الموضوع: سورة النساء.
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2014, 05:12 PM   #10
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي رد: سورة النساء.

ويقول للرسول آخر الأمر " ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم " . وقال معلقا على أحداث القضية نفسها " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا". وعرض التوبة على الخاطئ قائلا " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" . وفى تآمر أهل المجرم على طمس الحقيقة، وتضليل العدالة يقول " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس.... " ويقول " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا" . ذلك كله لإحقاق الحق وإبطال الباطل وإنصاف رجل من خصوم الإسلام وإثبات براءته من تهمة تتضافر القرائن على إلصاقها به.!! ما أعظم الإسلام...! وبعد سرد هذه القصة اتجه الوحى إلى طائفة أخرى من الناس لا تزال تعيش فى المدينة إنها بقايا الوثنية المدبرة، إنهم العرب الذين لما يهجروا بعد عبادة الأصنام، فقال فى حسم " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " . والشرك فساد نفسى وعقلى يهدر كل قيمة للإنسان. والمقصود به تسوية المخلوق بالخالق، فى العبادة والدعاء والتحكيم والاستمداد والرجاء.. الخ. إذ الموحد الحق لا يسلم وجهه إلا إلى الله، ولا يفوض إلا إليه، ولا يرجع فى حل أو حرمة إلا إلى شرعه، وهو مستريح إلى وعد الله ووعيده فلا يكترث بغيرهما من رغبة أو رهبة بعيدة الصلة بالله. أما غير الموحدين فتصرفهم فى ميادين الحياة أمانى خادعة، ووعود كاذبة تجعلهم يجرون وراء السراب! ويضيعون أعمارهم سدى " يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا" . والمباهاة بالأديان لا تجدى أصحابها فتيلا، المهم هو العمل الصادق والسلوك الراشد.
ص _065
وفى عصرنا هذا - كما يقول محمد عبده - يوجد من يتحدث عن الإسلام فيثنى عليه أعظم الثناء يقول: أى دين أصلح إصلاحه؟ أى دين أرشد إرشاده؟ أى شرع كشرعه فى اكتماله؟. فإذا سئل الواحد منهم: ماذا فعل للإسلام؟ وبماذا يمتاز على غيره من أتباع الأديان الأخرى لا يحير جوابا.. وردعا لقائلين غير فعالين يقول الله تعالى: " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا" . ومن الفتن المزعجة فى هذه الأيام العجاف أن نرى اليهود متشبثين بشرائعهم الدينية يلبس أحدهم قلنسوة الصلاة ويمرق بها فى أكثر الميادين زحاما ليؤدى شعيرته. أما المسلمون فأغلب ساستهم لا يحرص على أوقات الصلاة، إلا من عصم الله وعادت السورة بعدئذ إلى ما بدأت به وهو العلاقات الأسرية، فنبهت إلى الصبغة العامة لهذه العلاقات، وهى العدالة والإصلاح " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما" . وقد تحدث صدر السورة طويلا عن اليتامى، وأطال هنا فى الكلام عما قد يقع من تنافر بين الزوجين، فندب إلى الإصلاح ومقاومة شح النفس والتزام الإحسان، والتقوى والعدل فى حدود الطاقة.. فإذا تنافر الود وانكسرت الزجاجة وعزَّ الإصلاح فليلتمس كلا الطرفين ما يعوضه من فضل الله "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما" . وخزائن الله لا تنفد، فلا تسئ الظن بالمستقبل إن فاتك الحاضر وتشبث بالتقوى والطاعة "ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا". وتكررت هذه الجملة ثلاث مرات فى سياق متقارب لتمنع اليأس وتصلح بال كلا الزوجين إذا حكمت الأقدار عليهما بالفرقة..!
ص _066
يتبع...
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً