن الأمر فيه متسع، فلا بأس أن يؤذن رجل ويقيم غيره، وهذا قول كتقدمي المالكية، ورواية عند الحنابلة، إلا أن الحنفية قيدوه بعدم تأذي المؤذن من إقامة غيره.



القول الثاني:

أنه يستحب أن يتولى الإقامة من تولى الآذان، هو قول متأخري المالكية، ومذهب الشافعية والصحيح عند الحنابلة، ووافقهم الحنفية على هذا الرأي إذا كان المؤذن يتأذى من إقامة غيره.



فلو أقام غير المؤذن فقد كرهه الشافعية في الوجه الصحيح، وهو رواية عند الحنابلة، ورأي لبعض الحنفية إذا تأذى المؤذن من ذلك.


وسبب خلاف الفقهاء في هذه المسألة يعود على أنه قد ورد حديثان ظاهرهما التعارض،




أحدهما حديث الصدائي وفيه: (من أذن فهو يقيم)3.



والثاني حديث عبد الله بن زيد-رضي الله عنه- حين رأى الأذان : (أمر رسول الله بلالاً فأذن، ثم أمر عبد الله فأقام)4.



فمن ذهب مذهب النسخ قال: حديث عبد الله بن زيد متقدم وحديث الصدائي متأخر،



ومن ذهب مذهب الترجيح قال: حديث عبد الله بن زيد أثبت؛ لأن الصدائي انفرد به عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وليس بحجة عندهم5.



ولعل الراجح في هذه المسألة أن يقال: إن الأصل جواز الأمرين: (أي أن يقيم غير المؤذن، وأن يقيم المؤذن نفسه) إلا أن الأفضل أن يتولى الإقامة من تولى الأذان إذا تيسر ذلك6.



فهذا هو السنة وذلك لما يلي:


أولاً:
أن حديث عبد الله بن زيد إنا فوض الأذان إلى بلال لأنه كان أندى صوتاً من عبد الله على ما ذكر في الحديث، والمقصود من الأذان الإعلام ومن شرطه: الصوت، وكلما كان الصوت أعلى كان أولى، وأما زياد بن الحارث فكان جهوري الصوت ومن صلح للأذان كان للإقامة أصلح7.


ثانياً:


قد يكون هذا الحديث خاصاً بعبد الله بن زيد، وتكون الأولوية باعتبار غيره من الأمة، والحكمة في التخصيص هي رؤيا الأذان8.


ثالثاً:


أن السابق بالإعلام الأول وهو الأذان أحق بالإعلام الثاني وهو الإقامة9.


رابعاً:


القول بحديث الصدائي أولى لأنه نص في موضع الخلاف10.



لذلك فقد قال الحكيم الترمذي -رحمه الله-:


والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم11.


أما القول بكراهة أن يقيم غير من أذن فبعيد؛


لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج على دليل12.



والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




1 - انظر الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة(1/151) والمجموع(3/128). ونيل الأوطار(2/58).

2 - راجع المبسوط (1/132). وبدائع الصنائع(1/151). والمدونة(1/180) والأم(1/86) والمغني(2/71) والإنصاف(1/389). نقلاً عن أحكام النداء والآذان والإقامة، إعداد سامي بن فراج الحازمي صـ(281).

3 - أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم(17678، و17679)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يؤذن ويقيم آخر( سنن أبي داود (1/252 حديث(512))، والترمذي في أبواب الصلاة، باب من أن من أذن فهو يقيم( جامع الترمذي(1/240) حديث(199)، وابن ماجه في السنن(1/237 برقم(717). وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (1/50) رقم(102). وضعيف ابن ماجه(152).

4 - أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم(16590)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يؤذن ويقيم آخر( سنن أبي داود (1/252 برقم(512).

5 - بداية المجتهد(1/147، 148). وللاستزادة من أدلة كل قول في هذه المسألة، ومناقشة أدلة كل قول، وردود أصحاب كل قول على الآخر فليراجع: " أحكام النداء والآذان والإقامة" إعداد سامي بن فراج الحازمي صـ(282- 287).

6 - فتاوى اللجنة الدائمة(6/77).

7 - الاعتبار صـ(52).

8 - نيل الأوطار(2/58).

9 - البحر الزخار صـ(196).

10 - الجامع لأحكام القرآن (6/113).

11 - جامع الترمذي(1/241).

12- انظر إعلاء السن للتهانوي(1/113). راجع :" أحكام النداء والآذان والإقامة" إعداد سامي بن فراج الحازمي، صـ(287- 288).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:04 PM   #71
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أذان المحــدِث


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان على يوم الدين.
أما بعد:


فإن للأذان شروطاً وآداباً، ينبغي للمؤذن القيام بها، فمن آدابه المستحبة أن يكون المؤذن متطهراً من الحدثين الأصغر والأكبر،



ويتأكد ذلك في الإقامة أكثر لاتصالها بالصلاة، وهذا الأدب اتفق الفقهاء على اعتباره1.



واستدلوا على ذلك بأدلة منها:


حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤذن إلا متوضئ)2.


وحديث المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ،
ثم اعتذر إليه فقال: (إن كرهت أن أذكر الله -عز وجل- على طهر)
أو قال: (على طهارة)3.



وجه الدلالة أنه كره أن يذكره الله إلا على طهر، وفي الأذان والإقامة ذكر لله فإتيانهما مع الطهارة مطلوب.



وكذلك استدلوا بحديث عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (يا ابن عباس: إن الأذان متصل بالصلاة، فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر)4.



واستدلوا كذلك بما روي عن وائل بن حجر أنه قال: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا طاهر... 5.



وعللوا لقولهم ذلك بأن الأذان ذكر مشروع معظَّم فأداءه مع الطهارة أقرب إلى التعظيم، مثل الطهارة لقراءة القرآن وللخطبة6.



ولأن المؤذن يدعوا إلى الصلاة، فليكن بصفة من يبادر إليها؛ كالعالم العامل إذا تكلم انتفع الناس بعلمه، فإن لم يكن متطهراً فهو واعظ غير متعظ،
وقد يدخل تحت قول الله-تعالى-: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} 7. سورة البقرة (44).


وكذلك اتفق الفقهاء على صحة الأذان والإقامة من المحدث حدثاً أصغر
، وقد حكى الإجماع على ذلك الوزير ابن هبيرة8.



واتفقوا كذلك على كراهة إقامة المحدث حدثاً أصغر؛ لأن السنة وصل الإقامة بالشروع في الصلاة، فكان الفصل مكروه9.


إلا رأياً لبعض الحنفية بعدم الكراهة؛ لأنه أحد الأذانين10.



نسأل الله أن يفقهنا في الدين وأن يعلمنا التأويل. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. والله أعلم.

1 - بدائع الصنائع(1/151). وفتح القدير(1/251).

2 - أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء( جامع الترمذي1/241) حديث(200)). والبيهقي في السنن الكبرى(2/148) رقم(1897) وقد روي موقوفاً على أبي هريرة، هو أصح من المرفوع؛ كما قرر ذلك جمع من الأئمة منهم الترمذي والبيهقي وغيرهم.

3 - أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب أيرد السلام وهو يبول( سنن أبي داود1/14 برقم(17)). والنسائي في كتاب الطهارة، باب رد السلام بعد الوضوء(سنن النسائي(1/40 برقم(38)). وابن ماجه في السنن1/126 برقم(350))، وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود (1/16).

4 - أخرجه أبو الشيخ في كتاب الأذان( انظر نصب الراية(1/367). وسبل السلام(1/221).

5 - أخرجه البيهي في السنن الكبرى(2/148 رقم(1898).

6 - بدائع الصنائع(1/151). والمغني(2/68).

7 - انظر: المبسوط(1/132). ومغني المحتاج(1/138).

8 - انظر الإفصاح عن معاني الصحاح(1/68).

9 - المبسوط(1/131) وبدائع الصنائع(1/151) والأم(1/85). والمغني(2/68) والإنصاف(1/386، 387).

10 - الهداية مع فتح القدير(1/252). وللاستزادة من التفاصيل والتفريعات في حكم أذان وإقامة المحدث حدثاً أصغر أو أكبر راجع: " إحكام الأذان والنداء والإقامة" صـ(192- 197).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:05 PM   #72
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان الأول لصلاة الجمعة


الحمد الله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:


فإن الأذان لصلاة الجمعة كان في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر-رضي الله عنهم- كان أذاناً واحداً- سوى الإقامة-،



وكان يرفع حين يجلس الإمام على المنبر؛ فلما كان عهد عثمان-رضي الله عنه- زاد أذاناً ثالثاً على الزوراء- وهي دار أو موضع في سوق المدينة- حين كثر الناس،



دل على ذلك حديث السائب بن يزيد- رضي الله عنه-: إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلما كان في خلافة عثمان- رضي الله عنه- وكثروا- أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك1.


وقد اتفق جمهور الفقهاء على الأخذ بالأذان الذي زاده عثمان- رضي الله عنه- للجمعة، وأنه سنة2.



واستدلوا على ذلك بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)3.


واستدلوا بإجماع الصحابة حيث أن عثمان لما شرع الأذان وافقه سائر الصحابة بالسكوت وعدم الإنكار، فصار إجماعاً سكوتي4.



ويدل على ذلك ما جاء في بعض روايات الحديث الآنف الذكر: فلم يعب الناس ذلك عليه، وقد عابوا عليه حين أتم الصلاة بمنى5.


ويرى بعض العلماء ترك الأذان الذي سنه عثمان، إما لأنه بدعة، أو لأن ما كان عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر- رضي الله عنهم- أولى، ومنهم الإمام الشافعي والإمام الصنعاني6.


ولعل الراجح- والله أعلم- هو القول الأول القائل بمشروعية الأذان الأول الذي سنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها من المناقشة7.


وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بلد الحرمين8.



وانتصر للقول بمشروعية الأذان الأول للجمعة العلامة ابن عثيمين- رحمه الله- في عدد من كتبه، ومنها شرح رياض الصالحين، كتاب الفضائل، باب فضل الأذان(3/139- 140) حيث قال: والجمعة لها أذان أول من سنة عثمان- رضي الله عنه-وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم:


قال بعض المتحذلقين الذين يدعون أنهم سلفيون سنيون: إن أذان الجمعة الأول بدعة لا نقبله؛ لأنه بدعة لم يكن على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم-،



وهذا القول منهم قدح للنبي –صلى الله عليه وسلم-، وقدح بالخلفاء الراشدين، قدح بالصحابة- رضي الله عنهم-وهؤلاء المساكين وصلوا إلى هذا الحد من حيث لا يعلمون، أما كونه قدحاً بالرسول- صلى الله عليه وسلم-فلأن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)9.



وبإجماع المسلمين أن عثمان من الخلفاء الراشدين، وأما كونه قدح بالخلفاء الراشدين فلأنه قدح بعثمان- رضي الله عنه- وهو منهم، والقادح في واحد منهم قادح في الجميع،

كما أن المكذب للرسول الواحد مكذب بجميع الرسل، وأما كونه قدحاً في الصحابة، فلأن الصحابة لم ينكروا على عثمان مع أنه لو أخطأ لأنكروا عليه كما أنكروا عليه الإتمام في " منى" في الحج، لكن أذان الجمعة الأول لم ينكروا عليه،



فهل هؤلاء المتحذلقون المخالفون أعلم بشريعة الله ومقاصدها من الصحابة؟! لكن صدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (إن آخر هذه الأمة يلعن أولها آخرها)10- والعياذ بالله- ويقدح فيهم، فالأذان الأول للجمعة أذان شرعي بإشارة النبي –صلى الله عليه وسلم-، وسنة أمير المؤمنين عثمان- رضي الله عنه-، وبإجماع الصحابة الإجماع السكوتي ولا عذر لأحد، وقطع الله لسان من يعترض على خلفاء هذه الأمة الراشدين وعلى الصحابة.


قد يقول قائل: لماذا لم يشرعه الرسول –صلى الله عليه وسلم- والجمعة موجودة في عهده؟



والجواب: أن السبب هو أن الناس في عهد عثمان كثروا واتسعت المدينة واحتاجوا إلى أذان ينبههم يكون قبل الأذان الأخير الذي يكون عند مجيء الإمام فكان من الحكمة أن يؤذن، وعثمان بنى على أساس فهاهو النبي –صلى الله عليه وسلم- يأمر بلاللاً أن يؤذن بآخر الليل،

لا لأن الصلاة حلت ولكن ليوقظ النائم، ويرجع القائم، فهو مقصد شرعي، ولا إشكال في شرعية أذان الجمعة الأول، إذاً فالأذان الأول ليوم الجمعة مشروع بسنة الخلفاء الراشدين، وإيماء سيد المرسلين محمد وإجماع الصحابة الذين أدركوا هذ11.



ولكن ينبغي أن يكون الأذان الأول لصلاة الجمعة الذي سنه عثمان بن عفان-رضي الله عنه- قبل دخول الوقت؛ لأن عثمان سنه لإعلام الناس بأنه قد قرب وقت الصلاة فليستعدوا وليتركوا ما هم عليه من العمل، وليتأهبوا للصلاة، وليحضروها قبل حضور الخطيب.



والله أعلم.


سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


1 - أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التأذين عند الخطبة( صحيح البخاري1/290 برقم(916)).

2 - بدائع الصنائع(1/152) والهداية مع فتح القدير(2/68، 69)، دار الفكر – بيروت، الطبعة الثانية(1397هـ). وفتح الباري(2/458). دار الريان للتراث، القاهرة، الطبعة الأولى(1407هـ). والكافي لابن قدامة(1/222). تحقيق زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، (1399هـ).

3 - أخرجه أحمد في المسند برقم(17275) وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم(4594) والترمذي في كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، رقم(2815). وقال حديث حسن صحيح، وابن ماجه(1/15،16 رقم(42).وقال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر صحيح الجامع ، رقم(4369) وفي غيره من الكتب.

4 - شرح البخاري للكرماني(6/27) ط: دار إحياء التراث العربي(1401هـ). ومجموع فتاوى ابن تيمية(24/193 ، 194) دار عالم الكتب المعارف، الرياض. الطبعة الثانية(1404هـ)..

5 - عمدة القاري(5/298).

6 - راجع الأم(1/195). تصحيح محمد زهري النجار، دار المعرفة، بيروت الطبعة الثانية(1393هـ). وسبل السلام(1/217). تحقيق حازم علي القاضي، مكتبة نزار الباز، مكة المكرمة. الطبعة الأولى(1420هـ).

7 - أحكام الأذان والنداء والإقامة صـ(308). دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى(1425هـ).

8 - راجع الفتوى رقم(1647). ورقم (2601).

9 - سبق تخريجه.

10 - صححه الألباني في أكثر من كتاب من كتبه؛ منها الرواء (2455). والمشكاة(165) وصحيح ابن ماجه(40، 41) والسلسلة الصحيحة (937).

11 - راجع شرح رياض الصالحين(3/139- 140). ط: المكتبة الإسلامية. الطبعة الأولى(1423هـ).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:05 PM   #73
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

وضع الأصبعين في الأذنين
حال الأذان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:




فإنه يستحب للمؤذن أن يضع أصبعيه في أذنيه حال الأذان1 عند جمهور الفقهاء، من الحنفية والشافعية والحنابلة،


أما المالكية فيقولون بأنه جائز وليس من المستحبّات، وعلّلوا ذلك بعدم وجوده في مسجد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-2.


أما جمهور الفقهاء فقد استدلّوا على استحباب ذلك بما يلي:


أولاً من السنة:


1- حديث أبي جحيفة-رضي الله عنه-قال:" رأيت بلالاً يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وإصبعاه في أذنيه..."3.


2- وقد ذكره البخاري تعليقاً فقال: ويذكر عن بلالٍ أنه جعل إصبعيه في أذنيه4.


قال الحافظ في الفتح:


" وأما وضع الإصبعين في الأذنين فقد رواه مؤمل أيضاً عن سفيان أخرجه أبو عوانة وله شواهد ذكرتها" أي الحافظ ابن حجر " في تغليق التعليق من أصحها ما رواه أبو داود وابن حبان من طريق أبي سلاَّم الدمشقي أن عبد الله الهوزني حدثه قال: قلت لبلال كيف كانت نفقة النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-فذكر الحديث وفيه:" قال بلال فجعلت إصبعي في أذني فأذنت"5.


3 حديث سعد القرظ-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال:" إنه أرفع لصوتك"6.


ثم إن في وضع الإصبعين في الأذان فوائد منها:


1- أنه أجمع للصوت؛لأن الصوت يبدأ من مخارج النّفَس، فإذا سدّ أُذنيه اجتمع النّفس في الفم فخرج الصوت عالياً، فيكون أبلغ في الإسماع7.


2- أنه ربما لم يسمع إنسان صوته لصمم أو بعد أو غيرهما، فيستدلّ بإصبعيه على أذانه8.


والله أعلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين

1 - بدائع الصنائع(1/151).

2 - مواهب الجليل (1/439).

3 - أخرجه الترمذي(197). وقال حديث حسن صحيح.

4 - صحيح البخاري(608).

5 - فتح الباري(2/115).

6 - أخرجه ابن ماجه في السنن (710). وضعفه الألباني (231).

7 - فتح القدير(1/245).

8 - المجموع(3/117).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:06 PM   #74
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أخذ الأجرة على الأذان


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد:


فإن الأذان للصلاة عبادة محضة لله -عز وجل-؛



وكما هو معلوم أن العبادة لابد لقبولها من شرطين أساسيين: أحدهما الإخلاص لله-تعالى-. والثاني: الموافقة للسنة؛ قال العلامة حافظ حكمي-رحمه الله-:


شرط قبول السعي أن يجتمعا *** فيه إصابـة وإخلاص معا

لله رب العـرش لا ســواه *** موافق الشرع الذي ارتضاه

وكلمـا خالـف للــوحيين *** فإنــه رد بغـير مــين

وعلى هذا فإنه ينبغي أن يكون المؤذن للصلاة لا يبتغي إلا وجه الله -عز وجل-، فلا ينتظر من أحد جزاءا ولا شكوراً، حتى يؤجر على أذانه، وأن يكون لأذانه تأثيراً على قلوب السامعين، ويحصد تلك الفضائل العظيمة التي جعلت للمؤذنين الذين يؤذنون ابتغاء مرضاة الله.


ولكن هنا ينبغي أن تتطرق لمسألة مهمة جداً، وهي لو أن مؤذناً أخذ الأجر على الأذان والإقامة، فما حكم الشرع في ذلك؟



نجيب على هذا السؤال بما قاله أهل العلم في هذه المسألة، فنقول: اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛


فمنهم أجاز ذلك، مستدلاً بقوله تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} سورة الشورى (23).


وكذلك بحديث عثمان بن أبي العاص-رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال (أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)1.


وأيضاً بما روي أن رجلاً قال لابن عمر-رضي الله عنهما-: يا أبا عبد الرحمن إني أحبك في الله، فقال له ابن عمر: وأنا أبغضك في الله، قال: لِمَ؟ قال: إنك تبغي في أذانك وتأخذ عليه أجر2.



وذكروا لهذا القول تعليلات عدة؛ منها: أن الأذان قربة لفاعله، لا يصح إلا من مسلم، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه كما هو في الصوم والصلاة3.



ولأن الاستئجار على الأذان والإقامة سبب لتنفير الناس والرغبة عن هذه الطاعات؛ لأن ثقل الأجر يمنعهم عن ذلك4.

وذهب بعضهم إلى عدم جوازه
، مستدلين بحديث أبي محذورة-رضي الله عنه-- وتعليم النبي-صلى الله عليه وسلم- الأذان له، وفيه: ... ثم دعاني حين قضيت التأذين، فأعطاني صرة فيها شيء من فضة...5.



ولأن الأذان فعل يجوز التبرع به عن الغير، فلا يكون كونه قربة مانعاً من الإجارة قياساً على الحج عن الغير وبناء المساجد أو كتب المصاحف، والسعاية على الزكاة6. ولأن الأذان عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه، فجاز أخذ الأجرة عليه كسائر الأعمال7.



وذهب البعض إلى التفصيل في هذه المسألة، فأجازوا أخذ الأجرة للحاجة، وبأن لا يشترط ذلك
،


واستدلوا بحديث عثمان بن أبي العاص- رضي الله عنه-، وعللوا لجوازه في حالة الحاجة؛ بقلة من يقوم بالأذان حسبة لله –تعالى-، فبمراعاته للأوقات والاشتغال به يقلّ اكتسابه عما يكفيه لنفسه وعياله، فيأخذ الأجرة لئلا يمنعه الاكتساب عن إقامة هذه الوظيفة الشريفة8.


ولعل سبب اختلاف الفقهاء في هذه المسألة يرجع إلى ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-:



ومأخذ العلماء في عدم جواز الاستئجار على هذا النفع، أن هذه الأعمال يختصّ أن يكون فاعلها من أهل القرب بتعليم القرآن، والحديث، والفقه، والإمامة، والأذان، لا يجوز أن يفعله كافر، ولا يفعله إلا مسلم، بخلاف النفع الذي يفعله المسلم والكافر: كالبناء والخياط، والنسج، ونحو ذلك،



وإذا فعل العمل بالأجرة لم يبق عبادة لله، فإنه يبقى مستحقاً بالعوض، معمولاً لأجله، والعمل إذا عمل للعوض لم يبق عبادة: كالصناعات التى تعمل بالأجرة. فمن قال: لا يجوز الاستئجار على هذه الأعمال،



قال: إنه لا يجوز إيقاعها على غير وجه العبادة لله، كما لا يجوز إيقاع الصلاة والصوم والقراءة على غير وجه العبادة لله، والاستئجار يخرجها عن ذلك.




ومن جوز ذلك، قال: إنه نفع يصل إلى المستأجر، فجاز أخذ الأجرة عليه؛ كسائر المنافع. قال وإذا كانت لا عبادة في هذه الحال، لا تقع على وجه العبادة، فيجوز إيقاعها على وجه العبادة، وغير وجه العبادة، لما فيها من النفع.


ومن فرق بين المحتاج وغيره -وهو أقرب- قال: المحتاج إذا اكتسب بها أمكنه أن ينوي عملها لله، ويأخذ الأجرة ليستعين بها على العبادة فإن الكسب على العيال واجب أيضاً،


فيؤدي الواجبات بهذا بخلاف الغني لأنه لا يحتاج الكسب، فلا حاجة تدعوه أن يعملها لغير الله، بل كان الله قد أغناه، وهذا فرض على الكفاية: كان هو مخاطباً به، وإذا لم يقم إلا به كان ذلك واجباً عليه عين9.


ولعل الراجح- والعلم عن الله- هو قول من قال بأنه لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان والإقامة إلا في حالة الحاجة، ومن غير شرط، خصوصاً في هذه العصور المتأخرة التي كثر فيها اشتغال الناس بطلب معاشهم، فغالبهم يمضي الساعات في ذلك، وإذا لم يؤخذ بهذا القول فقد يؤدي إلى تعطيل كثير من المساجد من هذه الشعيرة العظيمة.


وبهذا القول يتم الجمع بين الحديثين الواردين في هذه المسألة وهما محل النزاع- أعني- حديث عثمان بن أبي العاص، الدال على المنع، وحديث أبي محذورة الذي يدل على الجواز10.


ولكن لابد من التنبيه هنا على أنه ينبغي للمؤذن أن يتق الله- تعالى- في هذه الشعيرة العظيمة، إذا تولاها فلا يجعلها مصدر كسب فحسب ثم هو ينسى أن الأصل فيها أنها عبادة لله؛ لأننا نرى بعض المؤذنين- هدانا الله وإياهم- يتولى هذا الأمر وظيفياً وعملاً يوليه غيره من الناس، والله المستعان11.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 - أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم(16378) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين( سنن أبي داود(1/260 برقم(531)). وغيرهما.

2 - أخرجه عبد الرزاق في المصنف(1/482 برقم(1853)، وابن أبي شيبة(1/207 برقم(2372).

3 - المبسوط(1/140) وبدائع الصنائع(1/152).

4 - بدائع الصنائع(6/14).

5 - أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم(15454) والنسائي في كتاب الأذان باب كيف الأذان( سنن النسائي2/332،333 رقم(631).

6 - الذخيرة (2/66).

7 - المهذب مع المجموع(3/132) والمغني(2/70).

8 - ارجع المبسوط(1/140) ورد المحتار(1/392).

9 - مجموع الفتاوى(30/206- 207).

10 - انظر نيل الأوطار(2/60).

11 - راجع : " أحكام الأذان والنداء والإقامة، إعداد سامي بن فراج الحازمي صـ(296).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:06 PM   #75
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الصفات المستحبة في المؤذن
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:


فإن هناك صفات مستحبة ينبغي توفرها في المؤذن، ومن هذه الصفات ما يلي:


أن يكون المؤذن بصيراً،

1. وهذه الصفة اتفق جمهور الفقهاء على استحبابها، وأنه أولى من الأعمى؛ لأنه أعلم بدخول الوقت1.



وظاهر مذهب المالكية عدم ترجيح أذان البصير على الأعمى تأسياً على أن مؤذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان أعمى وهو ابن أم مكتوم، والأمانة هي المرجح بين الأعمى والبصير عند المالكية2.


وقد اتفق الفقهاء جميعاً على صحة أذان الأعمى، وعلى أنه لا يكره إذا كان معه من يخبره بدخول الأوقات، أو إذا أذَّن بعد بصير3.


أن يكون المؤذن صيتاً حسن الصوت فصيحاً،
2.



وهذه صفة اتفق الفقهاء -رحمهم الله- على أنه يستحب أن يختار للأذان المؤذن الصيت صاحب الحسن، دون ما فيه غلظة أو فظاظة4.



وقد استدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال له: (فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت به فإنه أندى صوتاً منك)5. ومعنى: (أندى) أي أرفع وأعلى وأبعد، وقيل أحسن وأعذب6.



ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختار أبا محذورة للأذان لكونه صيتاً، وذلك في قصة إسلامه، وطلب أبو محذورة من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعله مؤذناً بمكة- فقال: (قد أمرتك به)7.


واستدلوا كذلك بما روي أن مؤذناً أذن فطرَّب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز-رحمه الله-: أذِّن أذاناً سمحاً و إلاَّ فاعتزلن8.



واستدلوا أيضاً بأن المقصود من الأذان الإعلام، وإذا كان المؤذن صيتاً ما أبلغ في الإسماع9. ولأن المؤذن إذا كان حسن الصوت فإنه يكون أرق لسامعيه، فيميلون إلى الإجابة10.



فصاحب الصوت الحسن له تأثير عجيب في جذب قلوب الناس، وهزّ قلوبهم الحنين إلى علام الغيوب، ومن ثم إتيانهم إلى المسجد لأداء الصلاة. فمن المشاهد أن المصلين في المسجد الذي مؤذنه حسن الصوت أكثر عدداً من غيره.




أن يكون المؤذن حراً،



3. وهذه أيضاً صفة اتفق الفقهاء على استحبابها، وقد نقل الإجماع على ذلك ابن هبيرة 11.



واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قرَّاؤكم) 12.


وجه الدلالة أنه أمر بأن يكون الأذان لخيارنا، والحر خير من العبد. واستدلوا بما روي أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- سأل فقال: من مُؤذنوكم اليوم؟ قالوا: موالينا وعبيدنا، قال: إن ذلك بكم لنقص كثير، أو كبير13. ولأن الحر أولى لأنه أكمل14.



ولأن العبد لا يتفرغ لمراعاة الأوقات لاشتغاله بخدمة المولى15. ولأن العبد الغالب عليه الجهل16.



4. وهناك صفات أخرى تستحب في المؤذن، ذكرها بعض الفقهاء، منها ما ذكره فقهاء الحنفية من أنه يستحب أن يكون المؤذن عالماً بالسنة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم)17.


فقالوا: وخيار الناس العلماء؛ ولأن مراعاة سنن الأذان لا تأتي إلا من العالم به18. واستحبوا أيضاً أن يكون مواضباً على الأذان ؛


لأن حصول الإعلام لأهل المسجد بصوت الواظب أبلغ من غيره؛ لأن صوته يصير معهوداً للقوم فلا يقع الاشتباه، فكان أفضل19.



وقال فقهاء المالكية: ويستحب أن يكون المؤذن حسن الهيئة20. وقال فقهاء الشافعية: يستحب أن يكون من ولد من جعل الأذان فيهم، أو من الأقرب فالأقرب إليهم21. واستدلوا لذلك بما يلي: حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أنَّ النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (الملك في قريش، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة) 22. وبقول أبي محذورة- رضي الله عنه-: جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأذان لنا 23.



والله أعلم.

1 - بدائع الصنائع(1/150) ورد المحتار(1/392) والأم(1/84). والمغني(2/69)

2 - انظر الذخيرة(2/65). ومواهب(1/451).

3 - راجع المصادر السابقة في الهامشين السابقين.

4 - بدائع الصنائع(7/435). والمصباح المنير(1/350). والمجموع(3/110).

5 - أخرجه أبو داود في متاب الصلاة، باب كيف الآذان( سنن أبي داود(1/244 رقم(499)). وغيره. وحسنه الألباني في صحيح أبي داود(1/98) رقم(469). وفي إرواء الغليل(1/50) رقم(246).

6 - النهاية(5/32). ولسان العرب(14/97).

7 - القصة رواها مسلم مختصرة (1/287) رقم (379)، وأحمد مطولة (3/409). وغيرهما.

8 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/207). برقم(2375).

9 - مواهب الجليل(1/437). ومغني المحتاج(1/138) والكافي لابن قدامة( 103).

10 - الأم(1/87) المغني(2/70). ومغني المحتاج(1/138).

11 - الإفصاح عن معاني الصحاح(1/68). والمبسوط(1/137). وبدائع الصنائع(1/150). والذخيرة(2/65). والمهذب(3/108). والفروع(1/279). والإنصاف(1/382).

12 - أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة( سنن أبي داود(1/283 حديث(590)). وابن ماجه في كتاب الأذان والسنة فيها، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين. وقال الشيخ الألباني : (ضعيف). انظر ضعيف الجامع، رقم(4866).

13 - أخرجه عبد الرزاق في المصنف(1/486، 487، رقم(1871) وابن أبي شيبة(1/204 رقم(2346). والبيهقي في السنن الكبرى(2/200). ورجاله ثقات.

14 - المجموع(3/109).

15 - المبسوط(1/137). وبدائع الصنائع(1/150).

16 - بدائع الصنائع(1/150).

17 - سبق تخريجه.

18 - بدائع الصنائع(1/150).س ورد المحتار(1/393).

19 - المبسوط(1/140). وبدائع الصنائع(1/150).

20 - الذخيرة(2/65). ومواهب الجليل(1/437).

21 - المهذب(3/110). والمجموع(3/110). ومغني المحتاج(1/138).

22- أخرجه أحمد في المسند برقم(8746). والترمذي في المناقب، باب فضل اليمين(جامع الترمذي برقم(4193)). وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي(3/592) ط: مكتبة المعارف(1420هـ). وصحيح الجامع، رقم (6729).

23 - المهذب مع المجموع(3/110). انظر: "أحكام الأذان والنداء والإقامة" صـ(267- 273).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:07 PM   #76
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان بواسطة آلة التسجيل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه. أما بعد:


فإن الأذان من أفضل العبادات القولية، ومن شعائر الإسلام الظاهرة التي إذا تركها أهل بلد وجب قتالهم، وهو العلامة الفارقة بين دار الإسلام ودار الكفر،



وقد شرع للصلوات الخمس المفروضة، المقصود الأعظم منه هو الإعلام بدخول وقت فريضة من فرائض الصلاة، وقد ذكر الفقهاء شروطاً لصحته، وصفاتاً تشترط فيمن يؤذن،



فمن شروط صحته وجود النيّة، فإذا أتى المؤذن بألفاظ الأذان دون قصد لم يصح الأذان- على القول الراجح- فلا بدّ من أن ينوي المؤذن عند أدائه الأذان أن هذا أذان لهذه الصلاة الحاضرة التي دخل وقتها،



ومن الصفات المشترطة في المؤذن أن يكون مسلماً عاقلاً ذكراً مميزاً، ولهذا لا يصح الأذان من الصبي غير المميز باتفاق الفقهاء(1)، ولا من السكران، والمجنون والمغمى عليه، على رأي الجمهور(2).




وقد جرت العادة أخيراً في بعض البلاد الإسلامية على إذاعة الأذان في المذياع بواسطة أسطوانة، أو شريط تسجيل تسجل عليه كلمات الأذان، من غير أن يكون هناك يؤدي الأذان في تلك اللحظة يداع فيها، وإنما هو تسجيل لصوت مؤذن ردد كلمات الأذان ثم تعاد إذاعتها بعد ذلك مرات ومرات، والمراد من ذلك لفت انتباه الناس إلى أن وقت الفريضة قد دخل.




وهذه المسألة هي ما يسمى بمسألة توحيد الأذان وما يتردد الحديث عنها في وسائل الإعلام هذه الأيام وفيها من المحاذير ما يلي:


1- الحرمان من الأجر والثواب الذي حث عليه النبي صلي الله عليه وسلمفي فضل الأذان: فعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي عليه وآله وسلم يقول: 'المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة' رواه مسلم




وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة " رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري


قال الحافظ: وهو كما قال فإن عبد الله بن صالح كاتب الليث وإن كان فيه كلام فقد روى عنه البخاري في الصحيح3


وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني: إني أراك تحب الغنم والبادية


فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدي صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة،



قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. رواه البخاري وغيره، فكيف يحرم كل هؤلاء المؤذنين من هذا الأجر العظيم؟!


2- بروز بعض الإشكالات خاصة في البلدة الكبيرة المترامية الأطراف، وذلك عند حدوث بعض النوازل كالمطر والريح، ونحوها، في بعض ضواحي البلدة فلن يتسنى للمؤذن الواحد أن يقول في أذانه لأهل هذه المنطقة " صلوا في رحالكم " ويسكت عنها في منطقة أخرى والأذان واحد.!!!! وبالتالي تموت كثير من السنن




ولهذا فقد صدرت فتاوى وقرارات من الهيئات والمجمّعات الإسلامية، تتضمّن عدم الأخذ بذلك، وأنه لا يكفي في الأذان المشروع للصلوات المفروضة أن يؤذن من الشريط المسجل عليه الأذان،


ولا يجوز في أداء هذه العبادة، ولا يحصل به الأذان المشروع،


وأن على المسلمين في كل جهة تقام فيها الصلاة أن يعيِّنوا من بينهم من يحسن أداءه عند دخول وقت الصلاة(4).


فمن تلك القرارات، قرار المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العلام الإسلامي بشأن حكم الأذان للصلوات في المساجد عن طريق مسجلات الصوت" الكاسيتات" ومحاذير ذلك ونصّه:


" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أمّا بعد:



فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي المنعقد بدورته التاسعة في مكة المكرمة من يوم السبت(12/7/1406هـ) إلى يوم السبت (19/7/1406هـ) وبعد استعراض ما تقدم من بحوث وفتاوى والمداولة في ذلك، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تبين له ما يلي:


1- أن الأذان من شعائر الإسلام التعبدية الظاهرة، المعلومة من الدين بالضرورة بالنصّ وإجماع المسلمين، ولهذا فالأذان من العلامات الفارقة بين بلاد الإسلام وبلاد الكفر، وقد حكي الاتفاق على أنه لو اتّفق أهل بلد على تركه لقوتلوا.




2- التوارث بين المسلمين من تاريخ تشريعه في السنة الأولى من الهجرة وإلى الآن، ينقل العمل المستمر بالأذان لكل صلاة من الصلوات الخمس في كل مسجد، وإن تعدّدت المساجد في البلد الواحد.




3- في حديث مالك بن الحويرث-صلى الله عليه وسلم-أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم"(5).




4- أن النية من شروط الأذان، ولهذا لا يصح من المجنون ولا من السكران ونحوهما، لعدم وجود النية في أدائه، فكذلك في التسجيل المذكور.




5- أن الأذان عبادة بدنية، قال ابن قدامة-رحمه الله تعالى- في المغني(1/425)، " وليس للرجل أن يبني على أذان غيره؛ لأنه عبادة بدنية فلا يصح من شخصين كالصلاة" أ.هـ




6- أن في توحيد الأذان للمساجد بواسطة مسجل الصوت على الوجه المذكور عدة محاذير ومخاطر منها ما يلي:




أ*- أن يرتبط بمشروعية الأذان أن لكل صلاة في كل مسجد سنناً وآداباً، ففي الأذان عن طريق التسجيل تفويت لها وإماتة لنشرها مع فوات شرط النية فيه.




ب*- إنه يفتح على المسلمين باب التلاعب بالدين، ودخول البدع على المسلمين في عباداتهم وشعائرهم، لما يفضي إليه من ترك الأذان بالكلية والاكتفاء بالتسجيل.




وبناءً على ما تقدم فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرّر ما يلي:


أن الاكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة بواسطة آلة التسجيل ونحوها لا يجزئ ولا يجوز في أداء هذه العبادة، ولا يحصل به الأذان المشروع،

وأنه يجب على المسلمين مباشرة الأذان لكل وقت من أوقات الصلوات في كل مسجد على ما توارثه المسلمون من عهد نبيّنا ورسولنا-صلى الله عليه وسلم- إلى الآن.



والله الموفق وصلىَّ الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين"(6).




و هناك عدة فتاوى حول هذه المسألة منها:



فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم
: عندما سؤال عن الأذان بواسطة التسجيل قال رداً على السائل :


"من محمد بن إبراهيم إِلى سعادة رئيس المكتب الخاص بالديوان الملكي سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:


فبالإِشارة إِلى خطابكم رقم 3052-3 وتاريخ 26-12-86 هـ المرفق به رسالة بن غوله العربي، نهج العربي ابن مهيدي من جليجل بالجزائر حول استبدال الأَذان الشرعي باسطوانات مسجلة، وما جاء بخطاب المذكور من استنكار لذلك.


لقد تأَملنا ما ذكر. ووجدنا ما قاله هو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه. وذلك لأَن الأَذان من أَفضل العبادات القولية ومن فروض الكفايات، ومن شعائر الإِسلام الظاهرة التي إِذا تركها أَهل بلد وجب قتالهم، وهو واجب للصلوات الخمس المكتوبة، وكان هو العلامة الفارقة بين بلاد المسلمين وبلاد الكفر،

لأَن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان إِذا أَراد الإِغارة على قوم انتظر حتى تحضر الصلاة فإِن سمع الأَذان كف عنهم وإِلا أَغار عليهم.


وللأذان شروط منها "النية" ولهذا لا يصح من النائم, والسكران, والمجنون, لعدم وجود النية، والنية أَن ينوي المؤذن عند أَدائه الأَذان أَن هذا أَذان لهذه الصلاة الحاضرة التي دخل وقتها.


ومن أَين للأُسطوانات أَن تؤدي هذه المعاني السامية، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إِذا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَليُؤَذِّنَ لَكُمْ أَحَدُكُمْ) متفق عليه.


فهل الأُسطوانة تعتبر كواحد من المسلمين.



والحقيقة أَننا نستنكر استبدال الأَذان بالاسطوانات. وننكر على من أَجاز مثل هذا لما تقدم، ولأَنه يفتح على الناس باب التلاعب بالدين، ودخول البدع على المسلمين في عباداتهم وشعائرهم،


وقد قال-صلى الله عليه وسلم-: (مَن أَحْدَثَ فِيْ أَمْرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ)) وفي رواية ((مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)). والمقام يقتضي أَكثر من هذا ولكن آثرنا الاختصار. والله الموفق والهادي إِلى الصواب. والسلام عليكم.


مفتي البلاد السعودية (ص-ف-35 في 3-1-1387 هـ) فهرس المجلد الثاني (أصول الفقه - الطهارة – الصلاة)


ومنها فتوى اللجنة الدائمة:


الأذان من آلة التسجيل السؤال السادس من الفتوى رقم (4091) س: الأذان سنة للصلوات المفروضة، وما حكمه بآلة التسجيل إن كان المؤذنون لا يتقنونه؟



جـ: الأذان فرض كفاية بالإضافة إلى كونه إعلاماً بدخول وقت الصلاة ودعوة إليها، فلا يكفي عن إنشائه عند دخول وقت الصلاة إعلانه مما سجل به من قبل،



وعلى المسلمين في كل جهة تقام فيها الصلاة أن يعينوا من بينهم من يحسن أداءه عند دخول وقت الصلاة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز الفتوى رقم (10189)
س: قد سمعت من بعض الناس في الدول الإسلامية أنهم يسجلون بالشريط المذياع أذان الحرمين الشريفين ويضعون المذياع أمام المكبر ويؤذن بدل المؤذن

فهل تجوز الصلاة؟ مع ورود الدليل من الكتاب والسنة، ومع تعليق بسيط؟


جـ:
إنه لا يكفي في الأذان المشروع للصلوات المفروضة أن يؤذن من الشريط المسجل عليه الأذان، بل الواجب أن يؤذن المؤذن للصلاة بنفسه لما ثبت من أمره عليه الصلاة والسلام بالأذان، والأصل في الأمر الوجوب. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز.


فتوى العثيمين:
سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين هل يصح الأذان بالمسجل ؟ فأجاب فضيلته بقوله : الأذان بالمسجل غير صحيح ؛ لأن الأذان عبادة ، والعبادة لابد لها من نية .



وسئل أيضاً:


عن الأذان في المذياع أو التلفاز هل يُجاب ؟



فأجاب قائلاً :
الأذان لا يخلو من حالين : الحال الأولى : أن يكون على الهواء أي أن الأذان كان لوقت الصلاة من المؤذن فهذا يجاب
لعموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن " . إ


لا أن الفقهاء رحمهم الله قالوا : إذا كان قد أدى الصلاة التي يؤذن لها فلا يجيب . الحال الثانية : إذا كان الأذان مسجلاً وليس أذاناً على الوقت فإنه لا يجيبه لأن هذا ليس أذاناً حقيقياً أي أن الرجل لم يرفعها حين أمر برفعه وإنما هو شيء مسموع لأذان سابق . وإن كان لنا تحفظ على كلمة يرفع الأذان ولذا نرى أن يقال أذن فلان لا رفع الأذان .


وفي سؤال له رحمه الله في لقاء الباب المفتوح ج2/280 اللقاء 34 / سؤال رقم 986 :


نص السؤال:



يا شيخ هناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان لو قرأ سورة البقرة لا يدخل الشيطان في بيته لكن لو كانت السورة مسجلة على شريط هل يحصل نفس الأمر .؟



الجواب :
لا..لا... صوت الشريط ليس بشيء لا يفيد لأنه لا يقال قرأ القرآن ، يقال : استمع إلى صوت قارئ سابق . ولهذا لو سجلنا أذان مؤذن فإذا جاء الوقت جعلناه في الميكرفون وتركناه يؤذن ، هل يجزئ ؟؟ لا يجزئ،



ولو سجلنا خطبة خطيب مثيرة ، فلما جاء يوم الجمعة وضعنا هذا المسجل وفيه الشريط أمام الميكرفون ، فقال المسجل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ثم أذن المؤن ثم قام فخطب ، هل تجزيء؟؟
لا .. تجزيء ... لماذا ؟؟ لأن هذا تسجيل صوت ماضٍ كما لو أنك كتبته في ورقة ، لو كتبت ورقة أو وضعت مصحفاً في البيت ...هل يجزئ عن القراءة ؟ لا.. يجزئ .


ومن المحاذير أيضاً


ما قاله الأستاذ خير الدين وانلي:" وقد انتشرت هذه البدعة حديثاً؛ حباً منهم في الطرب وسماع أصوات المؤذنين المشهورين بالتنغيم والتطريب، وقد يضعون شريط أذان الفجر سهواً، فتنادي الآلة نهاراً: " الصلاة خير من النوم"، أو يستمر الشريط بعد الأذان، ويكون فيه موسيقى أو غناء!!"(7) .


نسأل الله جل وعلا أن يعصمنا من الزلل والتلاعب بالدين أن سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين،،،.


1 - بدائع الصنائع(1/150).

2 - راجع: فتاوى ورسائل ابن إبراهيم(2/111-113).

3 قال الألباني: صحيح لغيره " صحيح الترغيب والترهيب:1/5 كتاب الصلاة 1 - الترغيب في الأذان وما جاء في فضله.

4 - المصدر السابق.

5 - متفق عليه.

6 راجع: أحكام الأذان والإقامة ص(176-177).

7 - راجع: المسجد في الإسلام ص(255-256).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:08 PM   #77
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

التّثــويب فـي الأذان


الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمَّا بعدُ:



تعريف التثويب:


في اللغة:

مصدر ثوَّب يُثوِّبُ،يقال: ثابَ الرّجلُ يَثُوبُ ثوَباً:رجَع بعدَ ذهابِهِ،ويُقال:ثابَ فلانٌ إلى اللهِ، أي عاد ورجع إلى طاعتِهِ(1).


في الاصطلاح:


للتّثويبِ عند الفُقهاءِ إطْلاقانِ:


الأول:

التّثويبُ الوارِدُ في السُّنَّة هو: العَوْدُ إلى الإعلام بالصلاة بعد الإعلام الأول،بقولِهِ:"الصَّلاةُ خيرٌ من النَّومِ"،مرَّتينِ في أذانِ الفجر(2).

الثاني :


التثويب المحدث، الذي أحدثه علماءُ الكوفة من الحنفية،وهو: أنْ يقولَ بين الأذان والإقامة(حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح) مرتين، أو أي عبارة أخرى حسب ما تعارف عليه أهل كل بلدة، كتنحنح، أو الصلاة الصلاة، أو قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، ونحو ذلك(3).



التثويب في السنّة:


اتفق الفقهاءُ رحمهم الله على أنَّ هذا التثويب سنَّةٌ في الأذان لصلاة الفجر، وقد حكى الإجماعَ على ذلك ابنُ هُبيرة رحمه الله (4).


ومِنْ أدلَّتِهم عَلَى أنَّ التَّثويبَ سُنَّة في أذانِ الفَجْرِ،مَا يَلِي:


1- قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة رضي الله عنه :"...فإنْ كَانَت صَلاةَ الصُّبْحِ قُلْتَ:" الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ..."(5).


2- حديث بلال رضي الله عنه أنه أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُؤذنه بالصُّبحِ فوجده راقِداً، فقالَ: الصلاة خير من النوم، مرتين. فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم :" ما أحسن هذا يا بلال اجعله في أذانك"(6).


3- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"كَانَ التَّثْويبُ في صَلاةِ الغَدَاةِ إِذَا قالَ المُؤَذٍّنُ في أَذَانِ الفَجْرِ: حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، فَلْيَقُل: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ(7).


موضع التّثويب في أذان الفجر:


اختلف الفقهاء في موضع التثويب في أذان صلاة الفجر، بعد اتّفاقهم على أنه سنّة فيه وذلك على قولين:


الأول:

أن موضع التثويب يكون بعد قول المؤذن حيّ على الفلاح، وهو قول المالكية، والشافعية، والحنابلة، ورأي لبعض الحنفية(8).


أدلتهم:

استدل الجمهور على أن التثويب يكون بعد قول المؤذن حيّ على الفلاح، بما يلي:



1- حديث أبي محذورة رضي الله عنه قاله النبي صلى الله عليه وسلم :

(تقول: الله أكبر، الله أكبر، ...إلى أن قال:"..حي على الفلاح ، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خيرٌ من النَّوم، الصلاةُ خيرٌ من النَّوم، اللهُ أكبرُ...)


2- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح، حي على الفلاح، فليقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"9


3- حديث ابن عمر رضي الله عنه قال:"كان في الأذان الأول بعد الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"(10).


الثاني:

أن موضعه يكون بعد الأذان، وهو مذهب الحنفية(11).



أدلة أصحاب هذا القول:

1- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله حُصاص كحُصاص الحمار، فإذا فرغ رجع،

فإذا ثوب أدبر، فإذا فرغ رجع فإذا أقام أدبر، فإذا فرغ رجع وجعل يوسوس إلى المصلي أنه كم صلى" وجه الدلالة من

هذا الحديث" أنه قال:"فإذا فرغ" أي من الأذان، ثم قال:"فإذا ثوب أدبر"، فذكر أن التثويب يكون بعد الفراغ من الأذان، وليس المراد بالتثويب هنا الإقامة؛ لأنه صرّح بذكر الإقامة بعد التثويب(12).



2- حديث بلال رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصبح فوجده راقداً،

فقال: الصلاة خير من النوم مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"ما أحسن هذا يا بلال، اجعلْهُ في أذانك" وجه الدلالة أنَّ بلالاً قال التثويب بعد الانتهاء من الأذان، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.



و" القول بأن التثويب يكون بعد قول المؤذن(حي على الفلاح)، هو القول الراجح؛ وذلك لثبوت الأدلة الصريحة في ذلك" (13).


في أي أذاني الفجر يكون التّثويب:



اختلف جمهور الفقهاء القائلون بأن التثويب يكون بعد قول المؤذن (حيّ على الفلاح) من أذان الفجر هل يُشرع في الأذان الأول،للفجر أم في الأذان الثاني؟

وذلك على أربعة أقوال:



1- أنه يُشرع في الأذان الأول الذي يكون قبلَ طُلُوع الفجر،وهو رأيٌ لبعضِ الحنابلةِ.


أدلتهم:


*حديث أبي محذورة رضي الله عنه في تعليم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم له الأذان، وفيه:" تقول: الله أكبر.." إلى أن قال:"الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح"(14).


* حديث أبي محذورة رضي الله عنه قال: " كنت أُأذن لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،وكنت أقول في أذان الفجر الأول: حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله(15).


وجه الدلالة من الحديثينِ أنَّ الصريح فيهما بأن التثويب مخصوص بالأذان الأول من صلاة الصبح، دون الثاني(16)
2- أنه يُشرع في الأذان الثَّاني الذي يكونُ بعد طُلُوعِ الفجرِ، وهو مَذْهبُ الحَنَابلةِ.


أدلة أصحاب هذا القول:


1- أن روايات الأحاديث جاءت بمشروعية التثويب قيدته بالأذان لصلاة الفجر، أو الصبح، وهذا ينصرف إلى الأذان الثاني الذي يعتبر هو الأصل المتفق عليه،وهو الذي يكونُ بعد دخولِ وقتِ الصَّلاة(17).


2- حديث نعيم بن النَّحَّام رضي الله عنه ،قال:" كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح،


فلمَّا سمعت قلت: لو قال:"ومن قعد فلا حرج"، قال: فلمَّا قالَ:"الصلاة خير من النوم"، قال: ومن قعد فلا حرج(18).


ووجه الدلالة من هذا الحديث تتضح على أن التثويب يكون في الأذان الثاني من الفجر في عدة مواضع من الحديث(19).



3- أنه يُشرع في كل أذان للصبح، سواء كان الأول الذي قبل الفجر ، أو الثاني الذي بعده، وهو وجه للشافعية، ورأي لبعض مُتأخِّري الحنابلةِ.


أدلة أصحابِ هذا القولِ: أنَّ في ذلكَ جمعاً بين الآثارِ(20) الواردةِ في ذلكَ.


4- أنه إنْ ثوَّب المؤذِّنُ في الأذان الأول بم يثوب في الثاني، وهو الوجه الثاني للشافعية.


أما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فإنه يؤيد هذا القول فيقول:

"زعم بعض المتأخرين أنها تقال – أي الصلاة خير من النوم" في الأذان الأول قبل الفجر، وأخطئوا خطأ عظيماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يقولها في أذان الفجر قال:

"إذا أذنت الأول في صلاة الصبح فقل: الصلاة خير من النوم". ومعلوم أن الأذان للصلاة لا يكون إلا بعد دخول وقتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم" وسمى أذاناً أولاً باعتبار الإقامة؛ لأن الإقامة أذان ثان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" بين كل أذانين صلاة"(21).


وجاء في صحيح مسلم رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: فإذا أذن للأذان الأول للفجر:


قام النبي – صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه لصلاة الفجر. وهذا صريح في أن أذان الفجر الأول يكون بعد دخول الوقت، وأما الأذان آخر الليل فليس أذاناً للفجر، بل هو أذان للنائمين ليقوموا وللقائمين ليرجعوا ويتسحروا إذا كان ذلك في رمضان(22).


والله الموفق




1 لسان العرب (2/144 147).

2 المجموع (3/100).

3 المغني (2/61).

4 المجموع(3/100)، ومغنى المحتاج(1/136).

5 رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف الأذان(500).وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

6 رواه الطبراني في المعجم الكبير(1/340)، والحديث له روايات أخر، منها ما رواه ابن ماجه في كتاب الأذان، باب السنة في الأذان(1/237)(716)، وصحح الألباني رواية ابن ماجه في صحيح سنن ابن ماجه.

7 البيهقي في السنن الكبرى وصححه (2/195).(2024)، وابن خزيمة في صحيحه(386).

8 شرح معاني الآثار(1/137).

9 البيهقي في السنن الكبرى وصححه (2/195).(2024)، وابن خزيمة في صحيحه(386).

10 أخرجه الدار قطني في السنن(1/251).وقال ابن حجر: "سنده حسن" انظر: التخليص (1/205).

11 المبسوط (1/130).

12 أحكام الأذان والإقامة ص(87).

13 راجع: كتاب أحكام الأذان والإقامة ص(88).

14 رواه أبو داود(501).وصححه الألباني في صحيح أبي داود(1/148).

15 أخرجه النسائي(646)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي.

16 راجع: الدرر السنية في الأجوبة النجدية(4/208).

17 الشرح الممتع للعثيمين(2/57).

18 أحمد، والبيهقي في السنن الكبرى(2/150).

19 راجع: كتاب الأذان لأسامة القوصي ص(71 72)

20 الدرر السنية(4/210).

21 صحيح البخاري (627,624). ومسلم(838). من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه .

22 راجع: شرح رياض الصالحين (3/140).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 01:08 PM   #78
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

( التوحيد والأذان )
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعـد:


فالأذان ليس مجرد وسيلة لإبلاغ الناس بوقت الصلاة؛وإنما يشتمل على معان متعددة،


قال ابن حجر رحمه الله: قال القرطبي وغيره:


الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيـد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم،


ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهـة الرسول،
ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً.



ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت، والدعاء إلى الجماعة، وإظهـار شعائر الإسلام.1




إن الأذان يعد تلخيصاً لدعوة الإسلام، فهو متضمن للشهادتين ، والإسلام كله قائم على أساسين عظيمين: أن يعبد الله وحده، وتلك شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن يعبد بما جاء به رسوله وتلك شهادة أن محمداً رسول الله.




وكما أن في الأذان : أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمد رسول الله، ففيه: حي على الصلاة ، والصلاة من أولها إلى آخرها تصديق عملي بالشهادتين،


ففيها يقول المسلم في الفاتحة { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } حي على الفلاح وتلك شهادة (أن لا إله إلا الله)



وفيها يقول: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } وتلك شهادة "أن محمداً رسول الله".


"فالهداية هي البيان والدلالة ثم التوفيق والإلهام وهو بعد البيان والدلالة ولا سبيل إلى البيان والدلالة إلا من جهة الرسل فإذا حصل البيان والدلالة والتعريف ترتب عليه هداية التوفيق..."2




لقد كان المتلفظ بالشهادتين في عصر الرسالة يعرف أنه يجتاز عالماً بأكمله ويدخل إلى عالم جـديد يجتاز عالم الجاهلية بمبادئه وأخلاقه وعاداته ويعبر إلى الإسلام.


إن العربي إبان البعثة كان يفهم مدلولات لغـتـه ولذلك تحضرت في ذهنه كل المعاني التي يستعمل لها لفظ الإلهية بل وما تقتضيه من عمل عندما يقال له:قل: لا إله إلا الله.

وإن من أخطر ما تصاب به أركان الاعتقاد هـو: أن تبقى في أذهان الناس ألفاظ جوفاء لا حقيقة لها في واقع حياتهم وهو ما حصل بالفعل في واقع الأمة اليوم حين صار المسلمون ينطقون الشهادتين ويرددونها في الأذان والإقامة والتشهد..و و، من غير فهم لمعناها الصحيح، ومن غير أن يثمر ذلك النطق واقعاً عملياً في حياتهم لما تقتضيه تلك المعاني.


تفسير ألفاظ الأذان:


إن الشهادتين ثلاث أقسام: الأول : فعل (أشهد) والثاني (لا إله إلا الله) والثالث: (محمد رسول الله) .


أولاً: (أشهد): هذا الفعل يأتي في اللغة بمعان ثلاثة أولها: أرى وأشاهد، ومنه قوله تعالى: { يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ }(المطففين 2).


والثاني: الشهادة: وهي القول بما تعلم ومنه قوله تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } (الطلاق: 2).
وثالثها: الحلف ومنه الحديث: (على مثل الشمس فاشهد أو ذر)3.


فيكون معنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً سول الله أني شاهدت بقلبي، وشهدت بلساني وأيقنت يقين الحالف أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.


ثانياً : (لا إله إلا الله) :


لقد كان العرب يعتقدون أن آلهتهم التي يشركونها مع الله تعالى أو من دونه تحميهم وتنصرهم وتجيرهم وتقضي حاجاتهم؛



ولذلك عبدوها دون أن ينكروا وجود الله أو ينكروا أنه الخالق والرازق، فلم يكن نزاع النبي صلى الله عليه وسلم معهم حول وجود الله تعالى وربوبيته، وإنما كان حول التسليم بالوحدانية والألوهية لله وحده. إن المشركين العرب الذي خوطبوا بـ (لا إله إلا الله) كانوا يعتقدون أن آلهتهم المزعومة لها قداسة بها استحقت العبادة ،


فعمد القرآن إلى هذا الاعتقاد وأبطله؛ وأبطل كل شرك موجود أو متوقع، وبين بياناً حاسماً، أنه لا سلطة لأحد في الكون مع الله عز وجل فالألوهية والربوبية كلها لله، فهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله.



لقد قال القرآن الكريم لهؤلاء المشركين: إن من خلق الكون ويملك السلطة فيه هو الإله المستحق للعبادة فهذا الأمر غير قابل للتجزئة، إذ لا يكون الخلق في يد إله، والرزق في يد آخر. والحكم في يد ثالث {إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } (المؤمنون: 91)


ثالثاً:


(محمد رسول الله): هذا الشطر الثاني من الشهادتين يعني ثلاثة أمـور: الأول: أن محمد رسول الله حقاً فهو من جهة ليس إلهاً ،


وليست فيه أي صفة من صفات الألوهية ، ومن جهـة ثانية : ليس كذاباً ولا ساحراً ولا كاهناً ولا مجنوناً ولا سامراً، فالذي يشترك فيه مع الناس هو البشرية، والذي يتميز به عنهم هو الوحي والنبوة، كما قال سبحانه: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ }(فصلت: 6).



وقد قامت على صدق نبوته دلائل كثيرة : فمنها صفاته، ومنها معجزاته ومنها نبوءاته ، ومنها بشارات به في الكتب السابقة ، ومنها ثمرات دعوته في الأرض إلا أن أعظم آية تشهد له بالنبوة هي القرآن الكريم قال تعالى:{ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الحاقة: 43.)



والرسول في اللغة هو: المبعوث، وإضافته إلى الله يعني أنه مبعوث الله إلى الناس، فالرسول رجل بعثه الله ليبلغ الناس، وأيده بالآيات الدالة على صدقه.

أما المعنى الثاني لشهادة أن محمداً رسول الله فهو:


أن ما أخبر به من أمور الغيب حق يجب تصديقه فيه، وهذا الغيب يشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. وتصديقه في دعوى النبوة والرسالة يفضي إلى التسليم له بهذا العلم الذي أخبر به، لأنه ليس من عنده، بل من عند الله تعالى عالم الغيب والشهادة.


والمعنى الثالث: أن ما أمر به من أمور الشرع عدل وخير يجب إتباعه فيه، وقد أمر بشرع فيه صلاح الأفراد والأسر والمجتمعات، فإتباعه فيه بغير قيد ولا شرط من تمام الشهادة له بالنبوة والرسالة.


هذه المعاني الثلاث مترابطة؛ فالطاعـة تتفرع عن المحبة ،والمحبة تتفرع عن المعرفة؛ إذ لا يمكن أن تطيع شخصاً لا تعرفه أو تتبع شخصاً لا تحبه.


إن لا إله إلا الله محمد رسول الله ، اختيار في الحياة ، يحدد التصور الذي يعيش به المرء والسلوك الذي يتصرف به، والنطق بهما يعني تحولاً على المستوى الفكري والواقعي،


فبهما يتحدد مصدر التلقي وبهما تتحدد الغاية والهدف وتلك الربانية : ربانية المصدر وربانية الغاية، فيعيش العبد بعلم الله تعالى المنزل يصوغ تصوراته كما يصوغ تصرفاته.


الله أكبر ، الله أكبر:


هذا النداء الذي افتتح به الأذان واختتم به، فيه تكبير الله عز وجل فهو سبحانه { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ }(الرعد: 9).



وحيث أن الصلاة دعوة منه سبحانه ينقلها المؤذن عبر الأذان ، ناسب افتتاحها بالتكبير ليعلم الناس أن الله تعالى أكبر من شيء يصدهم عن دعوتهم، أو يشغلهم عن إجابة ندائه { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }(الجمعة:1).


حي على الصلاة ، حي على الفلاح:


هاتان الجملتان تعقبان الشهادتين في الأذان، وذكر الصلاة عقب الشهادتين يوافق الترتيب الذي رتبت به أركان الإسلام في الأحاديث.


وحيث أن الإنسان مجبول على تقديم العاجلة على الآجلة ، وتفضيل النقد على النسيئة ، وبما أن الدنيا عرض حاضر، والآخرة وعد صادق،
فالدنيا يراها والآخرة يسمع عنها فالذي يحدث غالباً أن الإنسان ينشغل بما يرى عما يسمع، ويقبل على العرض الحاضر ويغفل عن الوعد الصادق فيأتي في الأذان (حي على الصلاة، حي على الفلاح)

لينادي على الناس وهم في أسواقهم يبيعون ويشترون، أو في أعمالهم يصنعون ويعملون، أو في بيوتهم يأكلون ويشربون،ليوازنوا في حياتهم بين الدنيا والآخرة


قال تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ( ) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ }(النور 36-37).


فقد أثنى عليهم ليس لكونهم تفرغوا للصلاة ولازموا المساجد ولا يبرحونها؛ بل لكونهم أصحاب تجارات وأعمال لا تلهيهم عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.


إن نداءآت المؤذن : "حي على الصلاة ، حي على الفلاح" على رأس وقت كل صلاة إعلان عن وسطية الإسلام وجمعه بين الدين والدنيا ،


فالمسلم في عبادة قبل الحضور إلى المسجد ، وهو في عبادة عندما يحضر بعد سماع الأذان ، وهو في عبادة عندما ينصرف بعد الصلاة إلى أشغاله وأعماله .


ثم إن النداء ، بـ"حي على الصلاة حي على الفلاح" إيذان بانطلاق جولة جديدة من معركة الإنسان مع الشيطان،



فهذا العدو سيسعى جهده ليصده عن ذكر الله ، وعن الصلاة، وإجابة النداء، والذهب إلى المسجد معناه كسب هذه الجولة الجديدة، وتحقيق الانتصار فيها،


فالأذان يصل إلى الجميـع ولكن الناس يختلفون : فمنهم منتصر ومنهم منهزم، فمنهم من يسمعه فيدع ما كان فيه ويجيب النداء ، وآخر يصلي في بيته في الوقت ، وثالث يؤخرها عن وقتها ، ورابع يتركها ولا يصليها وبهذا يستخرج ما في القلوب من إيمان أو كفر ونفاق ، ويكشف لكل عبد درجة إيمانه فإن الإيمان يعرف عند الطاعات.



أخيراً : إن من سوء ما يبتلى به المسلمون أن تجرد شعائر دينهم من معناها ، وتفرغ رموز دينهم من دلالتها ، فتتحول إلى رسوم وأسماء، والواجب أن نقول ذلك بقوة لتبقى لهذه الرموز دلالتها، وتستعيد ما كان لها من معنى يوم شرعت أول مرة،


وهذا يفرض علينا إحياء طريق السلف في تلقين أحكام الدين حتى لا تقصر على جانب واحد؛ فإذا تناولنا أحكام الأذان على سبيل المثال لا نقتصر على بيان ألفاظه والأدعيـة التي تكون بعده وما يشترط في المؤذن ، بل نجمع إلى ذلك ما ذكر في هذا الموضوع ونفعل مثل هذا في دراسة الصلاة والزكاة والحج والصيام وسار شعائر الإسلام.4


والحمد لله رب العالمين

1 - فتح الباري 2/92.

2 - مدارج السالكين 1/9

3 - أخرجه الحاكم في المستدرك.وضعفه الألباني في إرواء الغليل.

-4 نقلاً عن مقال في مدجلة البيان العدد: 95 ص 32 وما بعدها بتصرف.


تم بحمد الله

هذا البحث من تجميعي و تنسيقي

و هو مستفاد من موقع الامام

فلا تنسونا من صالح دعائكم

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-08-2011, 09:53 AM   #79
ISLAM
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
الدولة: مــــصــر
المشاركات: 1,109
معدل تقييم المستوى: 10
ISLAM is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ISLAM
افتراضي

بارك الله فيك على الطرح الطيب
تاكد من اننا
ننتظر موضوعاتك الجديده

__________________
لا حول ولا قوة الا بالله
ISLAM غير متواجد حالياً  
قديم 09-22-2015, 06:39 PM   #80
ابو نضال
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Sep 2015
المشاركات: 2,255
معدل تقييم المستوى: 11
ابو نضال is on a distinguished road
افتراضي رد: < مسائل متعلقة بالأذان و المؤذن >


بسم الله الرحمن الرحيم



بارك الله بك على هذا الطرح القيم
كان موضوعك رائعا بمضمونه

لك مني احلى واجمل باقة ورد




وجزاك الله خيرا وغفر لك ولوالديك وللمسلمين جميعا



لا اله الا الله محمد رسول الله


ابو نضال غير متواجد حالياً  
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسائل هامة في السفر الجوهرة المصونة منتدى الفقه وأصوله 6 09-22-2015 06:33 PM
حكم الصلاة في المنزل إذا كان المؤذن يؤذن قبل الوقت عبد الحكيم.. قسم فتاوى العلماء 0 05-09-2013 07:15 AM
26 فائدة مرتبة من فتوى شيخِ الإسلام متعلقة بالأحرفِ والقراءات المصريه25 قسم فتاوى العلماء 2 05-02-2012 12:36 PM
شرح مسائل الجاهلية مسلم التونسي الكتب الالكترونية الاسلامية 3 02-16-2011 01:11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة الكعبة الإسلامية © 2018