عرض مشاركة واحدة
قديم 08-23-2013, 05:48 AM   #1
صابر السلفي
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 78
معدل تقييم المستوى: 11
صابر السلفي is on a distinguished road
افتراضي لماذا لم يخرج الامام احمد

لماذا لم يخرج الامام احمد

طالما سمعت أهل الإرجاء والإرجاف يتبجحون بهذه الشبهة في أشرطتهم المرئية والصوتية, وطالما أجبت من يتساءل عن ذلك من إخواني مشافهة, ولقد منّ الله علي ففندت هذه الشبهة ضمن سلسلة المنقاش لشبه الأوباش "المنقاش الثاني", وفيما يلي اختصار ذلك:

الوجه الأول: على جلالة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وعلو كعبه في العلم, إلا أننا لا نعتقد فيه العصمة, لذلك لا يجوز لمن نحتج عليهم بالآيات الظاهرة, والأحاديث المتواترة, والإجماع والقياس الصحيحين, في وجوب الخروج على حكام زماننا المرتدين, أن يعارض كل ذلك بفعل الإمام أحمد –زعم!-..

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله. أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحدثونا عن أبي بكر وعمر!".اهـ [أخرجه أحمد في مسنده].

والإمام أحمد رحمه الله قد روى في مسنده حديث عبادة بن الصامت: (إلا أن تروا كفراً بواحاً) برقم (23055), فكيف يترك الخصوم ما روى الإمام أحمد بعد معرفة صحته, ويتمسكون برأي الإمام أحمد –زعموا-؟! وهو القائل رحمه الله: "عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان!".اهـ [تيسر العزيز الحميد : ص546].

قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "فالعبرة عند الشافعي بما روى, لا بما رأى".اهـ [الإجابة ص138].

وكأن الإمام أحمد يقصد كل من تشبث بهذه الشبهة, حين قال: "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث اخذوا".اهـ

الوجه الثاني: إن كان الإمام أحمد رحمه الله لم يخرج على حكام زمانه, ولا يرى ذلك, فهو رجل, وبقية الأئمة رجال.. وكما جوزوا لأنفسهم الاحتجاج به, فلمخالفيهم الاحتجاج بغيره!

ولقد ذكر الإمام ابن حزم رحمه الله في الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/132 عدداً من الأئمة الذين يخالفون الإمام أحمد رحمه الله في هذه المسألة.

الوجه الثالث: إن كان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لم يخرج على حكام زمانه بنفسه, فإنه أقر الخروج عليهم ولم ينكره على غيره ممن خرج.

فلما خرج الإمام أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي رحمه الله على حكام زمانه, لم ينكر عليه الإمام أحمد بن حنبل ولم يعده من الخوارج كما يفعل أهل الإرجاء والإرجاف في هذا الزمان ممن يلوكون تلك الشبهة, بل أثنى عليه, كما أثنى عليه كافة العلماء الصادقين ساعتئذ, بعكس أحمد بن أبي دؤاد, وعبد الرحمن بن إسحاق, وأبي عبد الله الأرمني, وأضرابهم من دعاة الضلالة!

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وذكره الإمام أحمد بن حنبل يوماً فقال: رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله, لقد جاد بنفسه له".اهـ

وقال أيضاً: "ذهب أحمد بن نصر شهيداً وحزن عليه أهل بغداد سنين طويلة لا سيما الإمام أحمد بن حنبل".اهـ [البداية والنهاية 10/318, وانظر: سير أعلام النبلاء 11/166-169].

الوجه الرابع: إن مسألة القول بخلق القرآن الذي تبناه بعض خلفاء بني العباس إنما يندرج تحت باب الأسماء والصفات, فالقرآن كلام الله, وكلام الله صفة من صفاته..

وجميع كتب العقيدة التي بحثت هذه المسألة إنما ذكرتها في أثناء كلامها عن أسماء الله وصفاته.. وهذا الباب يعذر فيه بعض السلف بالجهل والتأويل, فقد أخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي يقول: "لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر، وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر".اهـ

لذلك لم يكن الإمام أحمد رحمه الله يكفر القائلين بخلق القرآن بأعيانهم, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الإمام أحمد: "إنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته.. وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة.
لكن ما كان يكفر أعيانهم". إلى أن قال عن حكام بني العباس: "ومع هذا فالإمام أحمد - رحمه الله تعالى- ترحّم عليهم واستغفر لهم لعلمه أنه لم يتبيّن لهم أنهم مكذّبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا وقلدوا من قال لهم ذلك". اهـ [مجموع الفتاوى 23/348].

ومن كان متأولاً لا يجوز الخروج عليه, قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث عبادة بن الصامت: "ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دامَ فعلهم يحتملُ التأويل".اهـ [فتح الباري 13/10].

الوجه الخامس: إن التكفير بالقول بخلق القرآن, إنما هو تكفير بالمآل وبلازم القول.. ومسألة الكفر باللازم ليست كمسألة الكفر الصريح؛ قال الإمام الذهبي رحمه الله: "ونعوذ بالله من الهوى والمراء في الدين، وأن نكفّر مسلماً موحداً بلازم قوله، وهو يفر من ذلك اللازم، وينزه ويعظم الرب".اهـ [الرد الوافر لابن ناصر الدين ص48].

وأورد السخاوي في فتح المغيث 1/334 مقالة شيخه ابن حجر حيث قال: "والذي يظهر أن الذي يحكم عليه بالكفر من كان الكفر صريح قوله، وكذا من كان لازم قوله وعُرض عليه فالتزمه… أما من لم يلتزمه وناضل عنه فإنه لا يكون كافراً ولو كان اللازم كفراً".اهـ ومن قال بخلق القرآن من الحكام العباسيين لم يلتزم بلوازم القول المكفرة.

بعكس من كان كفره صريحاً واضحاً كحكام زماننا, قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وإذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في تلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها".اهـ [فتح الباري 13/7].

الوجه السادس: لو سلمنا جدلاً أن حكام بني العباس المعاصرين لزمن الإمام أحمد قد وقعوا في الكفر ووقع الكفر عليهم, فيُقال: إن كفر الحاكم شرط جواز الخروج عليه, وليس شرط وجوب, بل إن شرط الوجوب إضافة إلى كفر الحاكم هو: الاستطاعة. وكل العبادات منوطة بالقدرة والاستطاعة.

قال القاضي عياض رحمه الله: "أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر, وعلى أنه لو طرأ عليه كفر انعزل.. فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة: خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه, ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك, فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر".اهـ [شرح صحيح مسلم 11/317-318].

والسؤال هاهنا: هل كان الإمام أحمد مستطيعاً على الخروج؟ وهل كانت لديه القدرة للخروج؟

لو نظر المنصف إلى سيرة الإمام أحمد رحمه الله, لعلم يقيناً أنه مستضعف؛ فهو بين منع, ومطاردة, وسجن, وتعذيب.

وأخيراً: فإني أوصيك –أخي السائل- ومن بطرفك: أن تطالع ما فصلناه في الرد على هذه الشبهة حالما ننشره بإذن الله, وأن لا تكتف بهذا الجواب المختصر, وبالله التوفيق.

منقول
__________________
كل خير في إتباع من سلف و كل شر في إبتداع من خلف
و مالم يكن يومئذ دينا فلن يكون اليوم دين
فالكتاب و السنة بفهم السلف طريق الحق و سفينة النجاة
http://egysalafi.blogspot.com/

https://www.facebook.com/saberalsalafi?fref=nf
https://twitter.com/alsalafih2012
صابر السلفي غير متواجد حالياً