عرض مشاركة واحدة
قديم 05-13-2019, 03:45 PM   #4
ابو انس السلفى صعيدى
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 689
معدل تقييم المستوى: 12
ابو انس السلفى صعيدى is on a distinguished road
افتراضي رد: رمضان شهر الصبر

يتطاول النهار.. وتمتد الساعات، في نهار رمضان، فيقبل عليها المؤمن بسكينة الذكر فيتركها شذر مذر.. نعم لئن شكرتم لأزيدنّكم .. صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: { مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، كمثل الحي والميت } فكيف بمن يذكر ربه وهو صائم قائم.. نعم والله إن المفردون لفي فوز عظيم.
إن مما ينبغي على المسلم فعله.. هو ذكر الله، ذكراً مشروعاً.. كما أمر ربنا جلّ وعز.. نعم.. ذكر مع كل نفس.. ذكر مع كل همسة ولحظة.. ذكر مع كل حركة وسكنة.. ذكر حسن.. خالص لوجه الله جلّ وعزّ.. ألا بذكر الله تطمئن القلوب . أما البذل في رمضان.. وما أدراك ما البذل.. وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله .. إن الصيام.. يدعو الصائم الى إعطاء الجائع. وسد فاقة المحتاج.. نعم.. يوجد من لا يؤويه بيت.. يوجد من لا يجد ما يفطر أو يتسحر به.. نعم.. يوجد من لا يجد كسرة الخبز ولا حفنة التمر.. فمن لهم بعد الله غيرك أيها المسلم..؟!. صح عنه أنه قال: { من فطر صائما كان له مثل أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئا } فهل تريد أن تصوم رمضان مرات عديدة، في شهر واحد..
فأنفق ينفق الله عليك.. واعلم أن شق التمرة قد يحول بينك وبين النار ـ بإذن الله ـ نعم.. لقد كانت مساجد السلف تمتلئ بالطعام المقدم للفقراء وعابري السبيل.. فلا تجد جائعا ولا محتاجا.. لماذا؟!! لأنهم كانوا يريدون ما عند الله، فهل تريد ذلك؟!
فلا شيء في رمضان أحق بالإكثار من الصدقات، والذكر..، ولا شيء أحق بالإمساك..، والتقييد من اللسان، والصمت حكمة وقليل فاعله.
لسانك لا تذكر به عورة امرء*** فكلك عورات وللناس ألسن

نعم.. إن حصائد الألسن.. عظيمة.. وعواقب إطلاقها وخيمة.. والله يقول: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .
فيصوم البطن عن الحرام، من ربا ورشوة وقمار..، وغيرها.. في رمضان وفي غيره.. ويصوم اللسان عن الغيبة والنميمة، والكذب، والحلف بغير الله.. وغيرها.. في رمضان وفي غيره.. ويصوم السمع عن سماع الحرام في رمضان وفي غيره.. وتصوم العين عن النظر الى الحرام في رمضان وغيره.. ويصوم القلب عن التعلق بما سوى الله في الحياة كلها.. فإن الآراء، وتستدفع مكائد الأعداء؛ فإن من قلّ صبره عزب رأيه، واشتد جزعه، فصار صريع همومه، وفريسة غمومه. وكما أن الأفراد بأمسّ الحاجة الى الصبر فكذلك الأمة؛ فأمة الإسلام ـ كغيرها من الأمم ـ لا تخرج عن سنن الكونية؛ فهي عرضة للكوارث، والمحن.
وهي ـ في الوقت نفسه ـ مكلفة بمقتضى حكم الله الشرعي بحمل الرسالة الخالدة، ونشر الدعوة وتحمل جميع ما تلاقيه في سبيلها برحابة صدر، وقوة ثبات، ويقين بأن العاقبة للتقوى وللمتقين.
وهي مطالبة بالجهاد في سبيل الله؛ لإعلاء كلمة، ونشر دين الله، وإزاحة ما يقف في وجه الدعوة من عقبات؛ فلا بد لها من الجهاد الداخلي الذي لا يتحقق إلا بمجاهدة النفس والهوى.
وهذا الجهاد لا يتحقق إلا بخلق الصبر، ومغالبة النفس والشيطان والشهوات؛ فذلك هو الجهاد الداخلي الذي يؤهل للجهاد الخارجي؛ لأن الناس إذا تركوا وطباعهم وما أودع فيهم من حب للراحة، وإيثار للدعة، ولم يشد أزرهم بإرشاد إلهي تطمئن إليه نفوسهم، ويثقون بحسن نتائجه ـ عجزت كواهلهم عن حمل أعباء الحياة، وخارت قواهم أمام مغرياتها، وذاب احتمالهم إزاء ملذاتها وشهواتها، فيفقدون كل استعداد لتحصيل العزة، والسمو، والمنزلة اللائقة. فلهذا اختار الله لهم من شرائع دينه ما يصقل أرواحهم، ويزكي نفوسهم، ويمحص قلوبهم، ويربي ملكات الخير فيهم.
ومن أعظم الشرائع التي يتحقق بها ذلك المقصود شريعة الصيام في شهر رمضان.
فيا أيها المسلمون هذا رمضان يعلمنا الصبر، ويربينا على خلق الصبر، فليكن لنا منه أوفر الحظ والنصيب، وليكن زادا لنا فيما نستقبله من أعمارنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه اجمعين.
ابو انس السلفى صعيدى غير متواجد حالياً