يا أبتي إن بين جوانحي قلباً يخفق، وتحت مفرق رأسي عقل يفكر..
فلماذا تريدني- يا أبتي- مسلوب الإرادة، منهوب الرغبة، ممسوخ الميول؟!
لماذا تسلبني أهلية التفكير والتدبير..؟!
إنك- يا أبتي- جعلتني في البيت كما مهملاً، ومن سقط المتاع.
فقولي محكوم عليه بالخطأ ولو لم أقله..
وفكرتي محكوم عليها بالفشل من قبل أن تعمل.. وأصبحت موجوداً بغير وجود..!!
وما للمرء خير في حياة ................... إذا ما عد من سقط المتاع
والله تعالى قد أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران مع أن الأمر أمر الله والقضاء قضاؤه فلا معقب لحكمه، ولا راد لأمره.
وما هو رأي الصحابة رضي الله عنهم- وهم عرضة للخطأ- مع رأي من لا ينطق عن الهوى ولا يضل ولا يغوى ولكن {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21) سورة الأحزاب
شاور سواك إذا نابتك نائبة .............. يوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تبصر منها ما دنا ونأى.............. ولا ترى نفسها إلا بمرآة
فيا أبتي: من ينمي مداركي- بعد الله- سواك؟!
ومن يعلمني كيف اختار؟ ومتى أصنع القرار إلاك؟!
ومن يفتق ذهني؟ ويحرك عقلي؟ ومن يجعلني أعتمد على نفسي وأثق بها- بعد الله- إلا أنت؟!