عرض مشاركة واحدة
قديم 01-16-2011, 02:24 PM   #1
ابوصهيب
مشرف قسم الاعجاز العلمى فى القرأن
 
الصورة الرمزية ابوصهيب
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 764
معدل تقييم المستوى: 14
ابوصهيب is on a distinguished road
فوائد في العقيدة 1


فوائد في العقيدة

فوائد في العقيدة 1

إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته الحديث في الصحيحين.
نهى عن ضرب الوجه لأن الله خلق آدم على صورته، فلو كان المراد مجرد خلقه عالما قادرا ونحو ذلك لم يكن للوجه بذلك اختصاص، بل لا بد أن يريد الصورة التي يدخل فيها الوجه.
في رواية أبي القاسم الجيلي عن حنبل عن أحمد -رحمه الله- والذي جاء به الشرع في هذا النص من قوله: خلق آدم على صورته ونحوه، فإنه أخص مما يعلم بمجرد العقل من ثبوت القدر المشترك بينه وبين كل موجود وكل حيّ، فإن هذا المدلول عليه بالنص لا يعلم بالعقل والقياس، وإنما يعلم أصل ذلك مجملا.
ومعلوم أن الذي جاءت به السنة من ثبوت هذا الشبه من بعض الوجوه، والله هو الذي خلق آدم على صورته، هو خير مما ذكره المؤسس واستشهد عليه بما ذكره، وهو قوله: "تخلقوا بأخلاق الله".
كون الإنسان على صورة الله -إذا أقر الحديث كما جاء- فيه نوع من المشابهة -أكثر من المشابهة- في تأويل الحديث على أن الصورة بمعنى الصفة أو الصورة المعنوية أو الروحانية ونحو ذلك، فمسمى التشبيه لازم على التقديرين، والتشبيه المنفي بالنص والإجماع والأدلة العقلية الصحيحة منتف على التقديرين.
قوله: خلق الله آدم على صورته يقتضي المشابهة بين صفة العبد وصفة الرب مع تباين الحقيقتين.
الأدلة الشرعية والعقلية التي تثبت بها الصفات لله يثبت بنظيرها هذه الصورة، فإن وجود ذات ليس لها صفات ممتنع، وثبوت الصفات الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وثبوت المشابهة من بعض الوجوه في الأمور الكمالية معلوم بالشرع والعقل، كما أنه لا بد من كل موجود من صفات تقوم به، فلا بد من كل موجود قائم بنفسه من صورة يكون عليها.
الإضافة تتنوع دلالتها بحسب المضاف إليه، فلما قال في آخر الحديث: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا ؛ هذا يقتضي المشابهة في الجنس والقدر؛ لأن صورة المضاف من جنس صورة المضاف إليه، وحقيقتهما واحدة، وأما قوله: خلق الله آدم على صورته ؛ فهذا يقتضي نوعا من المشابهة فقط، ولا يقتضي تماثلا لا في حقيقة ولا قدر.
من المعلوم أن الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوت العظيم بين جنس ذواتهما وقدر ذواتهما، وقد تظهر صورة السماوات والقمر في الماء أو في مرآة في غاية الصغر، ويقال هذه صورتها، مع العلم بأن حقيقة السماوات والأرض أعظم من ذلك بما لا نسبة لأحدهما للأخر، وكذلك المصور الذي يصور السماوات والأرض والكواكب والشمس والقمر والجبال والبحار مع أن الذي يصوره، وإن شابه ذلك فإنه أبعد شيء عن حقيقته وقدره.
الصورة قائمة بالشيء المصور، فصورة الله كوجه الله، ويد الله، وقدرة الله، ومشيئة الله وكلام الله قائمة به، ويمتنع أن تقوم بغيره.
لو كانت الإضافة في قوله: خلق الله آدم على صورته إضافة خلق لكان سائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله خلق ذلك.
لا يقال: إن الله لا يشبه المخلوق بوجه من الوجوه، وقد أبى ذلك الإمام أحمد وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس؛ لأن معنى هذا القول نفي الصفة.
قلت: توجيهه أنه لا بد من المشاركة في أصل إثبات الصفة، فالخالق له صفات، والمخلوق له صفات، فالخالق له علم وسمع وبصر، والمخلوق كذلك، وإن كان الخالق له صفات تخصه فكذلك المخلوق له صفات تخصه، لكن هذا نوع من أنواع المشابهة لا يمكن نفيه.
الذي جاء به الشرع في هذا النص: خلق الله آدم على صورته ونحوه أخص مما يعلم بمجرد العقل من ثبوت القدر المشترك بينه وبين كل موجود أو كل حي، فإن هذا المدلول عليه بالنص لا يعلم بالعقل والقياس وإنما يعلم أصل ذلك مجملا.
ومعلوم أن هذا الذي جاءت به السنة من ثبوت هذه الشبه من بعض الوجود في قوله: خلق الله آدم على صورته هو خير مما ذكره المؤسس واستشهد عليه بما ذكره من قوله: " تخلقوا بأخلاق الله "



نفي رؤية الشيء يستلزم نفي وجوده؛ إذ المعدوم هو الذي لا يجوز رؤيته، وكل موجود يقدر الله أن يريناه، فمن قال: إن الله لا تجوز رؤيته فقد نفى وجوده.
من قال: إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر؛ لأنه كذب بالقرآن والسنة المتواترة، يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا، أفتى بذلك الإمام أحمد كما ذكره شيخ الإسلام وهو قول جمهور علماء أهل السنة.
جمهور العلماء من أهل السنة على أن الكفار لا يرون الله يوم القيامة في عرصاتها، وإنما يراه المؤمنون خاصة، واستدلوا بقوله -تعالى-: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ فالآية عامة، وذهب بعض العلماء إلى أن الكفار يرون الله في عرصات القيامة ثم يحتجب عنهم، واستدلوا بأحاديث في الصحيحين وغيرهما، وأجابوا عن الآية بأن الحجب بعد المحاسبة، والصواب ما ذهب إليه الجمهور، وقيل: يراه المنافقون خاصة من بين الكفار لظاهر الأحاديث.
جمهور العلماء من أهل السنة على أن النبي -- لم ير ربه بعين رأسه ليلة المعراج، وإنما رآه بقلبه؛ واستدلوا بحديث أبي ذر عند مسلم رأيت نورا، نور أنى أراه وحديث أبي موسى عند مسلم حجابه النور وحديث عائشة من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب وذهب بعض العلماء إلى أن النبي -- رأى ربه بعين رأسه ليلة المعراج وإلى هذا ذهب ابن خزيمة في كتاب التوحيد، وأبو إسماعيل الهروي في كتاب الأربعين له، والنووي في شرح صحيح مسلم وأبو الحسن الأشعري في كتاب المقالات والإبانة، والقرطبي والقاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات.
واستدلوا بما ثبت عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أنه قال: إن النبي -- رأى ربه ليلة المعراج وبما ثبت عن الإمام أحمد أنه سئل هل رأى النبي -- ربه ليلة المعراج؟ فقال: نعم رآه. والصواب ما عليه الجمهور من أن النبي -- لم ير ربه بعين رأسه وإنما رآه بقلبه، وجمع شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بين حديث عائشة وحديث ابن عباس ؛ بأن حديث عائشة في نفي الرؤية محمول على رؤية العين، وحديث ابن عباس في إثبات الرؤية محمول على رؤية القلب، وكذا ما روي عن الإمام أحمد يجمع بينهما بذلك، وبذلك تجتمع الأدلة، وهذا هو الحق.
رؤية الرب في المنام حق، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ونقض التأسيس وغيرها، لكن على وجه لا يكون فيه تشبيه؛ كأن يرى نورا أو يسمع كلاما؛ كأن يقول: أنا ربك، أنا الله، أو يرى ربه في المنام على صورة حسنة أو غير ذلك على حسب عمله، فإن كان عمله صالحا حسنا رأى ربه في صورة حسنة، وإن كان عمله غير ذلك رأى ربه كذلك، ولا يلزم من هذه الرؤية أن يكون الرب مثل ما رآه؛ لأن هذه الرؤية من ضرب الملك الأمثال، أما رؤية الأنبياء فهي حق وهى وحي، قال الله -تعالى- عن الخليل إبراهيم -عليه السلام-: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ الآية، ثم قال بعد ذلك: وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا .
قال شيخ الإسلام في النقض: "فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا، ولا يجوز أن يعتقد في نفسه أن الله مثل ما رأى في المنام، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآها فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه؛ فإن كان إيمانه واعتقاده حقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كان بالعكس..."، إلى قوله: وهذه مسألة معروفة وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين، والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام، وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله، فهذا مما يقوله المتجهمة وهو باطل، مخالف لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم .
وليس في رؤية الله في المنام نقص ولا عيب يتعلق به -سبحانه وتعالى- وإنما ذلك بحسب حال الرائي وصحة إيمانه وفساده، واستقامة حاله وانحرافه، وقول من يقول: ما خطر في البال أو دار في الخيال فالله بخلافه ونحو ذلك، إذا حمل على مثل هذا كان محملا صحيحا، فلا نعتقد أن ما تخيله الإنسان في منامه أو يقظته من الصور أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسه مثل ذلك، بل نفس الجن والملائكة لا يتصورها الإنسان ويتخيلها على حقيقتها، بل هي على خلاف ما يتخيله ويتصوره في منامه ويقظته، وإن كان ما رآه مناسبا مشابها لها، فالله -تعالى- أجل وأعظم.
حديث ابن عباس رأيت ربي في صورة حسنة، فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى ؛ هذه رؤيا منام وهى رؤيا حق، كما قال شيخ الإسلام والحديث له طريقان مختلفان ليس فيهما متهم بالكذب، فيكون حسنا لغيره على قاعدة الترمذي وأقل أحواله أن يكون بهذه المنزلة، وإلا فالحديث مما يوجب العلم بثبوته أي اليقين، وأما حديث: رأيت ربي في صورة شاب موقر، جعد قطط، عليه نعلان، رجلاه في خضرة فهو حديث ثابت، وهذه رؤيا منام وهى حق.
قال شيخ الإسلام قال -رحمه الله-: قلت: وهذا المعنى الذي ذكره الأشعري من أن الموجود يقدر الله على أن يريناه، وأن المعدوم هو الذي لا يجوز رؤيته، فنفي الرؤية يستلزم نفي الموجود؛ هو مأخوذ من كلام السلف والأئمة كما ذكر حنبل عن الإمام أحمد ورواه الخلال عنه في كتاب السنة: قال القوم يرجعون إلى التعطيل في كونهم ينكرون الرؤية؛ وذلك أن الله على كل شيء قدير، وهذا الفظ عام لا تخصيص فيه، فأما الممتنع لذاته فليس بشيء باتفاق العقلاء، وذلك أنه متناقض لا يعقل وجوده، فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يكون داخلا في العموم، مثل أن يقول القائل: هل يقدر أن يعدم نفسه، أو يخلق مثله، فإن القدرة تستلزم وجود القادر، وعدمه ينافي وجوده، فكأنه قيل هل يكون موجودا معدوما، وهذا متناقض في نفسه لا حقيقة له، وليس بشيء أصلا، وكذلك وجود مثله يستلزم أن يكون الشيء موجودا معدوما؛ فإن مثل الشيء ما يسد مسده ويقوم مقامه، فيجب أن يكون الشيء موجودا معدوما، قبل وجوده مفتقرا مربوبا، فإذا قدر أنه مثل الخالق -تعالى- لزم أن يكون واجبا قديما لم يزل موجودا غنيا ربا، ويكون الخالق فقيرا ممكنا معدوما مفتقرا مربوبا، فيكون الشيء الواحد قديما محدثا، فقيرا مستغنيا، واجبا ممكنا، موجودا معدوما، ربا مربوبا، وهذا متناقض لا حقيقة له وليس شيئا أصلا، فلا يدخل في العموم، وأمثال ذلك. اهـ-
الله -تعالى- لا يدركه أحد من خلقه قال -تعالى-: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ لكنه سبحانه يدرك نفسه.
ابوصهيب غير متواجد حالياً