الموضوع: الإمام الطبري
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2011, 12:10 PM   #3
ابوصهيب
مشرف قسم الاعجاز العلمى فى القرأن
 
الصورة الرمزية ابوصهيب
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 764
معدل تقييم المستوى: 14
ابوصهيب is on a distinguished road
افتراضي





ثناء العلماء عليه
قال أبو سعيد بن يونس: محمد بن جرير من أهل آمل كتب بمصر ورجع إلى بغداد وصنف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه.
وقال الخطيب البغدادي: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب كان أحد أئمة العلماء يُحكم بقوله ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره فكان حافظا لكتاب الله عارفا بالقراءات بصيرا بالمعاني فقيها في أحكام القرآن عالما بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها عارفا بأقوال الصحابة والتابعين عارفا بأيام الناس وأخبارهم. وكان من أفراد الدهر علما وذكاء وكثرة تصانيف قل أن ترى العيون مثله.


مواقف من حياته
قيل إن المكتفي أراد أن يحبس وقفا تجتمع عليه أقاويل العلماء فأحضر له ابن جرير فأملى عليهم كتابا لذلك فأخرجت له جائزة فامتنع من قبولها فقيل له لا بد من قضاء حاجة قال اسأل أمير المؤمنين أن يمنع السؤال يوم الجمعة ففعل ذلك وكذا التمس منه الوزير أن يعمل له كتابا في الفقه فألف له كتاب الخفيف فوجه إليه بألف دينار فردها.

******
وروي عن محمد بن أحمد الصحاف السجستاني سمعت أبا العباس البكري يقول جمعت الرحلة بين ابن جرير وابن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن هارون الروياني بمصر فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم وأضر بهم الجوع فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام فخرجت القرعة على ابن خزيمة فقال لأصحابه أمهلوني حتى أصلي صلاة الخيرة قال فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع ورجل من قبل والي مصر يدق الباب ففتحوا فقال أيكم محمد بن نصر فقيل هو ذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال وأيكم محمد ابن جرير فأعطاه خمسين دينارا وكذلك للروياني وابن خزيمة ثم قال إن الأمير كان قائلا بالأمس فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا كشحهم فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم إذا نفذت فابعثوا إلي أحدكم.

***
وقال أبو محمد الفرغاني في ذيل تاريخه على تاريخ الطبري قال حدثني أبو علي هارون بن عبد العزيز أن أبا جعفر لما دخل بغداد وكانت معه بضاعة يتقوت منها فسرقت فأفضى به الحال إلى بيع ثيابه وكمي قميصه فقال له بعض أصدقائه تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان قال نعم فمضى الرجل فأحكم له أمره وعاد فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه فقربه الوزير ورفع مجلسه وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر فاشترط عليه أوقات طلبه للعلم والصلوات والراحة وسأل استلافه رزق شهر ففعل وأدخل في حجرة التأديب وخرج إليه الصبي وهو أبو يحيى فلما كتبه أخذ الخادم اللوح ودخلوا مستبشرين فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير فرد الجميع وقال قد شرطت على شيء فلا آخذ سواه فدرى الوزير ذلك فأدخله إليه وسأله فقال هؤلاء عبيد وهم لا يملكون فعظم ذلك في نفسه.

***
وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء فيقبله ويكافئه أضعافا لعظم مروءته. وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها وقناعته رحمه الله بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة، و كان ينشد لنفسه:
إذا أعسـرت لم يعلم رفيقي وأستغني فيستغنـي صديقـي


حيائـي حافظ لي ماء وجهي ورفقي في مطالبتـي رفيقي
ولو أني سمحت بماء وجهي لكنت إلى العلى سهل الطريق
وله خلقـان لا أرضى فعالهما بطـر الغنى ومذلـة الفقـر
فإذا غنيت فلا تكـن بطرا وإذا افتقرت فتـِهْ على الدهــر
***
قال أبو القاسم بن عقيل الوراق: إن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا قالوا كم قدره فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة فقالوا هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه فقال إنا لله ماتت الهمم فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة ولما أن أراد أن يملي التفسير قال لهم نحوا من ذلك ثم أملاه على نحو من قدر التاريخ.

***
وكان الطبري لا يقبل المناصب خوفا أن تشغله عن العلم من ناحية ولأن من عادة العلماء البعد عن السلطان من ناحية أخري، فقد روى المراغي قال لما تقلد الخاقاني الوزارة وجه إلى أبي جعفر الطبري بمال كثير فامتنع من قبوله فعرض عليه القضاء فامتنع فعرض عليه المظالم فأبى فعاتبه أصحابه وقالوا لك في هذا ثواب وتحيي سنة قد درست وطمعوا في قبوله المظالم فذهبوا إليه ليركب معهم لقبول ذلك فانتهرهم وقال قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه قال فانصرفنا خجلين.
وفاته
قال أبو محمد الفرغاني حدثني أبو بكر الدينوري قال لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي في آخره ابن جرير طلب ماءً ليجدد وضوءه فقيل له تؤخر الظهر تجمع بينها وبين العصر فأبى وصلى الظهر مفردة والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها، وحضر وقت موته جماعة منهم أبو بكر بن كامل فقيل له قبل خروج روحه يا أبا جعفر أنت الحجة فيما بيننا وبين الله فيما ندين به فهل من شيء توصينا به من أمر ديننا وبينة لنا نرجو بها السلامة في معادنا فقال الذي أدين الله به وأوصيكم هو ما ثبت في كتبي فاعملوا به وعليه وكلاما هذا معناه وأكثر من التشهد وذكر الله عز وجل ومسح يده على وجهه وغمض بصره بيده وبسطها وقد فارقت روحه الدنيا.
قال أحمد بن كامل توفي ابن جرير عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاث مئة ودفن في داره برحبة يعقوب يعني ببغداد قال ولم يغير شيبة وكان السواد فيه كثيرا وكان أسمر أقرب إلى الأدمة (السواد) أعين نحيف الجسم طويلا فصيحا وشيعه من لا يحصيهم إلا الله تعالى
رثاء الطبري
روي عن أبي الحسن هبة الله بن الحسن الأديب لابن دريد يرثي الطبري في قصيدة طويلة جاء فيها:

لن تستطيع لأمــر الله تعقيـبا***** فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبـا
وافزع إلى كنف التسليم وارض بما***** قضى المهيمن مكروهــا ومحبوبا
إن الـــرزية لا وفر تزعزعه*****أيدي الحوادث تشتيتـــا وتشذيبــا
ولا تفـرق ألاف يفـــوت بهم*****بين يغادر حبـل الوصــل مقضـوبا
لكن فقدان من أضحى بمصرعه***** نور الهدى وبهــاء العلم مسلوبــا
إن المنية لم تتلف به رجـــلا*****بل أتلفت علمـا للديــن منصوبــا
أهدى الردى للثــرى إذ نال مهجته*****نجما على من يعادي الحق مصبوبا
كان الزمان به تصفـو مشاربه*****فالآن أصبح بالتكدــير مقطوبــــا
كــلا وأيامه الغر التي جــعلت*****للعـــلم نورا وللتقوى محاريبــا
لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا*****ما استوقف الحج بالأنصاب أركــوبا
إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة*****أعــاد منهجها المطموس ملحوبا
لا يولج اللغـو والعــوراء مسمــعه*****ولا يقارف ما يغشيه تأنيبــا
تجــلو مواعظـه رين القلوب كما*****يجلو ضياء سنا الصبح الغياهـيبا
لا يـأمن العجز والتقصـير مادحه*****ولا يخاف على الإطناب تكــذيـبا
ودت بقــاع بلاد الله لو جعلت*****قــبرا له لحباها جســمه طــيبا
كانت حياـــتك للدنيا وساكنها***** نورا فأصبح عنها النور محجوبــا
لو تعلم الأرض من وارت لقد***** خشعت أقطارها لك إجــلالا وترحيبا
إن يندبوك فقد ثلت عروشــهم*****وأصبح العلم مرثيــا ومندوبــا
ومن أعاجيب ما جاء الزمان به*****وقد يبــ،ين لنا الدهــر الأعاجيبا
أن قد طوتك غموض الأرض في لحف*****وكنت تملأ منها السهل واللوبا
وقال أبو سعيد بن الأعرابي:

حدث مفظع وخطب جليل*****دق عن مثله اصطبار الصبور
قام ناعي العلوم أجمع لما*****قــام ناعي محمد بن جرير




ابوصهيب غير متواجد حالياً