منتديات الكعبة الإسلامية

منتديات الكعبة الإسلامية (http://forum.alkabbah.com/index.php)
-   قسم فتاوى العلماء (http://forum.alkabbah.com/forumdisplay.php?f=56)
-   -   حكم أكل ما يجلب من مطبخ مؤسسة بدون إذن المسؤول عنها (http://forum.alkabbah.com/showthread.php?t=20917)

عبد الحكيم.. 09-01-2013 04:36 AM

حكم أكل ما يجلب من مطبخ مؤسسة بدون إذن المسؤول عنها
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السـؤال:
أختٌ تسأل عن والدها الذي يعمل في مطبخ مؤسّسة، ويحضر لهم أكلاً بترخيص من رئيس المطبخ دون علم المدير. فهل يجوز لها أن تأكل ممّا يحضره أبوها؟
الجواب:
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:

فلا يجوز للمؤتمَن على أموال الغير أن يتصرّف فيها وفق مصلحته، ومن دون إذن أصحابها؛ لأنَّ ذلك الفعل معدودٌ من أكل أموال الناس بالباطل، وقد ورد في ذلك النهي في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم:«كُلُّ المسْلِمِ عَلَى المسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(١)، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(٢)، والأحاديثُ كثيرةٌ تصبُّ في هذا المعنى، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»(٣)، ولا يخفى على علم كلِّ مسلم مطيع أنَّ الأمانة هي من أهمِّ الطاعات، فقد وردت الآيات في هذا الشأن منها قولُه تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً﴾ [الأحزاب: 72]، وقولُه تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58]، ولا ينبغي لهذا الوليّ أن يطيع مسئولَه في التعاون معه على الإخلال بالأمانة التي وُكِّلَتْ إليه؛ لأنه تعاونٌ على الإثم والعدوان، وإنما يصحّ له أن يأخذ من المطعم الذي هو مؤتمَنٌ عليه الطعام المتروك الذي يكون مآله القمامة إذا صلح أكلُه، ففي هذه الحال يؤجر إذا أخذه أو أطعمه إلى ناس محتاجين إليه إذا صفت نيّته إلى ذلك؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن إضاعة المال، وجحود النعمة بإتلافها ليس من شكر المُنْعِمِ، فإن تولَّى أخذها قبل أن تُرمى، وأعان بها المحتاجين والجائعين فإنه يُؤجَر على صنيعه هذا، سواءً أطعم به أسرتَه أو أُسَرًا أخرى.
هذا، وإذا كان وليُّ أمرِ البنت يأتي بالمواد التي لا تزال صالحة للأكل إلى البيت، فإنه لا يجوز لها أن تأكل ممَّا يجلبه لهم، وتتحرَّى في إطعام نفسها الحلال دون الحرام والمشبوه، لكن إذا كانت مُقِرَّةً في بيتها ولم يكن لها في البيت سوى ذلك الطعام واحتاجت حاجة أكيدة إليه لقَوَامِ بدنها، فلا يجوز لها أن تأخذ منه إلاَّ مقدار ما تقيم به بدنها عملاً بقاعدة: «الضرورات تقدَّر بقدرها».
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيِّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.



الجزائر في: 9 ربيع الأول 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 6 أفريل 2006م



۱- أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب (6541)، وأبو داود في الأدب (4882)، والترمذي في البر والصلة (1927)، وابن ماجه في الفتن (3933)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

۲- أخرجه أحمد (20172)، وأبو يعلى في مسنده (1570)، والبيهقي (11740)، من حديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (1459)، وفي "صحيح الجامع" (7539).

۳- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الإجارة، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده: (3535)، والترمذي في «سننه» كتاب البيوع: (1264)، والدارمي في «سننه»: (2499)، والحاكم في «المستدرك»: (2296)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (51): «قال ابن ماجه: وله طرق ستة كلها ضعيفة، قلت: لكن بانضمامها يقوى الحديث». وصححه الألباني بمجموع طرقه في «السلسلة الصحيحة»: (423).

الشيخ فركوس حقظه الله


الساعة الآن 07:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية