عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-2011, 09:53 AM   #1
بنت النيل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 546
معدل تقييم المستوى: 14
بنت النيل is on a distinguished road
اربعون حديثا قدسيا يرويها ابو هريرة رضي الله عنه (الحديث الثالث)





الحديث الثالث

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :

سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول :



قال الله عز وجل :
((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟
فليخلقوا ذرة، أو ليخلفوا حبة ، أو شعيرة ))
رواه البخاري.




شرح الحديث



يقول ابن عثيمين



ويستفاد من هذا الحديث :‏



تحريم التصوير، لأن المصور ذهب يخلق كخلق الله ليكون مضاهيا لله في صنعه، والتصوير له أحوال‏:‏




الحال الأولى‏:‏



أن يصور الإنسان ما له ظل كما يقولون أي‏:‏



ماله جسم على هيكل إنسان أو بعير أو أسد أو ما أشبهها، فهذا أجمع العلماء فيما أعلم على تحريمه



فإن قلت‏:‏ إذا صور الإنسان لا مضاهاة لخلق الله، ولكن صور عبثا، يعني صنع من الطين أو من الخشب أو من الأحجار شيئا على صورة حيوان وليس قصده أن يضاهي خلق الله، بل قصد العبث أو وضعه لصبي ليهدئه به، فهل يدخل في هذا الحديث‏؟‏



فالجواب‏:‏ نعم، يدخل في هذا الحديث، لأنه خلق كخلق الله، ولأن المضاهاة لا يشترط فيه القصد، وهذا هو سر المسألة، فمتى حصلت المضاهاة ثبت حكمها، ولهذا لو أن إنسانا لبس لبسا يختص بالكفار ثم قال‏:



‏ أنا لا أقصد التشبه بهم، نقول‏:‏ التشبه منك حاصل أردته أم لم ترده، وكذلك لو أن أحدا تشبه بامرأة في لباسها أو في شعرها أو ما أشبه ذلك وقال‏:‏ ما أردت التشبه، قلنا له‏:‏ قد حصل التشبه، سواء أردته أم لم ترده‏.‏



الحال الثاني‏:‏



أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط، فهذا محرم لعموم الحديث، ويدل عليه
حديث النُّمرقُة حين أقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى بيته، فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير، فوقف وتأثر، وعرفت الكراهة في وجهه



فقالت عائشة رضي الله عنها‏:‏

ما أذنبت يا رسول الله‏؟‏

فقال‏:‏ إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم‏:‏ أحيوا ما خلقتم



‏(‏البخاري‏ ومسلم‏ )



فالصور بالتلوين كالصور بالتجسيم، وقوله في ‏



الحال الثالثة‏:



‏ أن تلتقط الصور التقاطا بأشعة معينة بدون تعديل أو تحسين من الملتقط، فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين



والقول الأول‏:‏

أنه تصوير، وإذا كان كذلك، فإن حركة هذا الفاعل للآلة يعد تصويرا، وإذ لولا تحريكه إياها ما انطبعت هذه الصورة على أن هذه الورقة، ونحن متفقون على أن هذه صورة، فحركته تعتبر تصوير، فيكون داخلا في العموم‏.




القول الثاني‏:‏

أنها ليست بتصوير، لأن التصوير فعل المصور، وهذا الرجل ما صورها في الحقيقة وإنما التقطها بالآلة، والتصوير من صنع الله‏.‏



ويوضح ذلك لو أدخلت كتابا في آلة التصوير، ثم خرج من هذه الآلة، فإن رسم الحروف من الكاتب الأول لا من المحرك، بدليل انه قد يشغلها شخص أي لا يعرف الكتابة إطلاقا أو أعمى في ظلمة، وهذا القول أقرب، لأن المصور بهذه الطريقة لا يعتبر مبدعا ولا مخططا، ولكن يبقي النظر‏:‏ هل يحل هذا الفعل أو لا‏؟‏

والجواب‏:‏
إذا كان لغرض محرم صار حراما، وإذا كان لغرض مباح صار مباحا لأن الوسائل له أحكام المقاصد، وعلى هذا، فلو أن شخصا صور أنسانا لما يسمونه بالذكرى، سواء كانت هذه الذكرى للتمتع بالنظر إليه أو التلذذ به أو من أجل الحنان والشوق إليه، فإن ذلك محرم و لا يجوز لما فيه من اقتناء الصور، لأنه لا شك أن هذه صورة ولا أحد ينكر ذلك وإذا كان لغرض مباح كما يوجد في التابعية والرخصة والجواز وما أشبهه، فهذا يكون مباحا، فإذا ذهب الإنسان الذي يحتاج إلى رخصة إلي هذا المصور الذي تخرج منه الصورة فورية بدون عمل لا تحميض ولا غيره، وقال‏:‏ صورني فصوره، فإن هذا المصور لا نقول‏:‏ إنه داخل في الحديث، أي حديث الوعيد على التصوير، أما إذا قال‏:‏ صورني لغرض آخر غير مباح، صار من باب الإعانة على الإثم والعدوان‏



الحال الرابع‏:‏

أن يكون التصوير لما لا روح فيه، وهذا على

نوعين‏:‏



النوع الأول‏:‏

أن يكون مما يصنعه الآدمي، فهذا لا بأس به بالاتفاق، لأنه إذا جاز الأصل جازت الصورة، مثل أن يصور الإنسان سيارته، فهذا يجوز، لأنه صنع الأصل جائز، فالصورة التي هي فرع من باب أولى‏.‏



النوع الثاني‏:

‏ ما لا يصنعه الآدمي، وإنما يخلقه الله، فهذا نوعان‏:‏ نوع نام، ونوع غير نام، فغير النامي، كالجبال، والأودية، والبحار، والأنهار، فهذه لا بأس بتصويرها بالاتفاق، أما النوع الذي ينمو، فاختلف في ذلك أهل العلم، فجمهور أهل العلم على جواز تصويره لما سيأتي في الأحاديث‏.‏
وذهب بعض أهل العلم من السلف والخلف إلى منع تصويره، واستدل بأن هذا من خلق الله عز وجل والحديث عام‏:

‏(‏ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي‏)‏




لأن الله - عز وجل - تحدى هؤلاء بأن يخلقوا حبة أو يخلقوا شعيرة، والحبة أو الشعيرة ليس فيه روح، لكن لا شك أنها نامية، وعلى هذا، فيكون تصويرها حراما، وقد ذهب إلى هذا مجاهد رحمة الله أعلم التابعين بالتفسير وقال‏:‏

إنه يحرم على الإنسان أن يصور الأشجار، لكن جمهور أهل العلم على الجواز، وهذا الحديث هل يؤيد رأي الجمهور أو يؤيد رأي مجاهد ومن قال بقوله‏؟‏



الجواب‏:‏ يؤيد رأي مجاهد ومن قال بقوله أمران‏:‏



أولا‏:‏ العموم في قوله‏:‏
‏(‏ومن أظلم الناس ممن ذهب يخلق كخلقي‏)‏‏.‏

ثانيا‏:‏ قوله‏:‏
{‏أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة‏}



وهذه ليست ذات روح، فظاهر الحديث هذا مع مجاهد ومن يرى رأيه، ولكن الجمهور أجابوا عنه بالأحاديث التالية، وهي أن
قوله‏:‏
(‏أحيوا ما خلقتم‏)‏
وقوله‏:‏
‏(‏كلف أن ينفخ بها الروح‏)
‏ ‏‏البخاري‏ ومسلم‏:‏



‏ يدل على أن المراد تصوير ما فيه روح، وأما قوله‏:
‏‏(‏أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة‏)
فذكر على سبيل التحدي
أي‏:
‏ أن أولئك المصورين عاجزون حتى عن خلق ما لا روح فيه‏.‏
بنت النيل غير متواجد حالياً