عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2011, 10:54 AM   #1
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره حياة برزخية لا يعلم كنهها وكيفيتها إلى الله.






هل الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره أم لا؟ وهل يعلم في قبره بأمور الدنيا؟ وهل هذه العقيدة شرك أم لا؟



قد صرح الكثيرون من أهل السنة بأن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية لا يعلم كنهها وكيفيتها إلا الله سبحانه، وليست من جنس حياة أهل الدنيا بل هي نوع آخر يحصل بها له صلى الله عليه وسلم الإحساس بالنعيم، ويسمع بها سلام المسلم عليه عندما يرد الله عليه روحه ذلك الوقت، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام))، وخرج البزار بإسناد حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام))، وأخرج أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهذه الحياة البرزخية أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله عنها سبحانه بقوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[1] وفي قوله عز وجل: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ[2] وروحه عليه الصلاة والسلام في أعلى عليين عند ربه عز وجل، وهو أفضل من الشهداء فيكون له من الحياة البرزخية أكمل من الذي لهم، ولكن لا يلزم من هذه الحياة أنه يعلم الغيب أو يعلم أمور أهل الدنيا بل ذلك قد انقطع بالموت لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((يذاد رجال يوم القيامة عن حوضي فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ[3])) متفق على صحته، والأحاديث في هذا الباب كثيرة وهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب في حياته، فكيف يعلمه بعد مماته.
وقد قال الله سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ[4]، وقال عز وجل آمرا نبيه أن يبلغ الناس: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ[5] وقال تعالى: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[6]، والآيات الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب كثيرة وهكذا غيره من الناس من باب أولى، ومن ادعى أنه يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية، كما قالت ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ولما قذف بعض الناس زوجته عائشة رضي الله عنها في بعض غزواته وأشاع ذلك بعض المنافقين ومن قلدهم لم يعلم النبي براءتها حتى نزل القرآن بذلك، ولو كان يعلم الغيب لقال لها وللناس أنها بريئة ولم ينتظر نزول الوحي في ذلك، وهكذا لما ضاع عقدها في بعض أسفاره بعث أصحابه يلتمسونه فلم يجدوه ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم مكانه حتى أقاموا البعير الذي كانت تحمل عليه فلما أقاموه وجدوه تحته، والأحاديث في ذلك كثيرة وفيما ذكرت إن شاء الله كفاية.
......................
[1] سورة آل عمران الآية 169.

[2] سورة البقرة الآية 154.

[3] سورة المائدة آية رقم 117.

[4] سورة النمل الآية 65.

[5] سورة الأنعام الآية 50.

[6] سورة الأعراف الآية 188.



مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثاني.







__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً