عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2011, 10:10 AM   #7
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

ذوو الأرحام ليسوا سواء
لقد أمر الله بالعدل والإنصاف، ونهى وحذر من الظلم، وقد حرمه الله على نفسه وجعله بيننا محرماً، لهذا فليس من العدل والإنصاف التسوية في الصلة بين الأرحام، مسلمهم وكافرهم، برَّهم وفاجرهم، مستقيمهم وفاسقهم، سنيهم ومبتدعهم، لهذا فلابد للمسلم أن يراعي هذه الفروق في صلته ومعاملته لذوي الأرحام الخاصين والعامين، فعليه أن يصل من أمر الله بوصلهم، وأن يقطع - ولا يتحرَّج في ذلك – من أمر الله بقطعهم: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم والآخر يوادُّون من حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أوأبناءهم أوإخوانهم أوعشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون".[42]
بل الكفار والمبتدعة والفجار ليسوا سواء، فالكفار منهم المحارب المقاتل للمسلمين، ومنهم المسالم، والمبتدعة والفجار منهم المجاهر ببدعته وفسقه الداعي لذلك، ومنهم المستتر ببدعته وفجوره، ولكل من هؤلاء حكم، ولهذا فرَّق الله سبحانه وتعالى بين الكافرين، حيث جعل النار دركات كما أن الجنة درجات، فأبو لهب في الدركات السفلى من النار وذلك لشدة بغضه وعداوته وفجوره في الخصومة لابن أخيه، وأبو طالب في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه، وذلك لحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفاعه عنه حميَّة.
فذو الأرحام في الصلة درجات كذلك:
الأولى: أهل الاستقامة والدين والتقوى
وهؤلاء يوصلون بالأسباب السابقة الذكر، سواء كانت رحمهم عامة أم خاصة.
الثانية: أهل البدع والفسق والفجور
وهؤلاء نوعان:
أ. مجاهر ببدعته، وفسقه، وفجوره، داعٍ لذلك.
فهؤلاء يهجرون هجراً تاماً، وهجر هؤلاء من أجلِّ القرب عند الله عز وجل، ولا ينبغي أن يجامل في ذلك. وإن كان في مداراتهم واتقائهم درء مفسدة أوجلب منفعة استحب مداراتهم واتقاؤهم حسب الحاجة إلى ذلك، وقد جعل الله لكل شيء قدراً، وقد قال الله عز وجل: "إلا أن تتقوا منهم تقاة"[43]، وقد هشَّ وبشَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في وجه عيينة بن حصن، وقد قال عندما استأذن عليه: "بئس أخو العشيرة"، وعندما قيل له في ذلك، قال: "إنا نهشُّ في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم"، أوكما قال.
ب. متسترين ببدعهم وفسقهم.
هؤلاء يعاملون معاملة المسلم مستور الحال، إلا لمن علم حقيقتهم، وحتى في هذه الحال إن كان في معاملتهم والإحسان إليهم درء مفسدة أوجلب منفعة لهم أولغيرهم عوملوا ووصلوا، سيما من أقربائهم.
الثالثة: الكفار والمنافقون
وهؤلاء نوعان كذلك:
أ. محاربون، وهؤلاء يقاطعون ولا يوصلون إلا من باب المداراة واتقاءً لشرهم.
ب. غير محاربين، وهؤلاء يوصلون بالإحسان وبحسن المعاملة ونحو ذلك.
بم يوصل ذوو الأرحام من الكفار والفجَّار غير المحاربين؟
إجمالاً، فإن هؤلاء يوصلون بالطرق التالية:
1. بذل الجهد في وعظهم ومناصحتهم، ودعوتهم إلى الإسلام وإلى الاستقامة بشتى الطرق، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية عمه أبي طالب حتى ساعة الاحتضار، ولم ييأس منه إلىأن نزل قوله تعالى: "إنك لا تهدي من أحببتَ ولكن الله يهدي من يشاء".
2. الدعاء لهم بالهداية بظهر الغيب، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو لقومه: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون"، "اللهم اهدِ دوساً وائتِ بهم".
3. برُّهم وصلتهم ووصلهم إن لم يكونوا محاربين معاندين.
وإليك الأدلة:
1. "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون".[44]
2. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأى عمر حُلَّة سِيَراء[45] تُباع، فقال: يا رسول الله ابتع هذه والبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفود؛ قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر بحلة، فقال: كيف ألبسها وقد قلتَ ما قلتَ؟ قال: إني لم أعطكها لتبلبسها، ولكن لتبيعها أوتكسـوهـا؛ فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسـلـم".[46]
3. وعن أسماء قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم – مع أبيها[47]، فاستفتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة؛ قالت: نعم، صلي أمك".[48]
ليس الواصل بالمكافئ
الناس في صلة الرحم وقطيعتها أصناف ودرجات:
الأول: الواصل للمسيء إليه
وهي حال المصطفَيْن الأخيار من الرسل وأتباعهم، كحال رسولنا مع قومه، ومقابلة إساءتهم له بالإحسان إليهم، فقد دعا الله أن ينزل عليهم الغيث وقد أخرجوه من بلده ومسقط رأسه، وكان دائماً يسأل لهم الهداية، وعندما دخل مكة فاتحاً منتصراً وقال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخي كريم؛ فقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء" وقال: "من دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن"، أوكما قال صلى الله عليه وسلم.
وكذلك فعل أبوبكر الصديق رضي الله عنه مع مِسْطح ابن خالته الذي كان ينفق عليه، بعد أن سعى في إشاعة الفاحشة على الصديقة بنت الصديق عائشة، فأقسم أبوبكر أن لا ينفق عليه، ولكن ما إن نزل قوله تعالى: "ولا يأتلِ أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم"[49]، حتى عاد أبوبكر إلى الإنفاق والإحسان إلى مسطح، وقال: نحبّ؛ أوكما قال.
الثاني: الواصل
وهو الذي يصل من قطعه، وهذه درجة رفيعة كذلك، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".[50]
ولا يقدر على ذلك إلا الصابرين المحتسبين الأجر عند الله عز وجل.
الثالث: المكافئ
وهو الذي يصل من وصله ويقطع من قطعه، أي يعامل الناس بمثل ما يعاملونه به، والمكافأة فيها نوع من الصلة، ودرجة من الوصل.
الرابع: المقاطع
الذي يقطع من وصله، وهو الذي يُتفضَّل عليه، ولا يَتفضَّل.
الخامس: المسيء
وهو أسوأ الأصناف، وهو الذي يسيء إلى من أحسن إليه، ولم يكتف بقطعه بل تعدى ذلك لإيذائه، ولهذا شاع بين الناس: "اتق شرَّ من أحسنتَ إليه" وهو من الأحاديث الموضوعة الشائعة على الألسن.
تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
مما يدل على مكانة صلة الأرحام في الإسلام وعلو منزلتها أن الشارع الحكيم أمر بتعلم الأنساب ومعرفة القرابات التي تعين على صلة الأرحام والإحسان إليهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم".[51]
فيجب على الآباء والأجداد تبصير الأبناء والأحفاد بحقوق القرابات، وبصلتهم بها، فإن كثيراً من شباب اليوم لا يعرف شيئاً عن كثير من أرحامهم، ويرجع ذلك إلى تقصير الكبار في هذا الشأن، فقد جاء في الأثر: "لا يزال الناس بخير ما تعلم الصغير قبل موت الكبير"، فإذا مات الكبار ذهبوا بما عندهم من علوم وتجارب ومعارف قد لا توجد عند غيرهم من الناس.
فعلم النسب من أهم العلوم ما لم يدع إلى التفاخر والعصبية، وكان أبوبكر الصديق وابنته عائشة من أعلم المسلمين بالأنساب، ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت بملازمة أبي بكر ليمده بمخازي القوم المشركين ليتمكن من الرد عليهم والذبِّ عن الإسلام ورسول الإسلام.
أهمية عقيدة الولاء والبراء في صلة الأرحام وقطيعتها
من المجالات المهمة التي تتجلى فيها عقيدة الولاء والبراء عند المسلم أصدق تجلٍ، وتتضح فيها في أجمل صورها، صلة من يستحقون الصلة من الأقارب والمسلمين، وقطع من يستحقون القطع من غير خوف ولا وجل ولا حرج، لأنه ينبغي للمسلم أن يكون حبه وبغضه في الله، ووصله وقطعه لله، وحركاته وسكناته في ابتغاء مرضات الله.
لقد جسد هذه العقيدة الأنبياءُ والرسلُ وأتباعُهم في أقربائهم وذويهم أصدق تجسيد، وحققوا هذه العقيدة أفضل تحقيق، وإليك بعض النماذج، حيث لم تأخذهم في ذلك لومة لائم.
نماذج للتبري والتخلي عن القرابات الكافرة والفاجرة
1. نوح عليه السلام، حيث قال الله على لسانه: "ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً"[52]، وفي هؤلاء الكافرين الذين دعا عليهم ابنه وزوجه وكثير من أقاربه.
