منتديات الكعبة الإسلامية

منتديات الكعبة الإسلامية (http://forum.alkabbah.com/index.php)
-   قسم فتاوى العلماء (http://forum.alkabbah.com/forumdisplay.php?f=56)
-   -   توضيح عبارة أن المرء يُعذر فيما يخفى على أمثاله (http://forum.alkabbah.com/showthread.php?t=24749)

عبد الحكيم.. 04-16-2014 04:30 AM

توضيح عبارة أن المرء يُعذر فيما يخفى على أمثاله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
أحسن الله إليكم وبارك فيكم، وهذا سائلٌ يقول: قلتم – حفظكم الله – في جوابٍ لكم على سؤالٍ طُرِحَ عليكم في الدرس قبل الماضي، قولكم: "والتحقيق أنَّ المرء يُعذر فيما يخفى على أمثاله، وأنا لم أقصد يهوديًا أو نصرانيًا مُعَيّنًا، وإنما أقصد العموم"، أشكلَ ذلك على بعض الطلاب؛ فأرجو منكم التوضيح – حفظكم الله -.

الجواب:
هذه الجملة الأخيرة تشتمل على شَيْئين:
أحدهما: عُذر المرء بما يخفى على أمثاله، هذه صحيحة – إن شاء الله -، هذا ما بَلَغَهُ علمي من استقراءِ الأقوال في هذه المسألة، فتلَخَّص لي هذا، وقد بَسَطْته في مواضع أخرى فَلْيُراجعه من شاء، ولَعَلِّي ذكرته في الدروس الماضية، سواء في هذه الفترة أو قبلها فَلْيُراجعه من شاء.

أما الثاني: فهو باطل، خطأ، استغفر الله منه، وهو قولنا: "أنا لا أقصد يهودِيًّا بعينه" هذي خطأ، والصواب؛ أنَّها عامَّة سواء في الأفراد والجماعات من اليهود والنصارى.

وهاهٌنا تفصيلٌ أراهُ مناسبًا، وهو أنَّ الناس من حيث بلوغهم الحُجَّة وعدم ذلك؛ صنفان:
· صنفٌ من بَلَغَتْهُ الحُجَّة الرسالية؛ وهم قسمان:

- قسمٌ بَلَغَتْهُ الحُجَّة الرسالية تامَّة في أصول الدين وفروعه التي لا يَسَعُ الخلاف فيها وهو ما كان ثابِتًا، أصول الدين لا يسع الخلاف فيها أصلًا، وفروعه قسمان، منها:

*ما ثبت بنصٍّ أو إجماع أو كِلَيْهِما، فهذا النِّزاع فيه قديم لكن يُرَدُّ عليه مخالفته، ويُبَيّن له خطأه، وأنَّ اجتهاده غيرُ صائب.

*وقسمٌ يَسَعُ فيه الخلاف لتَنَوّع الأدلة؛ فهذا على المرء أن يأخذ بما تَرَجَّح لديه، ولا يُثَرِّب على الآخر، وذكرت لكم أمثلة في هذه الجلسات التي أسأل الله أن يجعلها مباركة عليَّ وعليكم، ويَشكر للأخ عبد الواحد وزملاؤه القائمين على هذه المجالس؛ سَعْيَهُم، فالمقصود أن لا يُثَرِّب طرفٌ على آخر فيما رَجَّحه، لكن له أن يُجادل عن ما تَرَجَّح عنده بالدَّليل.

- الثاني: ما بلغه بعض الحُجَّة؛ فنعود فنقول: هو مُتعَبَّدٌ ومُطالبٌ وجوبًا بالعملِ بما بَلَغَه من الحُجَّة وما لم يبلغه فلا جناحَ عليه - إن شاء الله تعالى-، ومن الأدلة على هذا؛ قوله تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ۙ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ﴾، فيتحصَّلُ من الآيتين؛ رَفْعُ الحرج عَمَّن لم يَتَبَيَّن لهم الهدى، وأنه لم يكن مشاقِق الله والرسول، ولا يُقال أنه اتَّبع غير سبيل المؤمنين، ولا يُقال أن الشيطان سَوَّل له وأملى له.

· الصنف الثاني: وهم أهل الكتاب؛

خُصُّوا لأن عندهم كتاب، أولًا: لأنهم أهل كتاب ويظهر لي أن غيرهم مثلهم كالمجوس، والبوذيين وغيرهم، قسمان:

قسْمٌ، وهذا القسم قسمان أيضًا:

- قسمٌ ماتَ قبل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- كمن مات بينه وبين عيسى، ولم تبلغه الحجة الرسالية، أو بَلغَه محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم- لكن لم يتمكن من الوصول إليه، ما بلغه عنه شيء، يسمع محمد محمد، وهذا إن كان قادرًا على الوصول إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- لأخذ الدِّين منه، الحق منه؛ وقَصَّر؛ فهو غير معذور، وإن كان غير قادر ما يستطيع مَنَعَتْهُ حروب؛ لا يستطيع، فهذا معذور - إن شاء الله-، وهو من أهل الفترة.

- القسم الثاني: من بَلَغَهُ خبر محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم-، سَمِعَ به، وسمع أنه عنده دين الإسلام، وجاء الذي جاءت به النبيون والمرسلون، فهذا يجب عليه الإيمان بمحمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم-، وأن يسعى إلى الوصول إلى محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم- ليأخذ عنه، ويتعلم الدِّين منه ثُمَّ يَرْجِع، وإن كان قَدِر على فَهْم شيء من شرائع الله، فَهِمَ التوحيد عمَّن حوله، فَهِمَ التوحيد وفَهِمَ الشرك عَمَّن حوله، لكنه لم يبلغه الدِّين كاملًا، فهو معذور لعدم القدرة، لأن الله - عزَّ وجل- قال: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، مادام أنه سَمِع وأخذ ولكن منعه مانع لا يستطيع، فهذا معذور، وغير خافٍ على طُلَّاب العلم أمر النجاشي - رحمه الله ورضي عنه- أنا أتَرضَّى عنه، لأنه شَهِد لله بالوحدانية، وللنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- بالرسالة، لكنه لم يتمكن من الوصل إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم-، والدليل على أنه معذور - إن شاء الله تعالى-، كَوْن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- نَعَاهُ إلى المسلمين في اليوم الذي ماتَ فيه وصَلَّى عليه حين ذاك، والله أعلم، وإذا نسيتُ شيء فذكِّروني –بارك الله فيكم-.

الشيخ: عبيد بن عبد الله الجابري


الساعة الآن 10:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية