عرض مشاركة واحدة
قديم 12-28-2010, 04:07 PM   #39
حسام99
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: فلسطين
المشاركات: 700
معدل تقييم المستوى: 14
حسام99 is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة السابعة والثلاثون : أخلاقه صلى الله عليه وسلم ( 7 )


تمثل خلق الأمانة في النبي صلى الله عليه و سلم

عرف النبي صلى الله عليه و سلم بالأمانة و الصدق حتى لقب بالصادق الأمين و كانوا إذا ذهب أو جاء يقولون جاء الأمين و ذهب الأمين و يدل على ذلك قصة الحجر الأسود عند بناء الكعبة المشرفة بعدما تنازعهم في استحقاق شرف رفعه ووضعه في محله حتى كادوا يقتتلون لولا اتفاقهم على تحكيم أول من يدخل المسجد الحرام فكان الداخل هو محمد صلى الله عليه و سلم فلما رأوه قالوا : "هذا الأمين رضينا هذا محمد" فلما أخبروه الخبر قال صلى الله عليه و سلم : "هلم إلي ثوباً" فأتى به فأخذ الركن فوضعه بيده الطاهرة ثم قال : " لنأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعاً ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده الشريفة ثم بني عليه قال ابن هشام : "وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن ينزل الوحي : الأمين"

كانت ثقة أهل قريش بالنبي صلى الله عليه و سلم كبيرة فكانوا ينقلون إلى بيته أموالهم و نفائسهم وديعة عنده و لم يزل ذلك دأبهم حتى بعد معاداته بسبب دعوته لهم إلى الإيمان بالله تعالى و ترك عبادة الأوثان كما دل على ذلك تركه صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مكة بعد هجرته صلى الله عليه و سلم ليرد ودائع الناس التي كانت عنده صلى الله عليه و سلم فأقام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه و أرضاه بمكة ثلاث ليال و أيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الودائع التي كانت عنده للناس حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه و سلم

شهد بأمانة الرسول صلى الله عليه و سلم أعدائه قبل أصدقائه و صحابته فها هو أبو سفيان زعيم مكة قبل إسلامه يقف أمام هرقل ملك الروم و يعجز عن نفي صفة الأمانة عن النبي صلى الله عليه و سلم رغم حرصه عندئذ أن يطعن فيه و لكن ما أن سأله هرقل عن ما يدعو إليه النبي صلى الله عليه و سلم فأجاب أبو سفيان : "يأمر بالصلاة و الصدق و العفاف و الوفاء بالعهد و أداء الأمانة"
أما أصدقائه و صحابته فلم يختلف أحد على أمانته صلى الله عليه و سلم و من أمثلة ذلك ما قالته عنه خديجة رضي الله عنها عند بداية نزول الوحي عليه صلى الله عليه و سلم : "...فوالله إنك لتؤدي الأمانة و تصل الرحم و تصدق الحديث.." و ما قاله جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة رضي الله تعالى عنه حين سأله عن الدين الذي اعتنقوه فأجاب : "حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفته.."

و لا غرو أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مثالاً للأمانة و كيف لا و قد ائتمنه الله تعالى على رسالته الخاتمة فكان خير من أدى هذه الأمانة إلى حد الكمال فقد قال تعالى : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" – سورة المائدة آية 3

من أقوال النبي صلى الله عليه و سلم في الأمانة

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه - قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر، حدثنا "أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة " ثم حدثنا عن رفع الأمانة، قال: "ينام الرجل النومة، فيقبض الأمانة من قلبه، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومة، فيظل أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك، فنفط فتراه منتبرا، وليس فيه شيء، ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله، فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، حتى يقال للرجل: ما أجلده! وما أظرفه! وما أعقله! وما في قلبه حبة من خردل من إيمان" و معنى (الوكت) : الأثر اليسير و (المجل) هو الانتفاخ، الذي يكون في الكف، من أثر العمل، إذا اشتغل الإنسان بشيء، يقبض عليه في يده، مثل الفأس

عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: "ما خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له" – أخرجه الإمام أحمد

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة

وقوله لأبي ذر" يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" (مسلم)

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خيانة الأمانة من صفات المنافقين فقال "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أؤتمن خان" متفق عليه

قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الساعة: "فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" رواه البخاري

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من اعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" و في رواية "ثم ينشر أحدهما سر صاحبه" أخرجه مسلم

وقال صلى الله عليه وسلم في الأمر بردها : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك" أخرجه أبو داود

تمثل خلق الإحسان إلى الأقارب في النبي صلى الله عليه و سلم
كان الإحسان إلى الأرحام من شيم النبي صلى الله عليه و سلم كما قالت له أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها عند بدء الوحي حيث قالت له: "إنك لتصل الرحم..." و من أمثلة إحسانه صلى الله عليه و سلم لرحمه ما يلي:
1- هدايتهم إلى دين الله تعالى مع ما بذله من جهد جهيد لتحقيق ذلك و ليس أدل على ذلك من محاولاته المضنية مع عمه أبو طالب

2- ما جاء من حديث أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال:"لما نزل قوله تعالى: " وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" (الشعراء-214) دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشاً فاجتمعوا فعم و خص و قال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا املك لكم شيئاً من الله غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها (أخرجه البخاري و مسلم) و البلال: هو الماء و المعنى سأصلها فقد شبه قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء و هذه تبرد بالصلة

3- و رغم خذلانهم و معاداتهم له إلا انه دعا الله تعالى أن يرفع عنهم القحط و الجدب عندما أصابهم القحط فقد قيل له: يا رسول الله استسق لمضر فإنها قد هلكت فاستسقى لهم صلى الله عليه وسلم فسقوا

4- و ليس أدل على إحسانه مما فعل يوم فتح مكة فلم ينتقم كما يفعل الملوك و إنما دخل صلى الله عليه و سلم يقول: "اليوم يوم الرحمة" و قد أخذ صلى الله عليه و سلم الراية من سعد بن عبادة أثناء دخول الجيش مكة لأنه قال:"اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة" فما كان من النبي الكريم إلا أن قال: " بل هذا يوم تعظم فيه الكعبة " و عندما دخل قال لأهل مكة الذين حاربوه و قتلوا من أصحابه: "اذهبوا فانتم التلقاء"

إحسانه صلى الله عليه و سلم لمن آمن به من أقربائه


من أمثلة إحسانه صلى الله عليه وسلم لأقربائه:


1- بره بعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه في مواقف كثيرة: ففي بدر قال لأصحابه رضي الله تعالى عنهم: "من لقي منكم العباس فليكف عنه فإنه مكره" فأسره رجل من الأنصار و في الليل سهر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أصحابه: ما يسهرك يا نبي الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: انين العباس فقام رجل من القوم فأرخى من وثاقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أسمع أنين العباس؟ فقال رجل من القوم: إني أرخيت من وثاقه شيئاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسرى كلهم

و بعد إسلام العباس رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه و يعظمه فقد حدث يوماً أن أوذي العباس رضي الله عنه في أبيه فصعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ثم قال: "و الذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله عز و جل و لرسوله صلى الله عليه وسلم" ثم قال: "يا أيها الناس من آذى العباس فقد أذاني إنما عم الرجل صنو أبيه" و معنى (إن عم الرجل صنو أبيه): ‏أي مثله يعني أصلهما واحد فتعظيمه كتعظيمه وإيذاؤه كإيذائه

2- و من بره بأقاربه صلى الله عليه و سلم ما كان لعمه حمزة رضي الله تعالى عنه فإن أول لواء عقده حين قدم المدينة اعطاه له ليتجه إلى ساحل البحر في ثلاثين راكباً ليلقى أبا جهل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة و لكن لم يتم بينهما قتال قال ابن إسحاق: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني، يلتمس حمزة بن عبد المطلب، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه. فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى ما رأى: لولا أن تحزن صفية، ويكون سنة من بعدي لتركته، حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم. فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثله لم يمثلها أحد من العرب.

قال ابن هشام: ولما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة قال لن أصاب بمثلك أبدا ما وقفت موقفا قط أغيظ إلي من هذا ثم قال جاءني جبريل فأخبرني أن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في أهل السماوات السبع حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة وأبو سلمة بن عبد الأسد، إخوة من الرضاعة أرضعتهم مولاة لأبي لهب. (سيرة ابن هشام- الجزء الثاني)

من أمثلة إحسانه صلى الله عليه وسلم لبني عمومته
من إحسانه و بره بني عمومته ما يلي:


1- احتضن النبي صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب و رباه فلما شب زوجه من ابنته فاطمة الزهراء أحب الناس إليه. وقال عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم:"من كنت وليه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه" (متواتر عن اثنين و عشرون صحابياً منهم أبو هريرة و عمار و ابن عباس و آخرين) و قال له: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي" (متواتر عن نيف و عشرون صحابيا) كما أمر النبي صلى الله عليه و سلم بإبقائه بابه مفتوحاً إلى المسجد مع أمره صلى الله عليه و سلم بسد باقي الأبواب

و لا ننسى يوم خيبر عندما قال النبي صلى الله عليه و سلم لأعطين الراية رجلاً يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله و يفتح الله على يديه" و كان هذا الفارس هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه

2- أحب النبي صلى الله عليه و سلم ابن عمه جعفر بن أبي طالب و له مواقف كثيرة مع النبي صلى الله عليه و سلم و منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحتفل مع المسلمين بفتح خيبر حين طلع عليهم قادما من الحبشة جعفر بن أبي طالب ومعه من كانوا لا يزالون في الحبشة من المهاجرين.. وأفعم قلب الرسول عليه الصلاة والسلام بمقدمة غبطة، وسعادة وبشرا..وعانقه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " لا أدري بأيهما أنا أسرّ بفتح خيبر.. أم بقدوم جعفر..".

و نذكر هنا موقف استشهاد جعفر رضي الله تعالى عنه في يوم مؤتة و كان النبي صلى الله عليه و سلم في المدينة يشرح المعركة و كان يقول: "إن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء" (ابن هشام) و بعد وفاته قام النبي صلى الله عليه و سلم إلى بيت ابن عمّه، ودعا بأطفاله وبنيه، فقبّلهم، وذرفت عيناه..

حث النبي صلى الله عليه و سلم لمن آمن به على الإحسان إلى أهله
حث النبي صلى الله عليه و سلم حثاً مباشراً على الإحسان إلى قرابته عليه السلام و جعل ذلك مبعثاً لرضاه صلى الله عليه و سلم و من ذلك حدثنا ‏ ‏أبو النضر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏محمد يعني ابن طلحة ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏عن ‏ ‏عطية العوفي ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم: "‏ ‏إني ‏ ‏أوشك ‏ ‏أن ‏ ‏أدعى فأجيب وإني تارك فيكم ‏ ‏ الثقلين ‏ ‏كتاب الله عز وجل ‏ ‏ وعترتي ‏ ‏كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ‏ ‏وعترتي ‏ ‏أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما " (مسند أحمد)

و عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:أحبوا الله لما يغذوكم به و أحبوني لحب الله و أحبوا أهل بيتي لحبي" (أخرجه الترمذي)

كما حمل بعض المفسرين قوله تعالى: " قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " (سورة الشورى-23) على قرابته صلى الله عليه و سلم و قالوا أن المعنى: لا أسألكم عليه أجراً الا ان تودوا قرابتي و أهل بيتي

حرص الصحابة رضوان الله عليهم على الإحسان إلى قرابة النبي صلى الله عليه و سلم
قال أبو بكر رضي الله عنه: "أرقبوا محمداً صلى الله عليه و سلم في أهل بيته" كما قال لعلي رضي الله عنه: "والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحب إلي أن أصل من قرابتي" (أخرجه البخاري)

و قال عمر بن الخطاب للعباس رضي الله عنهما: "و الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب"
حسام99 غير متواجد حالياً