عرض مشاركة واحدة
قديم 01-16-2011, 02:26 PM   #1
ابوصهيب
مشرف قسم الاعجاز العلمى فى القرأن
 
الصورة الرمزية ابوصهيب
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 764
معدل تقييم المستوى: 14
ابوصهيب is on a distinguished road
فوائد في العقيدة 2



فوائد في العقيدة 2


الأسس التي يقوم عليها مذهب السلف في الصفات ثلاثة:


1- تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، وهو الأساس الأعظم والأكبر؛ ودليله:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ - هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ - فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ . 2- إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها، وأن الله مدح نفسه بها، ودليله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 3- نفي الكيفية والإحاطة بصفات الله، ودليله: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ؛ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ . أسماء الله أعلام وأوصاف، وهي باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وهي باعتبار دلالة كل اسم منها على معناه متباينة، فالله، الرحمن، الرحيم، والسميع، العليم تدل على ذات واحدة، فهي مترادفة بهذا المعنى، لكن الله تدل على الألوهية والرحمن يدل على الرحمة، والسميع يدل على السمع، والعليم يدل على العلم، والرحيم يدل على الفعل، فهي من حيث هذا المعنى تكون متباينة كل اسم منها يدل على المعنى، وهذا فيه رد على المعتزلة الذين يقولون: إن هذه الأسماء مجرد أعلام لا تحمل معاني، وهذا من أبطل الباطل.
النفي المحض والإثبات المحض ليس فيه تنزيه، مثال النفي المحض (لا إله)، هذا إلحاد، والإثبات المحض (الله إله)، ما أكثر الآلهة، ولكنها باطلة بقولك: (لا إله إلا الله).
نفي التشبيه عن الله، إذا جاء في كلام السلف والأئمة فالمراد به التمثيل لا التشبيه المطلق، فإن نفي التشبيه المطلق عن الله قول الجهمية الذين يقولون: إن الله لا يشبه المخلوق بوجه من وجوه التشبيه، وهذا يلزم منه إنكار وجود الله، وهو قول الجهمية كما رد عليهم الإمام أحمد في رسالته: الرد على الزنادقة والملحدين، وكما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: بيان تلبيس الجهمية ومجموع الفتاوى وغيرها؛ لأن مطلق التشبيه بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات عند عدم الإضافة والتخصيص لا بد من إثباته، كما في مطلق الوجود والذات ومطلق العلم والقدرة، فمن نفى مطلق التشبيه في ذلك فقد أنكر وجود الله، وقد أنكر صفات الله، وهو مذهب الجهمية المعطلة، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
لازم الشيء ليس داخلا في معنى الشيء، ومن أمثلة ذلك:
1- جاءت النصوص بإثبات السمع لله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ويلزم من السمع الأذن، لكنها لا تثبت لله -تعالى- لعدم ورود النص بإثباتها. 2- جاءت النصوص بإثبات البصر لله -تعالى- وأن الله يرى ويبصر خلقه وأعمالهم، ويلزم من البصر إثبات العين، وإثبات العينين لله -تعالى- إنما ثبت من نصوص أخرى غير إثبات البصر لله -تعالى- كحديث الدجال في الصحيحين: (إن ربكم ليس بأعور وإن الدجال أعور عين اليمنى ) ولو لم يرد النص بإثبات العينين لله -تعالى- بنصوص أُخرى لما أخذ إثباتهما من إثبات البصر لله تعالى. أسماء الله وصفاته هي الله، لا يقال: إنها غير الله، كما تقوله المعتزلة وغيرهم، فإذا قيل: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
)؛ فالمعنى الله نفسه على العرش استوى، لكن إذا أريد الاشتقاق، فيقال: اسم الرحمن مشتق من كذا، اسم الله مشتق من كذا، أما الله -سبحانه- ليس مشتقا من شيء، بل هو واجب الوجود لذاته.
أسماء الله -تعالى- مشتقة دالة على معاني، ليست جامدة؛ فاسم العليم يدل على العلم، والقدير يدل على القدرة، والسميع يدل على السمع، والبصير يدل على البصر، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا سائر الأسماء.


صفات الله -سبحانه وتعالى- جاءت على ثلاثة أنواع
1- ما جاء على لفظ الاسم مسمى به فهذا يسمى به، ويشتق له منه صفة، ويوصف بما دل عليه من المعنى، مثل السميع والعليم والقدير والبصير، فيوصف الله بالعلم والقدرة والسمع والبصر. 2- ما جاء على لفظ الفعل فقط فهذا يوصف الله به على لفظ الفعل الذي ورد، مثل


وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ؛ فيقال: يمكر الله بمن مكر به، والله خير الماكرين، ولا يقال: من أسماء الله الماكر، ومثل: وَأَكِيدُ كَيْدًا فيقال: يكيد الله بمن كاده، ولا يقال: من أسماء الله الكائد. 3- ما جاء على لفظ الفعل وجاء مضافا، فهذا يوصف الله به على لفظ الفعل ومضافا، مثل: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ فيقال: يخدع الله من خدعه وهو خادعه.
لما كان لفظ التشبيه يقال على ما يجب انتفاؤه وعلى ما يجب إثباته، لم يرد الكتاب والسنة به مطلقا لا في نفي ولا إثبات، ولكن جاءت النصوص في النفي بلفظ المثل والكفؤ والند والسمي، وجاء لفظ التشبيه في الإثبات مقيدا في كلام الصحابة وتابعيهم.
المخلوقات وإن كان فيها شبه من بعض الوجوه في مثل معنى الموجود والحي والعليم والقدير، فليست مماثلة لله بوجه من الوجوه ولا مكافأة له، بل هو -سبحانه- له المثل الأعلى قي كل ما يثبت له ولغيره، ولما ينفي عنه وعن غيره.
اسم الله كالرحمن، والعزيز، والقدوس، والملك يدل على الذات ويدل على الصفة، فدلالة الاسم عليها دلالة مطابقة، ودلالته على أحدهما دلالة تضمن، أما الصفة كالعلم والقدرة والرحمة فلم يذكر أهل العلم أنها تدل على الأمرين الذات والصفة.
من أثبت الحد لله من السلف في قولهم: استوى على العرش بحد فمرادهم الحد الذي يعلمه سبحانه، ومن نفى الحد في قولهم: استوى على العرش بلا حد، فمرادهم بلا حد يعلمه العباد.
لا منافاة بين إثبات الحد ونفيه في كلام السلف وكلام الإمام أحمد في نفي الحد، وإثباته محمول على حالين:
1- نفي الحد: ومعناه نفي أن العباد يحدو الله أو صفاته بحد، أو يقدرون ذلك بقدر، أو أن يبلغوا إلى أن يصفوا ذلك. 2- إثبات الحد: معناه أنه في نفسه له حد يعلمه هو لا يعلمه غيره، أو أنه هو يصف نفسه، وهكذا كان كلام سائر السلف يثبتون الحقائق وينفون علم العباد بكنهها.
القول بنفي الحد، وأن الرب لا حد له، بل هو ذاهب في الجهات كلها، هو قول الجهمية وهو القول بحلول الرب في المخلوقات؛ لأن معنى كونه لا حد له، وأنه ذاهب في الجهات كلها؛ معناه الاختلاط بالمخلوقات.
الحيز: قيل: هو أمر وجودي، وهو حدود الشيء وأطرافه، أو هو شيء خارج عنه، وقيل: هو أمر عدمي وهو تقدير المكان.
نزول الرب -سبحانه وتعالى- إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، هل يخلو منه العرش أو لا يخلو منه العرش؟ لأهل السنة ثلاثة أقوال:
1- وهو أضعفها، أنه يخلو منه العرش. 2- لا يخلو منه العرش، وهذا قال عنه شيخ الإسلام: إنه قول السلف، قال شيخنا: وهو قول لبعض السلف. 3- لا يقال يخلو منه العرش، ولا يقال لا يخلو منه العرش، قال شيخنا: وهذا القول هو الذي يتمشى مع قاعدة أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات وعدم التعرض للكيفية، والرب أخبر أنه ينزل كما يليق بجلاله وعظمته في أي مكان في الدنيا وجد الإنسان، فالرب ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر كما يليق بجلاله.
الشخص والذات والشيء: ورد في النصوص من الآيات والأحاديث إطلاقها على الله من باب الخبر، كقول رَسُولَ اللَّهِ --: لا شخص أغير من الله فيقال: إن الله شخص؛ أي له -سبحانه- ذات مستقلة، وقال -تعالى-: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ ؛ فأخبر الله عن نفسه بأنه شئ، وقال في حديث الشفاعة في قصة إبراهيم وكذباته الثلاثة: كلها في ذات الله وقال خبيب "وذلك في ذات الله..."؛ فأثبت لله ذاتا لكنها لا تشبه ذوات المخلوقين.
لا ريب أن لذات الرب خصوصية تتميز بها عن سائر الذوات؛ إذ الوجود المطلق الذي لا اختصاص فيه بشيء دون شيء، إنما وجود في الذهن لا في الخارج.
الرب -سبحانه- له حقيقة خاصة مباينة لغيرها في حقيقتها مخالفة لما سواها في ماهيتها.
إن قيل: الرب لا بد له من موجب ولا موجب للرب له سوى الذات نفسها، فهي الموجبة لما هي عليه بنفسها، ووجودها على ما هي عليه واجب بها لا غيرها؛ فهو صحيح، وإن قيل: لا موجب له بمعنى أنه لا موجب لتلك الحقيقة والخاصية فانفصل عنها؛ فهو أيضا صحيح، تلك الحقيقة الخاصة بالرب واجبة الوجود بنفسها لا يجوز أن يطلب لها سبب منفصل عنها، بل طلب ذلك إنكار لواجب الوجود بنفسه، وإنكار الوجود الواجب يستلزم إنكار الموجود كله؛ إذ الموجود إما أن يكون واجبا أو ممكنا، والممكن لا بد له من واجب.


ابوصهيب غير متواجد حالياً