2. إبراهيم عليه السلام وقومه: "إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة البغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده".[53]
3. آسيا امرأة فرعون عليها السلام، حيث تبرَّأت من زوجها الكافر: "وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجِّني من فرعون وعمله ونجِّني من القوم الظالمين".[54]
4. وقال صلى الله عليه وسلم: "إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إن وليِّي الله ورسوله وصالح المؤمنين" الحديث.
5. وقال صلى الله عليه وسلم عندما جاء أسامة بن زيد يشفع في المخزومية التي كانت تسرق المتاع وتجحده: "والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعتُ يدها".
6. الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه بعد إسلامه ورجوعه إلى أهله، جاءته زوجه وأبوه، فقال مخاطباً لكل منهما: إليكَ عني، فلستُ منك ولستَ مني؛ فقالا: لِمَ؟ فقال: لقد فرَّق الإسلامُ بيني وبينك؛ حتى قال له كلٌّ منهما: ديني دينك؛ فأمرهما بالاغتسال ثم تشهدا، فسلم عليهما.
أورد القرطبي في تفسير قوله تعالى: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حادََّ الله ورسوله" عدداً من النماذج الفريدة في هذا الباب[55]، وهي:
7. قال السدي: نزلت في عبد الله بن عبد الله بن سلول رضي الله عنه، جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ماءً، فقال له: يا رسول الله، ما أبقيتَ من شرابك فضلة أسقيها أبي، لعل الله يطهر بها قلبه؟ فأفضل له، فأتاه بها، فقال له عبد الله: ما هذا؟ فقال: هي فضلة من شراب النبي صلى الله عليه وسلم، جئتُك بها تشربُ بها لعل الله يطهر قلبك بها؛ فقال له أبوه – لعنه الله -: فهلا جئتني ببول أمك، فإنه أطهر منها؛ فغضب وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، ما أذنتَ لي في قتل أبي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل ترفق به وتحسنُ إليه".
8. وهذا موقف آخر لعبد الله بن عبد الله بن أبيّ بن سلول مع أبيه، رأس الكفر والنفاق، عندما قال وهم راجعون من غزوة: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ"، ويعني الأذل الرسول صلى الله عليه وسلم، فوقف له ابنه الصالح هذا عند مدخل المدينة، وقال: والله لا تدخلها حتى يأذن لك الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فأذن له الرسول، وقيل إنه استأذن الرسول في قتله كذلك فلم يأذن له.
9. وقال ابن جريج: حُدثتُ أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم، فصكه أبوبكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: أوفعلته؟ لا تعد إليه؛ فقال: والذي بعثك بالحق نبياً، لو كان السيف مني قريباً لقتلته؛ وقيل كان هذا سبب نزول هذه الآية.
10. وقال ابن مسعود: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد، وقيل يوم بدر، وكان الجراح يتصدى لأبي عبيدة، وأبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله حينئذ: "لا تجد قوماً.."، قال الواقدي: كذلك يقول أهل الشام، وقد سألت رجلاً من بني الحرث بن فهر فقالوا: توفي أبوه قبل الإسلام.
11. لقد دعا أبو بكر ابنه عبد الله إلى البراز يوم بدر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "متعنا بنفسك يا أبا بكر، أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر".
ويروي أنه بعدما أسلم عبد الله قال لأبي بكر: كنت أحيدُ عنك – يعني يوم بدر؛ فقال له أبوبكر: لو رأيتُك لقتلتك.
12. وقتل مصعب بن عمير أخاه عبيد الله بن عمير يوم بدر.
13. وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر.
14. ما قاله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لأمه وكان باراً بها عندما أسلم وخرجت في الشمس وامتنعت عن الأكل والشرب، فراجعها فلم ترجع، ثم قال لها: والله يا أماه، لو كانت لك مائة نفس فخرجت الواحدة تلو الأخرى ما تركت دين محمد صلى الله عليه وسلم.
15. هجر عبد الله بن المغفل رضي الله عنه لأحد أقاربه لأنه نهاه عن الخسف بالحجارة فلم ينته.
16. هجر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لابن بلال عندما قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله؛ فقال بلال: أنا أمنع – من باب الغيرة -، فسبه عبد الله سباً لم يسبه أحداً من قبل وهجره حتى الممات.
17. أم حبيبة رضي الله عنها عندما جاءها أبوها أبو سفيان وكان مشركاً، وأراد الجلوس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطوته عنه ومنعته من الجلوس عليه لشركه.
ليحذر الواصل المخالفات الشرعية
تمسك البعض بالعادات والتقاليد والأعراف المخالفة للشرع، وإصرارهم وحرصهم عليها، يوقع الملتزمين في حرج اجتماعي لا يقوى عليه كثير منهم.
من تلك الأعراف والتقاليد التي تمحق أجر وثواب صلة الرحم لمن يقترفها ما يأتي:
1. مصافحة المرأة الأجنبية، وهي كل من يجوز لك زواجها من غير المحارم، نحو بنت العم والعمة والخال والخالة، وأخت الزوجة، وما أشبه ذلك.
2. دخول الرجال على النساء الأجنبيات والانبساط معهن.
3. اختلاط النساء بالرجال.
4. الخلوة بالأجنبية.
5. شهود حفلات الزواج وغيرها.
6. المجاملة بالجلوس للعزاء.
7. التكلف بما لا يستطاع في مناسبات الأفراح والأتراح.
وغيرها كثير.
وعليك أخي الكريم أن تعلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فإذا كانت صلتك لرحمك توقعك في أحد هذه المحاذير الشرعية فلا تجب عليك الصلة والحال هكذا.
والتخلص من هذه العادات الرذيلة والمخالفات الجاهلية القبيحة تحتاج إلى تضافر وتعاون من الجميع، وذلك لسيطرة هذه العادات والتقاليد على بعض المجتمعات، والتعاون على ذلك مرغوب فيه لأنه تعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على ذلك بالضرورة تعاون على الإثم والعدوان.
لا ينبغي لأحد أن يجامل في دينه، ولا أن يبيع آخرته بهذا الثمن البخس، وليعلم أن من أرضى الناس بسخط الله عز وجل أسخط اللهُ عليه الناسَ، ومن أسخطهم برضا الله أرضى الله عليه كلَّ الناس.
صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك
وأخيراً أخي الحبيب عليك بفواضل الأعمال، ودع عنك قبيحها وسيئها، واعمل بوصية ربك ورسولك، وتخلق بخلق الأنبياء الأخيار، واحذر سلوك الحمقى الأغمار.
عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: لقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال؛ فقال: "يا عقبة، صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".[56]
واحرص أخي المسلم أن تكون سيرتك مع أهلك وأقاربك المحسنين منهم والمسيئين كسيرة المقنع الكندي[57] مع أهله وعشيرته، لتسعد في آخرتك، وتُحمد وتُشكر في دنياك، حيث قال مبيناً منهجه ومعاملته لهم:
يعـاتبني في الديـن قومي وإنمـا ديوني في أشيـاء تكسبهـم حَمْداً
أسُـدُّ به ما قد أخلـوا وضيعـوا حقـوق ثغـور ما أطاقوا لها سداً
و لي جفنة لا يغلق البـاب دونهـا مكللــة لحمــاً مدفقـة ثـرداً
ولي فرس نهـد عتيــق جعلته حجـاباً لبيتي ثم أخـدمته عبــداً
وإن الـذي بيني وبيـن بني أبي وبيـن بني عمي لمختلـف جـداً
إذا أكلوا لحمي وفـرتُ لحومهـم وإن هدمـوا مجدي بنيتُ لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم وإن هُمْ هَووا غيِّي هويتُ لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هُمُ دَعَـوْني إلى نصـر أتيتُهم شـداً
وإن زجروا طيراً بنحس يمـر بي زجـرت لهم طيـراً يمر بهم سَعْداً
ولا أحمل الحقـد القديـم عليهـم وليس رئيسُ القوم من يحملُ الحقدا
لهم جـلُّ مالي إنْ تتـابع لي غنى وإن قـلَّ مـالي لم أكلفهم رفــداً
وإني لعبـد الضيف مـا دام نازلاً وما شيمة لي غيرهـا تشبه العبـدا
وأخيراً اعلم أيها الأخ الكريم أن العبرة بسلامة الصدر، وتقارب القلوب، ونقاء الطوية والسريرة، ولله در ابن عباس حين قال: "قد تقطع الرحم، وقد تكفر النعمة، ولا شيء كتقارب القلوب"؛ وفي رواية عنه: "تكفر النعمة، والرحم تقطع، والله يؤلف بين القلوب لم يُزحزحها شيء أبداً"؛ ثم تلا: "لو أنفقتَ ما في الأرض جميعاً ما ألفتَ بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم".[58]
اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفتن والإحن والآثام.
ونسألك اللهم قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، ونسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، ونسألك من خير ما نعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم، إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلى الله وسلم وبارك على محمد صاحب القلب السليم، والقدر العظيم، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

منقول من موقع الدين النصيحة.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً