تسجيل الدخول


العودة   منتديات الكعبة الإسلامية > القسم الشرعى > منتدى الفقه وأصوله

منتدى الفقه وأصوله الفقه و أصوله - الدراسات الفقهية - أحكام فقهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-2011, 12:46 PM   #31
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

النية في الأذان والإقامة


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير، نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، ثم أما بعد:

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) 1، فهل تشترط النية لصحة الأذان والإقامة أم لا؟

أولاً: المقصود بالنية هنا هو تمييز العبادات من العادات، وتمييز العبادات بعضها عن بعض.

ثانياً: اختلف الفقهاء في اشتراط النية للأذان والإقامة بهذا الاعتبار على ثلاثة أقوال:

القول الأول:


أن النية شرط لصحة الأذان والإقامة، وهو قول المالكية والحنابلة ووجه عند الشافعية، قالوا: إن أراد أن يؤذن فغلط فأقام لم يكن أذاناً، ومن أخذ في ذكر الله بالتكبير ثم بدا له عقب ما كبر أن يؤذن فإنه يبتدئ الأذان من أوله ولا يبني على ما قال.

القول الثاني:

أن النية ليست شرطاً لصحة الأذان والإقامة ولكنها مندوبة، وهو الصحيح عند الشافعية، إلا أنهم قالوا يشترط عدم الصارف، فإن قصد به تعليم غيره لم يعتدّ به.

القول الثالث:

أن النية ليست شرطاً لصحة الأذان والإقامة، وهو قول الحنفية، قالوا: فلو افتتح الأذان فظن أنها الإقامة فأقام في آخرها بأن قال: قد قامت الصلاة، ثم علم فإنه يتم الأذان ثم يقيم.

سبب الاختلاف:

يرجع سبب اختلاف الفقهاء في اشتراط النية لصحة الأذان والإقامة إلى اختلافهم فيما يشترط فيه النية من العبادات، فهم متفقون على اشتراط النية في العبادات من حيث الجملة، ولكن هناك من قسَّم العبادة إلى ضربين:

الضرب الأول: عبادة محضة أي: غير معقولة المعنى.

الضرب الثاني: عبادة معقولة المعنى.

وبتقسيم آخر: عبادة تكون قصداً، وعبادة تكون وسيلة.

فهم متفقون على اشتراط النية في العبادة المحضة أي غير معقولة المعنى، والتي تعتبر مقصداً كالصلاة والصوم والحج ونحوها.

أما العبادة المعقولة المعنى التي تعتبر وسيلة كستر العورة، والأذان والإقامة، وابتداء السلام فهذه على خلاف بينهم.

وعلى هذا فمن لم يأخذ بالتقسيم السابق اشترط النية لصحة الأذان والإقامة، ومن أخذ بالتقسيم السابق واعتبر الأذان والإقامة من القسم الثاني جعلهما من الوسائل وليسا من المقاصد لم يشترط النية لصحتهما.

وقد استدل أصحاب القول الأول القائلون باشتراط النية لصحة للأذان والإقامة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات..)2،

فدلالة الحديث عندهم عامة تشمل الصحة وحصول الثواب، بمعنى أن العمل لا يصح ولا يقبل إلا بالنية.

أما من قال بعدم اشتراط النية فدلالة الحديث عنده خاصة بحصول الثواب.

والراجح هو القول الأول وذلك لعموم الحديث3،


والله أعلم، وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

2 سبق تخريجه.

3 مستفاد من كتاب أحكام الأذان والنداء والإقامة لسامي بن فراج الحازمي.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:47 PM   #32
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

المجاوبة للأذان عبر المذياع




غير خافٍ على أحد ما وصل إليه العلم الحديث من قفزة عظيمة، ووثبة رهيبة على كافة الأصعدة، وفي مختلف المجالات، وخاصة فيما يتعلق بوسائل التواصل التي جعلت من العالم المترامي الأطراف قرية صغيرة، تتنقل فيها في لمحة البصر، وسرعة البرق، رغم بون المسافات، وبُعد القارات.


ولقد ساعدت هذه التكنولوجيا على تخطى ساعات الزمن، وقربت البعيد، وسهلت المحال، وجاءت للبشرية بمطالب نهضت بها من كبوة الرقود العلمي والحضاري إلى عالم التقدم والرقي الصناعي، بما أحدثته من ضجة في الاختراعات خدمة الإنسانية،

وفتحت لها آفاق بهرت الأبصار، وأدهشت النفوس، وهذا كله بفضل الله وإرادته الذي قال:
عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ

وبالرغم من هذا التقدم في العلوم فإنه يعتبر قليلاً يقول - جل شأنه -: وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً2،

ولا ننسى أن نعقِّب ونذكر بأن هذه الصرخة العصرية اهتمت بمتطلبات الجسد على حساب الروح فحقيقته أهلها أنهم يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ3.


ومن جملة تلك الاكتشافات التي جاء بها العلم الحديث ما يدعى بـ(التلفاز، الإذاعة...) التي استفاد المسلمون منها، وسخروها في منافع دينهم، ومصالح صحوتهم المباركة؛

حيث نقلت الدروس العلمية عن طريقها، والمحاضرات الدعوية والتربوية، والخطب المنبرية، والقرآن الكريم، وغير ذلك،


كما كان للصلاة حضورها الواضح عن طريق التغطية الإعلامية للشعائر التعبدية في المساجد الكبيرة في العواصم الإسلامية وبخاصة المسجدين الشريفين: المسجد الحرام والمسجد النبوي، فيستمع المسلم لصوت الإمام،

بل ويرى صورته في التلفاز كأنه حاضر بين يديه، وهما في قطرين متباعدين في الأرض.


وهنا ترد مسألة حادثة جاءت بها صرخة العصر وهي: هل يجوز للمسلم أن يردد الآذان خلف التلفاز والإذاعة، ويدعو بالدعاء الوارد بعد الآذان؟


وبما أن هذه المسألة تعتبر من المسائل المعاصرة التي لم يسبق أن تطرق لها علماء المسلمين السابقين فلذا سوف نذكر بعض فتاوى وأقوال العلماء المعاصرين:


فقد نشرت مجلة الدعوة في العدد (1560) بتاريخ 14/5/1417هـ فتاوى للشيخ ابن باز - رحمه الله - في هذا الصدد حيث يقول سائله:


هل تجوز مجاوبة الأذان الصادر من جهاز (المذياع)؟،



فكان جواب الشيخ - رحمه الله -: إذا كان في وقت الصلاة فإنها تشرع الإجابة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة))4،



وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة5))6.


وقد نقل موقع "الإسلام سؤال وجواب" الذي يتولى فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد الإشراف عليه فتاوى في هذه المسألة حيث يقول السائل:

فضيلة الشيخ: أسمع في الراديو الأذان فهل أردد مع المؤذن الأذان، وأدعو بدعاء الأذان بعد سماعي له من الراديو؟


فكان الجواب: أما إذا كان ينقل الأذان مباشرة فنعم تابع المؤذن، وادعُ بالدعاء المعروف



لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن))



وأما إذا كان مسجلاً فلا تتابعه؛ لأن التسجيل ليس أذاناً، ولهذا لا يجزئ عن الأذان أن يضع الإنسان شريطاً في المنارة، ويفتح على الأذان؛ فيسمعه الناس؛ لأن الأذان عبادة لا بد أن يفعلها الإنسان تعبداً لله - عز وجل -، يدعو بها عباد الله إلى الصلاة.


والخلاصة أنه: إن كنت تسمع الأذان في الراديو من المؤذن مباشرة فتابعه، وإن كان ذلك عن طريق التسجيل فلا تتابعه8.

ومن خلال استعراض فتاوى أهل العلم في هذه المسألة يتبين لنا أمرين:


1.
أن الترديد بعد المؤذن عبر المذياع قد تتحقق واقعيته أكثر عند من لا يبلغه الآذان: كأن يكون في بلد لا ترفع فيه الآذان،

أو أنه في محلة لا يبلغها صوت المسجد، أو يكون على متن سيارته ولا يستطيع أن يتابع مؤذناً بعينه بحكم تنقله، أو ... إلخ.


2.
أن المجاوبة للآذان عبر المذياع والترديد خلفه مقيدة بالنقل المباشر للآذان، فيما إذا دخل وقت الآذان لتلك الصلاة، وأما غير هذا فليس مجزأ عنه.


نسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه، والله أعلم.

1 (سورة العلق:5).

2 (سورة الإسراء:85).

3 (سورة الروم:7).

4 رواه الترمذي برقم (3547 )، والنسائي برقم (671).

5 مجموع فتاوى ابن باز (10/363).

6 رواه البخاري برقم (579).

7 رواه البخاري برقم (576).

8 المصدر موقع الإسلام سؤال وجواب.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:47 PM   #33
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الترتيب في الأذان والإقامة


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،ثم أما بعد:



فسيكون الحديث في السطور القادمة عن مسألة الترتيب في الأذان والإقامة، هل هو شرط في صحتهما أم أنه مستحب فيهما.


ويقصد بالترتيب أن يأتي المؤذن بكلمات الأذان والإقامة على نفس النظم والترتيب الوارد في السنة دون تقديم أو تأخير لكلمة أو جملة على الأخرى.

حكم الترتيب في الأذان والإقامة:

اتفق الفقهاء على مشروعية ترتيب الأذان والإقامة على الصفة التي وردت بها السنة، وعلى مشروعية الإعادة في حق من قدم بعض الأذان وبعض الإقامة أو أخره.

واختلفوا في كونه شرطاً لصحة الأذان والإقامة على قولين:

القول الأول:


أن ترتيب الأذان والإقامة شرط لا يصحان إلا به، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وعلى هذا فإن نكس الأذان استأنفه.

ويرى الشافعية وبعض المالكية أنه له أن يبني على المنتظم منه، فلو قدم الرسالة على الشهادة بالتوحيد أعاد الشهادة بالرسالة، ولو ترك بعض الكلمات خلاله أتى بالمتروك وأعاد ما بعده، ولكن الاستئناف أولى في كلتا الحالتين ليقع متوالياً.

القول الثاني:

أن ترتيب الأذان والإقامة سنة، وهو مذهب الحنفية.

أدلة القول الأول:

استدل من يرى أن ترتيب الأذان والإقامة شرط بما يلي:



أولاً من السنة:


استدلوا بالأحاديث الواردة في مشروعية الأذان والإقامة، كحديث عبد الله بن زيد، وحديث تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا محذورة الأذان مرتباً، فقالوا بأنهما شُرِعا في الأصل مرتبين فلا يغير هذا الترتيب، وحملوا الترتيب الوارد في تلك الأحاديث على الوجوب.

ثانياً من المعقول:

1- أن المقصود من الأذان الإعلام وهو لا يحصل إلا بالترتيب، فإذا لم يكن مرتباً لم يعلم أنه أذان وإنما يوهم اللعب.

2- أن الأذان ذكر متعبد به، فلم يجز الإخلال بنظمه كأركان الصلاة.

3- أن الأذان عبادة شرعت على وجه مخصوص، فلا يغيَّر.

أدلة القول الثاني:

استدل الحنفية على أن الترتيب في الأذان والإقامة سنة بما يلي:

أولاً من السنة:


استدلوا بالأحاديث الواردة في مشروعية الأذان والإقامة، وحملوا الترتيب فيها على السنية.

ثانياً من المعقول:

أن الترتيب في الصلاة فرض والأذان شبيه بها، فكان الترتيب فيه سنة.

الترجيـح:


يلاحظ مما تقدم من أدلة القولين أنها واحدة لا تختلف سواء فيما يتعلق بأدلة السنة أو المعقول –وإن كان القول الأول قد زاد في دلالة المعقول- إلا أن الاختلاف وقع في استنباط الحكم منها.

والراجح -والله أعلم- هو القول الأول القائل بأن الترتيب في الأذان والإقامة شرط لا يصحان إلا به؛ لقوّة الأدلة، ولما يلي:

1- مداومة مؤذني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إلقاء الأذان والإقامة مرتبين وكذلك من بعدهم، فلم يسمعا إلا مرتبين، واستمرار العمل عليه سلفاً وخلفاً.

2- اشتمال الأذان والإقامة على أذكار مشروعة كالتكبير والشهادتين...، فإن لم يكونا مرتبين فقد يقع الالتباس لسامعهما فلا يعلم أنه أذان، ولا يعلم أنه إقامة1.



والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


1 مستفاد من كتاب أحكام الأذان والنداء والإقامة ل سامي بن فراج الحازمي.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:48 PM   #34
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

التمطيط والتطريب في الأذان

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الني المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، أما بعد:


فإن من الأمور التي يقع فيها بعض المؤذنين - وربما لم يرعوها بالاً -، وقد أنكرها كثير من الأئمة الأعلام قديماً وحديثاً، ولم يفتوا في التنبيه إليها - لاسيما لتكررها في كل زمان ومكان - هي مسألة التمطيط والتطريب في الآذان، ولذا سنستعرض هذه المسألة، ونبين حكمها في هذه المقالة.

أولاً: ما المراد بالتمطيط والتطريب:


قال الأَصْمَعِي: التَّمْطِيطُ الشَّتْمُ، ويُقالُ: تَمَطَّطَ أَيْ تَمَدَّدَ، وقال الأَزْهَرِيّ: والمَطُّ والمَطْوُ والمَدُّ وَاحِدٌ ويُقَال: مَطَوْتُ ومَطَطْتُ بِمَعْنَى المَدِّ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: مَطْمَطَ في كَلامِه إِذا مَدَّهُ وطَوَّلَهُ1.

وأما التطريب ففسره صاحب الطراز فقال: والتطريب هو تقطيع الصوت وترعيده، وأصله خفة تصيب المرء من شدة الفرح، أو من شدة التحزين، وهو من الاضطراب أو الطربة.




ثانياً: نصوص العلماء في مسألة التمطيط في الآذان:


نص الفقهاء على كراهية التغني بالأذان، بحيث يكون على سبيل التطريب والتمديد الزائد في الحروف، بل جعلوه متردداً بين الكراهة والتحريم ما لم يغير المعنى، فإن غير المعنى صار حراماً لا يصح معه الأذان.

جاء في الموسوعة الفقهية ما نصه: "وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّمْطِيطَ وَالتَّغَنِّيَ وَالتَّطْرِيبَ بِزِيَادَةِ حَرَكَةٍ أَوْ حَرْفٍ أَوْ مَدٍّ أَوْ غَيْرِهَا فِي الأَوَائِلِ وَالأَوَاخِرِ مَكْرُوهٌ؛ لِمُنَافَاةِ الْخُشُوعِ وَالْوَقَارِ، أَمَّا إذَا تَفَاحَشَ التَّغَنِّي وَالتَّطْرِيبُ بِحَيْثُ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِدُونِ خِلافٍ فِي ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لابْنِ عُمَرَ: إنِّي لأُحِبُّك فِي اللَّهِ، قَالَ: وَأَنَا أَبْغَضُك فِي اللَّهِ, إنَّك تَتَغَنَّى فِي أَذَانِك، قَالَ: حَمَّادٌ يَعْنِي التَّطْرِيبَ" أ.ه2.

وقد توافق كلام أهل العلم قديماً وحديثاً على ذلك:

1. قال زين الدين العراقي: والمستحب أن يترسل في الأذان …، ويكره التمطيط وهو: التمديد (والتغني) وهو التطريب؛ لما روي أن رجلاً قال لابن عمر: "إني لأحبك في الله!! قال: وأنا أبغضك في الله، إنك تبغي في أذانك" قال حماد يعني التطريب.3
2


. ونقل صاحب المدخل ما قاله ابن الحاج في معرض حديثه عن الآذان بالألحان قال: فصل في النهي عن الأذان بالألحان: وليحذر في نفسه أن يؤذن بالألحان، وينهى غيره عما أحدثوا فيه مما يشبه الغناء، وهذا ما لم يكن في جماعة يطربون تطريباً يشبه الغناء، حتى لا يعلم ما يقولونه من ألفاظ الأذان إلا أصوات ترتفع وتنخفض، وهي بدعة مستهجنة قريبة العهد بالحدوث، أحدثها بعض الأمراء بمدرسة بناها، ثم سرى ذلك منها إلى غيرها، وهذا الأذان هو المعمول به في الشام في هذا الزمان،



وهي بدعة قبيحة، إذ إن الأذان إنما المقصود به النداء إلى الصلاة، فلا بد من تفهيم ألفاظه للسامع، وهذا الأذان لا يفهم منه شيء لما دخل ألفاظه من شبه الهنوك والتغني، وقد ورد في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"4،



قال الإمام أبو طالب المكي - رحمه الله- معقباً: ومما أحدثوه التلحين في الأذان، وهو من البغي فيه والاعتداء، قال رجل من المؤذنين لابن عمر: إني لأحبك في الله!!، فقال له: لكني أبغضك في الله، فقال: ولم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: لأنك تبغي في أذانك، وتأخذ عليه أجرة.




وكان أبو بكر الآجري - رحمه الله - يقول: خرجت من بغداد ولم يحل لي المقام بها قد ابتدعوا في كل شيء، حتى في قراءة القرآن، وفي الأذان؛ يعني الإجارة والتلحين انتهى.5
3




. وجاء في "المدونة": "وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ التَّطْرِيبَ فِي الأَذَانِ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً" أ.ه6.



4. وأشار إلى هذا الإمام الشافعي في "الأم" عند قوله: "أُحِبُّ تَرْتِيلَ الأَذَانِ، وَتَبَيُّنَهُ بِغَيْرِ تَمْطِيطٍ وَلا تَغَنٍّ فِي الْكَلامِ، وَلا عَجَلَةٍ" أ.هـ.7




وفي قوله تأويلان: أحدهما: أنه الإعراب الفاحش، والثاني: أنه تفخيم الكلام، والتشدق فيه8.




وقال ابن فرحون: والتطريب: مد المقصور، وقصر الممدود، وسمع عبد الله بن عمر رجلا يُطرِّب في أذانه فقال: "لو كان عمر حيّاً فكَّ لحييك".




فتحصل من هذا أنه يستحب في المؤذن أن يكون حسن الصوت، ومرتفع الصوت، وأن يُرجع صوته، ويكره الصوت الغليظ الفظيع، والتطريب، والتحزين - إن لم يتفاحش وإلا حرم -9.


وللمتأخرين من أهل العلم كلام تناولوا به هذه المسألة فمن ذلك أنه:



1. لما سئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - عن التمطيط في الآذان في فتواه كان جوابه: "ثم التمديد الزائد عن المطلوب في الأذان ما ينبغي، فإن أحال المعنى؛ فإنه يبطل الأذان، وحروف المد إذا أعطيت أكثر من اللازم فلا ينبغي، حتى الحركات إذا مدَّت إن أحالت المعنى لم يصح وإلا كره"10.




وفند الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في تلحين الآذان فذكر: "أن الملحن المطرَّب به إذا أذن على سبيل التطريب به؛ كأنما يجر ألفاظ أغنية، فإنه يُجزئ لكنه يكره، وقال: وأما الملحون وهو الذي يقع فيه اللحن أي: مخالفة القواعد العربيَّة، فينقسم إلى قسمين:


1- قسم لا يصح معه الأذان، وهو الذي يتغير به المعنى.




2- وقسم يصح به الأذان مع الكراهة، وهو الذي لا يتغير به المعنى، فلو قال المؤذن: "الله أكبار" لا يصح؛ لأنه يحيل المعنى، فإن "أكبار" جمع كَبَر، كأسباب جمع سبب وهو "الطبل"11.


والحاصل من هذا كله أن التغني بالأذان فإن الأصل فيه الكراهة، وقد ينتقل حكمه من الكراهة إلى التحريم إن حصل تغيير للمعنى في ذلك التغني والتطريب والتمطيط.




والله أعلم.


1 تاج العروس (20/109-110).

2 الموسوعة الفقهية (6/12).

3 طرح التثريب (3/118-120).

4- رواه البخاري برقم (2499)، ومسلم برقم (3242).

5- المدخل (2/245،246).

6- المدونة (1/159).

7- الأم للشافعي (1/107).

8- الحاوي الكبير ( 258).

9- "مواهب الجليل" لحطاب (1/437،438).

10- فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (2/125).

11 الشرح الممتع (2/62-63).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:48 PM   #35
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

رفع الصوت بالأذان والإقامة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله الطيبين، وصحابته الغر الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فمعلوم أن الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة ومن العبادات الفاضلة، جعل الله لها من الثواب ما لو علم الناس مقداره لتنافسوا عليه، فالمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة1، إذا ألجم الناس العرق؛ جزاء ما رفعوا أصواتهم بذكر الله بحيث يسمعه القاصي والداني، ويشهد لهم يوم القيامة كل شيء سمع أذانهم في الدني2.

ولما كان المقصود بالأذان إعلام الناس بوقت الصلاة، ودعوتهم إلى أدائها جماعة في المسجد كان لابد من رفع الصوت بالأذان؛ ليتحقق ذلك المقصود، ويكون رفع الصوت بالإقامة دون رفع الصوت في الأذان، لأن الإقامة للحاضرين.

فما الحكم الشرعي في رفع الصوت بالأذان؛ هل ذلك مشروط في الأذان أم أنه مسنون فقط؟

اتفق الفقهاء على مشروعية رفع الصوت بالأذان3، واختلفوا في اشتراطه لصحة الأذان، ولا يخلو الأمر من حالتين:

الحالة الأولى: أن يؤذن المؤذن لجماعة غير حاضرين معه.

الحالة الثانية: أن يؤذن لنفسه أو لجماعة خاصة حاضرين معه، فهما مسألتان تأتيان في فرعين:

الحالة الأولى: إذا كان المؤذن يؤذن لجماعة غير حاضرين معه:

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول:

يشترط رفع الصوت بالأذان، فلا يصح بدونه، وهو رأي لبعض الحنفية والصحيح عند الشافعية، ومذهب الحنابلة، وبعض الشافعية اعتبروه ركن4.

القول الثاني:

أنه لا يشترط رفع الصوت بالأذان، بل هو سنة، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والوجه الثاني عند الشافعية5.

أدلة القول الأول:

استدل من يشترط رفع الصوت بالأذان بما يلي:

أولاً: من الآثار:


ما ثبت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال لعبد الرحمن بن أبي صعصعة: (فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ) قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-6.

وجه الدلالة:

في الأثر الأمر برفع الصوت في الأذان، وهذا في حق المنفرد في البادية، ففي حق الجماعة من باب أولى.

ثانياً: من المعقول:

1- أن المقصود بالأذان الإعلام ولا يحصل إلا برفع الصوت.

2- لأنه أبلغ في الإعلام وجمع الجماعة.

أدلة القول الثاني:

استدل من يرى أن رفع الصوت بالأذان ليس شرطاً بل هو سنة بما يلي:

أولاً من السنة:

1- قوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: (إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ)7.

2- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ)8.


وجه الدلالة من الحديثين:

أن ظاهرهما يدل على استحباب رفع الصوت بالأذان.

ثانياً من الآثار:

استدلوا بالأثر المروي عن أبي سعيد الخدري المتقدم، وحملوا الأمر فيه على الاستحباب برفع الصوت بالأذان9.

التـرجيـح:

الراجح والله أعلم- هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وهو اشتراط رفع الصوت في الأذان؛ وذلك لقوة الأدلة، وخصوصاً تعليلهم لذلك بأن المقصود من الأذان الإعلام، ولا يحصل ذلك إلا برفع الصوت.

هذا وقد اتفق الفقهاء على أنه لا ينبغي للمؤذن أن يجهد نفسه بما فوق طاقته مبالغة في رفع صوته بالأذان؛ لئلا يحصل له ضرر بذلك؛ لما روي عن أبي محذورة -رضي الله عنه- قال: "لما قدم عمر مكة أذنت فقال لي عمر:" يا أبا محذورة، أما خفت أن ينشق مريطاؤك؟..."10.

الحالة الثانية: إذا كان المؤذن يؤذن لنفسه أو لجماعة خاصة حاضرين معه:

اتفق الفقهاء على أنه إذا كان المؤذن يؤذن لنفسه أو لجماعة حاضرين معه فلا يشترط له رفع الصوت إلا بقدر ما يسمع نفسه أو يسمع الحاضرين معه؛ لأن المقصود من الأذان وهو الإعلام يحصل بذلك11، واختلفوا في استحباب ذلك له من عدمه على قولين:

القول الأول:

أنه يستحب له رفع الصوت، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والصحيح عند الشافعية، إلا إذا كان بمسجد أو نحوه كرباط من أمكنة الجماعات وقعت فيه جماعة أو أذن فيه فيستحب أن لا يرفع صوته لئلا يغر الناس كما صرح بذلك بعض الفقهاء الشافعية والحنابلة.

القول الثاني:

أنه لا يستحب له رفع صوته، وهو وجه عند الشافعية.

أدلة القول الأول:

استدل القائلون باستحباب رفع الصوت الأذان لمن يؤذن لنفسه أو لجماعة خاصة حاضرين معه بالأحاديث الواردة بالأمر برفع الصوت بالأذان وبيان فضل ذلك ومنها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ)12.

وحديث عبد الله بن زيد: (فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ)13، وحديث أبي سعيد: (فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ)14.

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بأن من يؤذن لنفسه أو لجماعة حاضرين معه لا يستحب له أن يرفع الصوت؛ لأن من كان كذلك فإنه لا يدعو غيره ممن هو غائب عنه، فلا وجه لرفع الصوت، وحملوا الأحاديث الواردة في فضل رفع الصوت على من كان يؤذن لجماعة15.
مسألة: الأذان عبر مكبرات الصوت:

استعمال مكبرات الصوت في الأذان وغيره من المسائل المستجدة إذ أن اختراع مكبرات الصوت بدأ عام 1876م
16.

وكما سبق نقل اتفاق العلماء على مشروعية رفع الصوت بالأذان، وأنه مطلوب في الأذان بل هو شرط على القول الراجح، وتقدمت الأدلة على ذلك، لذا فإن مكبرات الصوت من نعم الله تعالى على أهل القبلة؛ لأنها تزيد الصوت قوة وحسناً لإعلام الشعائر الإسلامية، وإبلاغ الخير للبرية، ونفوذه إلى أسماع أكبر عدد ممكن من الأحياء،

ورحاب المساجد والمنتديات، وعلى هذا فالأذان بواسطة مكبرات الصوت يوافق سنن الأذان ولا محذور فيها شرعاً، فإذا كان كذلك وكانت وسيلة لأمر مطلوب شرعي فللوسائل أحكام المقاصد.

وقد صدرت قرارات وفتاوى المجمعات الفقهية والهيئات الإسلامية بجواز استعمال مكبرات الصوت في الأذان والخطب والصلوات ونحوها، منها ما يلي:

"الأذان بمكبرات الصوت لتبليغ من بعده وغيره لا حرج فيه؛ لما في ذلك من المصلحة العامة"17،


ومنها: "جاز شرعاً استعمال مكبر الصوت في المسجد لإسماع من لا يسمع من المصلين، سواء ذلك في الخطبة والصلاة والوعظ وغير ذلك... وليس هذا من البدعة المذمومة شرعاً، بل هو من أعمال البر والخير؛ لما يترتب عليه من سماع من لا يسمع واتعاظه"18، والله أعلم19.

ونسأل الله -جل وعلا- أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


1 ثبت ذلك في صحيح مسلم برقم (387).

2 روى ذلك أبو سعيد الخدري مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري برقم (584).

3 المبسوط 1/138 والخرشي على مختصر خليل 1/232 والجموع 3/119 و المغني 2/82.

4 انظر المبسوط 1/138 الوسيط 2/52 مغني المحتاج 1/ 137 شرح منتهى الإرادات 1/137.

5 بدائع الصنائع 1/149 ومواهب الجليل للخطاب 1/426 روضة الطالبين1/200.

6 أخرجه البخاري برقم (584) (1/221).

7 رواه أبو داود في كتب الصلاة باب كيفية الأذان برقم (499)(1/244) وهو صحيح.

8 رواه أبو داود (515) والنسائي (645) ابن ماجة (724) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6644).

9 المبسوط 1/138 ومواهب الجليل للشنقيطي 1/137 والمجموع 3/120.

10 أخرجه البيهقي في سننه برقم (1908) والمريطاء: هي الجلدة التي بين السرة والعانة،انظر النهاية لابن الأثير (4/273).

11 بدائع الصنائع 1/149 والخرشي على مختصر خليل 1/232 والمجموع 2/119 والمغني 2/82.

12 سبق تخريجه.

13 سبق تخريجه.

14 سبق تخريجه.

15 المجموع 3/120.

16 انظر الموسوعة العربية العالمية 24/547 ط: 2- 1419ه.

17 فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/65).

18 صدر عن مجلة الأزهر، انظر: مجلة الأزهر، الجزء السادس المجلد الخامس والعشرون ص714 وانظر كذلك ما ورد في: (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 2/127، المجلة العربية العدد121 صفر 1408هـ ص12).

19المصدر: كتاب أحكام الأذان والنداء والإقامة لـ(سامي بن فراج الحازمي) قدم له فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام. بتصرف.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:48 PM   #36
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

متى يقول المؤذن "الصلاة خير من النوم"؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:

فقد جاءت السنة النبوية الصحيحة ببيان أنه يستحب للمؤذن أن يضيف على الأذان في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم بعد قوله: "حي على الفلاح". وقد دلت على ذلك أحاديث كثيرة،

فمن ذلك ما جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي محذورة -رضي الله عنه-: (فإنْ كَانَ صَلاةَ الصُّبْحِ قُلْتَ: "الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ..)1.


وكذلك ما جاء في حديث بلال -رضي الله عنه- أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بصلاة الفجر.


فقيل: هو نائم. فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فأقرت في تأذين الفجر.
فثبت الأمر على ذلك2. وأخرجه الطبراني في الكبير وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: (ما أحسن هذا يا بلال! اجعله في أذانك)..


ومن الأدلة حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كَانَ التَّثْويبُ في صَلاةِ الغَدَاةِ إِذَا قالَ المُؤَذٍّنُ في أَذَانِ الفَجْرِ: حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، فَلْيَقُل: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ3..

وكذلك لما جاء في حديث نعيم بن النَّحَّام -رضي الله عنه- قال:"كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة، فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى صلاة الصبح، فلمَّا سمعت قلت: لو قال:"ومن قعد فلا حرج"،

قال: فلمَّا قالَ: "الصلاة خير من النوم"، قال: ومن قعد فلا حرج4.

فهذا الحديث يدل على أن التثويب يكون في الأذان الثاني من الفجر كما هو واضح..

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية: ما المانع من الإتيان بسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في التثويب في الأذان الأول للفجر كما جاء في سنن النسائي وابن خزيمة والبيهقي؟


فكان الجواب: "نعم، ينبغي الإتيان بالتثويب في الأذان الأول للفجر امتثالا لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وواضح من الحديث أنه الأذان الذي يكون عند طلوع الفجر الصادق، وسمي أولاً بالنسبة للإقامة، فإنها أذان شرعاً،

كما في حديث: (بين كل أذانين صلاة)5،

وليس المراد بالأذان الأول ما ينادى به قبل ظهور الفجر الصادق؛ فإنه شرع ليلاً ليستيقظ النائم، وليرجع القائم، وليس أذاناً للإعلام بالفجر،

ومن تدبر أحاديث التثويب لم يفهم منها إلا أن التثويب في أذان الإعلام بوقت الفجر لا الأذان الذي يكون ليلا قبيل الفجر"6.

وقال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في هذه المسألة:"زعم بعض المتأخرين أنها تقال -أي الصلاة خير من النوم- في الأذان الأول قبل الفجر، وأخطئوا خطأ عظيماً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بلالاً أن يقولها في أذان الفجر قال: "إذا أذنت الأول في صلاة الصبح فقل: الصلاة خير من النوم".


ومعلوم أن الأذان للصلاة لا يكون إلا بعد دخول وقتها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم" وسمى أذاناً أولاً باعتبار الإقامة؛ لأن الإقامة أذان ثان،

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-.


وجاء في صحيح مسلم -رحمه الله- من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: فإذا أذن للأذان الأول للفجر قام النبي –صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه لصلاة الفجر. وهذا صريح في أن أذان الفجر الأول يكون بعد دخول الوقت،

وأما الأذان آخر الليل فليس أذاناً للفجر، بل هو أذان للنائمين ليقوموا وللقائمين ليرجعوا ويتسحروا إذا كان ذلك في رمضان"7..

فخلاصة هذه المسألة أن عبارة: "الصلاة خير من النوم" تقال في الأذان الثاني لصلاة الفجر، لأنه هو أذان الصلاة، وأنها تقال بعد قول المؤذن: "حي على الفلاح"،


وإن كان خالف في هذه المسألة بعض أهل العلم، فقالوا بأنها تقال في الأذان الأول، مستدلين بأدلة فهموا منها أنها تقال في الأذان الأول، ولكن الذي دلت الأدلة ورجحه المحققون من أهل العلم أنها تقال في الأذان الثاني،


والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..




1 رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، رقم(472).

2 رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

3 رواه البيهقي في السنن الكبرى وصححه، وابن خزيمة في صحيحه.

4 رواه أحمد، والبيهقي في السنن الكبرى.

5 رواه البخاري ومسلم.

6 فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/63 ).

7 راجع: شرح رياض الصالحين (3/140).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:49 PM   #37
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:

فقد فرض الله على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة، وشرع لكل صلاة مفروضة الأذان والإقامة، ولكن ثمة صلوات لا يشرع لها لا أذان ولا إقامة، هذه الصلوات منها ما هو سنة مؤكدة، ومنها ما هو فرض كفاية، وبعضها رآها البعض فرض عين، فمن هذه الصلوات التي لا أذان لها ولا إقامة:

1- صلاة العيدين، فلا يشرع لها أذان ولا إقامة، لما جاء في الحديث عن جابر بن عبدالله قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة1..

وعن جابر بن سمرة قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه سلم- العيدين غير مرة، ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة2.


وعن ابن عباس وجابر بن عبدالله الأنصاري قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى. ثم سألته بعد حين عن ذلك، فأخبرني قال: أخبرني جابر بن عبدالله الأنصاري أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج، ولا إقامة ولا نداء ولا شيء لا نداء يومئذ ولا إقامة3.

دلت هذه الأحاديث على أنه لا أذان لصلاة العيد ولا إقامة، قال النووي عند شرحه لقول جابر: "فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة" هذا دليل على أنه لا أذان ولا إقامة للعيد، وهو إجماع العلماء اليوم، وهو المعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين"4.

قال ابن القيم: "وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة –أَي صلاة العيد- من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة. والسنة: أنه لا يفعل شيء من ذلك"5..

وقال الصنعاني وهو يرد عمن قال: إنه يستحب أن ينادى للعيد "الصلاة جامعة" فيقول رحمه الله: " غير صحيح إذ لا دليل على الاستحباب، ولو كان مستحباً لما تركه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، والخلفاء الراشدون من بعده. نعم ثبت ذلك في صلاة الكسوف لا غير، ولا يصح فيه القياس؛ لأن ما وجد سببه في عصره ولم يفعله ففعله بعد عصره بدعة، فلا يصح إثباته بقياس ولا غيره"6.

وسئل العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- هل لصلاة العيد أذان وإقامة؟


فأجاب: "صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة، كما ثبتت بذلك السنة، ولكن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: إنه ينادى لها "الصلاة جامعة"، لكنه قول لا دليل له، فهو ضعيف. ولا يصح قياسها على الكسوف؛

لأن الكسوف يأتي من غير أن يشعر الناس به، بخلاف العيد فالسنة أن لا يؤذن لها، ولا يقام لها، ولا ينادى لها، "الصلاة جامعة" وإنما يخرج الناس، فإذا حضر الإمام صلوا بلا أذان ولا إقامة، ثم من بعد ذلك الخطبة"7.

ثانياً: صلاتي الخسوف والكسوف: عن عائشة أن الشمس خسفت على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فبعث مناديا: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، وتقدم فكبر وصلَّى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات8..



دل الحديث على أنه ليس لصلاة الخسوف أذان ولا إقامة، وإنما ينادى لها بـ"الصلاة جامعة"..


قال النووي: "واجمعوا أنه لا يؤذن لها -أي لصلاة الخسوف- ولا يقام"9. فالمشروع إذن عند كسوف الشمس وخسوف القمر أن ينادى: "الصلاة جامعة"، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا حرج أن ينادى: "هلموا إلى الصلاة"، أو الصلاة رحمكم الله"، أو الصلاة الصلاة"، ولكن الأولى البقاء على ما علمنا إياه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن ينادى: "الصلاة جامعة".

ثالثا: صلاة الاستسقاء، لا يشرع لها أذان ولا إقامة، وإنما يخرج الناس لها تائبين إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي، داعين الله، مبتهلين إليه، أن ينزل عليهم الغيث، وأن لا يعذبهم بسوء فعالهم، ولا بما فعله السفهاء منهم.

وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج لصلاة الاستسقاء، فعن عباد بن تميم عن عمه قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة..

ولم ينقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه شرع لها أذاناً ولا إقامة، بل صلاها ركعتين، ثم خطب الناس..

وكذلك لا يشرع أن ينادى لها: "الصلاة جامعة" كما ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء، معللين قولهم هذا بأن صلاة الاستسقاء صلاة يشرع لها الاجتماع والخطبة، ولا يسن لها الأذان ولا الإقامة، فيسن لها النداء. وأيضاً قاسوها على صلاة الكسوف..

ولكنهم خالفوا في ذلك الصواب، فلا يستحب أن ينادى لها: "الصلاة جامعة"، بل النداء لها بدعة محدثة؛ لأنه لم ينقل عن النبي -صلى الله عيه وسلم- ذلك. وقياسها على صلاة الكسوف فاسد الاعتبار؛ لأن صلاة الكسوف على غير تأهب بغتة، وأما صلاة الاستسقاء فمعلومة من قبل، والناس يتأهبون لها، ويستعدون لها، ويعزمون على الخروج إلى الصحراء لإقامتها..

رابعاً: ومن الصلوات التي لا يشرع لها أذان ولا إقامة: قيام الليل (التراويح)، ولا يشرع كذلك لها النداء: "الصلاة جامعة"، أو ما أشبه ذلك من العبارات، بل ذلك بدعة؛ ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه شرع النداء لها أو الإقامة،

وكذلك لم يؤثر عن أحد من أصحابه، بل عمل المسلمين على مر الدهور، واختلاف العصور عدم الأذان أو الإقامة أو النداء لها..

خامساً: صلاة الجنازة، فقد أجمع العلماء على أنه لا يسن لها أذان ولا إقامة، كما قال الوزير ابن هبيرة -رحمه الله: "وأجمعوا على أن الصلاة على الجنائز لا يسن لها أذان ولا نداء"10 أي "الصلاة جامعة"، ولا ما أشبه ذلك من العبارات..


وذلك أنه لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابته، إضافة إلى أن النداء بـ"الصلاة جامعة" من أجل أن يجتمع الناس، وفي صلاة الجنازة المشيعون حاضرون، فلا حاجة للإعلام.."11.


والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

1 أخرجه مسلم.

2 رواه مسلم.

3 رواه البخاري ومسلم.

4 شرح النووي على مسلم(6/ 175).

5 زاد المعاد(1/425).

6 سبل السلام(1/ 27).

7 مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/237).

8 رواه البخاري

9 شرح النووي على مسلم(6/ 204)

10 الإفصاح عن معاني الصحاح(1/68).

11 غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام(3/84) للعبيكان..

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:49 PM   #38
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

موضع الأذان والإقامة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وعلى آله وأصحابه وجنده، أما بعد:

سيكون الحديث عن الموضع الذي يرفع منه الأذان، والموضع الذي تقام فيه الصلاة، حيث سيتم استعراض كلام أهل العلم حول ذلك:


أولاً: موضع الأذان:


اتفق الفقهاء على أنه يستحب أن يكون الأذان من فوق مكان مرتفع كالمنارة، أو سطح المسجد، ونحوهما، واستدلوا على ذلك بأدلة منها:

أولاً من السنة:

1- حديث عروة بن الزبير - رضي الله عنه - عن امرأة من بني النجار قالت: "كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر"1.

2- ما جاء في رواية عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - للأذان، وفي بعض الروايات قال: "...رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران على جذم حائط فأذّن..."2.

3- ما جاء في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) قال: "ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا"3.

وجه الدلالة من الحديث:

يدل قوله : "ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا" على أنهما يؤذنان على مكان مرتفع؛ لأنه ذكر النزول والارتقاء، وهذا لا يكون إلا في المرتفع من المكان.

4- ما روي عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: " من السنة الأذان في المنارة والإقامة في المسجد"4.


ثانياً: من المعقول:

أن الأذان من مكان مرتفع أبلغ في الإعلام، وهو المقصود الأعظم من الأذان.


الأذان داخل المسجـد:


تقدم نقل اتفاق الفقهاء على أن المستحب أن يكون الأذان من فوق مكان مرتفع كالمنارة وسطح المسجد ونحوهما، فإن أّذن المؤذن من داخل المسجد فما الحكم؟

هذه المسألة لم يتعرض لها إلا القلة من الفقهاء منهم الإمام ابن الحاج حيث قال: يمنع من الأذان من جوف المسجد لوجوه:

أحدهما: أنه لم يكن من فعل من مضى.

الثاني: أن الأذان إنما هو نداء للناس ليأتوا إلى المسجد، ومن كان فيه فلا فائدة لندائه لأن ذلك تحصيل حاصل، ومن كان في بيته فإنه لا يسمعه من المسجد غالباً.

الثالث: أن الأذان في المسجد فيه تشويش على من هو فيه يتنفل أو يذكر.

واستثنى من ذلك أن يكون الأذان للجمع بين الصلاتين فذلك جائز في جوفه.

وقال ابن حجر الهيتمي وقد سئل عن الأذان وسط المسجد: "وإذا أذن وسط المسجد فإن كان نيته أن يؤذن لنفسه أو للمقيمين في المسجد فقط كفاه إسماع نفسه في الأولى، وإسماع الحاضرين في الثانية، وأما إذا كان يؤذن لأهل البلد فلا بد من أن يؤذن في محل مرتفع بصوت عال بحيث يسمعه من أصغى إليه من أهل البلد،...
والذي ورد عن بلال وغيره من مؤذنيه - صلى الله عليه وسلم - أن من أراد منهم الأذان لإسماع الناس كان يؤذن على موضع عال"5.

وقال الإمام الشاطبي في معرض حديثه عن الأذان بين يدي الإمام في الجمعة: "... ولا ثبت أن الأذان بالمنار أو في سطح المسجد تعبد غير معقول المعنى، فهو الملائم من أقسام المناسب، بخلاف نقله من المنار إلى ما بين يدي الإمام، فإنه قد أخرج بذلك أولاً عن أصله من الإعلام؛ إذ لم يشرع لأهل المسجد إعلام بالصلاة إلا بالإقامة، وأذان جمع الصلاتين موقوف على محله"6.

فعلم بهذا أن الأذان من داخل المسجد خلاف السنة إلا إذا كان لإسماع الحاضرين، ولكن مع وجود مكبرات الصوت في العصر الحاضر التي توزع على المواضع المرتفعة في المسجد كالمنارة وسطح المسجد، ويكون لاقط الصوت داخل المسجد؛ فإن الأذان من داخل المسجد في هذه الحالة لا يكون فيه مخالفة للسنة.

ويرى بعض المعاصرين عدم مشروعية الأذان من داخل المسجد أمام مكبر الصوت، وينكرون على من فعله، وعللوا ذلك بالوجوه التي تقدم ذكرها عن ابن الحاج، وقالوا أيضاً: "إن الأذان في المسجد أمام المكبر يمنع ظهور المؤذن بجسمه؛ فإن ذلك من تمام هذا الشعار الإسلامي العظيم؛


لذلك نرى أنه لابد للمؤذن من البروز على المسجد، والتأذين أمام المكبر....، ومن فائدة ذلك أنه قد تنقطع القوة الكهربائية، ويستمر المؤذن على أذانه وتبليغه إياه إلى الناس من فوق المسجد، بينما هذا لا يحصل والحالة هذه إذا كان يؤذن في المسجد كما هو ظاهر"7.

ولا مسوغ معتبر لهذا الإنكار، أو وصف الفعل بعدم المشروعية؛ لأن الأذان أمام مكبر الصوت من داخل المسجد وسيلة لأمر مطلوب شرعاً - وهو إبلاغ الأذان للناس - وللوسائل أحكام المقاصد، وهذا جواب عن الوجهين الأول والثاني المنقولين عن ابن الحاج.

وأما الوجه الثالث وهو أن الأذان في المسجد فيه تشويش على من هو فيه، فقد اتفق الفقهاء على أنه ينبغي لسامع الأذان أن لا يشتغل بقراءة القرآن، ولا بشيء من الأعمال، ولو كان في القراءة فينبغي أن يقطع ويشتغل بالاستماع والإجابة.

وقد وردت أسئلة للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية حول من ينكر على المؤذن إذا أذن داخل المسجد، واعتبار هذا الفعل بدعة؛ فكان الجواب ما يلي:

"لا ينبغي الإنكار على المؤذن إذا أذن داخل المسجد؛ لأننا لا نعلم دليلاً يدل على الإنكار عليه8.

وقالوا أيضاً: "ليس الأذان في الميكرفون في المسجد بدعة لا لصلاة الجمعة ولا لغيرها من الصلوات الخمس المفروضة، بل هو من نعم الله - سبحانه - على المسلمين؛ لما حصل به من الإعانة على إبلاغ الأذان، والدعوة إلى الله سبحانه"9.


ثانياً: موضع الإقامة:


اختلف الفقهاء في الموضع الذي يستحب أن يقيم فيه المؤذن الصلاة، هل المستحب أن يكون في موضع الأذان، أو يستحب أن يتحول منه إلى غيره؟ في المسألة قولان:

القول الأول:

أنه يستحب أن يتحول من موضع أذانه إلى موضع غيره للإقامة، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية، ورأي لبعض الحنابلة.

القول الثاني:

أنه يستحب أن يقيم في موضع أذانه وهو قول الحنابلة، قالوا: إلا أن يشق عليه، كمن يؤذن في المنارة، أو مكان بعيد من المسجد، فيقيم في غير موضع؛ لئلا يفوته بعض الصلاة.

أدلة القول الأول:

أولاً: من السنة:

ما ورد في حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - في صفة الأذان وفيه: "... ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر،..."10.
وجه الدلالة:

أن قوله "استأخر عني غير بعيد" يدل على أن المستحب أن تكون الإقامة في غير موقف الأذان.

ثانياً: من المعقول:

أنه يستحب أن يقيم في موضع صلاته؛ وذلك ليلحق التأمين مع الإمام.
أدلة القول الثاني:


أولاً من السنة:

1- ما روي عن بلال - رضي الله عنه - أنه قال: "يا رسول الله لا تسبقني بـآمين"11.

وجه الدلالة:

أن قوله هذا لا يكون إلا لبعد موضع الإقامة عن موضع الصلاة؛ إذ لو كان يقيم في موضع صلاته لما خاف أن يسبقه بالتأمين.

2- عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: "إنما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة"12.

وجه الدلالة:

قوله: " فإذا سمعنا الإقامة" يدل على أن الإقامة من موضع الأذان؛ إذ لو كانت داخل المسجد لم يسمعها.

ثانياً: من المعقول:

1- أن الإقامة شرعت للإعلام فهي مشروعة في موضع الأذان؛ ليكون أبلغ في الإعلام.

2- أن الإقامة تابعة للأذان، فالمستحب أن تكون في مكانه كالصلاة الثانية من صلاتي الجمع، وكالخطبتين.

الترجـيح:

الراجح - والله أعلم - هو قول الجمهور بأن يستحب للمؤذن أن يتحول من موضع الأذان إلى موضع غيره للإقامة؛ وذلك لما يلي:

1- قوة الأدلة، وسلامتها من المعارضة.

2- ما استدل به أصحاب القول الثاني من حديث بلال: "لا تسبقني بـآمين" يناقش من وجهين:

الوجه الأول: أن في سنده مقالاً.

الوجه الثاني:
أنه لو صحَّ فإنه ليس بصريح الدلالة على ما ذهبوا إليه؛ وذلك لأنه يحتمل معناه أن بلالاً - رضي الله عنه - كان يقرأ بفاتحة الكتاب في السكتة الأولى من السكتتين، فربما بقي عليه الشيء منها، وقد فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قراءة فاتحة الكتاب؛ فاستمهله بلال في التأمين مقدار ما يتم فيه بقية السورة؛ حتى يصادف تأمينه تأمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

3- ما استدل به أصحاب القول الثاني من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ليس بصريح الدلالة على أن الإقامة في موضع الأذان، فقد تسمع الإقامة من داخل المسجد لاسيما إذا كان المقيم جهوري الصوت، وكان الهواء من جهة السامع.

4- قياس الإقامة على الأذان قياس مع الفارق؛ لأن الأذان إعلام لمن هو خارج المسجد، بخلاف الإقامة فإنها إعلام لمن هو داخل المسجد.

5- قياس الأذان والإقامة على الخطبة قياس أيضاً مع الفارق لما تقدم، ولأن الخطبة تكون لمن بداخل المسجد.

6- قال الإمام المرداوي13 عن مذهب الجمهور: "وعليه العمل في جميع الأمصار والأعصار"14.

ويلاحظ أنه في العصر الحاضر مع وجود مكبرات الصوت فإن المؤذن يؤذن ويقيم داخل المسجد15.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


1 رواه أبو داود وصححه ابن حجر في الفتح.

2 رواه أحمد في مسنده (22080) والبيهقي في سننه (1829) وابن أبي شيبة في مصنفه (2118) وقال الألباني في الثمر المستطاب: "إسناده في غاية الصحة".

3 رواه البخاري (597) ومسلم (1092) وهذا لفظ مسلم.

4 رواه البيهقي وهو حديث منكر لم يروه غير خالد بن عمرو وهو ضعيف منكر الحديث. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2331) من كلام التابعي: عبد الله بن شقيق.

5 الفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (1/188-189).

6 كتاب الاعتصام للشاطبي (2/310).

7 الأجوبة النافعة للألباني ص 18 – 19 المسجد في الإسلام لخير الدين وائلي ص 252 – 253 ، والقول المبين في أخطاء المصلين لمشهور حسن ص 178 – 179 دار ابن القيم، ودار ابن حزم 1426هـ.

8 فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 8/199 رقم الفتوى 2601.

9 المصدر السابق 8/200 فتوى رقم 5069.

10 رواه أبو داود (499) وصححه الألباني (469) كما في تحقيق سنن أبي داود.

11 رواه أبو داود (937) وأحمد (23929) وضعفه الألبانيكما في تحقيق سنن أبي داود (198).

12 رواه أبو داود (510) والنسائي (668) وأحمد (5569) وحسنه الألبانمي في تحقيق سنن أبي داود (482).

13- هو: أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي السعدي، ثم الصالحي الحنبلي، الإمام العلامة المحقق، شيخ الحنابلة، ولد سنة 817هـ بمردا ونشأ بها، ثم تحول إلى دمشق، من كتبه: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، والتحرير في أصول الفقه وغيرها، توفي سنة 885هـ. (شذرات الذهب 7/340، الضوء اللامع للسخاوي 5/225-227).

14- الإنصاف 1/389.

15 كتاب أحكام الأذان والنداء والإقامة ل(سامي الحازمي).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:49 PM   #39
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

التثويب المحدث

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خير خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد دلت السنة النبوية الصحيحة على سنية التثويب لصلاة الفجر، وهو أن يقول المؤذن: " الصلاة خير من النوم" مرتين، بعد أن يقول: "حي على الفلاح"..

فهذه مسألة لا خلاف فيها بين من يعتد به، ولكن ثمة بدع أحدثها بعض المؤذنين في الأذان والإقامة، ومن ذلك: التثويب المحدث،

وهو أن يقول المؤذن بين الأذان والإقامة: "حي على الصلاة، حي على الفلاح، مرتين أو أي عبارة أخرى حسب ما تعارف عليه أهل كل بلدة، كتنحنح، أو الصلاة الصلاة، أو قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، ونحو ذلك"1،

وبعض المؤذنين يقول بين الأذان والإقامة: "الفاتحة..." إلخ.. من أجل أن يشعر الحاضرين بأنه قد اقترب وقت إقامة الصلاة، فيتهيئوا..

ثم يقيم الصلاة بعد خمس دقائق، أو نحواً من ذلك.

فما حكم هذا الفعل؟

اختلف الفقهاء في حكمه على قولين:

القول الأول: أنه مكروه في جميع الصلوات، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، وأكثرهم اعتبره بدعة2..

واستدلوا على ذلك بالأدلة الدالة على مشروعية التثويب، وكذلك الأدلة الدالة على اختصاصه بأذان صلاة الفجر.

ووجه الدلالة من ذلك أنه قد جاء في الأدلة تفسير التثويب وهو قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" مرتين، وفيها أيضاً اختصاصه بأذان صلاة الفجر دون غيرها، بل جاء في بعضها النهي عن التثويب في غير أذان صلاة الفجر..

أما هذا التثويب الذي سبق تعريفه، فإنه محدث مبتدع لم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا الصحابة، وإنما وجد في زمن التابعين، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه مسلم.

القول الثاني في هذه المسألة: أنه مستحب، وهو قول الحنفية، إلا أن المتقدمين منهم خصوه بصلاة الفجر، والمتأخرين استحسنوه في جميع الصلوات3.

واستدلوا على ذلك بالمعقول، فقالوا: إن الناس قد ازدادت بهم الغفلة، وتهاونهم بأمور الدين، وقلما يقومون عند سماع الأذان، فيستحسن هذا التثويب للمبالغة في الإعلام، من باب التعاون على البر والتقوى4..

فهذا القول مرجوح والدليل الذي استدلوا به مردود من وجهين:

الأول: أنه اجتهاد في مقابلة النص.

الثاني: أنه لما لم تجز الزيادة في الأذان لم يجز أن يصله بما ليس منه كالخطبة والصلاة وسائر العبادات5.


وعليه فالقول الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور أنه لا يشرع هذا التثويب في أذان صلاة الفجر وغيرها من الصلوات، وذلك لما يلي:

دلالة السنة الصريحة على تفسير التثويب المشروع ومكان مشروعيته، يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم" مرتين في أذان صلاة الفجر، فوجب الاقتصار على ما ورد في السنة.

أن فيه إلحاقاً للأذان بما ليس منه6، وهو أمر محدث مبتدع، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة7.

إذن خلاصة المسألة أن التثويب الذي يفعله بعض المؤذنين بين الأذان والإقامة محدث، وليس عليه دليل من كتاب ولا من سنة، فيجب التمسك بالسنة، وأنه لا تثويب في غير صلاة الفجر، لورود الدليل في ذلك.


والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


1 أحكام الأذان والنداء والإقامة(96).

2 يراجع: الذخيرة (2/46-47). مواهب الجليل(1/431). المغني(2/16). كشاف القناع(1/282).

3 ينظر: المبسوط(1/130). بدائع الصنائع(1/148). البناية(2/111). والبحر الرائق(1/275).

4 أحكام الأذان والنداء والإقامة(97- 98).

5 الفروع(1/274).

6 للمزيد يراجع: المبسوط(1/131) بدائع الصنائع(1/148- 149). الذخيرة(2/46- 47). مواهب الجليل(1/431) المهذب(3/131) المجموع(3/132) الفروع(273- 274) كشاف القناع(1/282).

7 ينظر: أحكام الأذان والنداء والإقامة(97- 98).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:50 PM   #40
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الدعاء بين الأذان والإقامة
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين..


أما بعد:

فقد خلق الله الخلق لعبادته، ومن رحمته بهم وفضله عليهم أن نوَّع لهم العبادات، فشرع لهم عبادات قولية، وعبادات فعلية، وعبادات ظاهرة، وعبادات باطنة، وعبادات مالية وعبادات بدنية، وعبادة مشتركة بين البدن والمال، ومن العبادات التي شرعها الله لعباده: الدعاء.

فقد سمى الله - تعالى- الدعاء عبادة في كتابه الكريم فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ سورة غافر(60)،


وقد جاء في الحديث عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الدعاء هو العبادة)1، ثم قرأ الآية السابقة.

ولذلك فقد حث - تبارك وتعالى - على الدعاء على كل حال فقال: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَسورة الأعراف(55)،


والدعاء يستحب في كل زمان ومكان، وعلى كل حال، ومن كل شخص، لأن الله قد قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَسورة البقرة(186)،


بل جاء في الحديث الذي الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من لم يسأل الله يغضب عليه)2.



وصدق الشاعر:

لا تسألنَّ بُنَيَّ آدم حاجة *** وسل الذي أبوابه لا تحجب


الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبُنَيَّ آدم حين يُسأل يغضب3



إلا أن الدعاء في بعض الأزمنة والأمكنة والأحوال أرجى إجابة، ومن هذه الأزمنة التي يكون الدعاء فيها مجاب: الدعاء بين الأذان والإقامة؛ لما جاء في الحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)4، ومعنى لا يرد أي ممن توفرت فيه شروط الدعاء، وانتفت موانعه، لأنه قد جاء في أحاديث أخرى عدم الاستجابة لمن اتصف بصفات معينة،

يقول ابن القيم: "هذا مشروط بما إذا كان للداعي نفس فعالة، وهمة مؤثرة، فيكون حينئذ من أقوى الأسباب في دفع النوازل والمكاره، وحصول المآرب والمطالب، لكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعف في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان،

وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله، وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون كالقوس الرخو، فإن السهم يخرج منه بضعف، وإما لحصول مانع من الإجابة كأكل حرام، وظلم، ورين ذنوب، واستيلاء غفلة، وسهو ولهو، فيبطل قوته أو يضعفها"5.





فينبغي للمؤمن أن يستغل وقت ما بين الأذان والإقامة، ومن الدعاء الذي ينبغي للمسلم أن يحرص عليه عند الأذان أن يردد كلمات الأذان عد المؤذن، ثم يتبع ذلك بالدعاء المأثور الذي أرشدنا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛


كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قال المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر، الله أكبر، قال: الله أكبر، الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة).

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:

(إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم.

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قال حين يسمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته" حلت له شفاعتي يوم القيامة) رواه البخاري.

إذن المستحب لمن يسمع الأذان أن يردد بعد المؤذن فيقول مثلما يقول، إلا عند قول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، كما صح بذلك الخبر، ثم بعد أن يفرغ من الترديد يصلي على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم يدعو فيقول: "اللهم رب هذه الدعوة التامة..." إلخ.

ثم بعد ذلك يركع السنة القبلية، ثم يتفرغ للدعاء والذكر، وقراءة القرآن.



نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمرضاته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه، وقال الألباني: "صحيح"؛ كما في صحيح أبي داود، رقم(1312)، وفي غيرها من كتبه..

2 أخرجه الترمذي، وقال الألباني: "صحيح"؛كما في صحيح الترمذي، رقم(2686).

3 فيض القدير(1/556).

4 رواه أبو داود،، وقال الألباني: "صحيح"؛ كما في صحيح أبي داود، رقم(489).

5 فيض القدير(3/541).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:50 PM   #41
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

ألفاظ الأذان بين السنة والبدعة




الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد:

فإن الأذان عبادة جليلة، وقربة يتقرب بها الإنسان إلى الله تبارك وتعالى،


ولذلك فإنه يجب على المؤذن أن يتقيد بما جاءت السنة ببيانه من ألفاظ الأذان والإقامة، ذلك أن العبادة مبنية على التوقيف،
بمعنى أنه لا يجوز لنا شرعاً أن نزيد أو ننقص في ألفاظ الأذان أو الإقامة على ما جاءت به السنة الصحيحة.

والأذان الذي جاءت السنة ببيان ألفاظه:

الله أكبر، الله أكبر، أربع مرات، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، مرتين، ثم يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، مرتين، ثم حي الصلاة، مرتين، ثم حي على الفلاح، مرتين، ثم يعيد الله أكبر، مرتين، ثم يختم بقوله: لا إله إلا الله، مرة واحدة.. هذه صفة الأذان الواردة في السنة الصحيحة..

وأما صفة الإقامة فيقول:

الله أكبر، الله أكبر، مرتين، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، مرة واحدة، ثم أشهد أن محمداً رسول الله، مرة واحدة، ثم حي على الصلاة، مرة واحدة، ثم حي على الفلاح، مرة واحدة، ثم يقول: قد قامت الصلاة، مرتين، ثم يقول: الله أكبر مرتين، ثم يختم بقوله: لا إله إلا الله..

وهناك صفة أخرى للأذان بأن يثني التكبيرات الأولى، وهكذا بقية ألفاظ الأذان، ما عدا لفظة: لا إله إلا لله، فيفردها.. وكذلك الإقامة مثل الأذان إلا أنه يضيف لفظ: قد قامت الصلاة، مرتين.. فكل هذا وردت به السنة الصحيحة..

وهناك ما يسمى بالترجيع في الأذان وهي الصفة الثالثة، وكيفيتها: أن يقول الله أكبر أربع مرات،

ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين ولا يرفع بها صوته، ثم يرفع صوته فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، مرتين..
ثم يقول: أشهد أن محمداً رسول الله مرتين ولا يرفع بها صوته، ثم يرفع صوته بها مرة أخرى فيقول: أشهد أن محمداً رسول الله، مرتين..
ثم يكمل الأذان كما تقدم في الصفة الأولى..

كما أن هناك ألفاظاً أخرى وردت السنة الصحيحة بأنها تقال في الأذان لبعض الصلوات، كزيادة لفظة: الصلاة خير من النوم، بعد قول المؤذن: حي على الفلاح، في صلاة الفجر،

وكذلك لفظة: صلوا في رحالكم عند المطر، فتقال بعد: حي على الفلاح، أو تقال بعد الانتهاء من الأذان، فيقولها المؤذن مرتين..


فهذا مما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذان..

وأما زيادة الألفاظ المبتدعة في الأذان وكذا في الإقامة فإن ذلك مما لا يجوز؛ لأن في ذلك مخالفة صريحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بين الأحكام ولا يجوز تعديها..

ومن الألفاظ المبتدعة في الأذان:

قراءة بعض المؤذنين لبعض الآيات من القرآن، كقراءة بعض المؤذنين قبل الأذان:
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا سورة الإسراء (111)،


أو قراءة البعض: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ سورة فصلت(33)،

فهذا مما لم يرد فيه دليل من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم..

وكذلك قول بعضهم بعد الفراغ من الأذان: الفاتحة إلى روح نبينا...إلخ.. أو الصلاة والسلام على رسول الله وآله، عبر مكبرات الصوت، أو ما أشبه ذلك من الألفاظ والأذكار التي يقولها بعض المؤذنين قبل وبعد الفراغ من الأذان1..

والسنة للإنسان أن يردد بعد المؤذن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الأذان، ثم يسأل له الوسيلة، وكذلك يسن للمؤن نفسه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بينه وبين نفسه، وليس بصوت مرتفع يساوي صوت الأذان، وكأنه زيادة فيه..

ومن الألفاظ المبتدعة في الأذان:


ما يسميه البعض بالتسابيح أو التواشيح، أو ما أشبه ذلك، فتجد في بعض المساجد بعض الناس يرفعون أصواتهم بهذه التسابيح قبل الأذان الثاني لصلاة الفجر، وكذلك قبل صعود الإمام إلى المنبر يوم الجمعة،

وقد نص على عدم جواز ذلك علماء الإسلام،

يقول ابن الجوزي -رحمه الله- وهو يبين تلبيس إبليس في الأذان: "ومنه أنهم يخلطون أذان الفجر بالتذكير والتسبيح والمواعظ، ويجعلون الأذان وسطا فيختلط، وقد كره العلماء كل ما يضاف إلى الأذان،


وقد رأينا من يقوم بالليل كثيرا على المنارة فيعظ ويذكر، ومنهم من يقرأ سورا من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات"2..

وقال ابن الحاج في "المدخل": "وينهى المؤذنون عمّا أحدثوه من التسبيح بالليل، وإن كان ذكر الله - تعالى- حسناً سراً وعلناً، لكن في المواضع التي تركها الشارع -صلوات الله وسلامه عليه- ولم يعين فيها شيئاً معلوماً".


وقال أيضاً: "وينهى المؤذنون عما أحدثوه من التذكار يوم الجمعة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله، ولا أمر به، ولا فعله أحد من بعده من السلف الماضيين -رضي الله عنهم–، بل هو قريب العهد بالحدوث".

ومن الألفاظ المبتدعة في الأذان ما اشتهر عند الزيدية وغيرهم من الشيعة: زيادة لفظ: "حي على خير العمل" في الأذان والإقامة، وكذلك زيادة "سيدنا" في الإقامة،


وكذلك زيادة لفظة كاملة في الأذان: " أشهد أن عليا ولي الله"، كما هي عند الرافضة، فزيادة هذه الألفاظ من البدع المنكرة المحدثة في الأذان والتي لم يدل عليها دليل من السنة،

بل الوارد المنع من ذلك، يقول ابن الحاج وهو يتحدث عما ينهى فعله في المسجد: "وأما في أثناء الأذان فقد أضاف الناس كلماتٍ وألفاظٍ ليس عليها دليل، وليس عندهم من الله فيها برهان،

ومنها زيادة لفظة "سيدنا" في ألفاظ الإقامة، وزيادة "حي على خير العمل" عند الأذان والإقامة، وزيادة بعضهم جملة كاملة في ألفاظ الأذان "أشهد أن عليا ولي الله" وهذا مما لا يجوز زيادته في الأذان، وكأنهم يتهمون النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم البيان، والدين بالنقصان،


ولأن الأذان عبادة مستقلة لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان.

يقول القاسمي في "إصلاح المساجد": "إن ألفاظ الأذانين مأثورة متعبد بها، رويت بالتواتر خلفاً عن سلف، في كتب الحديث الصحاح والحسان والمسانيد والمعاجم، ولم يرو أحد قط استحباب هذه الزيادة- يقصد لفظة "سيدنا"- عن صحابي ولا تابعي، بل ولا فقيه من فقهاء الأئمة ولا أتباعهم"..

وقد وجه سؤالا إلى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
يقول نص السؤال: "ما حكم الإسلام في زيادة: "حي على خير العمل" في الأذان؟

وهل ثبتت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ وما حكم الصلاة في المساجد التي يؤذّن بحي على خير العمل فيها؟ وهل صحيح أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أذّن بها في إحدى الغزوات؟".

فكان الجواب:

"... فقد ثبتت الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيان صفة الأذان، وقد علمه بلالا، وعلمه أبا محذورة، والأحاديث في ذلك ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وليس فيها "حي على خير العمل"، وليس فيها "أشهد أن علياً ولي الله"،
بل هاتان الجملتان من البدع المحدثة في الأذان بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-،

وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) يعني مردود رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين.


وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في الصحيح.


وأخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول في خطبة الجمعة: (أما بعـد: فإن خير الكتاب كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعةٍ ضلالة).

فالواجب على المؤذنين أن يدعو هذه الزيادة؛ لأنها غير ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هي من البدع..."3.

وعليه فإن فالواجب على المؤذنين التقيد بما وردت السنة ببيانه،

وأن لا يزاد في ألفاظ الأذان ولا الإقامة، فمن زاد في ذلك فقد خالف الكتاب والسنة..

والله وحده نسأل أن يرد المسلمين إلى دينه رداً جميلاً، وأن يرزقنا التمسك السنة المطهرة والبعد عن البدع، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

1 يراجع: إصلاح المساجد للقاسمي صـ(133-134).

2 تلبيس إبليس(168).

3 برنامج نور على الدرب، رقم الحلقة (660).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:51 PM   #42
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم الأذان والإقامة من المضطجِع




الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم وكان فضله علينا عظيماً، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كريماً.. أما بعد:

فإن الأذان شعيرة عظيمة رتب الله ورسوله عليها عظيم الأجر، وجعلها ركيزة من ركائز الإسلام وشعيرة من شعائره، وبين صفتها وكيفيتها، وأوقاتها، والقائم بها.

وفي هذا المقال المختصر سنتطرق إلى مسألة من مسائل الأذان وهي: هل يجوز للمضطجع أن يؤذن وهو على حاله ذلك؟

اتفق الفقهاء على كراهة الأذان والإقامة من المضطجع إذا كان لغير عذر، وذلك لمخالفته سنة القيام حال الأذان والإقامة.

واختلفوا في صحتهما على قولين:

القول الأول:



أنهما يصحان من المضطجع، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. وعللوا ذلك بأن المراد الإعلام وقد حصل.


قال النووي رحمه الله: "السنة أن يؤذن قائماً مستقبل القبلة؛ لما ذكره المصنف، فلو أذن قاعداً أو مضطجعاً أو إلى غير القبلة كره وصح أذانه؛ لأن المقصود الإعلام وقد حصل، هكذا صرح به الجمهور وقطع به العراقيون وأكثر الخراسانيين، وهو المنصوص،


وذكر جماعات من الخراسانيين في اشتراط القيام واستقبال القبلة في حال القدرة وجهين وحكى القاضي حسين وجها أنه يصح أذان القاعد دون المضطجع والمذهب صحة الجميع.."1


القول الثاني:

أنهما لا يصحان من المضطجع، وهو رأي لبعض المالكية، ووجه للشافعية وبعض الحنابلة.

والذي يترجح أن ذلك جائز مع الكراهة، والأولى الأذان قائماً اتباعاً لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخروجاً من الخلاف.

والله أعلم.


1 المجموع (ج 3 / ص 106).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:51 PM   #43
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان يحقن الدماء

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:

فإن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، ومظهر عظيم من مظاهره، وإرشاد واضح إلى أعظم أركانه وركائزه، إذا تركه أهل بلدة وأطبقوا على ذلك قوتلوا، وإن قاموا به عصمت دماؤهم وأرواحهم،


وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يغزو قوماً انتظر حتى يسمع الأذان، فإن سمع أذاناً كف عن قتالهم، وإن لم يسمع أغار عليهم، وكان يعلم أصحابه هذا الأمر، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح، فإذا سمع أذاناً أمسك، وإذا لم يسمع أذاناً أغار بعد ما يصبح".



وفي رواية عند مسلم: "كان يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الآذان، فإن سمع أذاناً أمسك وإلا أغار، وسمع رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر،


فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (على الفطرة)، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: (خرجت من النار).

ففي هذين الحديثين دليل على أن الأذان شعار الإسلام؛ كما يقول الخطابي: "وأنه لا يجوز تركه، ولو أن أهل بلد اجتمعوا على تركه كان للسلطان قتالهم عليه"1.


وقال العلامة الشوكاني - رحمه الله - عند شرحه للحديث السابق: "..فيه دليل على جواز الحكم بالدليل لكونه - صلى الله عليه وآله وسلم - كف عن القتال بمجرد سماع الأذان،


وفي هذا الحديث الأخذ بالأحوط في أمر الدماء؛ لأنه كف عنهم في تلك الحال مع احتمال أن لا يكون ذلك على الحقيقة"2.


وقد تعرض العلماء إلى بيان بعض حِكم الأذان فقال النووي: "وذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة، وبمكانها، والدعاء إلى الجماعة"3.



كما أن العلماء أيضاً بينوا حكم الأذان، فعدوه من فروض الكفاية، بمعنى أنه إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحداً أثموا جميعاً.




والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 فتح الباري(2/90).

2 نيل الأوطار(8/51)

3 شرح النووي على مسلم(4/77).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:51 PM   #44
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

نتحدث في هذا المقال عن الأذان والإقامة في غير الصلوات، هل له مواطن يشرع فيها، وسيتم بيان القول الصحيح من أقوال أهل العلم في ذلك، مع بيان الدليل؛

حيث صار مشهوراً بين الناس مشروعية الأذان والإقامة في مواطن قد لا يصح الاعتماد على بعضها لضعف الدليل أو عدمه.

ونبدأ هنا بذكر المواطن التي اشتهر فيها فعل الأذان والإقامة في غير الصلوات، فمن ذلك:
الأذان في أذُن المولود اليمنى عند ولادته، والإقامة في أذنه اليسرى، ومنها الأذان وقت الحريق ووقت الحرب، وخلف المسافر.

ومنها الأذان في أذن المهموم المصروع وللغضبان، ولمن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة، وإذا تغولت الغيلان، أي سحرة الجن والشياطين؛ وذلك لدفع شرها بالأذان، وعند إدخال الميت القبر.

أولاً: الأذان والإقامة في أذن المولود:

اختلف الفقهاء في مشروعية الأذان والإقامة في أذن المولود على قولين:

القول الأول:

أنه يستحب الأذان في أذن المولود، وزاد بعضهم والإقامة, فيؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في اليسرى، وهو قول متأخري الحنفية ومتأخري المالكية، وقول الشافعية والحنابلة
1.


القول الثاني:

أنه يكره الأذان والإقامة في أذن المولود، وهو قول الإمام مالك.

وقد استدل القائلون بأنه يستحب بما يلي:


أولاً: من السنة:

1- حديث أبي رافع -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة"
2.
2
- حديث الحسين بن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان)
3.


ثانياً من الآثار:

ما روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى4.


ثالثاً من المعقول:

1- أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات الأذان المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي هي أول ما يدخل بها الإنسان في الإسلام، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه من الدني
5.


2-
هروب الشيطان من كلمات الأذان، وهو ما كان يرصده حتى يولد6




3-
أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله سابقة على تغيير الشيطان لها.7





ثانياً: الأذان إذا تغولت الغيلان:

الغيلان: جمع غول، وهي جنس من الجن والشياطين، والتغول: التلون، وتغولت الغول: تخيلت وتلونت
8، والغول في لغة العرب: الجان إذا تبدى في الليل9.


وقد ذكر بعض فقهاء الشافعية وتبعهم بعض متأخري الحنفية أنه يستحب الأذان إذا تغولت الغيلان، واستدلوا على ذلك بأدلة منها ما يلي:


أولاً: من السنة:


1- حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان)
10.


2- حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا تغولت لكم الغيلان فأذنوا)
11.

3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا تغولت لكم الغول فنادوا بالأذان فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص)
12.


ثانياً من الآثار:
1-
عن سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان –رحمه الله- قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة، قال: ومعي غلامٌ لنا -أو صاحبٌ لنا- فناداه مناد من حائط باسمه، قال: وأشرف الذي معي على الحائط فلم يرَ شيئاً، فذكرت ذلك لأبي


فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتاً فناد بالصلاة؛ فإني سمعت أبا هريرة –رضي الله عنه- يحدث عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
(إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَلَّى وَلَهُ حُصَاصٌ)13، والحصاص أي: ضراط كما في الرواية الأخرى، وقيل الحصاص: شدة العدو14.


2- ما روي أن الغيلان ذكروا عند عمر -رضي الله عنه- فقال: "إن أحداً لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلقه الله عليها، ولكن لهم سحرة كسحرتكم، فإذا رأيتم ذلك فأذنوا"
15.



وبهذا يعلم أن الأذان عند تغول الغيلان مستحب؛ وذلك لصحة بعض الأدلة الواردة في ذلك.

ثالثاً:مواطن في غير الصلوات لا يشرع لها الأذان:



معلوم أن الأذان شرع في الأصل للإعلام بالصلاة، ولا يشرع في غير الصلوات المفروضة إلا ما وردفيه نص صريح يفيد مشروعيته لغير الصلوات، ولم يرد إلا في موضعين،


وهما الأذان في أذن المولود وعند تغول الغيلان على خلاف بين أهل العلم في ثبوت ذلك كما تقدم.

وقد توسع بعضهم فاستحبوا الأذان في مواضع أخرى لا أصل لها استئناساً وتبركاً، أو إزالة للهم، وهذه المواضع هي:

1-
الأذان لمن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة, استناداً على ما روي عن الحسين بن علي-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (من ساء خلقه من إنسان أو دابة فأذنوا في أذنيه). وهو أثر لا يصح16.

2- الأذان في أذن المهموم.

3- الأذان في أذن المصروع.

4- الأذان في أذن الغضبان.

5- خلف المسافر.

6- عند مزدحم الجيش.

7- لمن ضل الطريق في السفر.

8- عند إنزال الميت القبر.

9- الأذان عند ركوب البحر.

وكل ذلك مخالف للسنة المطهرة، ومما أحدث من البدع التي لا أصل لها، ومن استحب ذلك من الفقهاء إما أن يكون اعتمد على خبر لا يصح، أو قاسه على أصل مشروع، أو استحسنه، ومثل هذا لا يثبت إلا توقيف17.


نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصالح العمل، وأن يجنبنا الزلل في القول والعمل، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.




1 البحر الرائق 1/272، رد المحتار 1/385، مواهب الخليل 1/434، المهذب مع المجموع 8/325، مغني المحتاج 1/134، المغني 13/401، شرح منتهى الإرادات 1/130- 131

2 رواه أبو داود (5105) والترمذي (1514) وأحمد (27230) وحسنه الألباني رحمه الله برقم (1173) في إرواء الغليل.

3 رواه البيهقي في شعب الإيمان (8619) وهو ضعيف جداً، بل قال الألباني في السلسلة الضعيفة (321): (موضوع).

4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (7985) (4/336)، والبغوي في شرح السنة (11/273) وهو مستدرك على الحافظ ابن حجر، ومن بعده الإمام الشوكاني، إذ قال الحافظ: "لم أره عنه مسنداً"التلخيص الحبير (4/386)، نيل الأوطار (5/146), لكن شيخ عبد الرزاق هو: إبراهيم بن محمد بن أبي يحي, متروك كما في التقريب (1/33)، انظر تصحيح الدعاء لبكر أبو زيد ص 405، 406.

5 انظر: تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص 22، ط: دار البيان دمشق 1414هـ، ومرقاة المفاتيح 4/36، وشرح منتهى الإرادات 1/131.

6 المصادر السابقة.

7 تحفة المودود بأحكام المولود ص 23.

8 النهاية لابن الأثير (3/355) ولسان العرب (10/147).

9 تفسير ابن كثير (1/33).

10 رواه الإمام أحمد في المسند (14316) وابن أبي شيبة (95) وابن خزيمة (2549) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد (3/487) وقال الألباني ضعيف.

11 أخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم (9252) وعن الحسن مثله برقم (9247) والبزار (كشف الأستار برقم (3129) قال الهيثمي: "رجاله ثقات إلا الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب)

12 رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (7436)، قال الهيثمي: "فيه عدي بن الفضل وهو متروك" مجمع الزوائد (10/192).

13 رواه مسلم (389).

14 شرح النووي على مسلم (ج 4/92).

15 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/95)، وابن عبد البر في التمهيد (3/42) وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (6/396).

16 أخرجه الديلمي (فردوس الأخبار بمأثور الخطاب (4/207) ط: دار المتاب العربي 1407هـ، والإسناد فيه المعلى بن مهدي، قال في الميزان (4/151) قال أبو حاتم: "يأتي أحياناً بالمناكير".

17 استفيد الموضوع بتصرف يسير من كتاب أحكام الأذان والنداء والإقامة لـ(سامي بن فراج الحازمي)، قدم له فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:52 PM   #45
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان والإقامة لصلاة العيدين ولغير المفروضة



الحمد لله على نعمائه، والشكر له على إحسانه وتوفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه. أما بعد:

اتفق الفقهاء على أن الأذان والإقامة لا يشرعان إلّا للصلوات الخمس المفروضة( ومنها الجمعة) فلا يشرعان لغيرها من فروض الكفاية أو النوافل؛ كالعيدين، والجنازة، والاستسقاء والكسوف وغير ذلك(1).



قد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم(2).

واستدلّوا على ذلك بما يلي:

1- أنه لم يؤذن على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لغير الصلوات الخمس المفروضة(3).
2
- أن المقصود من الأذان الإعلام بوقت الصلاة على الأعيان، وهذا لا يوجد في غير المكتوبة(4).

3- أن الأذان والإقامة شُرعا علماً على المكتوبة، وهذه ليست بمكتوبة(5).


وهذا وقد ورد التصريح بنفي الأذان والإقامة عن بعض تلك الصلوات في بعض الأحاديث، كصلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء، منها مايلي:

أولاً صلاة العيدين:


1- عن ابن عباس، وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما- قالا:"لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى"(6).

2- وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-: (أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج، ولا إقامة ولا نداء، ولا شيء، لا نداء يومئذٍ ولا إقامة"(7).

3- وعن جابر بن سمرة-رضي الله عنه- قال: (صلّيت مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- العيدين غير مرّة ولا مرّتين بغير أذان ولا إقامة)(8).

فائدة:


روي أن أول من أحدث الأذان والإقامة لصلاة العيدين معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنهما.(9).


وقيل عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما-، وقيل غير ذلك(10).

ثانياً: صلاة الاستسقاء:


1- عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: "خرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يوماً يستسقي، فصلّى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة...)(11).

2- ما روي أن عبد الله بن يزيد الأنصاري-رضي الله عنه- خرج ومعه البراء بن عازب، وزيد بن أرقم-رضي الله عنه- فاستسقى، فقام على رجليه على غير منبر، فاستغفر ثم صلى ركعتين يجهر بالقراءة، ولم يؤذن ولم يقم(12).



وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين،،،

1 - راجع: المبسوط(1/134). وبدائع الصنائع(1/152).

2 - انظر جامع الترمذي(1/537).

3 - فتح القدير(1/240).

4 - المبدع(1/311).

5 - بدائع الصنائع(2/242).

6 - البخاري-كتاب العيدين، باب المشي والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة.

7 - مسلم، كتاب صلاة العيدين. رقم (886).

8 - مسلم ، كتاب صلاة العيدين رقم (887).

9 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/491).

10 - راجع: التمهيد(5/227). وفتح الباري(2/525).

11 - أحمد ، وابن ماجه.

12 -البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء قائماً، رقم (1022).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:52 PM   #46
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان مسؤولية


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الصادق الأمين، وعلى آله الطاهرين وصحابته الطيبين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الأذان مسؤولية المؤذن، وعليه أن يراعي مسؤوليته، وما يجب عليه في ذلك من الاهتمام بالوقت ودخوله، سيما الفجر والمغرب في رمضان، على وجه الخصوص،

وإلا فطوال العام لابد من التحري لدخول وقت الصلاة، وتحري أوقات الأذان والإقامة.

ولو رأينا لحال النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الأذان لوجدناه كثيراً ما ينبه على أهمية ضبط الوقت للمصلين، ولذا حدد -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مؤذن يقومون بالتعاون عليه،

وليس هذا إلا من أهمية الأذان ووقته، وأنه مسؤولية عظيمة لا ينبغي التساهل في شأنها، أو التهاون في وقتها.


وقد جاء في ضبط النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على اهتمامه بهذا الأمر من حديثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
(إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصبَحْتَ)1.


وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ، أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ؛ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ، أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ؛ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ، أَوْ الصُّبْحُ،


وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ، وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ: هَكَذَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ -أحد رواة الحديث- بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ)2.


فهذا يدل على أن شعائر الدين لها اهتمامها الخاص عند النبي صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو المعلم والقدوة والأسوة والمرجعية المطلقة.

ولما كان الأمر كذلك تعين على من جاء من بعده من الأئمة والمؤذنين أن يجعلوا جل اهتمامهم بوقت الصلاة وضبطها، وأحكام الأذان وما يجب على المؤذن فعله، وما يستحب وما يكره وما يحرم، إلى غير ذلك من الأحكام؛ فإنه يترتب على الأذان أحكام عدة منها وقت الصلاة، واستعداد الناس لها، ومنها قيام الليل والسحور، وإمساك الصائم وإفطاره وغير ذلك،


كل هذه كان الأذان علامة لها ودليلاً عليها، والناس قد جعلوا من إمام المسجد قدوة لهم في هذه الأمور، ووثقوا به فما عليه إلا أن يتحرى هذا الأمر؛ فإنها مسؤولية يسأل بها بين يدي الله.


ونجد اليوم في بعض البلدان وقوع بعض الأخطاء الناتجة عن الأذان تقديماً وتأخيراً، كاختلاف الناس في أذان الفجر: هل دخل وقته أم لا، والمغرب هل يفطر الصائمون أم لا، وغير ذلك من الأمور التي تجب العناية بها، وتعظيمها ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، هذا على جهة المؤذن والإمام.

وعلى الجهات المعنية بذلك رسمياً وضع تقويم دقيق لكل منطقة قد يختلف فيها التوقيت، وتعميمه على المساجد؛ ليكون مسلكاً يسلكه المؤذنون في أرجاء البلدة ترفع الحرج عن الناس، فليس كل الناس خبراء في علم التوقيت ولا في فقه الصلوات.


والله أعلم

1 صحيح البخاري: (582).

2 صحيح البخاري: (586)، صحيح مسلم: (1830) واللفظ للبخاري.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:53 PM   #47
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أيها المؤذن! إياك وتحمل الإثم


الحمد لله وصلى الله على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

أيها المؤذن: قد منَّ الله عليك بما أنت فيه من نعمة الدعوة إلى الله، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}1،

وهل أحسن مما تدعو إليه؟ وهل أحسن منك دعوة وشعاراً؟.

ليس على وجه البسيطة من يوازي مكانة الداعي إلى الله، والهادي إلى سبيل الله، ولا من الأعمال عمل يضاهي النداء إلى عبادة الرحمن.


أيها المؤذن: يا من يقتدي بك المسلمون، يقضي بشهادتك المصلون، لقد ارتقيت مرتقىً صعباً، واشتريت مرتعاً خصباً، تعظم فيه الحسنات، وتزيد فيه الأجور، إذا ارتفع نداك مجلجلاً في أرجاء البلاد فر الشيطان وله ضراط،

وإذا علا صوتك لم يكن جن ولا إنس ولاشيء سمع نداءك إلا كان لك شاهداًَ يوم القيامة.

مع أذانك يفطر الصائمون، وعليه يعتمد المتسحرون، صرت فيهم شاهداً عدلاً يسمع قوله ويطاع،
فشهادتك بينهم مقبولة، وكلماتك لديهم مأمولة، وهذا أيها المؤذن مُؤْذِنٌ بخير في الأمة، ولكنه لفتة انتباه بالنسبة لك، فالأمر ليس بالسهل ما دام الناس متَّبعيك في أعظم شعائرهم.


حذار من امتهان هذه المسؤولية، إنها أمانة في عنقك، وستسأل عنها أمام الله تعالى، ستسأل عن أناس أكلوا وهم صيام تبعاً لأذانك،

وستسأل عن أناس تركوا سحورهم تبعاً لأذانك، ربما جاع أحدهم وبلغ به الجوع مبلغاً عظيماً بسبب تركه السحور، وكان في متسع فضيقت عليه، وربما صلى أناس الفجر ولم يدخل وقت الصلاة بعد.


إنها مسؤولية عظيمة قد ألقيت على عاتقك، وتحملت أمانتها، وسوف تسأل عنها بين يدي المولى جل وعلا، فارفق بنفسك، وقم بواجبك على أتم حال، ولا تظنن أن الأمر يسير، فهو أمر عظيم، وأمانة عظمى لا بد من القيام بحقها.




إياك وأن يكون ظاهرك الخير والدعوة إلى الله، وفي الحقيقة أنت تأثم في أغلب الأيام، وتظن أنك على شيء وأنت في مصيدة للآثام.

إياك أن تزل بدعوتك الصالحة، فتكون جالباً للمشقة على الناس، وتفقد ثقة الناس بك، فكم اشتهر بين الناس أن المؤذن الفلاني يقدم في الوقت، أو يؤخر فيه، أو غير منضبط، وبالتالي كنت سبباً والعياذ بالله في تهاون الناس بشعائر الدين، وتكاسلهم عن العبادات.


وربما وقعت في تشكيك الناس في يقينياتهم، وجعلت الشعائر المتعلقة بالأذان مشكوكاً فيها، فتجد أناساً يمسكون قبل الفجر بعشر دقائق احتياطاً؛ لأنك لم تضبط لهم الوقت المحدود،

وترى آخرين يفوتهم أجر تعجيل الإفطار بسبب احتياطهم الذي تسببت في إيجاده لديهم.

واعلم أن الناس يتبعون أئمة مساجدهم ومؤذنيها، ويكلون أمر الصلاة ووقتها عليهم، بل ويعتبرونهم قدوة في هذا الباب، فلا تكن أول مقصر فيه، وأول متهاون، فإنك وحدك من سيتحمل التبعات.


لذلك يجب عليك أن تحافظ على وقتك، وتضبط أوقات الصلوات، وكن دقيقاً في ذلك، ويمكنك أن تستعين ببعض التقويمات، أو التعميم الوزاري التابع لوزارة الأوقاف ببلدك، أو سؤال ذوي الخبرة، أو أي شيء مما ينمي خبرتك بالأوقات،

فكلما زادت دقتك كلما زادت ثقة المسلمين، ولا أعني بثقة المسلمين بشخصك فحسب، إذ ليس هدفاً يُسعى إليه، ولكن أعني الثقة بعملك وقيامك به على وجه يضبط لهم شعائر دينهم.


اللهم اهدنا إلى طاعتك واجعلنا من عبادك الصالحين، واكتب لنا الصيام والقيام والدعوة إليك يا رب العالمين.
1 (33) سورة فصلت.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:53 PM   #48
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

المدة بين الأذانين

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


فقد يتساءل امرؤ عن الوقت بين الأذان والإقامة هل هو محدد شرعا أم لا؟ فإن المساجد تختلف فيه، وليس هناك وقت متفق عليه، وأما في صلاة المغرب في رمضان فالناس ما بين مفرط ومفرط –باختلاف البلدان-.



وقد اتفق الفقهاء على استحباب الفصل بين الأذان والإقامة للصلوات الخمس بقدر الوضوء وصلاة ركعتين، يتهيئون فيها ما عدا المغرب فقد اختلفوا فيه1.


والأولى به في الصلاة التي قبلها تطوع مسنون أو مستحب أن يتطوع بين الأذان والإقامة جاء في تأويل قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا}2، أنه المؤذن يدعو الناس بأذانه ويتطوع بعده قبل الإقامة3.


وقد جاء من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ) ثَلَاثًا (لِمَنْ شَاءَ). قال ابن حجر -رحمه الله-: أي أذان وإقامة4.



والحديث يدل على عدم الوصل بين الأذان والإقامة، بل بينهما وقت تؤدى فيه صلاة النافلة.


والفصل بين الأذان والإقامة أمر ضروري جداًً؛ لأن المقصود بالأذان إعلام الناس بدخول الوقت ليتأهبوا للصلاة بالطهارة، فيحضروا المسجد لإقامة الصلاة، وبالوصل ينتفي هذا المقصود،

فإن كانت الصلاة مما يتطوع قبلها يفصل بينهما بالصلاة، فإن لم يُصلَّ يفصل بينهما بجلسة خفيفة؛ لحصول المقصود به5، وهذا أوجه ما قيل في هذه المسألة.



وأما إذا كان في المغرب فقد اتفقوا على أن الفصل لا بد منه فيه أيضاً، لكنهم اختلفوا في مقداره على ثلاثة أقوال6:


الأول: يستحب أن يفصل بينهما بسكتة قائماً مقدار ما يتمكن فيه من قراءة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة لأن تأخير المغرب عن وقتها مكروه، والاشتغال بالركعتين يؤدي إلى التأخير فلذلك لا يفصل بينهما، وهذا عند أبي حنيفة وظاهر مذهب المالكية.



الثاني: يستحب أن يفصل بينهما بمقدار صلاة ركعتين خفيفتين، وبه قال بعض الشافعية وبعض الحنابلة، واستدلوا بما جاء عن عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: (لِمَنْ شَاءَ) كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً7.




وعَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ: كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ الْأَيْدِي عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَكُنَّا نُصَلِّي عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- صَلَّاهُمَا قَالَ: كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا)8.



الثالث: يستحب أن يفصل بينهما بجلسة خفيفة كالجلسة التي بين الخطبتين في الجمعة، ولا يستحب الفصل بالصلاة، وهذا هو المشهور عند الشافعية، والصحيح عند الحنابلة.



ويتبين مما تقدم أن الدليل مع من قال بالفصل بركعتين، فهو مؤيد بالنص النبوي الثابت في البخاري، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لمن شاء) من باب التخفيف قالها: (كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً) قال المحب الطبري: لم يرد نفي استحبابها لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أقوى الأدلة على استحبابه9.



وفي زماننا ضبط الوقت بين الأذان والإقامة بمدة محددة في كل البلدان، كأن يكون ذلك عشرين دقيقة مثلاً أو خمس عشرة دقيقة، أو أقل من ذلك أو أكثر، كل بلد بحسبه،



وأما صلاة المغرب فإنه يتم التجوز في مدة الوقت بين الأذانين، وذلك بصلاة ركعتين، وبعض البلدان أو بعض القوم لا يفصلون بينهما سوى بالدعاء بعد الأذان، كما في صلاة المغرب،



وهذا كله عائد إلى المصلحة من وراء ذلك، فما بين (الأذانين) الأذان والإقامة مدة تكفي لتجهز الناس للصلاة خاصة عند الازدحام، أو كون بعض البيوت والمساكن بعيدة عن المساجد، ونحو ذلك من الأسباب التي تجعل تأخير الإقامة من الأمور النافعة للناس.


وقد جرت العادة في بلدان عديدة على وضع تقويم للناس يبين وقت الأذان والمدة بينه وبين الإقامة، وهذا مما تضبط به الأوقات وتعرف به الصلوات، ويكون المسلم على معرفة تامة بوقت الصلاة والمدة بين الأذانين.





والله تعالى أعلم.

والحمد لله رب العالمين.


1 المغني لابن قدامة: (2/219)، والمجموع للنووي: (3/120).

2 (33) سورة فصلت.

3 المبسوط للسرخسي: (1/414)، وتفسير الطبري: (21/469)، وتفسير ابن كثير: (7/180).

4 فتح الباري: (2/431)، وكذا قال النووي في شرح مسلم: (3/196)

5 العناية شرح الهداية لمحمد بن أحمد الحنفي: (1/403).

6 مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل للحطاب: (3/382)، والمغني: (2/219).

7 صحيح البخاري: (1111).

8 صحيح مسلم: (1382).

9 فتح الباري لابن حجر: (4/183).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:53 PM   #49
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

تعميم الأذان
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


فإن الأذان من أفضل العبادات القولية، ومن شعائر الإسلام الظاهرة التي إذا تركها أهل بلد أثموا، وهو العلامة الفارقة بين دار الإسلام ودار الكفر حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يترك قتال بلد لأجل سماعه صوت المؤذن يجلجل بالتكبير، وقد شرع للنداء للصلوات الخمس، والغرض منه الإعلام بدخول وقتها.


ولما كان الأذان عبادة يتعبد بها الله، كان لابد لها من النية فهي شرط صحة لكل عبادة، فلو أذَّن مؤذن دون قصد لم يصح الأذان على القول الراجح؛ إذ لابد أن ينوي المؤذن عند أدائه الأذن أن هذا أذان لهذه الصلاة، ولهذا لم يعتبر أذان السكران والمجنون والمغمى عليه عند جمهور أهل العلم.



وفي عصرنا هذا ابتدعت أمور لم تكن من قبلُ، تعتمد بعض المساجد في بعض الدول في أذانها على أذان مسجل في شريط، أو أذان المذياع، وهذا ليس من المشروع في شيء ولا يعتمد أذاناً. فعلى أهل كل بلد أن يجعلوا لهم من أنفسهم مؤذناً يؤذن لهم كما جاء في حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: (فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)1.


وقد ورد في هذا الموضوع الفتوى رقم (10189) من فتاوى اللجنة الدائمة في السعودية في سؤال عن الأذان بالمذياع جاء فيه:



إنه لا يكفي في الأذان المشروع للصلوات المفروضة أن يؤذن من الشريط المسجل عليه الأذان، بل الواجب أن يؤذن المؤذن للصلاة بنفسه لما ثبت من أمره عليه الصلاة والسلام بالأذان، والأصل في الأمر الوجوب.


وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين عن الأذان في المذياع أو التلفاز هل يُجاب؟
فأجاب قائلاً: الأذان لا يخلو من حالين:



الحال الأولى : أن يكون على الهواء -أي أن الأذان كان لوقت الصلاة من المؤذن- فهذا يجاب؛ لعموم أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ)2 إلا أن الفقهاء -رحمهم الله- قالوا: إذا كان قد أدَّى الصلاة التي يؤذن لها فلا يجيب.


الحال الثانية: إذا كان الأذان مسجلاً، وليس أذاناً على الوقت فإنه لا يجيبه؛ لأن هذا ليس أذاناً حقيقياً -أي أن الرجل لم يرفعها حين أمر برفعه- وإنما هو شيء مسموع لأذان سابق. -وإن كان لنا تحفظ على كلمة: يرفع الأذان- ولذا نرى أن يقال: "أذن فلان"، لا: "رفع الأذان"3.



والأذان شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وقد صار علامة واضحة على جبين المساجد، فما أروع تلك المنائر حين يدوي صوتها في الآذان وما أجملها عندما يصدح المؤذن بأذانه في أرجاء بلاد الإسلام، ويجلجل صداه في الآفاق، وما أعظمه من نداء يرغم أنفة المتجبرين، ويهز شوكة أهل الشرك، فعلى مرِّ التاريخ لا زال يضيق به ذرعاً أهل الفساد والعناد.



وليُعلم أن الأذان ليس موسيقى غنائية، أو ناقوساً أو طبلة لهو، إن الأذان شعار وراية للمسلمين، ونداء الرحمن لعباده المؤمنين، وعبادة يتعبد بها المسلمون الخالقَ جل في علاه، ولهم به شغف، وإليه شوق، ومن الأذان يتزودون ثقتهم بالله ما دام يعلن فيها "أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمد رسول الله".



ولهذا فإن منع الأذان من أن يصدع من فوق المنارات، ويرفع شعاراً فوق الشعارات، يُعد تجنياً على دين الله تعالى، وتعدياً لحدوده، وقريبٌ من منعه إقصاءُ دوره والتدخلُ في خاصياته من وقت وسمات وشروط وآداب وأحكام وغيرها، كما وقع في ظن كثير ممن انزعجت آذانهم بسماع المسلمين وأذانهم،



حتى قال قائلهم: "أن بيوت الله يجب أن تكون مصدراً لإسعاد الناس، وليس لإزعاجهم وإرهابهم فكريا" قاصداً بذلك الأذان!! فرأوا أن يقوموا بتوحيد الأذان ظناً منهم أن الأذان نغمة موسيقية كدقات الناقوس، وأن الأفضل توحيده بحيث يرفع الأذان في وقت واحد في البلد كلها، وأن يعمم عبر الشبكة الإلكترونية، ويكون المؤذن واحداً، وعجبي من هذا الهراء، ومن حذا حذوه، صحيح أن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.



وقريب منه في إثارة العجب العجاب أن يدافع بعض المساكين المتمسحين بالعلم عن الأذان بقوله في توحيد الأذان عبر الشبكة الإليكترونية:



إنها تضع قيودًا على حرية الإبداع بغلق باب الاجتهاد الفني أمام المؤذن وتسييد نغمة واحدة لصوت واحد في الأذان، وأنه إفقار للخيال وللثراء النغمي في موسيقانا العربية، بتثبيت نغمة واحدة وصوت واحد للأذان، مما يعد إساءة بالغة للثقافة الغنائية، وإساءة للتقاليد الفنية للأذان، وأيضاً يسبب لأكثر من تسعين ألفاً من المؤذنين في بلدة البطالة فيبقون دون أي عمل وأي مصدر!!.

الأمر ليس هكذا بالصورة البسيطة العادية، هذا الأمر دين، وهذه بلاد الإسلام من شاء أن يحيا فيها بإقامة شرع الله وإلا فلينظر أيَّ أرض تؤويه، فليس البشر هم من يتحكم في دين الله، والدين ليس ثقافة غنائية موسيقية، إنه وحي رباني، لا يعبر عنه أنه فكر ولا ثقافة ولا نغمات فنية.


وسبحان الله رأى إلى أجرة القائم على الأذان ولم ينظر إلى أجره عند الله، (فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)4، و(الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)5



ولهم من الأجر شيء عظيم، هذه الفكرة ستحرم كثيراً من المؤذنين الأجر وتحصره في واحد أو اثنين، بل حتى من سيختار صوته ليس له أجر تسجيله، فيكون أول محروم، وربما كان ذلك جالباً له الرياء والعجب.

وأما من حيث الحكم الشرعي لهذه الظاهرة فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي المنعقد بدورته التاسعة في مكة المكرمة من يوم السبت 12/7/1406هـ إلى يوم السبت 19/7/1406هـ قد نظر في الاستفتاء الوارد من وزير الأوقاف بسوريا برقم 2412/4/1 في 21/9/1405هـ بشأن حكم إذاعة الأذان عن طريق مسجلات الصوت «الكاسيت» في المساجد؛ لتحقيق تلافي ما قد يحصل من فارق الوقت بين المساجد في البلد الواحد حين أداء الأذان للصلاة المكتوبة.



وعليه فقد اطلع المجلس على البحوث المعدة في هذا من بعض أعضاء المجمع، وعلى الفتاوى الصادرة في ذلك من سماحة المفتي سابقًا بالمملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله تعالى- برقم 35 في 3/1/1378هـ، وما قررته هيئة كبار العلماء بالمملكة في دورتها الثانية عشرة المنعقدة في شهر ربيع الآخر عام 1398هـ، وفتوى الهيئة الدائمة بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة برقم 5779 في 4/7/1403هـ، وتتضمن هذه الفتاوى الثلاث عدم الأخذ بذلك، وأن إذاعة الأذان عند دخول وقت الصلاة في المساجد بواسطة آلة التسجيل ونحوها لا تجزئ في أداء هذه العبادة.



وبعد استعراض ما تقدم من بحوث وفتاوى، والمداولة في ذلك فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تبين له ما يلي:


1. أن الأذان من شعائر الإسلام التعبدية الظاهرة، المعلومة من الدين بالضرورة بالنص وإجماع المسلمين، ولهذا فالأذان من العلامات الفارقة بين بلاد الإسلام وبلاد الكفر، وقد حكي الاتفاق على أنه لو اتفق أهل بلد على تركه لقوتلوا.




2. التوارث بين المسلمين من تاريخ تشريعه في السنة الأولى من الهجرة وإلى الآن، ينقل العمل المستمر بالأذان لكل صلاة من الصلوات الخمس في كل مسجد، وإن تعددت المساجد في البلد الواحد.


3. في حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا حضَرت الصلاةُ فلْيُؤذِّنْ لكم أحدُكم ولْيَؤمَّكم أكبرُكم)6.


4. أن النية من شروط الأذان، ولهذا لا يصح من المجنون ولا من السكران ونحوهما، لعدم وجود النية في أدائه فكذلك في التسجيل المذكور.


5. أن الأذان عبادة بدنية، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني 1/425: (وليس للرجل أن يبني على أذان غيره؛ لأنه عبادة بدنية فلا يصح من شخصين كالصلاة)ا.هـ.


6. أن في توحيد الأذان للمساجد بواسطة مسجل الصوت على الوجه المذكور عدة محاذير ومخاطر منها ما يلي:


أ*- أنه يرتبط بمشروعية الأذان أن لكل صلاة في كل مسجد سننًا وآدابًا، ففي الأذان عن طريق التسجيل تفويت لها وإماتة لنشرها مع فوات شرط النية فيه.


ب*- أنه يفتح على المسلمين باب التلاعب بالدين، ودخول البدع على المسلمين في عباداتهم وشعائرهم، لما يفضي إليه من ترك الأذان بالكلية والاكتفاء بالتسجيل.



وبناء على ما تقدم فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر ما يلي:


أن الاكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة بواسطة آلة التسجيل ونحوها لا يجزئ ولا يجوز في أداء هذه العبادة، ولا يحصل به الأذان المشروع، وأنه يجب على المسلمين مباشرة الأذان لكل وقت من أوقات الصلوات في كل مسجد على ما توارثه المسلمون من عهد نبينا ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الآن. والله الموفق7.


وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 صحيح البخاري: (592) وصحيح مسلم: (1080).

2 صحيح البخاري: (576)، وصحيح مسلم: (576).

3 فتاوى ورسائل ابن عثيمين سؤال رقم: (120).

4 صحيح البخاري: (574).

5 صحيح مسلم580)

6 تقدم تخريجه.

7اسلام اون لاين

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:54 PM   #50
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

فضل الأذان والمؤذن

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد:


لا يشك مسلم في أن الأذان شعارٌ من شعائر أهل الإسلام، ونداءتهم إلى الصلاة والعبادة، أمر المسلمون، بتلبيته، وإجابته، فإذا كانت هذه خصائصه ومميزاته, فإنه لابد أن يكون فيه فضل عظيم، وأجر كبير،

إذ أنه من الأعمال التي يتقرب إلى الله - عز وجل - بها، فقد قال الله - عز وجل - في كتابه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت.


قالت عائشة - رضي الله عنها - وعكرمة ومجاهد, وقيس بن أبي حازم أنها نزلت في المؤذنين، قالت عائشة: فالمؤذن إذا قال: حيّ على الصلاة فقد دعا إلى الله(1).


وقال محمد بن سيرين والسدي, وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: المراد بها المؤذنون الصلحاء(2)


فليس هناك أحسن ممن يدعوا إلى الله، ويعمل صالحاً، بدليل الآية السابقة، فهو فضل عظيم, وأجر جزيل من رب العالمين.


ثم إن هناك ثم أمور وفضائل في الأذان والمؤذن ذكرت في السنة الغراء, فإليك هذه الفضائل:



1 - الاستهام على الأذان:


عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول, ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا...)(3).


قال الإمام النووي:(معناه أنهم لو علموا فضيلة، الأذان وقدرها, وعظيم جزائه, ثم لم يجدوا طريقاً يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أن أذان، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله"(4).



2 - المؤذنون أطول أعناقاً يوم القيامة:


عن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)(5)


أي أن الناس يعطشون يوم القيامة والإنسان إذا عطش انطوت عنقه, والمؤذنون لا يعطشون يومها, فلا تنطوي أعناقهم(6



وقيل معناه: "أكثر الناس تشوفاً إلى - رحمة الله -؛ لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه, فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب, وقيل إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم, لئلا ينالهم ذلك الكرب,



وقيل معناه أنهم سادة ورؤساء, والعرب تصف السادة بطول العنق, وقيل أكثر أتباعاً, وقيل أكثر أعمالاً وروي إعناقاً بكسر الهمزة إسراعاً إلى الجنة من سير العنق"(7)

فأي المعاني كان فهو فضل للمؤذن، وشرف له وسعادة في الآخرة، يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، يوم تبلغ القلوب الحناجر، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.



3 - الشيطان يفر من الأذان:


عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثُوب بالصلاة أدبر،حتى إذا قضي التثويبُ أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه).



قال الحافظ ابن حجر: "والحكمة في هروب الشيطان عند سماع الأذان والإقامة دون سماع القرآن والذكر في الصلاة, فقيل يهرب حتى لا يشهد للمؤذن يوم القيامة, فإنه لا يسمع المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له(8).



4 - الجن والإنس وكل شيء يشهد للمؤذن:


فقد جاء من حديث عبد الرحمن بن أبي صعصعة - رضي الله عنه - أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال له:
(إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك فأذنت، بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى، صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة)، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (9).



5 - النبي يدعو للمؤذن بالمغفرة:


عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين)(10)..



6 - المغفرة للمؤذن من الله:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -المؤذن يغفر له مدى صوته ويستغفر له كل رطب ويابس)(11).


وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يعجب ربك عز وجل من راعي غنم في رأس شظية، بجبل يؤذن للصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: أنظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)(12).



7 - الأذان دليل على وجود الإسلام:


عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغير إذا طلع الفجر, وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذاناً أمسك و إلا أغار، فسمع رجلاً يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:على الفطرة، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجت من النار، فنظروا فإذا هو راعي معزى)(13).



8 - أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد:


فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)(14).


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
والحمد لله رب العالمين







1 - تفسير القرطبي (15/315).

2 - تفسير ابن كثير(4/101).

3 - البخاري في الفتح/ (615)، كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان.

4 - شرح صحيح مسلم(4/158).

5 - صحيح مسلم(1/242)(387). كتاب الصلاة، باب فضل الأذان.

6 - كشف الخفاء(2/384).

7 - الديباج للسيوطي(2/122).

8 - فتح الباري(2/86).

9 - البخاري(1/206)(609)، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء.

10 - سنن أبي داود(1/254)(517). كتاب الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت، وصححه الألباني كما في صحيح سنن ابن ماجه(1/226).

11 - سنن ابن ماجه (1/240)(724)، كتاب الأذان، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين. وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه(1/266).

12 - سنن أبي داود(1/519)(1203)، باب الأذان في السفر.

13 - صحيح مسلم(1/241)(8102)، كتاب الصلاة، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان.

14 - سنن أبي داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، رقم(489).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:54 PM   #51
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الشروط المتفق عليها لصحة الأذان



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

فإن الأعمال التي يراد فعلها على الوجه الصحيح والأسلم لا بد من أن تكون حسب المواصفات والشروط، وإلا فإن العمل لم يؤدَّ بأكمل وجه أو أن فيه نقصاً، ولأن الأذان من أجل العبادات وأنفعها، ولأنه يعلن رسالة التوحيد في اليوم والليلة خمس مرات، فإنه لا بد من أن تتوفر فيه شروط الصحة وإلا فإنه لم يؤدِّ الرسالة المطلوبة منه، بل إنه لا يصح إلا بشروط،


وإننا في هذا المبحث القصير سنتكلم عن بعض الشروط التي لا يكون الأذان صحيحاً إلا بتوفرها، فإليك أخي الكريم هذه الشروط:

1- الشروط المتفق عليها:

الأول: دخول وقت الصلاة.


اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة الأذان والإقامة دخول وقت الصلاة المفروضة، فلا يصحّ الأذان ولا الإقامة قبل دخول الوقت، وأنه إذا أذن قبل دخول وقت الصلاة أعاد الأذان بعد دخول الوقت، إلا إذا صلى الناس في الوقت وكان الأذان قبله فلا يعاد(1).

الأدلة على ذلك:

1- حديث ابن عمر-رضي الله عنه-:" أن بلالاً أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام"2.


وجه الدلالة أن النبي-صلى الله عليه وسلم-علّق الأمر بالأذان على حضور الصلاة، وحضورها يكون بدخول وقتها.

2- عن جابر بن سمرة-رضي الله عنه-قال:" كان بلالٌ يؤذن إذا دحضت3،فلا يقيم حتى يخرج النبي-صلى الله عليه وسلم-، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه"4 .

3- وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن..."5.


والدلالة أن المؤذن مؤتمن على أوقات الصلاة، وفي الأذان قبل الوقت إظهار للخيانة فيما ائتمن فيه"6.


الثاني: خلوّ الأذان والإقامة من اللّحن:


تعريف اللحن: يأتي على الخطأ في الإعراب، وترك الصواب في القراءة والنشيد ونحو ذلك، يقال: فلان لَحّانٌ ولَحّانّةٌ، أي : يخطئ، والتلحين: التخطئة.

ويأتي بمعنى الأصوات المصوغة الموضوعة التي فيها تغريد وتطريب، وجمعه ألحان ولحون، يقال: لحن في قراءته إذا غرّد وطرّب فيها بألحان. والتطريب في الصوت: مدّه وتحسينه"(7).



حكم اللحن في الأذان والإقامة:


ينقسم اللحن- سواء ما كان بالمعنى الأول وهو الخطأ في الإعراب، أو المعنى الثاني الذي هو التمطيط والتطريب- على قسمين:

الأول: اللحن الذي يتغيّربه المعنى: وهذا اتفق الفقهاء على أنه إذا كان اللحن يحيل المعنى، فإنه يحرم ويبطل الأذان(8)،

لأن الأذان إنما المقصود به النداء إلى الصلاة، فلا بدّ من تفهيم ألفاظه للسامع، واللّحن المحيل للمعنى يخرجه عن الإفهام(9).

قال الشيخ علي محفوظ: " من البدع المكروهة تحريماً التلحين في الأذان، وهو التطريب- أي التغني به- بحيث يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات، ونقص بعض حروفها، أو زيادة فيها؛ محافظة على توقيع الألحان، فهذا لا يلح إجماعاً في الأذان، كما لا يحل في قراءة القرآن"(10).


قال ابن الجوزي:" كره مالك بن أنس وغيره من العلماء التلحين في الأذان كراهية شديدة، لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مشابهة الغناء"(11).


والتلحين الذي بمعنى التطريب والتغني قد تجافاه السلف، وإنما أحدث بعدهم، كإمالة حروف الأذان وإفراط المدّ فيه، أو التأذين بالألحان مما يشبه الغناء، فهذا لا يحل باتفاق الفقهاء(12).


وروي أن مؤذناً أذن فطرب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أذَّن أذاناً سمحاً وإلا فاعتزلنا"(13).


أمثلة على هذا اللحن:


1- مد همزة "آلله" لأنه استفهام.

2- مد همزة" أكبر".

3- مدّ الباء من " أكبر" فيصير " أكبار"جمع كَبَر بفتح الباء وهو الطبل، لأنه يجعل فيها ألفاً.


4- المد في أول " أشهد" فيخرج إلى حيّز الاستفهام، والمراد أن يكون خبراًَ إنشائياً.

5- الوقف على" لاإله" ويبتدئ "إلا الله".

الثاني: اللحن الذي لا يتغير به المعنى:



يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على الأصح، أن اللحن إذا كان لا يحيل المعنى، فإنه يصح معه الأذان مع الكراهة، وذلك لأن المقصود من الأذان الإعلام ويحصل به، ولأنه يأتي به مرتباً فيصح كغيره(14).



أمثلة على هذا اللحن:


1- عدم إدغام تنوين" محمد" في الراء بعدها.


2- فتح النون من "أن لا إله إلّا الله".


3- الزيادة عن مقدار المدّ الطبيعي في لفظ" إله" زيادة فاحشة.


4- إشباع الفتحة من "إله" فتكون ألفاً فيقول"إلهاً".


5- الإتيان بهاء زائدة بعد الهاء من "إله". هذه وغيرها من الأمثلة : كضم" محمد" وإدغام" حيّ" وفتح الراء في " أكبر" الأولى،، وقلب الألف هاءً من " الله".

وإدغام الهاء في الشين في كلمة" أشهد" فتنطق" أشَّد". كل هذه تحلق باللحن المكروه وهو الغير المحيل للمعنى.



قال الشيخ ابن باز:"


ينبغي للمؤذن أن يصون الأذان من اللحن والتلحين . واللحن كونه يخل بالإعراب ، كان يقول : أشهد أن محمدا رسول الله بفتح اللام ، بل يجب ضم لام ( رسول الله ) ؛ لأن رسول الله خبر أن مرفوعا ، فإن نصب ( اللام ) كان ذلك من اللحن الممنوع ،

وإن كان لا يخل بالمعنى في الحقيقة ، ولا يمنع صحة الأذان؛ لأن مقصود المؤذن : هو الإخبار بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الله؛ ولأن بعض العرب ينصب المعمولين ، لكن ذلك لحن عند أكثر العرب .



وأما التلحين : فهو التطويل والتمطيط ، وهو مكروه في الأذان والإقامة"15



الثالث: أداء الأذان باللغة العربية:




اتفق الفقهاء- في الجملة- على أنه يشترط لصحة الأذان والإقامة أداءهما باللغة العربية، فلا يصح أداءهما بغير اللغة العربية، إلا ما روي عن أبي حنيفة بجواز ذلك إذا علم أنه أذان وإلا لم يجز.


واشتراط أداء الأذان والإقامة باللغة العربية هو قول جمهور الحنفية، وظاهر مذهب المالكية، وهو قول الشافعية والحنابلة. إلا أن الشافعية قيدوا هذا الاشتراط في حالة وجود من يحسن العربية،



فإن لم يوجد من يحسنها صحَّا، وكذلك إن كان يؤذن أو يقيم لنفسه وهو لا يحسن العربية وقد وافقهم بعض الحنابلة فيمن يؤذن أو يقيم لنفسه مع عجزه عن العربية. واستدلّ على اشتراط اللغة العربية لصحة الأذان والإقامة بما يلي:



1- أن الأذان والإقامة وردا بلسانٍ عربيِّ في الأحاديث الدالّة على بدء مشروعيتهما ولم ترد بغير اللغة العربية، ومنها حديث عبد الله بن زيد. أنه أري الأذان في المنام، وأنه بالعربية.


2- قياساً على أذكار الصلاة، فكما أنها لا تصح بغير العربية، فكذلك الأذان والإقامة؛ لأن كلَّاً منهما يراد به التعبّد(16)


إن هذه الشروط المتفق عليها بين الفقهاء لصحة الأذان، يجب على المؤذن أن يراعيها وأن يلتزم بها لكي يكون أذانه صحيحاً،
ثم إن عليه أن ينتبه للحن المحيل عن المعنى فإنه لا يصح معه الأذان، بل يكون باطلاً، ومما يؤسف له اليوم أن تسمح العشرات من المؤذنين بل المئات في معظم البلاد الإسلامية والعربية من يلحن في الأذان بهذا اللحن – أي اللحن المحيل عن المعنى-

ثم لا تجد من ينصحه أو يغيره بل يستمر سنوات على هذا اللحن، وهذا من الخطأ الذي يجب على إمام المسجد أو المسؤل المباشر على المسجد أن يتنبه لهذا الأمر الخطير، فيقوم بتغييره، أو تعليمه، وهذا من أمور الدين لا يصح السكوت عنه، لأنه يسكت على أذان غير صحيح.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين،،

1 - المجموع(3/95)، والمغني(2/62).

2 - رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

3 - أي زالت الشمس.(النهاية(2/98)

4 - صحيح مسلم(1/354)(606).

5 - رواه أبو داود، وصححه الألباني كما في صحيح الجامع حديث(2787).

6 - أحكام الأذان والإقامة".

7 - الصحاح(1/259).

8 - فتح القدير(1/150).

9 - راجع: أحكام الأذان والإقامة ص(163).

10 - "الإبداع" ص(176)

11 - تلبيس إبليس(ص152).

12 - أحكام الأذان ص (163).

13 - رواه ابن أبي شيبة (1/229). وقد أورده البخاري تعليقاً مجزوماً به في باب رفع الصوت بالنداء.

14 - أحكام الأذان ص(164).

15 -راجع: مجموع الفتاوى – الجزء العاشر.

16 - راجع: رسالة في أحكام الأذان والإقامة ص(167).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:55 PM   #52
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

تشنيف الآذان
بأسرار الأذان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:

فإن شرائع الإسلام وفرائضه، لا تخلوا من حكم وأسرار أودعها الله سبحانه وتعالى فيها لمن تأملها وتدبرها وتفكر فيها،

فالأذان من شعائر الإسلام التي أودعه الله أسراراً وحكماً بليغة لا يعرفها إلا العالمون بدينه, وسنظهر هنا بعضاً من هذه الأسرار متوكلين على الله، راجين منه أن يوفقنا إلى الصواب ويلهمنا طريق الرشاد، ويسدد خطانا نحو الهدى، ويجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

اعلم أيها السامع بإذن قلبك, وفقني الله وإياك لا متثال أمر ربي وربك، أن الصلاة أعظم أركان الإسلام، وأجلُّ قواعد الإيمان،

وهي قربان المؤمن ونوره، وهي عمود الدين, وعمود الإيمان, والميزان الذي من أوفى به استوفى، وهي خدمة الله في الأرض, هي خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر، وهي قربان كل تقي, وليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة.


ولما كانت من أعظم شعائر الإيمان، كان من أعظم شعائرها الأذان؛ لأن الإنسان لا يزال يتقلب في الأطوار، وينتقل في طلب الأوطار، لاهياً بما هو فيه من دنس دنياه، عما خلق له من طاعة مولاه، مشغولاً بما ينبغي الاشتغال عنه,

فإذا دخل وقت الصلاة احتاج إلى ما يحثه عليها، ويرغبه إليها، لئلا يلهو عنها بأعماله، ويتشاغل عنها بأشغاله، فكان الأذان هو المرغب إلى أدائها، والمحرك للهمة إلى إجابة ندائها، وكان أول لفظ يقرع السمع منه.


(الله أكبر).زجراً عن الاشتغال بما هو دونه، إذ من شأن كل إنسان بالطبع، أن يطلب أكبر الأمرين فإذا كان كذلك فليفرغ إلى من هو أكبر.


فاختيار هذا اللفظ لدلالة الاسم الشريف على جميع صفات الكمال, ونعوت الجلال واشتماله على سائر الأسماء الحسنى, والصفات العليا, لا إله إلا هو وحده لا شريك له.

و(أكبر) أفعل التفضيل الدال على عموم متعلقه, حدِّقْ فلا شيء مما يخطر بالبال أو يجوزه الوهم والخيال إلا والله أكبر منه, ولا يخفى لطف هذا وحَثّه على ترك السوى، وعلى اجتماع القلب عليه سبحانه, وتعظيمه والثناء عليه, واستحضار عظمته وكبرائه, وجلاله واستحقاقه لجميع أجزاء المحامد، وإفراد الشكر ودقائق المدح,


ولهذا كان التكبير مفتاح الصلاة لقدوم العبد بين يدي جبار السموات والأرض, ليستحضر في صلاته أنه بين يدي الملك الفعال لما يريد, المذل لكل جبار عنيد.,والإله الحق الذي كل الكائنات لا شيء بالنسبة إليه:
(وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون) فكما كان التكبير مفتاح الصلاة كان مفتاح الأذان؛ لأنه يفتح القلوب بذكر علام الغيوب.

ثم إنَّه لما كان التكبير أول الأذان كرر أربع مّرات تأكيداً؛ لأن السامع في بادئ الأمر متشاغل بما هو فيه فحسن التأكيد هناك زيادة في حضه على الإقبال واطراح الأشغال, وإطفاء لنار الشيطان, وإخماداً لجمرات المعاصي والطغيان،


ولما كانت نيران الشهوات تشتعل في كل آن، وجمرات المعاصي تتسعر على كل إنسان كان في التكبير من الإطفاء لها ما لا يخفى على أهل العرفان.


(أشهد أن لا إله إلا الله):

وإذا سمع السامع التكبير بسمعه وقلبه, واجتمع لأداء ما نودي إليه بجوارحه، ولبِّه، والتفت إلى الأكبر الأعظم, سمع قول المنادي (أشهد أن لا إله إلا الله) تذكيراً للسامع بذلك, ليحضه على الالتفات إلى إلهه المنفرد بالألوهية، والتفرغ عن أشغاله وأعراضه, والقيام بطاعته, والفرار إليه, والوقوف بكليته بين يديه، ونفي ما سواه, وإثباته فرداً مختصاً, بالألوهية منفرداً, بالربوبية حقيقاً بالإجلال، أهلاً للعزة والكمال, معروفاً بالخير والإفضال, متعرفاً إلى خلقه بالفضل والإحسان، مسدياً دقائق الجود وجلائله إلى كل إنسان.

عن عتبان بن مالك –رضي الله عنهما- يرفعه: (لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه)(1).

وقال-صلى الله عليه وسلم-: (من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة)(2),


وعن عمر-رضي الله عنه-، قال-صلى الله عليه وسلم-: (أبشروا وبشروا من ورائكم أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقاً بها دخل الجنة)3. وغيرها من الأحاديث .

وأما تأكيد تكرارها, فتأكيد وحض على الإقبال عليه بالقلب, والقالب ,والتلذذ بذكره، وحلاوة المكرر يعرفها ذوو الذوق السليم، ولطف المناسبة بين التكبير والشهادة ظاهر؛

لأنه لما أخبر أن الله أكبر كان ترغيبا للعبد في ترك ما سوى الأكبر, وأمراً له بالإقبال عليه والوقوف بالذل بين يديه, وباستشعار الخضوع وملازمة الخشوع، ثم أتى بعد ذلك بما هو أعلى ترقّيا, وهو نفي الألوهية عن سواه، وحصرها فيه ترهيباً للعبد عن تساهله في طاعة إلهه الذي لا إله إلا هو, وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وإذا كان الأكبر لا إله غيره شهادة الحق فكيف يليق بالعبد, المضطر إليه أن يشتغل عنه.

(أشهد أن محمدا رسول الله).


ثم إنه حسن إتباع الشهادة بأختها وهي:"أشهد أن محمداً رسول الله" صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنها لا تقبل هذه إلا بهذه, وللإعلام بأنه-صلى الله عليه وسلم-رسول مرسل من الله عز وجل.

فالتكبير لإيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة, والشهادة لله-سبحانه وتعالى-بالإلهية لإدراك التبري من الإشراك، والشهادة لمحمد-صلى الله عليه وسلم-بالرسالة للإقرار بما جاء به المختار من الملك الجبار للبراءة من النار،

قال-صلى الله عليه وسلم-وقد سمع مؤذناً قال: "الله أكبر" "الله أكبر" فقال-صلى الله عليه وسلم-: (على الفطرة)

فقال: "أشهد أن لا إله إلا الله" فقال-صلى الله عليه وسلم-: (بريء هذا من الشرك) فقال: "أشهد أن محمداً رسول الله" قال-صلى الله عليه وسلم-(خرج من النار).(4)


وفي التذكير به-صلى الله عليه وسلم-والشهادة برسالته من الحض على اتباعه, واقتفاء آثاره, في الأقوال, والأفعال, والحركات, والسكنات, والقيام بأمره, وإجابة داعية, والإصغاء إلى مناديه,

وزيادة ترغيب إلى الصلاة التي جعلت قرة عينه فيها مالا يخفى, وإظهاراً لشرفه-صلى الله عليه وسلم-وإغاضة لمن لم يقبل دعوته, ولم يعد بإجابته, وإعلاناً لدينه الذي جاء به من عند الله-سبحانه-وتذكيراً لمحبة له-صلى الله عليه وسلم-وترويحاً للمشوق إليه, ولإتباع التلذذ بذكر الله-سبحانه-بذكر حبيبه للانشراح بذكر الأحباب ولئلا يتخلى عباده عن ذكره-صلى الله عليه وسلم-وليكون ذكره مبدأ للصلاة, وختاماً فإنه كما جاء في الأذان الذي هو نداء للصلاة, ودعاء إليها الشهادة له بالرسالة,
كذلك جاء في التشهد الذي هو آخر الصلاة الشهادة له-صلى الله عليه وسلم-بالرسالة بعد السلام عليه وقبل الصلاة عليه-صلى الله عليه وسلم-إشارة إلى أنه بهذه العبادة العظيمة سرا لندائه، وبهذه النعمة الجسيمة.


(حي على الصلاة):

اعلم أنه بعد تحلي القلب عما سوى الله-سبحانه-بالعلم بأنه الأكبر والشهادة له بالإلهية وحده, وأنه الواجب أن يعبد بحق, والشهادة لرسوله-صلى الله عليه وسلم-بالرسالة الذي هو الهادي إلى الصراط المستقيم، والمعلّم لِلْخَلْقِ كل خُلُقٍ لم يبق للعبد عذر عن طاعة الله-سبحانه-، وطاعة رسوله-صلى الله عليه وسلم- فحسن حينئذ النداء للصلاة (بحي على الصلاة) أي هلُمّ وأقبل إلى الصلاة,


وما أحسن إتيان هذا الأمر بالإقبال والقيام إلى الصلاة، وإذا كان الأمر عن الرب الإله المفضل المنعم الرحمن الرحيم، العفو الحليم على لسان رسوله الذي هو بالمؤمنيين رؤوف رحيم،-صلى الله عليه وسلم-فكيف يليق بعاقل أن يتساهل في امتثال هذا الأمر العظيم، أو يؤثر غيره عليه، ويتمهل في القيام إليه, ويتغافل عن الوثوب لإجابة أمره، أو يتكاسل عن النهوض لأداء واجب شكره،

وهل يتثبط عن إجابة سلطان هذا الداعي، أو يقعد عن امتثال هذه الأمر الذي لا يغفل عنه واعي.

(حي على الفلاح):

وبعد الأمر بالإقبال على الصلاة وتكراره للتأكيد شرع في ترغيبه بقولهحي على الفلاح)أي هلُمّ وأقبل إلى ما به الفلاح،

والصلاة هي سبب الفلاح، ومفتاح باب النجاح، وبها ينال العبد ما يروم، ويبلغ ما يتمناه من الحي القيوم، والفلاح هو الفوز, والنجاة, والبقاء في الخير, والصلاة هي سببه الأعظم وأصله المعظم،

ولهذا جاء في الكتاب العزيز في وصف المتقين:
"الذي يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذي يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون ، أولئك على هدى من ربهم وألئك هم المفلحون"


وقال تعالى "قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون" وسماها النبي- صلى الله عليه وسلم-فلاحاً فقال النبي-صلى الله علي وسلم-:
(الجفاء كل الجفاء, والكفر, والنفاق من سمع منادي الله-تعالى-ينادي بالصلاة ويدعو إلى الفلاح فلا يجيبه).(5)


وفي قوله: (حي على الفلاح) بعد الأمر بالصلاة من الترغيب إليها ما لا يخفى حسنه كأنه يقول هلم إلى ما به الفوز والنجاة في الدنيا والأخرى، وكثيراً ما يأتي بعد الأمر الترغيب, وبعد النهي الترهيب بحسب ما تقتضيه المقام.

أخرج مسلم عن عمر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله وسلم-أنه قال:

(إذا قال المؤذن: "الله أكبر" فقال أحدكم: "الله أكبر", ثم قال: "أشهد أن لا إله إلا الله" قال: "أشهد أن لا إله إلا الله", ثم قال: "أشهد أن محمداً رسول الله" قال: "أشهد أن محمداً رسول الله",

ثم قال: "حي على الصلاة" قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله", ثم قال: "حي على الفلاح" قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله", ثم قال: "الله أكبر" "الله أكبر" قال: "الله أكبر" "الله أكبر" ثم قال: "لا إله إلا الله" قال: "لا إله إلا الله" من قلبه دخل الجنة"(6).

فلما ندب-صلى الله عليه وسلم-إلى القول كما يقول المؤذن, وكان في القول كما يقول تأديباً للنفس, وتنبيهاً لها من سنة الغفلة, وضرباً لها بسوط الإزعاج, وجذباً لها بأزمة الاشتياق, وعطفاً لها عن أودية الفراق, وتشويقاً لها إلى بلوغ المرام, والتفاتاً بها إلى رفيع المقام, وتمريناً لها على الطاعة, وارتحالاً عن طلل الإضاعة, لتذهب حلاوة الذكر مرارة النسيان, وتجري بها أنها المراقبة إلى رياض الإيمان, فتبسم زهور المحبة, وتطيب أثمار المناجاة، وتغرد طيور جنات الشهود ليسمع أرباب السماع, ويعوا ويفوز بالتمتع بفواكه

(إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)(7).

فإذا سمع العبد الأذان بقلبه وآذانه, ونطق به بفؤاده ولسانه, كان أرفع إنابة وأسرع إجابة, وأجدر أن لا يتغافل عن امتثال أوامره،وسماع زواجره,


ولما قال المؤذن: "حي على الصلاة" "حي على الفلاح" وعلم السامع أن الأمر عظيم, والخطب جسيم، وأنه يدعوه إلى البدار إلى خطاب الملك الجبار، والقيام بين يدي ملك الأملاك، ومدير الأفلاك، الذي خلقه في أحسن تقويم، وخصه بإحسانه العميم، فخلق له السمع, والبصر, والفؤاد، ووكل به ملائكة يحفظونه في كل إصدار وإيراد

فحسن أن يقول عند أمره بالقيام لمناجاة الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني لا حول عن معصية الله إلا بقوة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله.

فإذا علم العبد عجزه عن القيام بأمر الله، وضعفه عن ترك مناهي الله، ونظر بعين البصيرة إلى حقارته وذله, وأنه ليس له حول ولا قوة على إجابة هذا الداعي، وأداء ما طلبه منه من حميد المساعي، واجتناب البطالة, والفرار عن أدران الجهالة.


(لا إله إلا الله)

لما كان الله-سبحانه-هو الأول والآخر، ومنه البداية وإليه النهاية، ختم هذا العقد الفريد بلفظ "لا إله إلا الله" الذي قامت به السموات والأرض,

فكان ابتداء الأذان بلفظ الجلالة من "الله أكبر"، وختمه بها أيضاً من "لا إله إلا الله" وفي حسن الختام بها التفاؤل بأن يكون آخر الكلام فيفوز قائلها بحسن الختام،


فقد قال-صلى الله عليه وسلم-وفيما أخرجه الإمام أحمد, وأبو داود, والحاكم, في المستدرك عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه-: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)(8).
فكان ختم الأذان بهما لما فيهما من الفضل العظيم, والفيض العميم, ولإفرادها مع تشفيع كلمات الأذان سر لطيف يفهمه كل ذي فهم شريف، إذ لا يخفى على الفطن العارف القايل(9) في ظل رياض المعارف أن الله-سبحانه-وتر يحبّ الوتر، كما أخبر بذلك المصطفى-صلى الله عليه وسلم-أهل الصّفا،


فلما كانت كلمات الأذان شفعاً, وترت بكلمة الشهادة, كما وترت صلاة النهار بصلاة المغرب, وصلاة الليل بصلاة الوتر، قال-صلى الله عليه وسلم- : (المغرب وتر النهار, فأوتروا صلاة الليل)(10).

فالشهادة في أول الأذان المقصود منها تنبيه ذوي الأشغال ,والتحريض في المبادرة بسلوك الامتثال، والسامع في أوّل الأذان أقرب إلى الغفلة والانشغال بالمحال، وهو في آخر الأذان بخلاف ذلك الحال إذا كان واعياً للمقال، وأمّا من استولت كثافة الغفلة على فؤاده, وقطعت عوائق الخسران طرق رشاده, فهو بمعزل عن الجميع، وإذا نودي إلى الخير فهو غير سميع.


فائدة:


إعلم وفقني الله وإياك أن الصلوات الواجبات خمس، والسنن المؤكدة، التي كان النبي-صلى الله عليه وسلم لا يتركها حضراً وسفراً سنة الفجر, ووتر الليل، وفي كلمات الأذان إلى ذلك إشارة؛ لأن الظهر, والعصر, والعشاء أربعاً أربعاً،

والتكبير كلمتا الشهادة على رواية التربيع والترجيع مشابهة لها في كونها أربعاً أربعاً، وصلاة الفجر وسنتها ركعتان ركعتان، وحي على الصلاة, وحي على الفلاح مثنى مثنى,

ولما كانت "حي على الفلاح" تابعة في المعنى "لحي على الصلاة" وكانت سنة الفجر تابعة لصلاة الفجر حصلت المناسبة ووقعت المشابهة،

ولما كان المغرب وتر صلاة النهار، والوتر المندوب إليه وتر صلاة الليل، ناسب الوترين التكبير في آخر الأذان، وكلمة الشهادة إشارة إلى تغاير الوترين وصحة الإيثار بواحدة, وفي إيجادها في كونها كلها كلمات ذكر الله-سبحانه-إشارة إلى المغرب الذي هو وتر النهار، فإنه لا يكون إلا ثلاثاً؛ لأنه لو جعل الوتر النهار مشابهاً لذهب الوتر وكانت كلماته شفع11.

اللهم نبهنا من سنة الغفلة, وأزل عن القلب ر تاجه وقفله, وافتح مسامعنا لسماع ندائك, وفقه قلوبنا لفهم دعائك.
واجعل قرة أعيننا في الصلاة, وفهم معاني كلماتك، وأقبل بقلوبنا إلى ما به الصلاح والفلاح.

واجعلنا ممن لهجت منهم بذكرك الألسنة, والقلوب, والأرواح، واختم أعمالنا وأقوالنا بكلمة الشهادة،آمين اللهم آمين.




1 - صححه الألباني في صحيح الجامع رقم(7720).

2 - المعجم الأوسط،وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (6318).

3 - وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 35)

4 - أخرجه أبو الشيخ في الأذان.

5 - الطبراني في الكبير عن معاذ.

6 -صحيح مسلم.

7 - سنن الترمذي.

8 -

9 - من القيلولة

10 -

11 - راجع/ رسالة الأمير الصناعي تشنيف الآذان بأسرار الأذان.
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:55 PM   #53
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

آداب الأذان
الحمد لله,والصلاة والسلام على رسول الله,وعلى آله وصحبه,ومن وآلاه.
أمَّا بعدُ:

فإن من التأدب مع الله-عز وجل-أن نعظم شعائره قال-سبحانه-:"{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج:32) ,


فتعظيم شعائر الله هي من تأثير التقوى التي في القلب، وإن الأذان من شعائر الإسلام التي يُعظَّمُ فيها الله-تعالى-،

فالتأدب عنده هو من تعظيم شعائر الله، فالأذان له آداب ينبغي أن يعمل بها ويحافظ عليها؛ لأنه شعار عظيم، يُعظَّمُ فيه المولى-تبارك وتعالى-,

ويُشهد له فيه بالوحدانيَّةِ، ويشهد لنبيه بأنه رسول من عند الله، وهو في نفس الوقت إعلان لدخول وقت الصلاة التي هي عمود الدين، فالأذان شعارُ أهلِ التوحيد، وشعيرة من شعائر الإسلام فالتأدب عنده هو من التأدب مع بقية شعائر الإسلام. ثم إن هناك آداب يُستحبُّ للمؤذن أنْ يؤديها ألا, وهي :

1- الطهارة:



إن من الأدب مع الأذان أن يكون المؤذن على طهارة، ولهذا فقد اتفق الفقهاء على أنَّ الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر مطلوبة للأذان والإقامة، وتتأكَّدُ في الإقامة أكثر لاتصالها بالصلاة(1).


فقد جاء من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"لا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوضِّئٌ"(2).


وحديث المهاجر بن قنفذ-رضي الله عنه- أنه أتى النبيَّ-صلى الله عليه وسلم-وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال:"إنّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ-عَزَّ وَجَلَّ-إِلَّا عَلَى طُهْرٍ"، أو قال: "عَلىَ طَهَارَةٍ"(3).


ووجه الدلالة أنه-صلى الله عليه وسلم-كره أن يذكر الله إلّا على طُهر، وفي الأذان والإقامة ذكر لله فإتيانهما مع الطهارة مطلوب.

فالأذانُ ذكرٌ مشروعٌ مُعظَّمٌ,فأدائه مع الطَّهارةِ أقرب إلى التعظيم،مثله كمثل الطهارة لقراءة القرآن وللخطبة(4)

2- استقبال القبلة:



اتفق الفقهاءُ على أنه يُسَنُّ للمؤذِّن استقبالُ القبلة حالَ الأذان والإقامة،ويُكره له استدبارُها إلّا للإسماع،

قال ابنُ المنذرِ(5):" وأجمعُوا على أنَّ مِنَ السُّنَّةِ أنْ تستقبلَ القبلة بالأذان"(6).

والدليل ما روي أن الملك النازل من السماء أذن مستقبل القبلة، كما جاء في بعض روايات حديث رؤيا الأذان، وفيها:" ...
فجاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار وقال فيه: فاستقبل القبلة قال:" الله أكبر الله أكبر.." الحديث(7).


وحديث سعد القرظ-رضي الله عنه- :" أن بلالاً كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة..."(8).


ثم إن من المعقول:

أن القبلة أشرف الجهات، وقد روي عن ابن عباس-رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال:"إن لكل شيءٍ شرفاً، وإن أشرف المجلس ما استقبل به القبلة..."(9). فالأذان دعاء إلى جهة القبلة، فاقتضى أن يكون من سنته التوجه إليها(10)،


ثم أن الأذان فيه ذكر وثناء على الله-تعالى- والشهادة له بالوحدانية ولنبيِّه-صلى الله عليه وسلم-بالرسالة، فالأفضل أن يكون مستقبلاً القبلة(11).

3- الأذانُ مِنْ عَلَى مَكَانٍ مُرْتفعٍ:




اتفق الفقهاءُ على أنه يُستحبُّ أنْ يكون الأذانُ من فوق مكان مرتفع كالمنارة، أو سطح المسجد ونحوهما(12).


واستدلوا بحديث عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت:" كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر..."(13).


وحديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم"، قال: " ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا, ويرقى هذا"(14).


فقوله:" ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا, ويرقى هذا"، يدل على أنهما كانا يؤذنان على مكان مرتفع؛ لأنه ذكر النزول والارتقاء، وهذا لا يكون إلا في المرتفع من المكان(15).

فالأذان من مكان مرتفع أبلغ في الإعلام، وهو المقصود الأعظم من الأذان(16).

4- القيام:



اتفق الفقهاءُ على أنَّ مِن سُنن الأذان أنْ يؤذِّن المؤذنُ ويقيم قائماً(17). واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- وفيه:"... فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: يا بلال قُم فناد بالصلاة"(18).


وحديث عبد الله بن زيد-رضي الله عنه- عند رؤيا الأذان،قال:"... رأيت رجلاً كأن عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن.."(19).

ثم إنَّ مُؤذني رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كانُوا يؤذنون قياماً(20) ثم أنَّ القيام في الأذان يكون أبلغَ في الإعلام.

5- وضع الأصبعين في الأذنين حال الأذان:




جمهور الفقهاء على أن وضع الأصبعين في الأذنين حال الأذان مستحب، ودليلهم حديث أبي جحيفة-رضي الله عنه- قال:" رأيت بلالاً يؤذن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وإصبعاه في أذنيه..."(21) .

وحديث سعد القرظ-رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال:" إنه أرفع لصوتك"(22).

وقد ذكره البخاري تعليقا:" فقال :" ويُذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه"(23).


قال الحافظ في الفتح:" وأما وضع الإصبعين في الأذنين فقد رواه مؤمل –أيضاً- عن سفيان أخرجه أبو عوانة,وله شواهد ذكرتها في "تغليق التعليق" من أصحها مارواه أبو داود وابن حبان من طريق أبي سلاَّم الدمشقي أن عبد الله الهوزنى حدثه,قال: قلت لبلال: كيف كانت نفقة النبي-صلى الله عليه وسلم- وآله وسلم فذكر الحديث وفيه:" قال بلال فجعلت إصبعي في أذني فأذنت"

ثم إنه من المعقول: أن وضع الأصبعين في الأذنين حال الأذان أجمع للصوت؛ لأن الصوت يبدأ من مخارج النّفَس، فإذا سدّ أذنيه اجتمع النّفس في الفم فخرج الصوتُ عالياً، فيكون أبلغ في الإسماع(24).



6- الترسل في الأذان:





الترسل في اللغة يأتي بمعنى التأني والتمّهل يقال: ترسل في قراءته، اتّأد فيها، وهو تحقيقها بلا عجلة. وفي الاصطلاح: هو التمهّل والتؤدة والتحقيق في ألفاظ الأذان من غير عجلة، ويكون بسكتة بين كل جملتين تسع الإجابة، وذلك من غير تمطيط ولا مدٍّ مفرط(25).

وقد اتفق الفقهاء على أن الترسل من سنن الأذان(26). واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله-رضي الله- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال لبلال:

" يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر..."(27) .


وقال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قال لمؤذن بيت المقدس:" إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر"(28) .ثم إن من المعقول أن الأذان إعلام للغائبين فكان الترسل فيه أبلغ في الإعلام(29).

7- الالتفات في الحيعلتين:



المقصود بالحيعلتين هي قول المؤذن:" حي على الصلاة، حي على الفلاح"، فقد اتفق الفقهاء على أنه يُسَنُّ للمؤذن أن يلتفت عند الحيعلتين، إلا أنًَّ المالكية قالوا بجوازه إذا كان للإسماع(30).


ودليل السنية حديث أبي جحيفة-رضي الله عنه-قال:"... وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يميناً وشمالاً يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح..."(31).


والله أسأل أن يوفق المسلمين لكل خير يحبه ويرضاه.


1 - نهاية المحتاج(1/308).

2 - رواه الترمذي(200).، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء.

3 - رواه أبو داود، كتاب الطهارة، باب أيردّ السلام وهو يبول(17). وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود(1/16).

4 - راجع " أحكام الأذان ص192.

5 - الإجماع لابن المنذر ص7

6 - المجموع(3/114).

7 - رواه أبو داود (250)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

8 - رواه الحاكم في المستدرك (4/796)(6613).

9 - رواه الطبراني في الكبير(10/389) رقم(10781)، والحاكم في المستدرك(5/383). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (1934).

10 - الحاوي الكبير(2/41).

11 - المبسوط(1/129).

12 - بدائع الصنائع(1/146).

13 - رواه أبو داود(519). وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح(2/122).

14 - البخاري- كتاب الأذان-، باب الأذان بعد الفجر(1/152)(620).

15 - أحكام الأذان والإقامة ص(201)

16 - الحاوي الكبير(2/145).

17 - بدائع الصنائع(1/151).

18 - متفق عليه.

19 - رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

20 - كشاف القناع(1/283).

21 - رواه الترمذي (197). وقال حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.

22 - رواه ابن ماجه (710).

23 - البخاري(2/114).

24 - فتح القدير(1/245).

25 - بدائع الصنائع(1/149).

26 - فتح القدير(1/244).

27 - رواه الترمذي(195).قال الترمذي حديث جابر لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

28 - أخرجه الدار قطني في السنن(1/246)

29 - المغني(2/60).

30 - المجموع(3/115).

31 -رواه مسلم.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:56 PM   #54
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان والإقامة للصلوات الخمس في السفر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد:

فقد اتفق الفقهاء على استحباب الأذان والإقامة في السفر للمنفرد والجماعة، إلا ما ذكره بعض المالكية عن الإمام مالك بعدم استحباب الأذان للمسافر(1).


وقد استدلّ الفقهاء على استحباب ذلك بأدلّة، منها ما يلي:

1- حديث مالك بن الحويرث-رضي الله عنه-قال: "أتى رجلان إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-يريدان السفر، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-إذا أنتما خرجتما فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما)(2).

2- حديث عقبة بن عامر-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول: (يعجب ربك- عزوجل-من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن للصلاة ويصلي....) (3).

3- حديث سلمان الفارسي-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إذا كان الرجل بأرض قِيٍّ(4)فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يُرى طرفاه)(5).

4- حديث أبي قتادة-رضي الله عنه-:"سرنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم-ليلة، فقال بعض القوم: لو عرَّست(6) بنا يا رسول الله!،

قال: (أخاف أن تناموا عن الصلاة)، قال: بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي-صلى الله عليه وسلم- وقد طلع حاجب(7) الشمس، فقال: (يا بلال! أين ما قلت؟) قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط. قال: (إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء, يا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة), فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابياضت قام فصلى"(8).

5- حديث عبد الرحمن بن أبي صعصعة-رضي الله عنه- أن أبا سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك-أو باديتك-فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن, ولا إنس, ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-(9).


6- حديث أنس بن مالك، في قصة سماعهم لأذان صحاب المعز, والذي فيه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-كان يغير إذا طلع الفجر, وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذاناً أمسك وإلا أغار، فسمع رجلاً يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (على الفطرة)، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (خرجت من النار)، فنظروا فإذا هو راعي معزى"(10).


وأما ما نقل عن الإمام مالك فقد استدلّ له بما يلي:


1- ما روي عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- أنه كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلّا في الصبح فإنه كان ينادي فيها، ويقيم، وكان يقول: "إنما الأذان للإمام الذي يجتمع الناس إليه"(11).

2- ما روي عن عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-أنه قال في المسافر: "إن شاء أذّن وأقام وإن شاء أقام"(12).

الترجيح:



يلاحظ من هذه الأدلة أن مذهب جمهور الفقهاء من استحباب الأذان والإقامة مطلقاً هو الراجح، وذلك لما يلي:

1- أن الأحاديث دلّت على أن الأذان والإقامة من شأن الصلاة لا يدعها مسافر ولا حاضر(13).

2- أثبتت تلك الأحاديث أن من سنّة النبي-صلى الله عليه وسلم- الأذان والإقامة للصلوات في السفر، وأثبتت أيضاً أمره بذلك(14).

3- أن المقصود من الأذان لم ينحصر في الإعلام، بل كل منه ومن الإعلام بهذا الذكر نشراً لذكر الله ودينه في أرضه, وتذكيراً لعباده من الجنّ والإنس الذين لا يرى شخصهم في الفلوات من العباد(15).

وإظهاراً لشعائر الإسلام(16).
فدلّ على إبطال قول من زعم أنه لا معنى له إلا ليجمع الناس، بل له فضل كثير جاءت به الآثار(17).

إن ترك المسافر الأذان دون الإقامة، لم يكره باتفاق جمهور الفقهاء القائلين باستحباب الأذان والإقامة في السفر(18).

أما من تركها جميعاً أو ترك الإقامة فقد صرّح بكراهة ذلك فقهاء الحنفية، وهو الظاهر من كلام المالكية والحنابلة(19).

وعلّلوا ذلك بما يلي:



1- أنَّ من ترك الأذان والإقامة في السفر، فقد خالف الأمر المذكور في حديث مالك بن الحويرث(20).

2- ما روي عن عليّ-رضي الله عنه-أنه قال في المسافر: "إن شاء أذّن وأقام وإن شاء أقام".

ووجه الدلالة من ذلك:


أن عليَّا-رضي الله عنه-لا يرى بأساً بترك الأذان في السفر، دون الإقامة.

3- أن السفر سبب الرخصة وقد أثر في سقوط شطر، فجاز أن يؤثر في سقوط أحد الأذانين، إلا أن الإقامة آكد ثبوتاً من الأذان فيسقط شطر الأذان دون الإقامة(21).

4- أن الأذان للإعلام بدخول وقت الصلاة ليحضروا، والقوم في السفر حاضرون، والإقامة للإعلام بالشروع في الصلاة وهم إليها محتاجون(22).

5- أن الأذان والإقامة من لوازم الجماعة، والسفر لا يسقط الجماعة فلا يسقط ما هو من لوازمها الشرعية(23)"(24).

والله أعلم والهادي إلى سواء السبيل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد, والحمد لله رب العالمين،،،


1 - بدائع الصنائع(1/153).

2 - البخاري، كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد رقم(630).

3 - أبو داود في الصلاة باب الأذان في السفر..وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (1062)، وصحيح الجامع رقم(8102).

4 - الأرض القفر الخالية.

5 - أخرجه عبد الرزاق في المصنف(1/510) برقم(1955)، وابن أبي شيبة موقوفاً على سلمان(2/198).برقم (2277)، والبيهقي في السنن الكبرى(2/165).برقم(1946). وصحح وقفه ثم قال: " وقد روي مرفوعاً، ولا يصحّ رفعه).

6 - التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة.(النهاية(3/186).)

7 - ناحية منها (لسان العرب(3/51).)

8 -متفق عليه.

9 - البخاري، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء رقم(609).

10 - مسلم في كتاب الصلاة ، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان رقم(382).

11 - مالك في الموطأ(1/69)رقم(160)، والبيهقي في السنن الكبرى(2/177). رقم (1983).

12 - البيهقي في السنن الكبرى(2/178).

13 - التمهيد(3/58).

14 - شرح موطأ الإمام مالك للزرقاني(1/224).

15 - فتح القدير(1/254).

16 - مواهب الجليل للحطاب(1/450).

17 - شرح موطأ الإمام مالك للزرقاني(1/225).

18 - بدائع الصنائع (1/153).

19 -بدائع الصنائع(1/153).

20 - فتح القدير(1/255).

21 - المبسوط(1/132).

22 - بدائع الصنائع(1/153).

23 -فتح القدير(1/255).

24 - راجع: أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(301-304).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:56 PM   #55
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

قدر المكث بين الأذان والإقامة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين, وهادي الناس من الظلمات إلى النور صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.


أما بعد:




قبل أن نذكر مقدار الفصل بين الأذن والإقامة لا بد أن نتطرق إلى حكم هذا الفصل وما هي أقوال الفقهاء في هذا الباب وبما ذا استدل كل فريق منهم على كلامه.

اتفق الفقهاء على استحباب الفصل بين الأذان والإقامة للصلوات الخمس ما عدا المغرب، فقد اختلفوا فيها(1).وذلك لكون المغرب مبنية على التعجيل(2).

واستدلّوا لذلك بما يلي:


أولاً: من الكتاب:



قوله-تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت:33)،
ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أنه قد جاء في تفسير هذه الآية: المؤذن يدعو الناس بأذانه, ويتطوّع بصلاة ركعتين بين الأذان والإقامة، وهو مرويّ عن أبي أمامة الباهلي-رضي الله عنه وغيره(3) .

ثانياً من السنّة:


1- حديث عبد الله بن مُغفّل المزني-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قالبين كل أذانين صلاة –ثلاثاً-لمن شاء)(4)


ووجه الدلالة من الحديث أنه دل على عدم الوصل بين الأذان والإقامة،بل بينهما وقت تؤدّى فيه صلاة النافلة؛ لأن الأذانين المقصود بهما، الأذان والإقامة.

قال "الحافظ ابن حجر"-رحمه الله- : "ولا مانع من حمل قوله أذانين على ظاهره؛ لأنه يكون التقدير بين كل أذانين صلاة نافلة غير المفروضة قوله: (صلاة) أي وقت صلاة أو المراد صلاة نافلة"(5).


2- حديث عائشة-رضي الله عنها-:" كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح"(6).


3- حديث جابر بن سمرة-رضي الله عنه-قال:" كان مؤذن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يؤذن ثم يمهل، فلا يقيم حتى إذا رأى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قد خرج، أقام الصلاة حين يراه"(7).


ثالثاً: من المعقول:


1-أن الأذان شرع للإعلام فيسنّ الانتظار ليدرك الناس الصلاة ويتهيّؤوا لها(8)وإذا وصل بين الأذان والإقامة فات الناس الجماعة، فلم يحصل المقصود بالأذان(9).


2- أن الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يمكّن المصلي من أداء النافلة(10)فإنه لا خلاف بين العلماء في التطوّع بين الأذان والإقامة إلّا في المغرب(11).


أما مقدار الفصل بين الأذان والإقامة للصلوات الخمس ما عدا المغرب فإنه على النحو التالي:


اختلف الفقهاء في مقدار هذا الفصل على أقوال هي كالتالي:


قول الحنفية:


روي عن أبي حنيفة في الفجر قدر ما يقرأ عشرين آية، وفي الظهر قدر ما يصلّي أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة نحواً من عشر آيات، وفي العصر مقدار ما يصلّي ركعتين في كل ركعة نحواً من عشر آيات، وفي المغرب يقوم مقدار ما يقرأ ثلاث آيات، وفي العشاء كما في الظهر. وهذا عند الحنفية ليس بتقدير لازم، فينبغي أن يفعل مقدار ما يحضر القوم مع مراعاة الوقت المستحبّ(12).


وأما الشافعية:


فقد ذكر بعضهم: أن الفصل يكون بقدر ما تجتمع الجماعة(13).


وزاد بعضهم، وبقدر أداء السنّة التي قبل الفريضة(14).


أمّا الحنابلة:


فعند أكثرهم أن الفصل يكون بقدر الوضوء وصلاة ركعتين(15).



وقال بعضهم : يفصل بقدر حاجته ووضوئه وصلاة ركعتين(16



وقال بعضهم: بقدر ما يفرغ الإنسان من حاجته، وبقدر وضوئه وصلاة ركعتين، وليفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه(17).


قال "ابن بطال:: لا حدّ لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين(18).


قال "الشيخ عبد الله البسام"-في كتابه توضيح الأحكام-:


"فالأفضل أن يجعل بين الأذان وإقامة الصلاة وقت يستعدون فيها للحضور، ويفرغون من أعمالهم التي بدأ الأذان وهم قائمون بها، من أكل, ولبس وطهارة، ونحوها لقوله-صلى الله عليه وسلم-اجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ آكل من أكله)(19).


وقال: كما أن المستحب أن لا يطيل الانتظار ما بين الأذان وقبل الصلاة، فيشق على الحاضرين(20).


والراجح:-والله أعلم-هو أن يقال أن مقدرا الفصل بين الأذان والإقامة يرجع فيه إلى اجتهاد إمام المسجد، مراعياً في ذلك عدة أمور منها:


1- الوقت المستحب لأداء الصلاة.


2- حضور واجتماع الناس، وهذا يختلف باختلاف مواقع المساجد, وباختلاف الصلوات، وقد روي أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان يخرج بعد النداء إلى المسجد، فإذا رأى أهل المسجد قليلاً جلس حتى يرى منهم جماعة ثم يصلي، وكان إذا خرج فرأى جماعة أقام الصلاة(21).


وحديث جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-: "كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يصلّي... العشاء أحياناً وأحياناً: إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر)(22).


3- تمكّن المصلّين من أداء السنّة التي قبل الصلاة.

وغير ذلك مما هو من مصلحة الصلاة(23).


وصلى الله وسلم على نبينا محمد, والحمد لله رب العالمين،،،

1 - المبسوط (1/139). بدائع الصنائع(1/150).

2 - أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(380).

3 - انظر: جامع البيان في تأويل القرآن للطبري(11/110). وغيره من التفاسير.كابن كثير، والقرطبي، والبغوي.

4 - البخاري-كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة رقم(838).

5 - فتح الباري(2/107).

6 - متفق عليه.

7 - الترمذي(202)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

8 - بدائع الصنائع(1/150).

9 - المهذب مع المجموع(3/127).

10 - المبسوط(1/139).

11 - فتح الباري(2/126).

12 - بدائع الصنائع(1/150).

13 - المجموع(3/127).

14 - مغني المحتاج(1/138).

15 - المغني(2/67).

16 - الإنصاف(1/392).

17 - كشاف القناع(1/288).

18 - سبل السلام(2/154).

19 - الحديث رواه الترمذي وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي رقم (30).

20 - توضيح الأحكام(1/425).

21 - أخرجه أبو داود وقال الحافظ ابن حجر في الفتح"وإسناده قوي مع إرساله".

22 - البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب رقم (560).

23 - أحكام الأذان والنداء والإقامة(384).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:56 PM   #56
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان للصلاة المعادة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:





هناك مسألة لا بد من توضيح أقوال العلماء فيها، وهي إذا صلّى فرد أو جماعة صلاة بأذان وإقامة في الوقت، وتبين فساد تلك الصلاة، وأرادوا إعادتها في الوقت، فهل يعاد الأذان والإقامة لها أم لا؟. هذا هو السؤال الذي يشكل على كثير من الناس اليوم.


والجواب: أن الفقهاء-رحمهم الله-لهم في هذه المسألة ثلاثة أقوال:


القول الأول:
أنه يُعاد الأذان والإقامة لها، وهو مذهب الحنابلة، وظاهر مذهب الشافعيّة(1)،

ويتبين مذهب الشافعيّة من قول الزركشي:" من شرع في عبادة تلزمه بالشروع ثم أفسدها فعليه قضاءها على الصفة التي أفسدها مع الإمكان".(2)

وهذا الكلام يفيد أن إعادة الأذان والإقامة مطلوبة للصلاة المعادة(3).


وأدلتهم على ذلك ما يلي:


أولاً من الآثار:



ما روي أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: أنه صلّى بالناس فلم يقرأ شيئاً، فقال له أبو موسى الأشعري-رضي الله عنه-: يا أمير المؤمنين أقرأت في نفسك، قال : لا، فأمر المؤذنين فأذّنوا وأقاموا وأعاد الصلاة بهم(4).


نقل عن الإمام الشافعي تضعيف هذا الأثر لكونه مرسلاً.


ثانياً : من المعقول:


أن في الأذان والإقامة للصلاة المُعادة إعلام للناس ليجتمعوا للإعادة(5).


القول الثاني:
أنه لا يعاد الأذان والإقامة لها، إلّا إن طال الفصل فتعاد الإقامة، وهو مذهب الحنفيّة(6).


القول الثالث:
أنه تعاد الإقامة لها، ولو قرب، ويجوز الأذان، وهو مذهب المالكية(7).


وهذا القول هو أقرب الأقوال للصواب في حالة عدم تفرّق القوم وذلك لما يلي:



1- الأثر الذي استدلّ به أصحاب القول الأول ضعيف، كما تقدّم من أنه نقل عن الشافعي رحمه الله- تضعيف الأثر لكونه مرسلاً.


2- الأصل في الأذان أنه لإعلام الغائبين وقد حصل، أما الإقامة فهي لاستنهاض الحاضرين.


فإن تفرّق الناس وطال الفصل، فالقول بإعادة الأذان والإقامة أرجح، لحاجتهم حينئذٍ لكِلَا الإعلامين(8).


هذا والله أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،،

1 -بدائع الفوائد لابن القيم ص(404).

2 - المنثور في قواعد الزركشي(2/152).

3 - أحكام الأذان والنداء والإقامة (346).

4 -أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/353). ونقل عن الإمام الشافعي تضعيف هذا الأثر لكونه مرسلاً.

5 - بدائع الفوائد ص(404).

6 -البحر الرائق(1/276).

7 - الخرشي على مختصر خليل(1/236).

8 - راجع: أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(347).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:57 PM   #57
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

كيفية الأذان ومعاني كلماته


الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على البشير النذير،وعلى آله وأصحابه الغر الميامين.
أما بعد:


فقد اتفق الفقهاء على الصيغة الأصلية للأذان المعروف الوارد بكيفية متواترة من غير زيادة ولا نقصان,وهو مَثْنى مَثْنى،كَمَا اتفقوا على التَّثويب,أي الزيادة في أذان الفجر بعد الفلاح وهي:" الصلاة خير من النوم" مرتين،عملاً بما ثبت في السنة عن بلال(1)،


ولقوله-صلى الله عليه وسلم- لأبي محذورة- :"... فإذا كان أذان الفجر، فقل: الصلاة خير من النوم مرتين"(2).


واختلفوا في الترجيع؛وهو أن يأتي بالشهادتين سراً قبل أن يأتي بهما جهراً،فأثبته المالكيةُ والشَّافعيةُ،وأنكره الحنفيةُ والحنابلةُ،لكن قال الحنابلةُ: لو أتى بالتَّرجيع لم يُكره.


قال الحنفية والحنابلة على المختار(3):

الأذان خمس عشرة كلمة، لا ترجيع فيه، كما جاء في خبر عبد الله بن زيد(4)، وهي :" الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله،حي على الصلاة، حي على الصلاة،حي على الفلاح،حي على الفلاح،الله أكبر،الله أكبر،لا إله إلا الله"(5).


واتفقوا على أن الأذان مثنى,ما عدا الجملة الأخيرة منه، وهي قول" لا إله إلا الله" فهي مفردة. ودليلهم حديث أنس بن مالك قال:" أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة6 7


معاني كلمات الأذان


قال الإمام القرطبي-رحمه الله تعالى- وغيره:



اعلم أن الأذان على قلّة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية،وهي تتضمّن وجود الله-تعالى- ووجوبه، وكماله، ثم ثنَّى بالتوحيد ونفي الشريك،ثم ثلّث برسالة رسوله-صلى الله عليه وسلم-،
ثم ناداهم لما أراد من طاعته المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة، لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول،ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم,وفيه الإشارة إلى المعاد،ثم أعاد ما أعاد توكيداً(8).


فقوله:" الله أكبر" أي من كلِّ شيء،أو أكبر من أن يُنسَبَ إليه مالا يليق بجلالِهِ،أو هو بمعنى كبير.


وقوله:" أشهد" أي أعلم.وقوله:" حي على الصلاة" أي أقبلوا إليها،أو أسرعوا. والفلاح: الفوز والبقاء؛


لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله،فيبقى فيها ويُخلَّد. والدعوة إلى الفلاح معناها: هلموا إلى سبب ذلك. وختم بـ"لا إله إلا الله" ليختم بالتوحيد وباسم الله تعالى، كما ابتدأ به(9).


فالأذان تلخيصٌ لدعوة الإسلام ؛
لأنه متضمن للشهادتين ، والإسلام كله قام على أساسين عظيمين: أن يُعبد الله وحده،وتلك شهادة أن " لا إله إلا الله

وأن يُعبد بما جاء به رسوله-صلى الله عليه وسلم- وتلك شهادة أن " محمداً رسول الله" ، فالإسلامُ بناءٌ يقوم على أركانٍ خمسةٍ,أولها الشهادتان".


وكما في الأذان: أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، ففيه: حي على الصلاة ، حي على الفلاح ،والصلاة من أولها إلى آخرها تصديق عملي بالشهادتين ؛

ففيها يقول المسلم في الفاتحة {إياك نعبد وإياك نستعين},وتلك شهادة "أن لا إله إلا الله" ، وفيها يقول :{اهدنا الصراط المستقيم} ،


وتلك شهادة "أن محمداً رسول الله". أشهد أن محمداً رسول الله حقّاً ، فهو من جهة ليس إلها، وليست فيه أي صفة من صفات الألوهية، ومن جهة ثانية: ليس كذاباً, ولا ساحِراً, ولا كاهناً, ولا مجنوناً،



فالذي يشترك فيه مع الناس هو البشرية،والذي يتميز به عنهم هو الوحي والنبوة،كما قال سبحانه: {قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ }(فصلت:6).


وقد قامت على صدق نبوته دلائل كثيرة: فمنها صفاته،ومنها معجزاته،ومنها نبوءاته،ومنها البشارات به في الكتب السابقة،ومنها ثمرات دعوته في الأرض ، إلا أن أعظم آية تشهد له بالنبوة هي القرآن الكريم،


قال الله تعالى : {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ}الحاقة : 43.



حي على الصلاة ، حي على الفلاح :


هاتان الجملتان تعقبان الشهادتين في الأذان،وذكر الصلاة عقب الشهادتين يُوافِقُ الترتيبَ الذي رتبت به أركان الإسلام,
وحيثُ إنَّ الإنسان مجبولٌ على تقديم العاجلة على الآجلة،وتفضيل النقد على النسيئة،
وبما أن الدنيا عَرَض حاضر،والآخرة وعد صادق،فالدُّنيا يراها والآخرة يسمع عنها،فالذي يحدثُ–غالباً-هُو انشغالُ الإنسان بما يَرَى عمَّا يسمعُ،والإقبال على العرض الحاضر,والغفلة عن الوعد الصادق،فيأتي في الأذان "حي على الصلاة، حي على الفلاح" ؛ لينادي على الناس في أسواقهم يبيعون ويشترون،أو في أعمالهم يصنعون ويعملون، أو في بيوتهم يأكلون ويشربون،أن يؤثروا الحياة الآخرة على الحياة الدنيا، كما أمرهم الله.


فنداء المؤذن: "حي على الصلاة، حي على الفلاح" عند كل صلاة إعلان عن وسطية الإسلام,وجمعه بين الدين والدنيا،فالمسلم في عبادة قبل الحضور إلى المسجد،وهو في عبادة عندما يحضر بعد سماع الأذان،وهو في عبادة عندما ينصرف بعد الصلاة إلى أشغاله وأعماله.


الله أكبر الله أكبر :


هذا النداء الذي افتتح به الأذان واختتم به، فيه تكبير الله عز وجل، فهو سبحانه{عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ} الرعد : 9


وحيث إن الصلاة دعوة منه سبحانه ينقلها المؤذن عبر الأذان؛ ناسب افتتاحها بالتكبير ليعلم الناس أن الله تعالى أكبر من كل شيء يَصدّهم عن دعوته، أو يشغلهم عن إجابة ندائه {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ}10 الجمعة:1





1 - رواه الطبراني وغيره.نقلاً من حاشية الفقه الإسلامي وأدلته (1/543).

2 - رواه أحمد أبي داود. وصححه الألباني في تمام المنة رقم(88).

3 - اللباب شرح الكتاب(1/62). وما بعدها، وفتح القدير(1/167). نقلاً من حاشية الفقه الإسلامي وأدلته(1/543).

4 - وهو حديث أذان المالك النازل من السماء، رواه أبو داود في سننه.

5 - راجع: الفقه الإسلامي وأدلته (1/543-544).

6 - البخاري- الفتح- (605). كتاب الأذان باب الأذن مثنى مثنى. وقوله (الإ الإقامة):أي قوله قد قامت الصلاة.

7 - أحكام الأذان والإقامة ص(65).

8 - المفهم (2/14)، نقلاً من حاشية أحكام الأذان والإقامة ص(64).

9 - كشاف القناع(1/273). نقلاً من حاشية الفقه الإسلامي وأدلته(1/544).

10 نقلاً عن مقال في عدد البيان 95 ص 32 وما بعدها بتصرف.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:58 PM   #58
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان والإقامة للنساء




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد:


اتفق جمهور الفقهاء على أنه ليس على النساء أذان ولا إقامة، سواءً كان أذانهنّ أو إقامتهنّ لجماعة النساء أو لنفسها منفردة(1).


ويرى بعض العلماء أن النساء كالرجال في الأذان والإقامة،
وفي ذلك يقول الشوكاني-رحمه الله- :


" ثم الظاهر أن النساء كالرجال؛ لأنهن شقائق الرجال، والأمر لهم أمر لهنّ، ولم يرد ما ينتهض للجة في عدم الوجوب عليهنّ، فإن الوارد في ذلك في أسانيده متروكون ولا يحل الاحتجاج بهم، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذلك وإلّا فهن كالرجال"(2).



واختار هذا الرأي الشيخ محمد صديق خان، كما في الروضة الندية شرح الدرر البهية(3).


وتبعه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، كما في السلسلة الضعيفة والموضوعة(2/271).


فإن أذّنت المرأة وأقامت لجماعة النساء أو لنفسها، فقد اختلفت أقوال الفقهاء في حكم ذلك على أربعة أقوال:


القول الأول:


يكره لهنّ الأذان والإقامة، وهو مذهب الحنفية، ورأي لبعض المالكية، ووجه للشافعية، ومذهب الحنابلة.


والكراهة عند المالكية هنا تحمل على المنع، وصرّح بعض الحنابلة بعدم صحتهما منهنّ.


أدلتهم
: استدلّ من قال بكراهة الأذان والإقامة للنساء، بما يلي:


أولاً: من السنة:


1- حديث أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنه-قالت: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة، ولا اغتسالٌ، ولا تقدمهن امرأة ولكن تقوم في وسطهن)(4).


2- عن أم ورقة الأنصارية: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-جعل لها مؤذناً يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها"(5).


ووجه الدلالة : أن النبي-صلى الله عليه وسلم-لما أذن لها أن تؤمّ أهل دارها لم يأمرها أن تؤذن هي ، أو امرأة من أهل دارها، بل جعل لها مؤذناً، فلو كان الأذان مشروعاً للمرأة لما أمرها باتخاذ مؤذن رجل.


ثانياً: من الآثار:



1- ما روي عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-أنه قال: "ليس على النساء أذان ولا إقامة"(6).


2- ما روي عن عائشة أنها قالت:" كنا نصلي بغير إقامة"(7).


3- ما روي عن أنس أنه سُئل هل على النساء أذان وإقامة قال: "لا، وإن فعلن فهو ذِكر"(8).


ثالثاً من المعقول:


1- أن الأذان في الأصل يشرع للإعلام، ولا يشرع للمرأة ذلك.(9).


2- أن الأذان يشرع له رفع الصوت, ولا يشرع للمرأة رفع الصوت، لما فيه من الفتنة(10)، ومن لا يشرع في حقه الأذان لا يشرع في حقه الإقامة، كغير المصلي، وكمن أدرك بعض الجماعة.(11).


3- لأنه ليس على النساء الجماعة بل إن جماعتهنّ غير مستحبّة، فلا يكون عليهنّ الأذان والإقامة(12).


القول الثاني:
يكره لهنّ الأذان وتستحبّ الإقامة، وهو المشهور والمعتمد في مذهب المالكية، والصحيح عند الشافعيّة، ورواية عند الحنابلة.


إلّا أن الشافعية قالوا: لو أذّنت ولم ترفع صوتها لم يكره، وكان ذكراً لله، وإن رفعت وثم أجنبيّ حرم.


أدلتهم:



استدلّ أصحاب هذا القول بما يلي:


أولاً : من الآثار:



ما روي عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-أنّه قال: " تقيم المرأة إن شاءت"(13).


ثانياً: من المعقول:


1- أن الأذان مشروع للإعلام بدخول الوقت وحضور الجماعة، ومشروعية الإقامة لإعلام النفس بالتأهب للصلاة فطلبت من الجميع ولو صبيّاً(14).


2- أن في الأذان ترفع المرأة صوتها فيكره لما فيه من الفتنة، وأمّا في الإقامة فلا ترفع صوتها؛ لأنها لاستنهاض الحاضرين(15).


القول الثالث:


يستحبّ لهن الأذان والإقامة، وهو وجه عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة، دون رفع الصوت عند الشافعيّة. أمّا الحنابلة فعلى روايتين: الأولى مطلقاً, والثانية مع خفض الصوت.


استدل أصحاب هذا القول بما يلي:



1- ما روي عن عائشة-رضي الله عنها-:" أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء وتقوم وسطهن"(16).


2- ما روي عن ابن عمر أنه سئل هل على النساء أذان فغضب، وقال: ( أنا أنهى عن ذكر الله!!"(17).



وجه الدلالة أن الأثر دل على أن الأذان والإقامة ذكر لله، وذكر الله لا يمنع منه أحد.


القول الرابع:
يباح لهنّ الأذان والإقامة، مع خفض الصوت، وهو رواية عند الحنابلة.


أدلة أصحاب هذا القول:



يمكن أن يستدلّ له بالجمع بين الآثار الواردة عن عائشة وابن عمر-رضي الله عنهما-حيث نُقل عن عائشة الفعل والترك، وأمّا ابن عمر فنقل عنه النفي وعدم النهي، فدلّ على جواز الأمرين.


قال الإمام البيهقي-بعد ذكره الأثرين الواردين عن عائشة-رضي الله عنه-:" وهذا إن صح مع الأوّل فلا ينافيان، لجواز فعلها ذلك مرّةً وتركها أخرى لجواز الأمرين جميعاً"(18).


و القول الرابع القائل بالإباحة، وأنه لا يسنّ للمرأة أذان ولا إقامة، يراه بعض أهل العلم وجيها لأسباب منها :


1- أن أبرز ما شرع له الأذان هو إعلام الناس كي يجتمعوا للصلاة والمرأة غير مطالبة بإجابة هذا النداء إذا سمعته، والأفضل لها أن تصليّ في بيتها، فلهذا لا يسنّ لها أذان ولا إقامة(19).


2- أنه لم ينقل أن النبي-صلى الله عليه وسلم-ندب النساء إلى الأذان والإقامة أو علمهن ذلك، ولو كان مشروعاً في حقهنّ لعلمهن كما علمهن كيفية غسل الحيض والجنابة(20).


3- أنه بهذا القول يمكن الجمع بين الآثار الواردة عن بعض الصحابة في ذلك.(21).


والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،

1 - الإفصاح لابن هبيرة(1/64-65). المبسوط(1/133).

2 - السيل الجرار(1/197-198).

3 - الدرر البهية(1/216).

4 - أخرجه البيهقي في السنن(2/169)، رقم(1960). وابن عدي في الكامل (2/620).

5 - أبو داود، وأحمد والحاكم،

6 - البيهقي في السنن الكبرى، وصحح إسناده ابن حجر في التلخيص الحبير(1/521).

7 - البيهقي في السنن الكبرى(2/170).

8 - ابن أبي شيبة في المصنف(2317).والبيهقي في السنن(2/170).

9 - المغني(2/80).

10 - المبسوط(1/133).

11 - المغني (2/80).

12 - بدائع الصنائع (1/152).

13 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/203)(2329).

14 - المغني(2/80).

15 - مغني المحتاج(1/135).

16 -أخرجه عبد الرزاق في المصنف(3/126) (5016)، وابن أبي شيبة، والبيهقي في السنن الكبرى. والحاكم في المستدرك.

17 -أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/202)(2324).

18 - السنن الكبرى للبيهقي(2/170).

19 - راجع: الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام.

20 - المصدر السابق.

21 - أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(356).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:58 PM   #59
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أذان صاحب الصوت الندي



الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:


فإنَّ من الصفات المستحبة في المؤذن، أن يكون صيتاً، حسن الصوت فصيحاً، وهذه صفة اتفق الفقهاء على استحبابه1.


واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: (فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت به فإنه أندى صوتاً منك)2. ومعنى: (أندى) أي أرفع وأعلى وأبعد، وقيل أحسن وأعذب3.


واستدلوا كذلك بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختار أبا محذورة للآذان لكونه صيتاً، وذلك في قصة إسلامه، وطلب أبو محذورة من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعله مؤذناً بمكة- فقال: (قد أمرتك به)4.



واستدلوا أيضاً بما روي أن مؤذناً أذن فطرَّب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز-رحمه الله-: أذِّن أذاناً سمحاً و إلاَّ فاعتزلن5.



واستدلوا أيضاً بأن المقصود من الأذان الإعلام، وإذا كان المؤذن صيتاً ما أبلغ في الإسماع6. ولأن المؤذن إذا كان حسن الصوت فإنه يكون أرق لسامعيه، فيميلون إلى الإجابة7.
فصاحب الصوت الحسن له تأثير عجيب في جذب قلوب الناس، وهز في قلوبهم الشوق إلى علام الغيوب، ومن ثم إتيانهم إلى المسجد لأداء الصلاة.



فمن المشاهد أن المصلين في المسجد الذي مؤذنه حسن الصوت أكثر عدداً من غيره. ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختار للأذان مؤذنين ذوي أصوات حسنة، كبلال بن رباح، وأبي محذورة، وابن أم مكتوم، ولذلك لما أذَّن بلال في عهد عمر ارتجت المدينة بالبكاء، وخرج الرجال والنساء إلى سكك المدينة، متذكرين وسائلين هل بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!

فما أجمل تلك الأصوات التي تجلل بالنداء من فوق تلك المنائر الشامخة شموخ الكلمات المنبعثة منها؟. إنها توحد الله، وتدعو إليه، وتعلم بدخول وقت الصلاة، التي أجل العبادات عند الله ومن أجلها شرع الآذان.



والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

1 - راجع بدائع الصنائع(1/149). وفتح القدير(1/248). والمهذب مع المجموع(3/110). والمغني(2/70).

2 - أخرجه أبو داود في متاب الصلاة، باب كيف الآذان( سنن أبي داود(1/244 رقم(499)). وغيره. وحسنه الألباني في صحيح أبي داود(1/98) رقم(469). وفي إرواء الغليل(1/50) رقم(246).

3 - النهاية(5/32). ولسان العرب(14/97).

4 - القصة رواها مسلم مختصرة (1/287) رقم (379)، وأحمد مطولة (3/409). وغيرهما.

5 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(1/207 برقم(2375).

6 - مواهب الجليل(1/437). ومغني المحتاج(1/138) والكافي لابن قدامة( 103).

7 - الأم(1/87) المغني(2/70). ومغني المحتاج(1/138).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:59 PM   #60
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان والنداء بالصلاة في الرَّحال



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد,وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعدُ:


لم يكن النداءُ بالصَّلاةِ في الرَّحالِ بعيداً عن كلامِ الفُقهاء، فقد اتفقَ الفقهاءُ على مشروعيَّةِ قولِ المؤذِّنِ عندَ المطرِ أو الرِّيحِ أو البردِ:"ألا صلُّوا في رِحَالِكم"، أو " الصلاة في الرِّحَال"(1)،



استدلُّوا على ذلك بأدلَّةٍ,منها:


1- ما رُوي عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-:" أنه أذَّن بالصلاة- في ليلة ذات برد وريح-ثم قال: ألا صلوا في الرحال،
ثم قال: إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم –كان يأمر المؤذن –إذا كانت ليلة ذات برد ومطر- يقول:"ألا صلوا في الرحال"(2).


2- حديث أسامة الهذلي-رضي الله عنه-:" أنَّ يوم حُنين كان يوم مطرٍ, فأمر النَّبيُّ-صلى الله عليه وسلم –مناديه أن الصلاة في الرحال"(3).


3- وعن أسامة الهذلي-رضي الله عنه-أنه قال:"لقد رأيتنا مع رسولِ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-يوم الحديبية وأصابتنا سماء لم تبلَّ أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"صلوا في رحالكم"(4).


موضع قول المؤذن "الصلاة في الرحال" من الأذان:


اختلف الفقهاء في موضع هذه الجملة: "الصلاة في الرحال"أو" ألا صلّوا في رحالكم" بعد اتفاقهم على مشروعيتها، هل تُقال أثناء الأذان أم بعد الفراغ منه؟ على أربعة أقوال:


1- أنها تقال في أثناء الأذان بدلاً من الحيعلة، وهو وجه للشافعية وظاهر مذهب الحنابلة(5).


أدلتهم:
أ*- عن عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ,قالَ:"خطبنا ابنُ عبَّاس في يوم ردغ(6)، فلمَّا بلغ المؤذنُ حي على الصلاة فأمره أنْ يُنادي: الصلاة في الرِّحَال، فنظر القومُ بعضُهم إلى بعضٍ، فقالَ: فعل هذا مَنْ هو خيرٌ منهُ وإنها عَزمة"(7).


ب*- وفي روايةٍ:" أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أنَّ محمداً رسولُ الله، فلا تقُلْ: حي على الصلاة، قل: "صلُّوا في بيوتكم"(8



وجه الدلالة أنَّ الحديثَ صريحٌ في أنها تقال بدلاً من الحيعلة،حيث قال له:" فلا تقلْ حيّ على الصلاة"(9).


2- أنها تقال في أثناء الأذان,ولكن بعد الحيعلة(فيجمع بينها وبين الحيعلة) وهو وجه للشافعية(10).


أدلتهم:



أ*- حديث نعيم بن النحام، قال: سمعت مؤذن النبي-صلى الله عليه وسلم-في ليلة باردة وأنا في لحاف فتمنيت أن يقول: صلوا في رحالكم،
فلما بلغ حي على الفلاح، قال: صلوا في رحالكم، ثم سألت عنها فإذا النبي- صلى الله عليه وسلم- كان أمر بذلك(11).



وفي رواية قال: فقلت: " ليت المنادي قال: ومن قعد فلا حرج ، فلما قال" الصلاة خير من النوم" ، قال : " ومن قد فلا حرج".


ب*- عن رجل من ثقيف: " أنه سمع منادي النبي-صلى الله عليه وسلم-يعني في ليلة مطيرة في السفر- يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح، صلُّوا في رحالكم"(12)



وجه الدلالة من هذينِ الحديثينِ أنهما صريحان في الجمع بين الحيعلةِ وقول المؤذِّن" صلُّوا في رحالِكم"(13)


3- أنَّها تُقال بعد الفَرَاغِ من الأذانِ، وهُو مذهبُ الحنفيَّةِ والمالكيَّةِ، ووجهٌ للشافعيَّةِ(14).


أدلتهم:
عن نافع قال:" أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان(15)، ثم قال: " صلوا في رحالكم، فأخبرنا أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم–كان يأمر مؤذناً يؤذن ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر"(16).



وجه الدلالة أن قوله" ثم يقول على إثره"، صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان"(17).


4- أن الأمر في هذا واسع، سواء قالها في أثناء الأذان أو بعد الفراغ منه فكله جائز، ولكن الأولى أن يكون بعد الفراغ منه، وهو رأي لبعض الحنفية، ومذهب الشافعية(18).



أدلتهم :
الأحاديث المتقدمة في أدلة الأقوال الأخرى- ولكن قوله بعد الأذان أحسن ليبقى نظم الأذان على وضعه"(19).


خلاصة المسألة:


أن الأمر في هذا واسع، فقد ثبت في السنّة جميع ما قيل في الأقوال السابقة، ولا منافاة بين الأحاديث الواردة في ذلك؛ لأن هذا جرى في وقت, وذلك في وقت، والكلُّ صحيحٌ(20).


والله الموفق،،

1 - المجموع(3/136). وعمدة القاري(5/128).

2 - البخاري(666).

3 - رواه أبو داود(1057).،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(1/292).

4 - رواه ابن ماجه(936). وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

5 - انظر : فتح الباري(2/117).

6 - جمع ردغة وهو : طين ووحل كثير.(النهاية (2/197).

7 - البخاري(616).

8 - مسلم (699).

9 - أحكام الأذان والإقامة(104).

10 - راجع: نهاية المحتاج(1/304).

11 - رواه أحمد.

12 سنن النسائي (652).

13 - أحكام الأذان والإقامة ص (106).

14 - عمدة القاري(5/128).

15 - جبل بناحية مكة.

16 - البخاري(632).، ومسلم(697).

17 - فتح الباري(2/134).

18 -المجموع(3/136).

19 - شرح مسلم للنووي(5/207).

20 - انظر: شرح مسلم للنووي(5/207).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسائل هامة في السفر الجوهرة المصونة منتدى الفقه وأصوله 6 09-22-2015 06:33 PM
حكم الصلاة في المنزل إذا كان المؤذن يؤذن قبل الوقت عبد الحكيم.. قسم فتاوى العلماء 0 05-09-2013 07:15 AM
26 فائدة مرتبة من فتوى شيخِ الإسلام متعلقة بالأحرفِ والقراءات المصريه25 قسم فتاوى العلماء 2 05-02-2012 12:36 PM
شرح مسائل الجاهلية مسلم التونسي الكتب الالكترونية الاسلامية 3 02-16-2011 01:11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة الكعبة الإسلامية © 2018